لا يمكن ومحظور الاستخفاف باللقاء والحديث الذي جرى بين رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ولا سيما حين أصبحت طلات بلينكن إلى المنطقة ولقاءاته في إسرائيل شبه عادة. لزيارات بلينكن معنى سياسي، حتى وإن لم يكن ملموساً على الفور. ما لم يأخذه بلينكن في الحسبان، بتقديري، في لقائه الأخير مع رئيس الوزراء هو أن نتنياهو يفكر ويصمم خطط المستقبل، لوضع يكون فيه، برأيه، ترامب في البيت الأبيض.
سلوك نتنياهو تجاه الرئيس الأمريكي بايدن، في الأشهر الأخيرة والذي تضمن إبداء الاستخفاف والاستهتار كان ولا يزال غير مسبوق في تاريخ العلاقات بين الدولتين. ينبغي الاستماع باهتمام لمحللين قدامى في واشنطن ودبلوماسيين كبار في مركز الأمم المتحدة. في كل حديث معهم، تُسمع ملاحظات شجب لما يسمونه “موقف نتنياهو الاستهتاري تجاه الرئيس بايدن”. كما أن يهوداً بارزين ومقدرين في الجالية في الولايات المتحدة يشتكون جداً من أن أياً من رؤساء الوزراء الذين تولوا المنصب في إسرائيل لم يتجرأوا على أن يتعاطوا، حسب وصف أحدهم، بـ “عدم اكتراث” كهذا تجاه الرئيس.
رئيس منظمة يهودية مركزية، أضاف في حديث يقول: رئيس الوزراء نتنياهو هو الوحيد من بين رؤساء الدول الغربية الذي يبقي على اتصال مع ترامب.
مسموح لنتنياهو أن يعطف على مرشح جمهوري للرئاسة ويأمل أن يتولى المنصب في البيت الأبيض رئيس جمهور، وهذا ليس مفاجئاً أيضاً. ما لا يعيه نتنياهو تماماً، ولعله لا يريد أن يعيه، هو أن ترامب اليوم وترامب الكفيل بتولي منصب الرئيس، ليسا الشخص ذاته الذي يعرفه ويتذكره نتنياهو. إذا كان نتنياهو مقتنعاً بأن ترامب الرئيس التالي يكون هو ذات “الصديق العظيم”، فهذا ليس وهماً وأملاً عابثاً فحسب، هو رهان خطير وجسيم. “يبدو لي أن نتنياهو الذي هو رجل حكيم وذكي، لا يتابع وليس معنياً بشخصية مرشح منفلت العقال، ومخيف ومهدد، مثلما يبدو دونالد ترامب حين يتعزز ويتعاظم كل يوم”، قال رئيس منظمة يهودية.
ثمة تقدير سائد في أوساط المحللين في واشنطن، وهو إذا فاز ترامب بالفعل في الانتخابات وينتخب كالرئيس التالي، سيكون في الأشهر الأولى من ولايته منشغلاً ومركزاً على أمر واحد: حملة عقاب ثأر وملاحقة ضد الخصوم، والسياسيين والشخصيات العامة الذين هاجمو وسخروا منه وعرضوه كغير مناسب لمنصب الرئيس. “لديه قائمة سوداء، طويلة – طويلة، لرجال ونساء يعتزم التخلص منهم وتصفية مكانتهم”، قال محلل كبير في العاصمة الأمريكية. “سيكون، كما وعد، دكتاتوراً ليوم واحد، وهذا اليوم سيستمر لأكثر من 24 ساعة”.
يتجاهل نتنياهو تقديرات المحللين والخبراء المطلعين في واشنطن ونيويورك. الرئيس ترامب لن يكون ذاك الذي يأمل به نتنياهو، يتوقعه ويأمل بأن يكون. وستكون إسرائيل من الدول الأولى، بين أصدقاء الولايات المتحدة، التي ستعاني من الولاية الثانية للرجل في البيت الأبيض.
شلومو شمير
معاريف 31/10/2024