مقطع مصور لسيدة سودانية تخاطب البرهان: «تعبنا.. أوقفوا الحرب» يثير ردود أفعال واسعة

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

تتفاقم أزمة السيول والأمطار في خضم حرب أودت منذ منتصف ابريل الماضي بحياة 150 ألف شخص حسب منظمة «جينوسايد ووتش».

الخرطوم ـ «القدس العربي»: أثار مقطع مصور يظهر سيدة تطالب رئيس مجلس السيادة السوداني القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، بإنهاء الحرب، المندلعة في البلاد منذ منتصف نيسان/ابريل من العام الماضي، بينما كان يتفقد المناطق المتأثرة بالسيول والفيضانات ردود أفعال واسعة.

وشملت الجولة التفقدية للبرهان محلية مروي ومناطق تنقاسي والقرير وأسلي ومساوي شمال السوداني حيث وقف على حجم الأضرار والخسائر التي تعرض لها المواطنون.
وحسب المجلس السيادي السوداني وجه البرهان كافة أجهزة الدولة الاتحادية والولائية بتسخير كل الامكانيات لمساعدة المواطنين في المناطق المتأثرة وتقديم الدعم والعون لهم .
وأودت السيول التي جرفت العشرات من القرى ومئات المنازل في السودان بحياة نحو 130 شخصا على الأقل، وفق الإحصاءات الحكومية الأولية.
يأتي ذلك في وقت توقعت وحدة الإنذار المبكر هطول المزيد من الأمطار الغزيرة والسيول المصحوبة بالعواصف الرعدية والرياح القوية.
وخلال زيارته التفقدية، اخترقت إحدى السيدات الحشود، مخاطبة رئيس مجلس السيادة السوداني، مشيرة إلى التعب الذي يعيشه السودانيون حيث فاقمت السيول والفيضانات معاناتهم في ظل التداعيات الكارثية للحرب.
ووسط هتافات سيدات أخريات: «تعبنا يا برهان، أوقفوا الحرب» قالت السيدة: «ليس لدينا منازل نعيش في الشارع، نحن تعبنا يا برهان.. لا للحرب يا برهان.. لقد دمرتنا الحرب، فقدنا كل شيء، لقد تعبنا يا جيشنا.. أوقف الحرب».
بعدها اختلطت الهتافات ما بين «جيش واحد شعب واحد» و«أوقفوا الحرب».
وأثار حديث السيدة ردود أفعال واسعة، فيما أكد رئيس المؤتمر السوداني عمر الدقير أنها خاطبت أشواق السودانيين للسلام.
وقال إن المرأة التي اندفعت نحو الفريق أول البرهان خلال زيارته لإحدى مناطق الولاية الشمالية وخاطبته بشموخٍ وحزنٍ ورجاء وهي تشكو قسوة الحال والتعب من الحرب – حتى سقط منها النصيف- غطاء الرأس- ولم تُرِدْ إسقاطه – تمثل ملايين السودانيين الذين تَغَطّتْ أرض وطنهم بمحاصيل الشقاء والعناء.
وأضاف: «إنها صرخة استغاثة عفوية وصادقة لا يجوز الإعراض عنها ولا يليق بها غير تحكيم العقل والضمير والتوجه بإرادة جادة لفتح الآفاق المسدودة عبر مسار سلمي تفاوضي وطني لإطفاء نار الحرب والتوافق على عقد اجتماعي جديد لتأسيس وطنٍ يضمن شروط الحياة الكريمة لجميع أهله بلا تمييز».
واعتبرت لجنة متاريس الخرطوم: أن صوت هذه السيدة يمثل صوت الشارع السوداني، صوت به نحيب ينادي يا برهان تعبنا وتشردنا، نحن نساء السودان نعيش في الشارع يا برهان.
وأضافت: «لقد قالت نساء منطقة قوز هندي بالولاية الشمالية ما اجتهد دعاة الحرب في إخفائه، لن يعلو يوما صوت الباطل على صوت الحق وإن كثر المطبلون».
وتابعت « لقد سمع العالم صوت الشعب فهل لديكم شعب آخر غير هذا الذي تدمر وينام في الشوارع؟».
وفي السياق، أكد رئيس تحرير صحيفة «التيار» عثمان ميرغني في رسالة وجهها للبرهان على خلفية المقطع المصور ونداء السيدة السودانية: «يجب الاستماع إلى صوت الشارع».
وشارك عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في السودان المقطع، مؤكدين على الأوضاع الكارثية التي يعيشها السودانيون في ظل استمرار الحرب وتداعياتها الكارثية.
وقال الصحافي السوداني محمد سعيد حلفاوي: «تعبنا يا برهان، جملة صغيرة كبيرة المعنى قالتها سيدة من شمال السودان ولا أدري ما هو شعوره عندما سمع العبارة وجهاً لوجه، لكن عموما إذا كنت لا ترغب في وقف الحرب فكن رحيما بالمواطنين في مناطق نزوحهم واعمل على تأسيس أجهزة حكومية قادرة على خلق البدائل والأمل للشعب، بإمكانك أن تخوض الحرب لكن لا تنسى من يطلبون السلام».
ولفت الصحافي الزين عثمان إلى أن عبارة «تعبنا يا برهان» التي قالتها نساء الشمالية، رددتها نساء العاصمة الخرطوم قبل عام ونيف، ثم رددتها سيدة وهي تغادر من مدينة ود مدني- وسط السودان- نحو المجهول بعد اجتياحها وغيرهن، إنها تتكرر في اليوم ألف مرة في المدارس التي تحولت لمساكن.. وألف مثلها في شوارع السفر الطويلة، يرددها السودانيون كل ما حط النزوح بكرامتهم خارج بلادهم». وأضاف: «يرددون تعبنا في ظل تفاقم أزمة السيول، وقف الحرب يصنعه الشجعان».
وقال المواطن موسى حسن في منشور على تطبيق فيسبوك: «هؤلاء أصحاب المصلحة الحقيقيين في وقف الحرب، قالوها بكل وضوح وسمعها البرهان وكل السودانين والعالم: نحن تعبنا يا برهان، لينا سنة مشردين من بيوتنا يا برهان، لا للحرب يا برهان».
وقال المواطن حمزة الفاضل: «إن هؤلاء النساء بآلاف الرجال، وقفوا بشجاعة وقالوها بصوت عالي: تعبنا يا برهان.. لا للحرب».
وفي ظل تفاقم تداعيات السيول الأمطار ناشد حزب الأمة القومي كافة المنظمات الدولية والوطنية بتقديم الأولوية لإنقاذ المتضررين من كارثة السيول والأمطار، مطالبا مؤسسات الدولة بالعمل على البحث عن المفقودين وإغاثة المتضررين.
وتتفاقم أزمة السيول والأمطار في خضم حرب أودت منذ منتصف نيسان/ابريل الماضي بحياة 150 ألف شخص حسب منظمة «جينوسايد ووتش».
يأتي ذلك في وقت وصل عدد النازحين واللاجئين الذين شردتهم الحرب السودانية إلى 11 مليون شخص، فيما اعتبرته الأمم المتحدة أكبر أزمة نزوح في العالم.
وحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» يواجه ثلث السودانيين مخاطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينما يوجد في دارفور أعلى نسبة من الأشخاص الذين يعانون من نقص الغذاء؛ في أربع من أصل خمس ولايات، بنسبة تتجاوز 40 في المئة من سكان الإقليم الواقع غرب السودان.
وحذر تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في السودان، من أن 4.9 مليون شخص في مستويات الطوارئ من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وبينما تتصاعد التحذيرات من أن الأوضاع في السودان تنزلق على نحو غير مسبوق، لم يتجاوز تمويل برنامج التغذية الطارئة في السودان 5.5 في المئة من إجمالي الاحتياجات.
وحذرت منظمة الهجرة الدولية من أن أزمة النزوح في السودان هي الأكبر على مستوى العالم، مبينة أن كل واحد من أصل 8 نازحين داخليا هو سوداني.
ويستضيف السودان حوالي 13في المئة من النازحين داخليا حول العالم، في وقت يحتاج نصف السكان إلى مساعدات إنسانية عاجلة، في وقت تدمرت البنية التحتية للبلاد ويشهد القطاع الاقتصادي والصحي انهيارا غير مسبوق. حيث دمرت 20 في المئة من الرصيد الرأسمالي للاقتصاد السوداني وتسببت في تآكل أكثر من نصف الناتج القومي الإجمالي للبلاد الذي يقدر متوسطه بحوالي 33 مليار دولار.
وتتصاعد معاناة السودانيين، في ظل تداعيات موسم الخريف، حيث ضربت السيول والأمطار معظم الولايات السودانية مخلفة دمارا واسعا وأوضاعا إنسانية بالغة التعقيد.
وحسب غرفة الطوارئ الحكومية ارتفع عدد ضحايا السيول والفيضانات التي تشهدها البلاد منذ حزيران/يونيو الماضي إلى 132 قتيلا في 10 ولايات، بينما تضررت نحو 32 ألف أسرة تضم 130 ألف فرد على الأقل.
ويتحدث مسؤولون حكوميون عن التأثيرات الفادحة للسيول والأمطار على البنية التحتية ومرافق المياه والكهرباء في المناطق المتضررة.
وقال المتحدث باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» بكرى الجاك إن التنسيقية تتابع بقلق كبير الآثار الكارثية للسيول والفيضانات في أنحاء واسعة من السودان خاصة في الولايات الشمالية ونهر النيل والجنينة بجانب ما حدث في شرق السودان بعد انهيار جزء كبير من سد أربعات الأمر الذي أدى لأضرار بالغة في الأرواح والممتلكات.
ودعت «تقدم» المنظمات الدولية والمحلية إلى المسارعة في إغاثة المناطق المتضررة، مع استصحاب خطورة الوضع بعد إعلان الجهات الصحية عن انتشار وباء الكوليرا الأمر الذي يزيد مخاوف تفاقم الأوضاع الكارثية بشكل أكبر بسبب تزامن كارثة السيول مع انتشار وباء الكوليرا.
ورصدت وزارة الصحة السودانية إصابة 658 شخصا على الأقل بالكوليرا، في خمس ولايات تشمل نهر النيل والجزيرة والخرطوم وسط السودان، وكسلا والقضارف الواقعة شرقا.
وتسببت السيول والأمطار في تضرر نحو 50 قرية بشكل كامل وغمرت بشكل كامل قرى أربعات الواقعة شرق السودان، ودمرت الآبار والمرافق الخدمية .
وفي محلية طوكر تسببت المياه في غمر تام لمعظم الأحياء وانهيار كامل لبعض المباني والمرافق الخدمية وانهيار جزئي لبقية الأحياء وخروج مستشفى طوكر عن الخدمة، ما أدى لوفاة 9 أشخاص وفقدان آخرين، كما غُمر السوق بالكامل، حيث يواجه الأهالي صعوبة دفن الموتى بسبب غمر المقابر.
وفي جنوب طوكر انفصل جسر دلوبياي عن اليابسة وغمرت المياه منطقة مرافيت بشكل كامل. وتسببت السيول والأمطار في قطع مسارات وصول المساعدات الإنسانية في إقليم دارفور غرب السودان.
وقال مدير الوحدة الإدارية في منطقة العبيدية- شمال السودان- الفاروق الطيب الشريف إن عدد المنازل التي تعرضت للانهيار جراء السيول والأمطار التي ضربت المنطقة بلغت ألف منزل وأن حجم الأضرار تصاعد بالمنطقة وأصبح المواطنون في العراء تماما فيما لا تزال المياه تحاصر المنطقة ومن المتوقع هطول أمطار جديدة.
وطالب حسب وكالة السودان للأنباء بتوفير خيام وأغطية ومشمعات، مؤكدا على ضرورة التدخل العاجل لإغاثة المتضررين.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية