من يريد معرفة ماذا حدث للإسرائيليين منذ 7 أكتوبر، يفضل أن ينظر إلى قضية إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء من السجن. قبع الدكتور محمد أبو سلمية في السجن سبعة أشهر، بدون أي رقابة قضائية أو اتهام أو تهمة.
لقد اختطفته إسرائيل كما اختطفت حماس المخطوفين الإسرائيليين، وتم وضعه في السجن. مثل المخطوفين الإسرائيليين، لم تعرف عائلته أي شيء عن مصيره، لم يسمح للصليب الأحمر والمحامين بزيارته. وقد تم أيضاً الإثنين إطلاق سراح الدكتور عصام أبو عجوة، الذي تحدث عن تعذيب فظيع مر عليه، صورته قبل وصورته بعد، لم تترك أي مجال للشك في أقواله.
الـ 50 مخطوفاً الآخرين الذين أطلق سراحهم لم يتم عرضهم بالطبع في وسائل الإعلام في إسرائيل، لكن في الخارج رأوا بالغين تحولوا إلى ركام: هزيلين، خائفين، أجساد نحيلة، مليئة بالجروح والكدمات. لحسن حظ أبو سلمية، أنه لم يتم اعتقاله في “سديه تيمان”، لذا لم يمت بسبب التعذيب مثل أصدقائه عدنان البرش الجراح المعروف من غزة، وإياد الرنتيسي مدير قسم النساء في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا. بالنسبة للإسرائيليين الذين غضبوا من إطلاق سراحه، فيعتقدون أن إسرائيل أخطأت في عدم قتله ضرباً أو تجويعاً أو تعذيباً. إسرائيل تريد رؤية الأطباء، مثل أي شخص آخر في غزة، يموتون ألماً.
صورة أبو سلمية وهو يتحرر من السجن ويحتضن والدته ويبكي، كان يجب أن تؤثر في كل إنسان: شخص مخطوف، بريء، يخرج إلى الحرية. ولكن إسرائيل ترى فيه إشارة على إطلاق حملة هستيرية للتحريض والتجريم والكراهية والشيطنة والشهوة للانتقام والتعطش للدماء. ليس لدى اليمين فقط، بل الجميع، الجميع. سياسيين، مذيعين ومحللين، في جوقة واحدة: إطلاق سراحه تحول إلى فشل يساوي في أبعاده 7 تشرين الأول. كيف حدث أن أطلقت إسرائيل سراح طبيب بريء من غزة، من الذي أصدر الأمر ومن المذنب. إسرائيل 2024. خسوف كامل. لم يعد هناك طيب وشرير. ليس سوى كراهية الفلسطينيين.
هاكم الحقائق. تم اختطاف الدكتور أبو سلمية في تشرين الثاني من قافلة للأمم المتحدة كانت تخلي مصابين فلسطينيين من المستشفى المحاصر والذي تم قصفه. قالت إسرائيل إن المستشفى استخدم كمركز قيادة لحماس، لكن تقرير “واشنطن بوست” أظهر أن إسرائيل لم تعرض أي أدلة على ذلك. في كل الحالات، يمكن الافتراض أن أبو سلمية عرف عن نشاطات حماس في المستشفى ولكنه لم يشارك فيها. لو فعل ذلك لما أطلق سراحه.
احتجزت إسرائيل أبو سلمية استناداً إلى القانون المشكوك فيه الذي تم سنه: قانون المقاتلين غير القانونيين، الذي يسمح باعتقال شخص مدة 75 يوماً بدون محاكمة. هذا قانون مخيف، حتى أكثر من قانون الاعتقال الإداري. إسرائيل، لا سيما المؤسسة القانونية والصحية، كل ذلك لا يهمها. في نهاية المطاف، مدير مستشفى في السجن غزي؛ أي مخرب.
هكذا سمي في مهرجان الفضيحة حول إطلاق سراحه، على أي حال، في القناة الجديدة، القومية المتطرفة، “آي 24 نيوز”، التي أصبحت تثير الحنين إلى قذارة القناة 14، أطلقوا عليه “مخرباً”، وطلبوا من الجيش إعادة اعتقاله. وسجلت لدى السياسيين وحدة من الحائط إلى الحائط، ما يثبت بأنه لا توجد في إسرائيل معارضة لكراهية العرب وشهوة الانتقام. “اثنان معتدلان” برزا بشكل خاص، جدعون ساعر الذي اعتبر إطلاق سراحه “انغلاق الرأي العام في إسرائيل الذي يتذكر البنية الإرهابية في مستشفى الشفاء. وعرض اختطاف طبيب من أجل إرضاء شهوة الجمهور نوعاً جديداً من تبرير جرائم الحرب، وأفيغدور ليبرمان الذي تحول في السنوات الأخيرة إلى نوع من النموذج للاعتدال والمنطق بالنسبة للوسط، الذي عبر عن نفسه بالأسلوب المخفف والضمني، وأعطى سمعة سيئة للكارثة عندما قال: “لقد اكتشفنا أن مدير مستشفى الشفاء ليس مجرد طبيب، بل هو الدكتور مانغيلا”. إذا كان الدكتور أبو سلمية هو الدكتور مانغيلا، فماذا سنسمي ليبرمان؟
جدعون ليفي
هآرتس 4/7/2024