مع كل الأسى من ذلك

حجم الخط
0

كان يجب على فؤاد بن اليعيزر أن يعتزل المنافسة في الرئاسة. فهو لا يمكن أن ينتخب رئيسا اذا كان كما يبين التحقيق قد أقرضه مقربون مبالغ مالية كبيرة ولم يذكرها في حساباته المالية. لأنه توجد أمور لا تمر ولا يجوز أن تمر .
إحتج في الاعلان الذي نشره على أن التحقيق بدأ قبل التصويت في الكنيست باربعة ايام برغم أن الدعاوى التي تقول إنه اشترى شقة ثمينة بمال ليس له كانت معلومة منذ سنة. اجل إن الوقت غير ناجح لكن يصعب أن نرى المستشار القانوني للحكومة يهودا فينشتاين يسلك سلوكا مختلفا. فهل كان من الصحيح أن يؤجل التحقيق الى ما بعد التصويت؟ وماذا كان سيقول اعضاء الكنيست آنذاك؟ كانوا سيقولون إنهم مضوا الى صناديق الاقتراع مثل عميان، وإن المستشار القانوني للحكومة الذي خان عمله قد ضللهم. وماذا كان سيقول الجمهور لو انتخب بن اليعيزر وبدأ تحقيق معه في الغد؟ فيكون الرئيس الثالث الذي يخضع لتحقيق جنائي. وماذا كان سيحدث لمؤسسة الرئاسة؟.
يبدو أنه لا مناص من تعيين جسم ما أو لجنة عامة أو فريق محققين مختصين أو الاثنين معا، ينبشون في حياة المرشحين لوظائف رفيعة. إن لجنة كهذه برئاسة القاضي المتقاعد يعقوب تيركل تفحص عن مرشحين للوظائف غير السياسية الرفيعة. وإن عملها بعيد عن أن يكون كاملا كما نعلم من الفضائح التي صاحبت اختيار القائد العام للشرطة ورئيس هيئة الاركان ومحافظة بنك اسرائيل. فهي لا تعرف كيف تحقق. فيجب انشاء جسم يكون ذا أسنان وتوسيع صلاحيات تحقيقه لتشمل الوظائف السياسية ايضا. ويجب الفحص عن كل الحسابات المالية لعضو من اعضاء الكنيست وكأنه مرشح لرئاسة الحكومة أو مرشح للرئاسة. ويجب الفحص عنهم قبل انتخابهم وفي زمن ولايتهم.
ولا مناص لأن الايام التي كان الجمهور فيها يتساهل مع حياة منتخبيه الخاصة ومصادر دخلهم وسلوكهم مع مرؤوسيهم ومرؤوساتهم قد انقضت ولم تعد موجودة. ويمكن أن نبارك الازمان الجديدة أو نحن الى القديمة لكن لا داعي الى انكار الواقع.
إن كل اسم يظهر مرشحا لوظيفة عامة مشتهاة يصبح مشتبها فيه فورا في الشبكات الاجتماعية وشتائم المتصفحين وبلاغات الجمعيات الى وسائل الاعلام والشكاوى للشرطة. يزعم فؤاد أنهم صفوه تصفية مركزة. ربما. لكن الشيء المؤكد أن الجو العام نحو كل الساسة يستعير مصطلحاته من عالم الارهاب. والنصيحة المطلوبة لكل من يفكر في أن يعرض ترشحه لمنصب عام أن يفحص قبل ذلك بصورة جيدة هل عنده هياكل عظمية في الخزانة.
من السهل قول ذلك ومن الصعب تنفيذه لأنه لا أحد يشم رائحته الكريهة كما قال ناس أحكم مني. فالناس ينظرون في خزائنهم ولا ينجحون في رؤية الهياكل العظمية المعلقة فيها. فهم على يقين من أن كل شيء على ما يرام عندهم. وهم لا يقضون على أدلة اتهامهم في الحاسوب. ولا يمحون اشرطة مسجلة تُدينهم، وهم يكتمون عيوبا محرجة من الماضي ويقولون لن يحدث ذلك لي.
وحينما يملك اصحاب القرار جهاز تحقيق متطورا يقعون في الشرك. اختار جون مكين سارة بايلين شريكة له في المنافسة الرئاسية ولم يعلم بصندوق الاوبئة الذي جاءت به من ألاسكا؛ وأفرج براك اوباما عن خمسة من قادة طالبان عوض جندي أسير واحد، ولم يعلم أن الحديث عن آبق كما يبدو. وأتم اريئيل شارون صفقة مع حزب الله للافراج عن تننباوم ولم يعلم أو لم يستدخل أن الحديث عن مجرم مخدرات. فيبدو أنه لا يوجد حل مدرسة لهذه المشكلة.
بقينا مع خمسة: ثلاثة ساسة مختصين واثنين من الخارج. ومن المنطق أن نفرض ان الاصوات التي كان سيحصل عليها بن اليعيزر ستوزع بين الجميع. على أثر القضية تفشت في الشبكات الاجتماعية موجة كراهية لكل الساسة مهما كانوا. وهذا في ظاهر الامر نافع للبروفيسور شختمان والقاضية دورنر لكن في ظاهر الامر فقط لأن المصوتين اعضاء الكنيست لا المتصفحون في الشبكة، والتصويت سري وراء الستار. وشختمان ودورنر اللذان حصلا على غرفتين في الكنيست لتسهيل عمل الاقناع عليهما لم يؤثرا تأثيرا خاصا في اولئك الذين يفترض أن ينتخبوهما. فالاول ينظر اليهم من أعلى والثانية لا تعلم لماذا تريد الدخول.
من شبه المؤكد أن ينتقل ريفلين الى الجولة الثانية اذا لم يفز بصورة مفاجئة في الجولة الاولى. والسؤال الاكبر هو من سيكون منافسه هل مئير شتريت بفضل آرائه السياسية الحمائمية ودعم حزبه ودعم بعض اعضاء يوجد مستقبل؟ أم داليا ايتسيك بفضل جذورها العميقة في الجهاز السياسي وبفضل عطف بنات جنسها عليها؟ أم شختمان أو دورنر بفضل الحرج الذي أثارته قضية فؤاد وبفضل العداء للساسة؟
كان شمعون بيرس رئيسا مهما بسبب مكانته المميزة في عواصم العالم وبسبب الاحترام في الداخل بعد قضية قصاب. وقد اضاف وزن بيرس أهمية متكلفة ودراما الى انتخاب وريثه. وزاد تدخل نتنياهو البائس في الاهمية اكثر. لكن يجب ان ندرك ان الرئيس التالي لن يكون بيرس والمؤسسة ستعود الى حجمها الطبيعي التمثيلي المراسمي مع كل ما في ذلك من أسى.
وبخصوص عضو الكنيست بن اليعيزر نقول إنه الآن وقد نزع تاج الرئيس عن رأسه، يمكن أن تعاد الشبهات المتصلة به الى مكانها الصحيح. فاذا كان الحديث في الحاصل عن مخالفة للقانون، فليس من العدل أن يطلى هذا الرجل بالزفت ويغطى بالريش. فليس كل سياسي مشتبه فيه شيطانا.

يديعوت 8/6/2014

ناحوم برنياع

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية