منال خضر: الموضوع يجذبني للتمثيل والصلة وثيقة بين لغة السينما ولغة الصورة

زهرة مرعي
حجم الخط
0

بيروت-“القدس العربي”:حين ظهرت منال خضر في فيلم إيليا سليمان “يد إلهية” اعتقدها البعض محترفة بامتياز. كان خيار المخرج في مكانه، وكانت له يد في أخذ منال الصحافية إلى أفلام أخرى قليلة وفي أدوار لطيفة. منها الفيلم الروائي “طالع نازل” لمحمود حجيج، وآخرها فيلم شيرين أبو شقرا التسجيلي “لحظة أيها المجد”. فمنال ليست متفرغة للتمثيل بل يجذبها الموضوع، وتميل إلى السينما البديلة أو المستقلة التي هي سينما المخرج بشكل عام.

مؤخراً لفت حضور منال خضر قيمة على معرضين متزامنين هما “الرمل يأتي من النافذة” و “الوطن العائم”. وهما معاً من صلب قضية الشعب الفلسطيني.

معها هذا الحوار:

*توزعين حضورك بين تنظيم المعارض الفنية والتمثيل. هل لكل وقته أم أحدهما يتم على حساب الآخر؟

**منذ سنوات لم أمثل. كانت حركتي صعبة عندما كانت ابنتي طفلة، فوجهت اهتمامي نحو الكتابة والفن على حساب التمثيل. في الواقع يمكنني القول أنني لم أكن يوماً ممثلة محترفة. في حياتي عدد قليل من الأفلام جاءت على سبيل الهواية أكثر منها مهنة واحتراف.

*هواية إنما تركت أثراً منذ البداية في فيلم “يد ألهية”. النجاح والجوائز التي نالها الفيلم، ألم تحرضك لتكوني أوسع حضوراً في السينما؟

**من البداية كنت أدرك أن التمثيل لن يكون مهنتي. اعتبرتها هواية جانبية حاضرة للتحقيق فور جهوز مشروع يعنيني ويجذبني موضوعاً، أو أن أقدر مخرجه وأسلوب عمله. حينها لا شك سأكون جاهزة. إذاً المعايير بالنسبة لي ليست في كمية الأفلام بل بنوعيتها. وأن لا تستهلك وقتي على حساب اهتمامات أخرى.

*إلى جانب “يد إلهية” و”كل يوم عيد” و”لحظة أيها المجد” و”طالع نازل” هل حضرت في أفلام أخرى؟

**نعم في عدد من الأفلام الأجنبية منها “البشع” للمخرج الفرنسي إيريك بودلير، والسيناريو لكاتب ياباني. وآخر مع مخرج أمريكي من نوع دكيودراما يتحدث عن تجارة الأسلحة في منطقتنا العربية.

*ندرك حوافز اختياراتك على قلتها في السينما العربية البديلة فماذا عنها في السينما العالمية؟

**في فيلم “البشع” للمخرج الفرنسي عملت مع الممثل اللبناني ربيع مروة. في هذا الفيلم مثلنا مجموعة الجيش الأحمر الياباني التي جاءت إلى بيروت في مرحلة السبعينيات من القرن الماضي.  ومن بين هؤلاء مازاوو أداتشي وآخرون نفذوا عمليات إلى جانب مقاتلين من الثورة الفلسطينية. لهذا سبق وقلت إنني أقبل الدور الذي أنتمي إليه، والذي يعني لي على الصعيد الشخصي. وهذا لا يتكرر كثيراً، بل يمكن اعتباره نادراً.

*ماذا عن عملك في معارض للرسم؟

**لم أتخصص في الرسم لكنني أدير “مركز مينا للصورة”. تشكل الصورة مركزاً لاهتمامي، سواء كانت ضمن فيلم، في معرض أو في حضورها المتنوع. عندما أمثل لا ينصب اهتمامي على الدور الذي أمثل فيه، إنما أيضاً على اللغة السينمائية ولغة الصورة. نعم ثمة ترابط بين التمثيل وعملي الحالي في عالم الصورة.

*ذكرت في بداية الحوار عن اهتمامك بالكتابة فما هو نوعها؟

**لدى زميلتي نور سلامة دار نشر اسمه “كاف بوك” يختص بالكتب الفنية التي تتحدث عن فنانين أو عن أعمال فنية. أشارك في صياغة نصوص تلك الكتب. سابقاً كنت من محرري مجلة “كلمن” الثقافية التي كانت تصدر في بيروت.

*أظن أن الصدفة أخذتك من الصحافة إلى السينما. فكيف اختارك إيليا سليمان لدور البطولة في فيلم “يد إلهية”؟

**أبداً ليست الصدفة، أنا وإيليا أصدقاء. كنا نلتقي بانتظام خلال مرحلة كتابته للسيناريو. حتى أننا فكرنا معاً بمشاهد من الفيلم. حضوري إلى جانبه في تلك المرحلة لفته، فسألني عن أداء الدور. وكان.

*وماذا عن اهتمامك المهني كقيمة لمعارض فنية. هل هي الصدفة أم نتيجة تخصص أكاديمي؟

**اهتمام ليس وليد التخصص الأكاديمي، بل نتج عن خبرات متتالية. منذ عشر سنوات بدأت العمل مع فنانين مختلفين منهم زياد عنتر وفؤاد الخوري. نظمت معارض متعددة قبل أن أسمح لنفسي بلقب قيمة. اهتمامي الأساسي حالياً يتمثل بتنظيم “مركز مينا للصورة” وعندما تتاح لي فرصة تنظيم معرض في مؤسسات أخرى أقدم على المهمة، فالموضوع يعنيني، ويحتل حيزاً كبيراً من تركيزي المهني، خاصة إذا كنت حيال فنان كما فؤاد خوري الذي أعرفه منذ 25 سنة. كما أنني أعرف أرشيفه الصوري جيداً، ونحن متفقان في أسلوب العمل. هو يرغب مني تنظيم معارضه، ومن جهتي أحب نوعية عمله. واتفاقنا مسبق على التعاون معاً.

*مؤخراً حضر اسمك في معرضين كبيرين في بيروت هما “الوطن العائم” و”الرمل يأتي من النافذة”. هل تولين القضية الفلسطينية اهتماماً خاصاً على صعيد الفن؟

**على الصعيد الشخصي أنا من فلسطين والموضوع يعنيني جداً. هذان المعرضان تزامنا صدفة وليس بقرار. لست بصدد اجتياح بيروت بالفن الفلسطيني. أحب شغل الفنان تيسير البطنيجي. كما أحب عين وعدسة فؤاد خوري الفنان. مع فؤاد خوري نظمت في العام الماضي معرضاً عن الجزء اللبناني من أرشيفه. ومعرض دار النمر يتناول سنة 1982 وما تلاها من شتات القيادة والمقاتلين الفلسطينيين، ومن ثم العودة إلى فلسطين بموجب اتفاق غزّة – أريحا أولاً.

*كيف ترين دور الفن في تقديم القضية الفلسطينية؟

**من خلال معرض “الوطن العائم” جربت طرح بعد آخر للقضية الفلسطينية. فقد اعتدنا أعمالاً فنية فيها الكثير من الرموز، خاصة تلك التي صنعها الإعلام الغربي في مرحلة الثورة الفلسطينية. وبدورنا تبنينا تلك الرموز. في معرض “الوطن العائم” وفي الجزء الخاص بفلسطين، سعينا في اختيار الصور الابتعاد عن الرموز، لصالح الإنسان في حياته اليومية. هذا الإنسان في معاناته هو الرمز، وليس في السردية الموحدة التي دأب الإعلام الغربي على تصويرها. القضية الفلسطينية في الإعلام الغربي نمطية.

*عندما تفكرين في معرض ما كيف تبدأ الخطوة الأولى؟

**عمل الفنان يفرض كافة الخطوات وأهمها تحديد الموضوع. كل ما يقدمه القيّم على المعرض يكون من صنع الفنان ومن أفكاره. للقيم أن يضيف طبقات لهذا العمل، وأن يوجهه من خلال أفكاره. إذاً فكرة المعرض تبدأ بحوار بين القيم والفنان بحيث يكون بينهما نوع من الرؤية المشتركة. رؤية الفنان هي أساس كل معرض خاصة عندما يكون متواجداً في الساحة الفنية. أما الفنان الراحل فلنا مقاربة أعماله بنظرة وقراءة نقدية. في الحوار مع الفنان نفهم طبيعة عمله، ويتمكن القيم من تحديد الفكرة التي يريد قولها. بعد الاتفاق على هاتين المرحلتين يتم التحول نحو اختيار الأعمال. ندرس الترابط بين اللوحات التي يتم اختيارها بناء على مكان وإطار العرض الاجتماعي والسياسي. ويبقى للميزانية المخصصة لهذا المعرض أو ذاك دورها في انجاز أي معرض.

*”مركز مينا للصورة” هدفه العرض وليس البيع. كيف يعيش؟

**تمّ إنشاء “مركز مينا للصورة” كمركز ثقافي وليس تجاريا. كل معرض له داعمين، كما للمركز رعاة دائمين. ومع ذلك تبقى المسألة صعبة.

*من المهتم برعاية معرض “الرمل يأتي من النافذة” في لبنان؟

**في الواقع لم يكن لهذا المعرض من يرعاه. في المعرض السابق لفؤاد الخوري بيعت مجموعة أعمال، فتبرع بمبلغ مالي يغطي موازنة السنة الأولى من نشاط مركز مينا.

*الفنون البصرية تجذبك. إلى أين يأخذك التجريب من خلالها؟

**لست مختصة بنوع معين من الفنون البصرية. اهتم جداً بالمسرح، سبق وكتبت مسرحية وأديتها مع ربيع مروة بعنوان “أنشودة الفرح”. كانت لها عروض قليلة في لبنان، وعُرضت لسنة في ألمانيا. شغفي الفني والبصري مرتبط بالمشروع في حد ذاته. في المسرح عشت تجربة جميلة في مرحلة الكتابة والأداء على الخشبة.

*هل ترين أن ما تقوله السينما عن القضية الفلسطينية كافيا؟

**تشكل السينما وسيلة جيدة لتقديم القضية الفلسطينية للناس. فالسينما تمس الإنسان بطريقة حسية أكثر من الأخبار.

*هل تتابعين الأفلام التي تُعرض عن القضية الفلسطينية في مهرجانات السينما في بيروت؟

**أتابع قدر المستطاع. لا شك بأهمية تلك الأفلام. السينما تطرح حواراً وهذا مهم للغاية.

*ما هي مشاريعك المقبلة على صعيد المعارض؟

**بعد معرض تيسير البطنيجي سيكون “مركز مينا للصورة” بتصرف أشكال ألوان ومعرض خاص بهم. وفي السنة المقبلة نحن بصدد مشاريع متعددة، نتحفظ بالتصريح عنها إلى حين تصبح مؤكدة. وهي في الحقيقة أربعة مشاريع.

*وهل لفلسطين بينها مساحة؟

**ليس لفلسطين حصة في المعارض الأساسية، وقد يكون لها حصة في الفعاليات الموازية. ربما يكون لي عمل عن فلسطين في دار النمر أو أماكن عرض أخرى. المؤكد عندي أن جزءاً من معرض ستكون له صلة بفلسطين.

*هل تلحظين نمواً إيجابياً على صعيد القضية الفلسطينية في المشهد الثقافي لبيروت؟

**نعم. كذلك الإنتاج الفني والسينمائي إلى ازدياد. السعي دائم وكذلك الإهتمام. في بيروت منابر فكرية وثقافية كافية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية