برلين ـ «القدس العربي»: بعد حادثة ايقاف شرطة كولونيا لشباب مسلمين كانوا يريدون الاحتفال بالعيد، دعا المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا إلى «تأهيل أفراد الشرطة بشكل أفضل على المستوى الثقافي ومراعاة الأمور الحساسة»، حسب وصفه.
وأثار رجال بملابس إسلامية تقليدية ولحى طويلة الفزع في محطة قطارات كولونيا المركزية، وذلك بعد أن لاحظت الشرطة أنهم بدأوا بالركض بينما صرخ أحدهم الله أكبر ما أدى إلى مطاردة الشرطة لهم واغلاق محطة القطارات المركزية في أول أيام عيد الفطر السعيد.
ووفقا لصحيفة «راينشة بوست» الألمانية التي نشرت عن الحادثة فإن الشباب العشرة التي ألقت الشرطة القبض عليهم كانوا متوجهين لأداء صلاة العيد، حيث خافوا أن يفوتهم قطار المترو ما أدى إلى استعجالهم. وقالت الصحيفة إن صراخ أحدهم “الله أكبر” سبب استنفاراً امنياً في المحطة ادى الى اعتقالهم واستقدام تعزيزات أمنية لمحطة القطار.
وفي بيان صحافي، تلقت لـ«القدس العربي» نسخة منه، انتقد المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا تصرف شرطة مدينة كولونيا ونقل البيان عن رئيس المجلس، أيمن مزيك، القول: «ننتظر أن يتم تأهيل أفراد الشرطة بشكل أفضل على المستوى الثقافي ومراعاة الأمور الحساسة».
وأوضح المجلس أن الشباب كانوا في طريقهم لحضور احتفالات بمناسبة عيد الفطر، وذكر أن الحادثة تظهر أن «التصنيف العنصري» لا يزال يمثل قضية تستحق أن تؤخذ مأخذ الجد.
وقال مزيك: «أتمنى أن تكون الشرطة قد اعتذرت رسميا للشباب المتضررين من الواقعة، وأن تمارس نقداً ذاتياً لبعض أحكامها المسبقة».
كما أبدى المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا استعداده الكامل في مرافقة الشرطة بمدينة كولونيا أو غيرها من المدن بتكوينات تثقيفية حتى لا تتكرر مثل هذه الحالات التي تسيء بشكل كبير لسمعة مؤسساتنا الأمنية. ومن جانبه نفى قائد شرطة كولونيا أوفه ياكوب، أن يكون تصرف الشرطة انطلاقاً من «العنصرية وكراهية الأجانب»، ودافع عن الشرطة في وجه «الشتائم والتشهير في وسائل التواصل الاجتماعي». وقال ياكوب: «نحن نستجيب بالشكل اللازم مع الحالات التي تخيف الناس وتعطي الانطباع بأن هناك تهديدات خطيرة».
كما عبر قائد شرطة كولونيا عن أسفه من تأثر «مواطنين لم يرتكبوا أي خطأ» من تدبيرات الشرطة، مشيراً إلى أنه سيتحدث معهم شخصياً.
وشهدت ألمانيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، 132 جريمة ضد المساجد والمسلمين، وفقا لوزارة الداخلية الألمانية.
وكتبت صحيفة «نيوا أوسنابروكر تسايتونغ» الألمانية، أن وزارة الداخلية قالت في ردها على مساءلة برلمانية من الحزب اليساري الألماني، إنه تم تسجيل 132 هجوما على مساجد ومسلمين خلال الربع الأول من العام الجاري.
وأوضحت الوزارة أن الهجمات تضمنت الإساءة للمسلمين وإهانتهم، وإلحاق الأضرار بممتلكاتهم، وكتابة عبارات مسيئة على مبانيهم. وأشارت أن 4 أشخاص أصيبوا نتيجة لتلك الهجمات، مرجحة أن يكون العدد الحقيقي للهجمات أعلى من ذلك، بسبب الإبلاغ المتأخر عن الهجمات.
وسُجلت في الربع الأول من العام الماضي 196 جريمة ضد المسلمين في ألمانيا، وبلغ عدد الجرائم التي سجل ارتكابها ضد المسلمين خلال العام بأكمله 824 جريمة. ونقلت الصحيفة عن النائبة في الحزب اليساري الألماني، أولا يلبكه، قولها إن انخفاض عدد الجرائم ضد المسلمين لا يعني انخفاض الخطر، وتأكيدها على ضرورة الحزم في مواجهة العنصرية بجميع أشكالها.
وأشارت بشكل خاص إلى أن النقاشات حول الحجاب لا تفيد السيدات والفتيات المسلمات، وإنما على العكس تفتح الطريق أمام إقصائهن بشكل أكبر.
وكان الرئيس الألماني فرانك ـ فالتر شتاينماير، قد وجه رسالة شكر وتحية للمسلمين، مشيراً إلى أن شهر رمضان وعيد الفطر صارا «جزءاً بديهياً من تعايشنا في ألمانيا». كما شدد على أن ألمانيا لن تتسامح مع أي تمييز أو كراهية ضد المسلمين.
وأكد الرئيس الألماني في رسالته أن المسلمين، الذين يتناولون وجبات الإفطار مع أبناء ديانات أخرى يرسلون «رسالة بالغة الأهمية من أجل التعايش السلمي، من أجل التسامح والاحترام في بلدنا»، وقال: «أود أن أشكرهم». ويقدر عدد المسلمين في ألمانيا بنحو خمسة ملايين مسلم.