رأي القدس مصر تعيش حالة غليان على الصعد كافة هذه الايام، ونزول مئات الآلاف الى ميدان التحرير امس تحت عنوان ‘حماية الثورة’ هو المؤشر الابرز في هذا الصدد.الشعب المصري يخشى على ثورته المباركة من الخطف، ويشعر ان هناك قوى عديدة تريد اعادة البلاد بطريقة غير مباشرة الى عصر حسني مبارك الفاسد، وتجد في الولايات المتحدة ودول غربية وعربية اخرى الدعم والمساندة لتحقيق هذا الغرض.المتظاهرون في ميدان التحرير يشعرون بالارتياب من مشاركة المجلس العسكري الحاكم في هذه المؤامرة، ولهذا رفعوا لافتات تطالب باسقاطه مماثلة لتلك التي رفعوها لاسقاط نظام مبارك.الولايات المتحدة الامريكية لا تريد ان تخرج مصر من تحت عباءة نفوذها، لان خسارتها لمصر تعني خسارتها لاتفاقات كامب ديفيد والسلام مع اسرائيل اولا ثم هيمنتها على المنطقة ونفطها وامنها ثانيا. ولهذا تساوم المجلس العسكري وتمارس عليه ضغوطا كبيرة لمنع وصول رئيس اسلامي للسلطة.الدكتور مصطفى الفقي الذي عمل مع نظام الرئيس مبارك لسنوات كمسؤول عن قسم المعلومات في الرئاسة قال قبل عامين، وفي ذروة الحديث عن مسألة التوريث، ان دولتين يجب ان توافقا على رئيس مصر القادم وهما اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية.ما قاله الدكتور الفقي في زلة لسان فيما يبدو يلخص الوضع الحالي في مصر، والمجلس العسكري اذا لم يكن يريد موافقة امريكا واسرائيل على الرئيس المقبل، فانه لا يريد معارضتهما ايضا، ولهذا يبذل جهودا كبيرة لايصال رئيس مقبول او غير مكروه من البلدين.استبعاد الحيتان الثلاثة الكبار من سباق انتخابات الرئاسة اي خيرت الشاطر (الاخوان) واللواء عمر سليمان (العسكر) وحازم صلاح ابو اسماعيل (التيار السلفي) خطة محكمة لافساح المجال لفوز السيد عمرو موسى امين عام جامعة الدول العربية السابق.فرصة السيد عمرو موسى تبدو كبيرة لان الرجل يملك خبرة واسعة ومعروف على المستويين الدولي والعربي، ولكنه يعتبر من رجالات النظام السابق في نظر الكثيرين عندما خدمه كوزير للخارجية لسنوات.التشريع الذي وافق عليه مجلس الشعب المصري (البرلمان) باستبعاد كل رجالات العهد السابق جاء من اجل قطع الطريق على مرشحين رئيسيين للرئاسة الاول السيد عمرو موسى والثاني احمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس مبارك.المجلس العسكري وافق على طرح هذا القانون الذي عرف ‘بقانون العزل السياسي’ على المحكمة الدستورية العليا للبت في مدى دستوريته، وقرار المحكمة سيكون حاسما ايا كانت وجهته، فتأييد هذا القانون وتأكيد دستوريته يعني تأجيل انتخابات الرئاسة وابعاد السيدين موسى وشفيق، ومعارضته قد تؤدي الى المزيد من المظاهرات وتوسيع الخلاف بين المجلس العسكري والاسلاميين وباقي الاحزاب.مصر امام مفترق طرق، والشيء الوحيد المؤكد ان مليونية الامس تكشف ان الشعب لن يتخلى عن ثورته ولن يسمح بخطفها.Twitter: @abdelbariatwan