انتهى قبل أيام منتدى الأمن الإقليمي، الذي عُقد في المنامة عاصمة البحرين، وضم دول الخليج العربي والأردن ومصر، إضافة إلى إسرائيل، وبحضور وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن. حسبما تمخض عنه المنتدى؛ مناقشة الأمن الإقليمي في المنطقة العربية، وعلى وجه التحديد أمن منطقة الخليج العربي، في مواجهة التهديدات الإيرانية، أو الحد منها وتحجيمها.
وزير الدفاع الأمريكي في تصريحات له، أو في خطاب له في أروقة المنتدى بيّنَ، أن أمريكا ليست في صدد الانسحاب من المنطقة، بل هي بصدد إعادة تموضع قواتها في المنطقة، يقصد منطقة الخليج العربي، وربما في مناطق أخرى، القاعدة الأمريكية في صحراء الأردن، مثلا.
أشار إلى أن أمريكا سوف تحتفظ بقوة ساحقة في المنطقة تستخدمها حين تتطلب الظروف هذا التدخل
في سياق الخطاب نفسه؛ أشار إلى أن أمريكا سوف تحتفظ بقوة ساحقة في المنطقة تستخدمها حين تتطلب الظروف هذا التدخل، وأنها ملتزمة بالدفاع عن أمن الخليج العربي، في وجه التهديد الإيراني. ودعا الوزير الأمريكي دول المنطقة إلى العمل على تهدئة الأوضاع، وما قصده لويد اوستن، خارجيا أي بين دول الخليج العربي وإيران، أو ما يحدث داخل بعض منها، البحرين مثلا. جاء هذا المنتدى في الوقت الذي تقترب فيه؛ المفاوضات مع إيران والقوى الكبرى في العالم؛ لذا كان بمثابة رسائل طمأنة لدول الخليج العربي، عما ستسفر عنه تلك المفاوضات من اتفاق حول إعادة العمل بالخطة الشاملة المشتركة للصفقة النووية بين إيران والقوى الدولية الكبرى، مع أن هذه الطمأنة، لا تخلو من بناء قاعدة للتفاهم الاستراتيجي والدعم الأمريكي لهذه الدول، سواء بالشكل المباشر، الذي سوف يتقلص حتما، إلا في حالة الضرورة القصوى، التي لابد لها في ظروف بعينها؛ من أن تنزل هي بنفسها إلى الميدان بقوة جوية وليس بقوة على الأرض، أو بالشكل غير المباشر بذراع وكيلها في المنطقة، الكيان الإسرائيلي، وهذا الأخير بأذرع خفية له، في المنطقة، بأشكال مستترة من الدعم والإسناد، طالما هناك حاجة أمريكية لدعم وإسناد استراتيجيتها في المنطقة والعالم، في المواجهة التنافسية بينها وبين الخصمين الروسي والصيني، اللذين ما انفكا يزحفان بتؤدة وثبات على مناطق ريادتها في العالم. كما أن في جوهر وصلب هذه الاستراتيجية القديمة الجديدة؛ جعل الكيان الإسرائيلي، دولة طبيعية من دون أن يجبر على دفع أثمان هذا الوضع الجديد له، أو لها في المنطقة، أي إعطاء، أو إقامة دولة ذات سيادة كاملة لفلسطين المغتصبة من العصابات الصهيونية، على الضفة الغربية والقطاع والقدس الشرقية.. والأدهى والأمر؛ هو جعل الكيان الإسرائيلي؛ يتولى قيادة الأمن الإقليمي في المنطقة العربية وجوارها. قادة الكيان الاسرائيلي يتحدثون كثيرا؛ عن أن إسرائيل ستقوم بالقضاء، أو توجيه ضربات مميتة، لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، في حالة عجز المجتمع الدولي عن وضع حد لهذا البرنامج. من وجهة نظري؛ لن تكون هناك ضربات ضد إيران، سواء من أمريكا أو من الكيان الاسرائيلي، وجميع ما يقال ما هو إلا لتخدير الأعصاب، لمن هم بحاجة إلى هذا التخدير. أما الحقيقة فهي تختلف بالكامل عما يجري وراء الأبواب المغلقة، أو أن الواقع وما سوف ينتج عنه مستقبلا، يفرض على صانع القرار الأمريكي و(الإسرائيلي) سياسة تختلف عن المعلن منها؛ بحكم ضغوطات الواقع، الذي عملت إيران بحنكة وذكاء، باستثمار حماقة ترامب على إنتاجه وتحويله إلى حقائق متحركة على الأرض.
أما دول الخليج العربي وبالذات المملكة العربية السعودية، لا اعتقد بأن هذا التخدير ينطلي عليها، بل إنها على معرفة ودراية به، وربما هي مشاركة للرؤية الامريكية الاسرائيلية، في الذي يخص تطورات الأوضاع مستقبلا، في إيران وعموم المنطقة العربية وجوارها. إنما المهم هنا الإشارة إلى أن تطورات الأوضاع ومهما كان شكل وصور تطورها، فإنها لا تخدم دول الخليج العربي استراتيجيا، بل تفرض عليها قيودا جديدة أكثر مما تعاني منها في الوقت الحاضر. إيران في المفاوضات سوف تكون متشددة، ولكن إلى حين يسلط عليها ضغط لا قبل لها به؛ وبما سيؤول برنامجها النووي إليه، وربما كنتائج، نظامها بالكامل، أي عندما تُهَدد بإحالة برنامجها النووي إلى مجلس الأمن الدولي، إضافة إلى حاجتها الماسة جدا والملحة بشدة إلى رفع العقوبات الاقتصادية عنها. إيران مع اقتراب موعد مفاوضاتها مع القوى الدولية الكبرى؛ أعلنت أنها تمتلك أكثر من 250 غراما من اليورانيوم المخصب بدرجة 60%، وهي قادرة على زيادة هذه الكمية بسرعة، هذه الكمية حسب خبراء الشأن النووي كافية لصناعة قنبلة نووية. هذا التصريح اُعَد بذكاء، وفي الوقت المناسب، فهو يشكل مطرقة ضغط على الجانب الأمريكي وحتى على الترويكا الأوروبية؛ للحصول على تنازلات من الجانبين الأمريكي والأوروبي. الأمريكيون تحركوا في عملية استباقية، أي أنهم حركوا الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ للعمل على توفير عناصر إدانة للخروقات الإيرانية؛ من قبيل أن هناك أربعة مراكز لم تُعِلن عنها إيران، أو أنها منعت مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تفتيشها (لاحقا سمحت لهم) وأنهم عثروا على يورانيوم في تلك المواقع، وأن إيران لم تعط أي تفسير لهذه الآثار. هذه الخروقات من الجانب الإيراني، إذا ما صادق عليها مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ وأصدر قرار إدانة لهذه الخروقات، فإن الطريق هنا يصبح سالكا لتحويل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي، حينها لن يكون في قدرة أصدقائها في الصين وروسيا الدفاع عنها، وتبني موقفها. لكن هذا لن يحدث في هذا الوقت، حسب الخبير المصري يسري أبو شادي، بل الذي يحدث هو بيان شجب وإنذار، حسب قول الخبير. هذا البيان سوف يكون، عامل ضغط وكسر للإرادة الإيرانية، بالإضافة إلى ضغط العقوبات الاقتصادية. بالنتيجة ومهما طال أمد المفاوضات؛ فإنها سوف تفضي إلى إعادة العمل بالخطة الشاملة والمشتركة للصفقة النووية بين إيران والقوى العالمية الكبرى، وبكل تأكيد.
حسب التسريبات الإعلامية، التي تقول إن أمريكا والكيان الإسرائيلي، مع أن الكيان ليس طرفا في المفاوضات؛ قد يوافقان على عقد اتفاق وقتي بين إيران والقوى الدولية، مع رفع جزئي للعقوبات الأمريكية على إيران. اعتقد أن هذا التوجه لن توافق عليه إيران، وهذا يعني أن كلا من أمريكا والكيان الإسرائيلي يراهنان على فعل الزمن، وما سوف يأتي به من تغييرات حاسمة وجدية؛ لناحية تغير الأوضاع السياسية في إيران، مع تكثيف الأعمال المخابراتية والحروب السيبرانية على المنشآت النووية الايرانية، وعلى بقية المراكز الحيوية ذات التأثيرات الاقتصادية، وتحريك القوى الإيرانية المناهضة للنظام. عليه فإن ما يحدث في العراق فيما يخص الانتخابات العراقية الأخيرة، وبقية دول المنطقة العربية، لا يمكن بأي حال من الأحوال عزله عما يجري من برامج وخطط للتعامل مع إيران، ليس في إعادة العمل بالصفقة النووية، بل في حزمة الأوضاع في المنطقة العربية وجوارها. هناك محاولة أمريكية إسرائيلية في عزل إيران عن المنطقة، وبالذات عن العراق، وبدرجة أقل سوريا لناحية الاقتصاد والتجارة والمال والعملة؛ لزيادة الضغط على الداخل الإيراني، وصولا إلى المرجو من نتائج لهذه الخطط، وهو إسقاط النظام في إيران، لحرمانها من رئات يتنفس من خلالها اقتصادها. السؤال المهم هنا ما الذي تحصل عليه دول الخليج العربي، وبقية الدول العربية، من كل هذه الخبطة، وما سوف تفضي إليه، أو ما ينتج عنها، المؤكد أن ما سوف يكون الوضع عليه؛ هو أشد تأثيرا استراتيجيا من الوضع الحالي، حتى إن بدا اكثر تحررا من التهديد والضغط الإيراني، حسب الوصف القصدي الأمريكي والإسرائيلي للعلاقة بين العرب وإيران؛ لخدمة أهدافهما في المنطقة العربية وجوارها، وليس لخدمة الشعوب العربية وأوطانها. بلغة اخرى تعكس ما يجري تحت الأرض بين أمريكا والكيان الإسرائيلي من جهة، ومن الجهة الثانية، النظام الرسمي العربي، أو القسم الأكبر منه، سواء في محيط دول الخليج العربي أو المحيط العربي الأشمل؛ هو إفراغ الساحة العربية من أي منافس للكيان الاسرائيلي في المنطقة، حسب الرؤية الأمريكية (الاسرائيلية) والتخلص من التهديد الإيراني بشقيه السياسي والأيديولوجي حسب رؤية النظام الرسمي العربي. الواقع الذي تروم أمريكا والكيان الاسرائيلي إنتاجه؛ سوف يكون كارثيا على مستقبل الشعوب العربية، وعلى القضية الفلسطينية، الذي ستصحو عليه المنطقة العربية ذات يوم ليس ببعيد إن نجحت الاستراتيجية الامريكية الاسرائيلية، لا قدر الله في إنتاجه وجعله حقيقة ملموسة، ومتحركة واقعيا. في مقاربة لتسليط الضوء على ما يجري وراء الستار من خطط غامضة تقع في الخانة الرمادية. إيران رغم ما تقوم به في المنطقة العربية، لكنها داعمة للقضية الفلسطينية، بشكل أو بآخر، ولو أن هذا الدعم، هو في الحدود الدنيا، من جانب، أما من الجانب الثاني فإيران لا تشكل خطرا استراتيجيا على دول المنطقة العربية، فهي في الأول والأخير؛ دولة صاعدة من العالم الثالث، لها قدراتها المحدودة في هذا المجال. بينما أمريكا والكيان الاسرائيلي معا يشكلان خطرا استراتيجيا، وتحديدا على القضية الفلسطينية لجهة تصفيتها؛ بفعل ما يمتلكان من قدرات في هذا المجال على الصعد كافة. المشكلة الأخرى التي سوف تواجه دول المنطقة العربية، وأولها دول الخليج العربي؛ أن أمريكا والكيان الإسرائيلي؛ سوف يقبلان بإيران الحافة النووية، وهذا سيزيد من التهديد الايراني، في حالة تغير النظام فيها مستقبلا. في هذه الحالة أو في هذا الوضع لن تكون هناك مشكلة للكيان الإسرائيلي وامريكا مع إيران الجديدة، بل ستزيد مساحة وفضاءات التحركات الاسرائيلية وعلى كل الصعد في دول المنطقة العربية، كوكيل حصري لتنفيذ أجندة الإمبريالية الامريكية في المنطقة العربية، وفي جميع المجالات.. وفي المقابل سوف يكون هناك تعاون مع إيران الجديدة بالضد من مصالح الشعوب العربية، وإن ظهرت خداعا وغشا بخلاف هذا المشهد الذي يختفي في حينها تحت يافطة التعاون من اجل السلام والاستقرار والتنمية.
كاتب عراقي
لا يوجد من يهدد الأمن الإقليمي العربي أكثر من الكيان الصهيوني.
حكومات العسكر اكبر تهديد للمنطقة!
الحقيقة أن كلاهما عدو العرب
طبعا وبلا نقاش دويلة الاحتلال الصهيوني الاسرائيلي هي أكبر خطر يتهدد العرب من المحيط إلى الخليج هههههه