سنة حافلة بالأحداث والتطورات الحاسمة، كشفت بداية انهيار الدولة وهيمنة الدولة العميقة عليها عندما التقى مشروعا الفساد المحلي بالأجندات الإقليمية، ليجرا العراق نحو الهاوية.
بغداد-القدس العربي”: بالرغم من أن أحداث العراق بعد عام 2003 حافلة بالمآسي والنكبات والأزمات، إلا أن عام 2020 كشفت حقيقة انهيار العراق في كافة المجالات نتيجة إدارة فاشلة وفاسدة لا قيمة عندها للوطن والشعب، فكانت سنة حافلة بالأحداث والتطورات الحاسمة، التي كشفت بداية انهيار الدولة وهيمنة الدولة العميقة عليها عندما التقى مشروعا الفساد المحلي بالأجندات الإقليمية، ليجرا العراق نحو الهاوية والانهيار السريع.
لقد كانت انتفاضة تشرين الأول/اكتوبر الإصلاحية، الحدث الأهم في العام، لأنها شكلت بارقة أمل ومؤشرا على حراك كبير في المجتمع العراقي نحو التغيير الحتمي لانقاذ ما تبقى من الوطن ومستقبله من براثن الفساد والتبعية. وكان شهداء التظاهرات، الذين قدموا حياتهم قرابين على مسار حرية الوطن، هم أكثر شخصيات مؤثرة في العراق عام 2020 وبلا منازع.
ورغم ان بداية انطلاق الانتفاضة كانت تشرين الأول/اكتوبر 2019 إلا انها تواصلت في 2020 بإرادة ودماء أكثر من 700 شهيد ونحو 25 ألف جريح من المتظاهرين الرافضين لدكتاتورية الأحزاب الحاكمة، التي اكتفت باستبدال حكومة عادل عبد المهدي بحكومة مصطفى الكاظمي في 7/5/2020 إلا ان أهداف الانتفاضة بإجراء الإصلاحات ومحاربة حيتان الفساد ومحاكمة قتلة المتظاهرين، لم تتحقق، وكان الانجاز الوحيد هو تحديد موعد انتخابات مبكرة غير مضمونة النتائج بوجود السلاح المنفلت والمال السياسي.
وإذا كانت أحزاب السلطة وميليشياتها قد تمكنت من إضعاف التظاهرات، عبر سلسلة من المجازر والقمع للمتظاهرين والناشطين والإعلاميين، فإن تجدد الحراك الغاضب، ليس مستبعدا، كما رأينا في تظاهرات الناصرية وإقليم كردستان في كانون الأاول/ديسمبر 2020 التي جاءت لتعلن رفض الشعب لهيمنة أحزاب الفساد والفشل على موارد البلد.
وكان السياسي الكردي المخضرم والنائب السابق محمود عثمان، دقيقا في تقييم تظاهرات كردستان بقوله: “إن التظاهرات هي تعبير عن معاناة الشعب الكردي” مشددا على ان “تظاهرات السليمانية ليست بسبب عدم دفع الرواتب فحسب، بل انها نتيجة لسوء إدارة الإقليم وهيمنة بعض العوائل والقيادات في الحزبين على أموال الشعب الكردي”.
مؤشرات الفشل السياسي
وبالنسبة للأوضاع السياسية في البلد، شهد العام تصاعد حدة الصراع والخلافات بين أحزاب السلطة وميليشياتها، بشكل أشد شراسة من السابق، وخاصة بعد انتفاضة تشرين وانخفاض موارد الدولة، ومع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة في حزيران/يونيو المقبل، التي تسعى الأحزاب بكل قوتها وامكانياتها لترتيب نتائجها، بما يضمن استمرار هيمنتها على السلطة ومواردها وإجهاض مطالب الشعب بالإصلاح، وذلك باستغلال غياب معارضة شعبية منظمة ورقابة دولية فاعلة.
ومن مؤشرات خلافات القوى السياسية الحاكمة، عودة الخطاب الطائفي لأحزاب السلطة، مثل دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لإحياء البيت الشيعي، ووقوع انشقاقات في الحشد الشعبي بين الفصائل الموالية لإيران وفصائل مرجعية النجف، وتجدد الخلافات بين حكومتي بغداد وكردستان وعودة نشاط تنظيم “داعش” الإرهابي، وغيرها من القضايا التي تعكس فشل الأحزاب في التعامل مع القضايا المصيرية في البلد وانشغالها بالصراع على السلطة وامتيازاتها.
إلا ان آخطر التطورات، تمثل في تحقق المخاوف من خطورة وجود الدولة العميقة، التي فرضت هيمنتها على مفاصل الدولة بقوة السلاح ونفوذ أحزاب السلطة والدعم الإقليمي. وظهرت هيمنة الدولة العميقة عبر سلسلة أحداث مثل القصف المتكرر بصواريخ الكاتيوشا، وتحدي الدولة وإهانتها ونهب مواردها، وعجز الحكومة عن ردع وملاحقة الفصائل التي قامت بقتل وخطف واغتيال المئات من الناشطين والمتظاهرين. كما لعبت الدولة العميقة دورا في عرقلة مساعي الحكومة لتفعيل الاتفاقيات مع الولايات المتحدة والسعودية ومصر والأردن، وغيرها من محاولات تحسين أوضاع البلد.
ساحة للصراعات الدولية
وفي 2020 بات واضحا، ان العراق أصبح ساحة مفتوحة للصراعات الدولية والإقليمية رغم ادعاءات حكومة بغداد، الحياد وعدم الانحياز إلى طرف إقليمي.
ففي كانون الثاني/يناير الماضي، قتلت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في الحرس الإيراني قاسم سليماني ومساعده ابو مهدي المهندس، في غارة ببغداد وردت عليها إيران بقصف صاروخي بعيد المدى على قواعد يتواجد فيها جنود أمريكان في العراق، فيما عمدت الفصائل الموالية لإيران إلى تنفيذ عمليات قصف بصواريخ الكاتيوشا على السفارة الأمريكية ومواقع أخرى، للضغط على واشنطن. وإذا كانت تلك المحاولات نجحت نسبيا في انسحاب القوات الأمريكية من بعض القواعد، ولكنها لم تنجح في إخراج كل القوات الأمريكية التي تجمعت في قاعدتي الأنبار وأربيل، لأن العراق بالنسبة لواشنطن، كنز ثمين لمصالحها في المنطقة ولا يمكن ان تتخلى عنه لارضاء أحلام وأطماع الجار الشرقي. وفي هذا الصدد أكد رئيس ائتلاف العراقية اياد علاوي، في تغريدة “أن أمريكا وإيران اختارتا الصراع على حساب شعب العراق وشعوب المنطقة” مشيرا إلى “ان العراق أضحى أرض صراع حيث توافق المتخاصمون على مصادرة قرار الشعب العراقي”.
الانهيار الاقتصادي
وخلال العام انكشفت تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية ونتائج الفساد ونهب ثروات العراق. وجاءت تداعيات جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط ، لتفضح هشاشة الاقتصاد العراقي وعدم صموده أمام الأزمات. فقد عجزت الحكومة عن تسديد رواتب الموظفين واضطرت إلى طلب المزيد من القروض (بلغت نحو 130 مليار دولار) والتي تخنق الاقتصاد العراقي، بدل إصلاح الأوضاع المالية وترشيد الانفاق، وذلك بسبب رفض القوى الحاكمة، التخلي عن امتيازاتها المالية ونهبها المتواصل لثروات العراق. فقد عارضت القوى السياسية، خطط الحكومة لمحاولة إصلاح الثغرات المالية لتعزيز الميزانية بالواردات غير النفطية، فكانت النتيجة دخول اقتصاد العراق إلى نفق مظلم لا نهاية له، خاصة مع إعداد ميزانية 2021 الغارقة بالعجز والديون وفرض الضرائب وخفض الرواتب وغيرها من الإجراءات الترقيعية، إلا ان قرار تخفيض العملة الوطنية بنحو ربع قيمتها، كان الضربة القاصمة للاقتصاد التي سيكون ضحيتها المواطن ومعيشته.
وازاء هذا الواقع المزري، كان طبيعيا تعمق الانهيار الاجتماعي، عبر الارتفاع الهائل في إحصائيات الطلاق والانتحار والجريمة المنظمة والعنف الأسري، واغراق مدن العراق بالمخدرات الآتية من إيران، مما جعل معدل الفقر يقفز إلى 40 في المئة من سكان البلاد.
وفي ختام العام، تبدو انتفاضة تشرين الساعية للإصلاح بارقة الأمل الوحيدة كونها أشعلت جذوة التحدي الشعبي لثالوث الفساد والفشل والتبعية، وعبدت بدماء الشهداء، طريق حرية الوطن نحو مستقبل أفضل، وعدا ذلك فكل المؤشرات تؤكد ان 2021 سيكون عام اقتراب العراق من حافة الانهيار الشامل اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا. ولا جدال في ان أحزاب السلطة تتحمل المسؤولية الكاملة عن انهيار البلاد، من خلال تمسكها بمصالحها التي تتعارض كليا مع مصالح البلد، وجعلها السلطة بوابة لنهب الثروات وحرمان الشعب منها، إضافة إلى ارتباطها بالأجندات الخارجية، وسط مخاوف جدية من ان الانهيار المالي المتوقع، قد يجر إلى انهيار سياسي وأمني نتيجة صراع القوى السياسية والميليشيات على ما تبقى من موارد البلد، وهو ما سيترك آثارا مدمرة على أوضاع الشعب العراقي.
هذا دليل للشعب العراقي وغير الشعب العراقي ,ان من يثق في الغرب وعلى راسه امريكا ,ومنظرتهم المدللة الكيان الصهيوني ,سيكون هذا مصيره .الغرب يتحجج بالدفاع عن القيم ,ويتدخل عسكريا للدفاع عن مايزعم الدفاع عنه ,لاكنه في الجقيقة لايترك وراءه الا الخراب والدمار والماسي ,الله يجعل مخرج لاشقائنا في العراق وفي كل البلاد العربية والاسلامية التي حطمها ودمرها الغرب بموافقة اهلها للاسف الشديد وتواطئهم كذالك ….
اوضاع العراق بلغت حداً من التعقيد لا يمكن
الخروج منها الا بزحف جماهيري شامل يطيح
برؤوس الفساد وطردهم خارج العراق،او انقلاب
عسكري يصفي الميليشيات ويجردها من السلاح
والقبض على قادتها ثم يتولى عسكري السلطة
لمدة سنه على الاقل وتشكيل حكومة تكنوقراط
تتولى تصريف الاعمال والاعداد لانتخابات
حرة بعد مضي سنه.
وما هي هوية هذا “العسكري” الذي تريده يا اخ هوزان؟ وهل ستقبل به اذا كان شيعيا وانت سنيا؟ او اذا كان سنيا وانت شيعي؟ او كان علمانيا وانت المتدين او العكس؟
الكثيرين يريدون دكتاتورا على شرط ان يكون على مقاسهم، ومن المحال ان يكون على مقاس الجميع! اما اذا لم يرضوا عنه فيعودوا للمطالبة بالديمقراطية!!!