تصاعدت حدة الاحتقان السياسي في الشارع العراقي، وبات ناقوس خطر الاقتتال الشيعي يدق مهددا السلم الأهلي نتيجة تعثر تشكيل الحكومة وفقا لنتائج الانتخابات البرلمانية، التي أجريت في تشرين الأول/اكتوبر 2021. إذ فشلت كتلة التيار الصدري التي حصلت على 73 مقعدا في البرلمان لتكون الكتلة الأكبر في البرلمان الحالي، لكنها فشلت في تشكيل الحكومة حتى بعد ائتلافها مع قوى سنية وكردية وتشكيل ما عرف بالتحالف الثلاثي، وسبب عدم تمرير حكومة الصدريين، الضغوط التي مارستها قوى وأحزاب الإطار التنسيقي، الذي لعب دور الثلث المعطل في البرلمان، وأفشل تحقيق النصاب القانوني لعقد جلسة يتم فيها اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزرائه.
بعد أن يأس مقتدى الصدر من إمكانية تمرير ما كان يسميه «حكومة أغلبية وطنية» أراد أن يلقي الكرة في ملعب خصومه عبر إحراجهم بخطوات تصعيدية، فطلب من نوابه في البرلمان تقديم استقالاتهم، وهذا ما جرى منتصف شهر حزيران/يونيو الماضي، وتحدى الصدر ونوابه واتباعه قوى الإطار التنسيقي وراهنوا على إفشال تشكيلهم الحكومة، وقد فهم الفرقاء السياسيين من تحدي الصدريين، أنهم سيلجأون إلى الشارع والتظاهرات والاعتصامات، وصولا إلى اجتياح مكاتب الحكومة والبرلمان في المنطقة الخضراء، كما فعلوا سابقا إبان حكومة حيدر العبادي، والغرض المحدد هذه المرة هو إفشال حكومة الإطار التنسيقي التي استبعدتهم.
لكن تبقى الأسئلة التي طرحت حينذاك من دون إجابة مثل: لماذا تنازل الصدر عن استحقاقه الانتخابي؟ ولماذا خذل ناخبيه الذين صنعوا فوزه بالكتلة الأكبر؟ وما الذي سيحققه من اللجوء للشارع والتظاهرات؟ وما هي مطالب الصدر الآن؟ كل تلك الأسئلة لم تتم الإجابة عليها حتى الآن، بل يبدو أن التصعيد هو اللغة الوحيدة التي يسعى لها التيار الصدري في مواجهة خصومه من سياسيي الشيعة. عدة خطوات تصعيدية ساهمت في تعقيد المشهد بين يوم استقالة النواب الصدريين في منتصف شهر يونيو الماضي، واجتياح المنطقة الخضراء الأخير الذي تم يوم 27 تموز/يوليو، من تلك الخطوات ظهور السياسي العراقي فائق الشيخ علي في إحدى الفضائيات العراقية وإطلاقه تصريحات أشبه بالتهديد، قدمها الشيخ على على شكل نبوءات تبشر بانقلاب على العملية السياسية الجارية في العراق منذ عقدين، مدعيا أن هذا الانقلاب سينفذ بيد قوة عراقية مدعومة دوليا، وبشّر بنوع من الديكتاتورية التي ستزيح الطبقة السياسية الحالية، التي سيكون مصير أفرادها الهرب، أو الاعتقال، أو القتل حسب الشيخ علي، من دون أن يفصح عن مصدر معلوماته، وقد وضع تاريخا محتملا لحدوث هذا الانقلاب، قبل نهاية عام 2024، تفاعل الشارع مع هذه التصريحات بشكل أثار الكثير من المخاوف والقلق، مما سيحدث، لأن هذا الكلام معناه انطلاق حرب واقتتال أهلي في العراق، لا يمكن لأحد توقع خسائره ومدى الدمار الذي سيجلبه على البلد. تبع ذلك تسريب أحد الناشطين العراقيين المقيمين في الولايات المتحدة لتسجيلات اجتماع ضم رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي الطامع في ولاية ثالثة، مع قيادات أحد الفصائل الشيعية المسلحة، وقد احتوت التسريبات على تهجم على سياسيين شيعة أبرزهم مقتدى الصدر، بالإضافة إلى التهجم على الحشد الشعبي، وعلى الكثير من الفرقاء الشيعة، وطلب المالكي من الحضور التهيوء لتكوين ميليشيات جديدة استعدادا لانطلاق الاقتتال الشيعي ـ الشيعي المقبل لا محالة، وحدد خصمه بدقة في إشارته للصدريين وميليشياتهم المسلحة. الصدريون ثارت ثائرتهم بسبب هذه التسريبات، بينما أنكرها المالكي من طرفه ومن خلفه قوى الإطار، واعتبروها نوعا من الابتزاز ممن زور هذه التسجيلات باستخدام تقنيات التزوير الحديثة لإحداث فتنة تشق الصف الشيعي.
تصاعدت حدة الاحتقان السياسي في الشارع العراقي، وبات ناقوس خطر الاقتتال الشيعي يدق مهددا السلم الأهلي نتيجة تعثر تشكيل الحكومة وفقا لنتائج الانتخابات البرلمانية
إعلان قوى الإطار ترشيح السياسي المقرب من حزب الدعوة محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، بعد ما حصل للمالكي جراءالتسريبات، واللغط الذي أثارته، كانت القشة التي أطلقت موجة الاحتجاجات الصدرية الأخيرة، إذ اعتبر الصدريون محمد شياع السوداني صنيعة المالكي، وأنه عبارة عن ستار سيحكم المالكي من خلفه، ما دفع إلى الدعوة إلى تظاهرة صدرية في ساحة التحرير في قلب العاصمة بغداد، تحولت سريعا إلى حشود تهاجم الكتل الكونكريتية المحيطة بالمنطقة الخضراء، التي انهارت بسهولة أمامهم، وسمح بتدفق جموع المحتجين الذين هاجموا مباني الحكومة والبرلمان، من دون حصول احتكاك أو صدام بين الحشود الصدرية وقوى الجيش والأمن الموجودة لحماية المنطقة الخضراء.
الاقتحام الذي جرى قبل أيام لمبنى البرلمان ذكر بخطوات سابقة مماثلة، إذ دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يوم الأربعاء 27 يوليو، أنصاره إلى العودة بعد التظاهرة، وقال في تغريدته؛ إن التظاهرة كانت (جرة إذن)، وأن المتظاهرين «أرعبوا الفاسدين»، وعلق الصدر على الأحداث بقوله: إن «ثورة محرم الحرام» ، وهو الاسم الذي أطلقه على التظاهرة، هي»ثورة إصلاح ورفض للضيم والفساد»، وأضاف إن «الرسالة وصلت»، ودعا المتظاهرين للعودة موجها «صلوا ركعتين وعودوا لمنازلكم سالمين». مختتما بوسم # جرة الإذن، هذا الاصطلاح الذي كان الصدر قد أطلقه سابقا في أحداث مشابهةعندما اقتحم المتظاهرون الصدريون المنطقة الخضراء، واعتصموا في محيط البرلمان في مايو/أيار 2016، هذا الحدث علق عليه الصدر لاحقا في لقاء تلفزيوني وهو يضحك بقوله، «إنها لم تكن تصعيدا سياسيا حقيقيا، بل كانت عبارة عن (جرة إذن) للخصوم السياسيين». وفي الصراع الذي جرى بين ثوار تشرين والتيار الصدري نتيجة الخلاف الذي حصل بين الاثنين، والذي تسبب في استخدام جماعة القبعات الزرق التابعة للتيار الصدري الهراوات والسكاكيين ضد معتصمي تشرين، في محاولة لإفراغ ساحات الاعتصام من المتظاهرين، نتيجة اتفاق بين التيار والطبقة السياسية لتمرير حكومة الكاظمي. وكان تعليق مقتدى الصدر عما حصل، وعن الضحايا الذين سقطوا، إنها لم تكن سوى (جرة إذن).
وشهد يوم السبت 30 يوليو تصعيدا جديدا عبر دعوة التيار الصدري لتظاهرة جديدة، إذ نشرت مواقع مقربة من التيار إعلانا جاء فيه: «يا ثوار المحافظات من لم يستطع الحضور إلى بغداد عليكم بالتالي: محاصرة منازل نواب الإطار، محاصرة مقرات الإطار وغلق مكاتبهم، محاصرة مقرات الفصائل التي ستشارك في قمعكم، وسنعلن قريبا عن عناوين منازل قياداتهم وأمراء أفواجهم الذين سيشاركون بحماية الفاسدين. والله ناصر المستضعفين». كما ابتدأت التسريبات الصدرية بمهاجمة القضاء ورئيس السلطة القضائية فائق زيدان، إذ نشر موقع أوروك الصدري بيانا جاء فيه: «فائق زيدان متواطئ مع قتلة الشعب وسراقه، لذلك وجب تنحيته فعليه تقديم استقالته وغدا نحن في عقر داره». وفي بيان ثان «عاجل: ثوار عاشوراء يملأون ساحة التحرير ويقولون لا تراجع ولا استسلام حتى طرد آخر تبعي وعلى رأسهم فائق زيدان». وقد تم اقتحام المنطقة الخضراء مرة ثانية، وتسربت جموع تقدر بالآلاف من الصدريين إلى المنطقة الخضراء في ظل مقاومة ضعيفة من قوى الأمن والجيش. التسريبات الصدرية حددت سقف مطالب عال جدا لتظاهراتهم هو؛ «الثوار يضعون مطالبهم :حل مجلس النواب وإعلان حكومة طوارئ بصلاحيات مفتوحة لحين إجراء انتخابات مبكرة. وحل مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية، وتعيين مجلس قضاء جديد مكون من قضاة مستقلين وغير تابعين للأحزاب ولا يتحكم بهم الخارج». ليبقى السؤال المؤرق الذي يدور اليوم في الشارع العراقي: هل يمكن أن تتحول إحدى (جرات الإذن) الصدرية إلى اقتتال شيعي ـ شيعي نتيجة انفلات حدود الصراع بين الأطراف التي تمتلك فصائل مسلحة؟
كاتب عراقي
” وسبب عدم تمرير حكومة الصدريين، الضغوط التي مارستها قوى وأحزاب الإطار التنسيقي، الذي لعب دور الثلث المعطل في البرلمان، وأفشل تحقيق النصاب القانوني لعقد جلسة يتم فيها اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزرائه. ” إهـ
المحكمة الدستورية سبب قانون الثلث المعطل بالعراق !
نفس الشيئ بلبنان !! ولا حول ولا قوة الا بالله
هذه الجرة قد تكبر وقد تتبقى صغيرة وهذا
يتوقف على الدور الايراني ،اذا تدخلت لصالح
الاطار فالاشتباكات قادمة وان لم تفعل ذلك
فالاطار سوف يخضع لمطالب الصدر شاء
ام ابى.الصدريون دخلوا البرلمان ولن يخرجوا
منه الا بعد انتهاء عاشوراء ،ومراسيم العزاء
والمواكب الحسينية تكون داخل المنطقه
الخضراء.
العوائل التدينية كانت ولازالت منقسمة على نفسها ومتصارعة فيما بينها حول الجاه والتسلط على عقول الناس والاستحواذ على أموال الخمس والتبرعات التي تصل الى أماكن العبادة. لم يكن هناك إنسجام بين أصحاب العمائم يوم ما.
ما يحدث في العراق ليس وليد اليوم بل تراكم طبيعي منذ الغزو الإجرامي عام ٢٠٠٣ ، بل و أيضاً لتخبّط النظام السابق.
المأساة أن من جاء بدعم الغزاة أثبت أنهم منتقمين فاسدين لصوص جهلة…لا أستثني منهم أحد
و أعان الله العراقيين
لا حول ولا قوة الا بالله
مأساة العراق الكبرى ، أن من يتحكم بالعملية السياسية اليوم بل طيلة ما يقارب ال 18 عاما الماضية، هم ليسوا سياسيين و لا حتى أشباه سياسين، هم مجرد شلة من القتلة و من السراق ، لا تحدهم اي خطوط حمراء و لا يتورعون عن ارتكاب اخس الموبقات في سبيل المنصب و الهيمنة على ثروات البلد !
دون ذلك ..مجرد تفاصيل و ضحك على الذقون و تجارة بالدين و الأخلاق و القيم !