إسطنبول ـ «القدس العربي»: فشل كل من بن علي يلدريم مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم، وأكرم إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري لرئاسة بلدية إسطنبول في تحقيق أهداف مباشرة في أول وأبرز مناظرة انتخابية تشهدها البلاد منذ 17 عاماً وخرجا بتعادل سلبي أجل الحسم ليوم التصويت في الانتخابات المقررة يوم الأحد المقبل، وعقد التوقعات بشأن المرشح الذي يمتلك حظوظاً أكبر للفوز.
وبينما أجمع المراقبون على أن المناظرة كانت أقل من المتوقع بكثير وكان أداء المرشحين فيها متقارباً إلى درجة كبيرة، لم يتمكن أي منهما من الإعلان عن تفوقه في المناظرة التي استمرت لأكثر من ثلاث ساعات وتابعها عشرات ملايين الأتراك عبر شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي باهتمام غير مسبوق.
وحظيت انتخابات إسطنبول بأهمية استثنائية عقب قرار اللجنة العليا للانتخابات إلغاء نتيجة الانتخابات التي جرت نهاية آذار/مارس الماضي وإعادتها عقب الإعلان عن فوز مرشح المعارضة واعتراض حزب العدالة والتنمية، إلى جانب ما تتمتع به إسطنبول من أهمية تاريخية وسياسية ومعنوية لكافة الأحزاب السياسية في البلاد.
وبشكل عام، لم يتمكن أي من المرشحين من تحقيق تفوق ملحوظ على الآخر، واكتفيا بأدائهم التقليدي الذي يركز على عرض مشاريعهم ووعودهم الانتخابية لسكان إسطنبول فيما يتعلق بالمواصلات والمساحات الخضراء وخدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي والتسهيلات للطلاب وحضانات الأطفال لأبناء السيدات العاملات والإنترنت وغيرها من القضايا الخدماتية المتعلقة بعمل البلدية بشكل مباشر.
وكان ينتظر من المناظرة أن تتمكن في مساحة شريحة ضيقة من الناخبين المترددين والذين لم يقرروا بعد لأي مرشح سوف يصوتون في انتخابات الإعادة، لكن عدم تمكن أي من المرشحين من تحقيق تفوق ملموس على الآخر أجل حسم هذه الشريحة لقرارها إلى يوم التصويت المقرر الأحد المقبل، وهو ما سيزيد من صعوبة توقع نتيجة الانتخابات.
وهذه الشريحة الصغيرة من المترددين يتوقع أنها هي من ستحسم نتيجة الانتخابات في ظل التقارب الكبير جداً بين حظوظ فوز يلدريم وإمام أوغلو، ففي الجولة الأولى من الانتخابات تقلص الفارق بينهما إلى قرابة 13 ألف صوت فقط من أصل قرابة 10 مليون ناخب يحق لهم التصويت في إسطنبول.
وبشكل عام، تمتع إمام أوغلو بأفضلية واضحة فيما بتعلق بقدرته على الحديث بشكل أسرع وأسلس من منافسه يلدريم الأكبر منه سناً وهو ما مكنه بالتالي من طرح قدر أكبر من الأفكار والوعود الانتخابية، فيما لم يتمكن يلدريم من التغلب على أسلوبه التقليدي وحديثه البطيء، لكن في المقابل اعتبر البعض أسلوب يلدريم «دليلاً على خبرته ورزانته وهدوءه».
أداء أقل من المتوقع لكنه ساهم في تعزيز الأجواء الديمقراطية في البلاد
وسعى إمام أوغلو بدرجة أساسية للتركيز على ما جرى ليلة الانتخابات من وقف وكالة الأناضول بث النتائج عقب بدء تقدمه على يلدريم، معتبراً أن يلدريم ينتمي إلى الحزب الحاكم وبالتالي يعتبر مسؤولاً عن تصرفات الحكومة، لكن يلدريم شدد على أنه لا يتحمل ما قامت به الوكالة كونه غير مسؤولاً عنها.
في المقابل، ركز يلدريم بدرجة أساسية على قرار إمام أوغلو الذي ترأس البلدية الـ18 يوماً قبيل إلغاء النتائج نسخ قاعدة بيانات البلدية، معتبراً أن هذا القرار كان مخالفاً للقانون الداخلي للبلدية وأنه «يشبه تماماً نهج تنظيم غولن»، قبل أن يكرر تلميحه لاحتمال وجود علاقة بين إمام أوغلو وتنظيم غولن الذي تصنفه الحكومة تنظيماً إرهابياً، وهو ما نفاه الأخير بشكل قاطع.
ورغم بث وسائل الإعلام التركية المختلفة مقطعاً لإمام أوغلو بالصوت والصورة وهو يشتم والي مدينة أوردو، نفى إمام أوغلو أن يكون قد شتمه، وهو ما أضعف موقفه حسب المتابعين، ودعم حملة حزب العدالة والتنمية التي تركز على اتهمه بـ«الكذب».
وفي الملف الكردي، أكد المرشحان على أنهم يمثلان كافة أبناء إسطنبول بغض النظر على خلفياتهم العرقية والاثنية والدينية، لكن إمام أوغلو ركز بشكل أكبر على تقديم رسائل للناخب الكردي حيث يتمتع بدعم غير معلن من حزب الشعوب الديمقراطي أكبر الأحزاب الكردية في البلاد، فيما يحصل العدالة والتنمية على دعم شريحة أقل من الأكراد المحافظين.
وفي ملف اللاجئين السوريين، تمكن إمام أوغلو من تقديم وعود أكثر تشدداً اتجاه اللاجئين وهو ما قد يضمن له دعم أكبر من شريحة الناخبين الناقمين على سياسات الحكومة التركية اتجاه ملف اللاجئين بشكل عام والسوريين بشكل خاص، لا سيما وأن رؤساء بلديات عن الشعب الجمهوري أوفوا بوعودهم وبدئوا في الأسابيع الماضية باتخاذ إجراءات ضد اللاجئين منها منع دخولهم السواحل وتقليص الكتابات العربية على اللوحات التجارية ووقف المساعدات المقدمة إليهم من البلديات.
في المقابل، حاول يلدريم استمالة هذه الشريحة بطريقة أخرى عبر التأكيد على اللاجئين موجودين في إسطنبول في إطار برنامج «الحماية المؤقتة» وأنه سيتم إعادتهم إلى سوريا عقب استقرار الأوضاع، وتوعد بالطرد الفوري لأي لاجئ يخل بالأمن في إسطنبول.
ورغم أن المناظرة التي بدأت بتبادل الهدايا بين المرشحين وانتهت بصورة تذكارية لهما ولعائلتيهما ساهمت في احتدام التنافس بين المرشحين للظفر بمنصب رئاسة بلدية إسطنبول، إلا أن جميع الأطراف أجمعت على أنها ساهمت في تعزيز الأجواء الديمقراطية في البلاد وهيئت الشارع التركي لتقبل النتائج بعد أسابيع من الاحتقان الذي أعقب قرار إلغاء النتائج السابقة.
موت محمد مرسي نذير شؤم لمرشح حزب أردوغان في انتخابات إسطنبول؟