تونس: يتنافس الجمعة في تونس وجها لوجه الخبير في القانون الدستوري قيس سعيّد الذي يدافع عن “الارادة الثورية” ورجل الإعلام المجادل الحذق نبيل القروي في مناظرة تلفزيونية غير مسبوقة، فيما بدأت احتفالات انصارهما وسط العاصمة في يوم الحملة الأخير.
تبث المناظرة التاسعة ليلا بالتوقيت المحلي (20:00 توقيت غرينتش) على التلفزيون الحكومي في حدث غير مسبوق في تونس.
وقبل ساعات من المناظرة، تجمع بضع مئات من أنصار المتنافسين في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة في مجموعتين منفصلتين.
رفع أنصار سعيّد وغالبيتهم من الشباب لافتات كتب عليها “الشعب يريد قيس سعيّد” وسط تعزيزات أمنية مشددة من دون أن يشاركهم مرشحهم الاحتفالات.
يتجوّل بينهم بائع أعلام خمسيني يهتف بصوت عال تحت أشعة الشمس “لكل التونسيين”.
وفي الجانب الآخر من الشارع، انتصبت منصة كبيرة وشاشة تبث صورا للقروي في انتظار وصوله وتجمع حولها أنصاره، بينما هتف أحدهم “القصر (قصر قرطاج مقر حكم الرئيس) يناسبه”، وتفاعل معه آخر “يمد يده للفقراء”.
عنونت صحيفة “الشروق” الجمعة “وأخيرا… المناظرة”، ووصفتها صحيفة “لوتان”، الناطقة بالفرنسية بـ”المصيرية” في حين رأت “المغرب” أن المناظرة “ستمكن سبعة ملايين ناخب من تحديد أي من المرشحين جدير بالثقة”.
تقدم المتنافسان في الدورة الأولى على مرشحين ممثلين للطبقة السياسية الحاكمة في البلاد في إطار ما عرف بـ”تصويت العقاب” ضد المنظومة التي لم تقدم حلولا للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم.
ونال قيس سعيّد المرشح المستقل 18.4 في المئة من الأصوات، بينما حل القروي مؤسس حزب “قلب تونس” ثانيا مع 15.5 في المئة.
أوقف القضاء التونسي القروي في 23 أغسطس/ آب الفائت بتهمة غسل أموال وتهرب ضريبي وأطلق سراحه، الأربعاء، بقرار من محكمة النقض ليخوض حملته مباشرة وينافس سعيّد الذي كان علق حملته لغياب التكافؤ بينه وبين القروي قبل أن يستأنفها.
ومن المقرر ان تكون المناظرة “أكثر تفاعلية” مقارنة بسابقتها التي نظمت في الدورة الأولى وجمعت 24 مرشحا، وفقا لبلعباس بن كريدة رئيس منظمة “مناظرة” التي تشارك التلفزيون الحكومي في التنظيم.
ولقيت المناظرات الثلاث السابقة متابعة واسعة من التونسيين وتم بثها في أغلب المحطات الإذاعية والتلفزيونية الخاصة والحكومية في البلاد.
يحرص قيس سعيّد دائما على التحدث باللغة العربية الفصحى حتى مع العامة، وتقاعد منذ 2018 من مهنة تدريس القانون الدستوري ويقطن منزلا في حيّ تسكنه الطبقة الاجتماعية المتوسطة في تونس العاصمة.
أما حملته فمقرها في شقة متواضعة في مبنى بقلب العاصمة.
في المقابل، تثير شخصية القروي الجدل خارج السجن وداخله. فهو احترف الإعلام والتسويق ويجيد التحدث مع الناخبين باللكنة العامية وبالفرنسية ويظهر في شكل أنيق ويسكن مع عائلته في منطقة راقية وسط العاصمة.
يقدم سعيّد برنامجه المرتكز على لامركزية القرار السياسي وتوزيع السلطة على الجهات ويتبنى شعارات الثورة التي أطاحت النظام الديكتاتوري في 2011 ومنها خصوصا “الشعب يريد” “و”السلطة للشعب”.
يلقى دعما واسعا خصوصا من الطلبة المتطوعين الذين يقومون بحملته دون مقابل.
جعل القروي من مقاومة الفقر والحد من تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في المناطق المهمشة، أولوية وشعارا لحملته. ويقدم نفسه “أبا للعائلة الكبيرة” التي تضم أنصاره.
يلقى سعيّد دعما من حزب “النهضة” ذي المرجعية الإسلامية والذي تصدر نتائج الانتخابات النيابية الأحد الفائت ويبدأ مشاورات لتشكيل الحكومة المقبلة.
شدد القروي على أنه لن يتحالف مع الإسلاميين في محاولة لإحياء صراع ايديولوجي وسم انتخابات 2014، عندما انقسام الناخبون بين التوجه العلماني الحداثي والإسلامي المحافظ.
واتهم القروي منافسه بأنه “أحد أضلع” حزب النهضة، وقال في مقابلة أجرتها معه قناة تلفزيونيّة خاصّة، الخميس، هي الأولى له منذ إطلاق سراحه، إنّ “قيس سعيّد هو ذراع من أذرع النهضة، مثلما كان المنصف المرزوقي”.
ويواصل سعيّد تأكيد استقلاليته وينأى بنفسه من الأحزاب ويستشهد في خطاباته بالدستور ويعتبره المرجع.
ودعي أكثر من سبعة ملايين ناخب للعودة لصناديق الاقتراع الاحد للمرة الثالثة على التوالي خلال أقل من شهر لانتخاب رئيس يواجه تحدي إخراج البلاد من أزماتها الاقتصادية.
(أ ف ب)