تفاصيل خاصة لـ “القدس العربي” عن عملية تصفية رائد فارس وزميله عقب نجاتهما من محاولة الاغتيال الأولى

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – “القدس العربي”:

تزداد وتيرة الاغتيالات والتصفيات الميدانية في محافظة إدلب شمال سوريا، على يد العديد من الأطراف المحلية، إذ كان آخرها إقدام  مجموعة مسلحة، مجهولة، اليوم  الجمعة، على تصفية ناشطين إعلاميين بارزين في الثورة السورية، وهما “رائد الفارس وحمود جنيد” في مدينة كفرنبل جنوب إدلب، إثر هجوم من 5 مسلحين يستقلون سيارة بالرصاص، مما أدى إلى إصابتهم، ولكن اثنين من المجموعة المسلحة توجها إلى السيارة التي تقل “رائد” وزملائه، وقاما بتصفيتهم عبر إطلاق النار بشكل مباشر على منطقة الصدر، في حين نجا مصور صحافي كان برفقتهما، علماً بأن العملية لم تتبناها أي جهة حتى الساعة.

رائد الفارس – خطاط اليافطات التي اشتهرت فيها مدينة “كفر نبل” مسقط رأسه، وهو أب لأربعة أطفال، كان يعمل مديراً لـ “راديو فريش” المحلي في الشمال السوري، كما شغل منصب مدير منظمة “اتحاد المكاتب الثورية”، بالإضافة إلى عمله الصحافي، الذي أعطاه لقب مهندس المخطوطات الكتابية.

تصفية جسدية

وفي التفاصيل الخاصة التي حصلت عليها “القدس العربي” من مصدر مقرب من “فارس”، فإن المسلحين الذين نفذوا العملية، أصابوا “الفارس وحمود” بداية، بينما نجا المصور الذي كان برفقتهم، حيث توجه اثنان للتأكد من مقتلهما، وعندما وجداهما على قيد الحياة، قامابتصفيتهما بالرصاص، في حين استطاع المصور الإفلات من المجموعة المهاجمة.

الفارس، وفق ذات المصدر، شارك في العديد من الندوات العالمية حول الثورة السورية، جاب خلالها الولايات المتحدة الأمريكية ودولاً أوروبية كـ “فرنسا وهولندا”، وكان ينتقد “أسلمة الثورة وتسليحها”، ويدافع على سلمية الحراك الشعبي، وانتقد مؤخراً العديد من السياسات الدولية تجاه سوريا.

كما تعرض الناشط الإعلامي لاعتقالات متكررة على يد “هيئة تحرير الشام” بتسمياتها المتقلبة، في حين تعرض لمحاولة اغتيال مماثلة مطلع عام 2014، وفي عام 2016، أغلقت الهيئة “راديو فريش”، تزامناً مع اعتقال “الفارس”، وأعقب ذلك إعادة العمل في الراديو بعد شهر من الإغلاق، إثر توقيع اتفاق بين الجانبين، وكان الوكيل آنذاك “هادي العبد الله”.

هاجس الخوف

وأضاف المصدر الذي فضل حجب اسمه لما وصفه بـ “ضرورات أمنية”، ان هاجس الخوف من الاغتيال والاعتقال، بدا على “رائد” منذ اعتقال الناشط السلمي ياسر السليم في مدينة كفرنبل على يد هيئة تحرير الشام في شهر أيلول – سبتمبر الماضي، على خلفية لافتات رفعها خلال مظاهرة في المدينة تطالب بإطلاق سراح المختطفات لدى تنظيم “الدولة” في محافظة السويداء.

كما قدمت له العديد من العروض الدولية للإقامة ومواصلة العمل خارج الحدود السورية، إلا إنه رفض كافة الامتيازات المقدمة له، وكان يرى بأن مدينته “كفرنبل”، هي المكان الأمثل لاستمراره في نشاطه الثوري السلمي، وسبق أن شيعت مدينة كفرنبل عام 2016، الصحافي والمصور خالد العيسى، الذي توفي متأثراً بإصابة بالغة جراء تفجير استهدف المكان الذي كان يتواجد فيه بصحبة الصحافي هادي العبدلله في حلب، شمال سوريا.

جهات عديدة متورطة

العقيد في الجيش السوري الحر “فاتح حسون” قال لـ “القدس العربي”: “هناك فرق بين انفلات أمني وبين عمل إجرامي ممنهج، وما يحدث في إدلب من اغتيالات لها عدة أسباب وتقف وراءها عدة جهات” وأضاف، “من المعلوم أنه يوجد عدد لا بأس به لعملاء وخلايا النظام التي نشطت خلال الفترة الماضية بشكل ملحوظ، وخصوصا في الفترة التي سبقت الاتفاق التركي الروسي، وامتدت إلى وقتنا الحالي”.

ووفق معلومات دقيقة من مصادر خاصة، عمد النظام خلال هذه الفترة إلى تنشيط وتعزيز دور هذه الخلايا، وتأتي تصريحات رموز النظام حول العمل لاستعادة إدلب لتضع النظام في رأس لائحة المستفيدين، ومن خلفه إيران المتضرر الأكبر في سوريا بشكل عام.

دوامة إدلب

لقد ساهم الوضع في منطقة إدلب، وفق العقيد “حسون”، والذي غاب فيه التنسيق بين الفصائل إلى تكريس هذا الواقع ، والذي تتحمل مسؤوليته الفصائل ذات الشوكة في المنطقة، كما أن هناك اغتيالات تحدث فيما بين التيار الأيديولوجي الواحد تنازعاً على السلطة، ومنعا لوجهة نظر مختلفة قد تؤدي لانشقاقات، واغتيالات تحدث بين تيارات آيديولوجية مختلفة ضد بعضها البعض تقليلا للنفوذ والانتشار والتمدد المستقبلي، وتصفيات تحدث لأهداف خارجية، وتقف وراءها جهات متضررة من شخص يحمل فكرا أو توجها أو له تأثير مغاير لما تخطط له تلك الجهات.

وهناك اغتيالات تحدث انتقاما وثأرا، وبالتالي دخول منطقة إدلب بهذه الدوامة لأسباب ليست بسيطة بل مركبة، ويحتاج إخراجها منها لقبضة من حديد، وهي مفقودة حاليا، فإدلب حتى اليوم تتميز بوجود مناطق نفوذ لفصائل ليست منسجمة فيما بينها مما يمنع تشكيل قوة تنفذ حملة أمنية مستقلة ومحايدة، كما حدث في منطقة عفرين وما حولها.

حضور إيراني

ويصب هذا الواقع بشكل حتمي، وفق العقيد “فاتح حسون”، في مصلحة “أعداء الثورة”، وعلى رأسهم النظام السوري ومن خلفه إيران، التي تعد الكاسب الاستراتيجي من هذه الفوضى بغرض وضع الموقف التركي الضامن للفصائل الثورية في وضع حرج، وايصال رسالة مفادها أن لا حل كامل لأي جزئية في المنطقة لا يمكن أن يتم من دون وجود الجانب الإيراني.

واعتبر المصدر، أن هذا الأمر لا يخفى عن تركيا، لذلك نرى أنهم باشروا العمل على خلق مناخات الاستقرار والأمن في المناطق التي يتواجدون فيها، كما جرى في عفرين ومابعدها، ورأى أن الحل الأفضل، يكمن بتفاهم كامل بين الفصائل المعتدلة ينتج عنه شرطة حرة قوية وجهاز أمني متين يستطيعان بدعم تركي، وجيشها الموجود على شكل نقاط مراقبة في المنطقة إيقاف حالة الفوضى هذه، وتنفيذ خطوات جادة تساهم في استقرار المنطقة وبسط الأمان فيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية