القاهرة ـ «القدس العربي»: إعادة اكتشاف الفلسطيني بعد أحداث جنين الأخيرة، تسفر للوهلة الأولى عن بون شاسع بين من ولدوا على خطوط النار في مدن وقرى فلسطين، والملايين الذين نشأوا في عواصم مترفة وأخرى أقل حظا من الثراء، أولئك الذين لا مكان للقضية في جدول أعمالهم، كما أن المسجد الأقصى والنضال شبه اليومي الذي يخوضه المرابطون على ثغور الجهاد لم يعد يدفع لا الجامعة العربية ولا المنضوين تحت لوائها من الحكومات، لإطلاق حملة عالمية لفضح المحتل الذي يحظى بدعم غربي لأجل ذلك فواجب اللحظة بالنسبة للجماهير ضرورة التنديد بالمفرّطين والمهرولين والمتآمرين على فلسطين وشعبها.. ليس مستقبل القضية كسابقها خاصة بعد التطور المذهل لأفراد المقاومة الفلسطينية التي تمكنت من إعطاب طائرة “أباتشي”، وإخراج مدرعة من الخدمة، واصطياد عدد من جنود الاحتلال بين قتيل وجريح بأيد عارية إلا من أسلحة بدائية، كل ذلك يدفعنا لأهمية الاصطفاف خلف تلك المقاومة.
اسفرت التطورات في ميادين القتال عن حالة يقظة ضمير بدأت تنتاب المطبخ السياسي دعما للقضية، وبدوره ومن جانبه أدان وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، بشدة، الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الفلسطينيين العزّل. وأكد وزير الأوقاف أن هذه الاعتداءات تشكل خطرا داهما على الأمن والسلام، وتكشف الازدواجية المقيتة في التعامل مع حقوق الإنسان لدى أدعيائه، مشيرا إلى أن هؤلاء الذين يقتلون ويصابون وتنتهك حرماتهم؛ بشر لهم حقوق تجب مراعاتها ومحاسبة من ينتهكها.
ومن أخبار الحكومة الرامية لكبح جماح الغلاء: قررمجلس الوزراء حظر تصدير صنف السكر (بأنواعه)، إلا الكميات الفائضة عن السوق المحلية التي تقدرها وزارة التموين والتجارة الداخلية، وبعد موافقة وزير التجارة والصناعة، وذلك لمدة ثلاثة أشهر. ومن التقارير الاقتصادية: تتجه الأنظار صوب البنك المركزي المصري، حيث من المقرر أن تحسم لجنة السياسة النقدية، سعر الفائدة الرئيسي على الإيداع والإقراض، بعد قرار آخر اجتماع يوم 18 مايو/أيار الماضي، بتثبيت الفائدة، سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوى 18.25%، 19.25% و18.75% على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 18.75%. ومن الأخبار الأمنية: أصدرت وزارة الداخلية قرارا بحرمان إيمان نور الدين القباني «سورية الجنسية مواليد سوريا في 13/11/1973» من اكتساب الجنسية المصرية تبعا لزوجها بالتطبيق لنص المادة السابعة من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 وذلك للدواعي الأمنية».
ومن أخبار الفنانين: كلف الفنان محمد رمضان المحامي الخاص به بالتقدم بتظلم على قرار الحجز على الفيلا الخاصة به في أحد الكمبوندات في أكتوبر. كان المستشار أحمد معاذ سيف النصر – قاضي الأمور المستعجلة في الجيزة قد قرر الحجز على فيلا الفنان محمد رمضان في كمبوند في مدينة السادس من أكتوبر، لعدم سداده الرسوم القضائية الصادرة ضده والمقدرة بحوالي 9 ملايين جنيه. وتم الحجز على 27 تكييف في الفيلا قوة 2.25 حصان، وامتنع “رمضان” عن عرض التكييفات للبيع لسداد أموال الدولة، وأغلق أبواب الفيلا، فأصدر قاضي الأمور المستعجلة قرارا بالكسر وتجري دراسته أمنيا.
طفل رضيع
تجاهلت منظمة العفو الدولية عن عمد إعدام إسرائيل للطفل الرضيع «3 سنوات» محمد التميمي. وهي جريمة وصفها كثيرون من بينهم الدكتور محمد حسن البنا في “الأخبار” بالبشعة، التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قرية النبي صالح غربي مدينة رام الله في الضفة الغربية. واعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، إعدام الطفل التميمي جريمة ضد الإنسانية. وأشارت الوزارة إلى ارتفاع عدد الشهداء الأطفال الذين أعدمتهم قوات الاحتلال منذ بداية العام إلى 28 طفلا. وطالبت بتحقيق دولى عاجل في هذه الجريمة وغيرها من جرائم قتل الأطفال الفلسطينيين. كما طالبت لجنة التحقيق المستمرة والجنائية الدولية بتحمل مسؤولياتها، لاسيما وأن أي تحقيقيات إسرائيلية داخلية هي شكلية ولا قيمة لها، ولا تعدو كونها محاولات لتضليل العالم والمحاكم الدولية، وتنتهي بتبرئة القاتل، وإخفاء الحقيقة التي يتورط بها المستوى السياسي والعسكري في دولة الاحتلال. رصدت منظمة العفو الدولية نمطا من الدمار الشامل للممتلكات في غزة نتيجة الضربات الإسرائيلية، وأخفقت إسرائيل في تبرير مهاجمة المنازل والممتلكات المدنية. ماذا فعلت المنظمة لإدانة إسرائيل وبدء تحرك دولى ضدها؟ لا شيء. قالت مديرة المنظمة في الشرق الأوسط هبة مرايف: «في تحقيقاتنا، سمعنا روايات حية عن قنابل دمرت منازل، وآباء يخرجون بناتهم الصغيرات من تحت الأنقاض، عن مراهقة كانت تحمل دميتها وتستلقي على سريرها، فأصيبت بجروح قاتلة. الأمر الأكثر إثارة للخوف من أي شيء، اليقين شبه الكامل بأن هذه المشاهد المرعبة سوف تتكرر ما لم تتم محاسبة الجناة». وقد رد عليها الجيش الإسرائيلي بأنه يعمل وفقا لالتزاماته، وأنه بذل جهودا لتقليل الضرر على المدنيين، رغم أن القانون الدولي لا يشترط ذلك. وتدعي إسرائيل أن «حركة الجهاد الإسلامي تضع مراكز عملياتها في مبانٍ سكنية مدنية وتستخدم السكان دروعا بشرية». وأن الجيش يحرص «على إخلاء المباني من المدنيين، قبل عدة ساعات من الضربات». وقالت مرايف: «إن الهجمات الصاروخية التي تشنها الجماعات الفلسطينية المسلحة، معروفة بعدم دقتها وعشوائيتها، ويجب التحقيق في هذه الهجمات باعتبارها جرائم حرب، ومنح الضحايا تعويضات فورية وكافية».
جذوة لا تنطفئ
تظن إسرائيل أنها قادرة على إخماد جذوة المقاومة المشتعلة في شرايين الشعب الفلسطيني، ها هي جنين، كما تقول جيهان فوزي في “الوطن” تلك المدينة الصغيرة القابعة في شمال الضفة الغربية، أحالت حياة الجيش الإسرائيلي إلى كابوس متقد، الجماعات المقاومة في حال اشتباك دائم مع قوات الجيش الإسرائيلي، الاعتداءات على المواطنين واقتحام المدينة والمخيم شبه يومي، أصبحت مدينة جنين ومخيمها هاجسا أمنيا كبيرا ومصدر رعب إسرائيلي دائم، خوفا من أن تتحول لتصبح مثل قطاع غزة أو لبنان، يقول الإعلام الإسرائيلي أن جنين أصبحت تهدد الأمن الإسرائيلي، وإن الفلسطينيين ينظرون إلى الاشتباكات التي تنشب من حين لآخر بين جنود الجيش الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية على أنها علامة ضعف الجيش الإسرائيلي في مواجهة المقاومين الفلسطينيين. تعزز مشاهد الفلسطينيين الذين يحتفلون بأجزاء من المركبات المدرعة للجيش الإسرائيلي التي تضررت من العبوات الناسفة وطائرات الأباتشي التي تحوم فوق جنين شعبية الجماعات المسلحة، التي ينتمي معظمها إلى الجهاد الإسلامي وحماس، تلك الفرضية. هذه الصور المتداولة تخلق الانطباع بأن عملية تصدي إسرائيل للهجمات الفلسطينية، التي بدأت قبل عدة أشهر، فشلت في القضاء على المقاومة المسلحة. كما أنها تخلق انطباعا بأن أجزاء معينة من الضفة الغربية، خاصة جنين، بدأت تشبه قطاع غزة ولبنان، حيث واجه جيش الاحتلال الإسرائيلي تكتيكات مماثلة من قبَل المقاومة الفلسطينية وحزب الله. العمل العسكري في الضفة الغربية لن يتوقف، والعدوى انتقلت إلى باقي مدنها ومخيماتها، في نابلس ومخيم بلاطة المحاذي لها ولدت عرين الأسود التي لا تنتمي إلى تنظيم تواجه الاحتلال باستراتيجيتها الخاصة، وأثبتت وجودها على الأرض، كما زحفت إلى رام الله في عمليات نوعية كبيرة.
أصبح لنا درع
كان آخر العمليات النوعية تلك التي حدثت قرب مستوطنة شمال رام الله وخلّفت، وفق ما أوضحت جيهان فوزي قتلى وجرحى من المستوطنين، حين فتح اثنان من المقاومين الفلسطينيين النار على محطة وقود بالقرب من مستوطنة «عيلي»، وصفتها وسائل إعلام إسرائيلية بالصعبة، وطالب بسببها أعضاء في الكنيست بعملية عسكرية في الضفة الغربية «سور واقي 2»، على غرار عملية السور الواقي الأولى، التي اجتاح فيها الجيش الإسرائيلي مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية عام 2002، ورد الفلسطينيون على العملية الإسرائيلية بتفجير سيارات مفخخة، وتنفيذ عدة عمليات تفجيرية استهدفت العمق الإسرائيلي، لكن العملية الإسرائيلية تواصلت، وأسفرت عن مقتل 29 جنديا إسرائيليا وإصابة أكثر من 100 آخرين، واستشهاد 497 فلسطينيا وإصابة 1447 وفقا للإحصاءات الإسرائيلية، واعتقال مئات الشبان الفلسطينيين. فهل توقفت المقاومة؟ بالطبع لا. لقد أثبتت أحداث جنين ونابلس ورام الله أن الجيش الإسرائيلي مخطئ في اعتقاده بأن اغتيال بعض قادة المقاومة في الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، خلال الجولة الأخيرة من القتال في شهر مايو/أيار الماضي، سيقوض أنشطة المقاومة في الضفة الغربية، فما يجري في الضفة الغربية يثبت أن الجيش الإسرائيلي بعيد عن تحقيق النصر على المقاومة الفلسطينية في شمال الضفة الغربية. المقاومة في الضفة الغربية نجحت في مفاجأة قوات الاحتلال بتكتيكات وخطط جديدة آخذة في التوسع والتطور، وأن كل ما تتخذه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من احتياطات وتدابير أمنية لم يمنع المقاومة من الوصول إلى العمق الإسرائيلي، رغم كل الخيارات المفتوحة أمام جيش الاحتلال للرد على المقاومة، كما يهدد نتنياهو، فلا بد أن تدرك إسرائيل أن ردها مهما كان عنيفا وقاسيا بحق المقاومة والمدنيين الفلسطينيين، إلا أنه لن يردع المقاومة والشعب من استكمال ما بدأوه، كل الشواهد تؤكد أن إسرائيل فشلت أمنيا، رغم كل إنجازاتها والانتصارات التي تعلن عنها وتروج لها في الداخل الإسرائيلي كنوع من التضليل الذي لا يدوم طويلا. أثبتت التجارب أن العدوان والاعتقال والقتل والاجتياح للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، لم تحدث فرقا استراتيجيا ولم تحقق استقرارا أمنيا لإسرائيل، يظل الحل الوحيد الذي تتهرب منه إسرائيل، هو الحل السياسي الذي يؤسس لمفاوضات حقيقية تنتهي بدولة فلسطينية.
البحث عن عدالة
الأزمات المالية والاقتصادية التي توالت على العالم في السنوات الأخيرة، كشفت، وفق ما يرى جلال عارف في “الأخبار”، مدى هشاشة النظام الذي يحكم اقتصاد العالم حتى اليوم، الذي صمم في الأساس لخدمة الكبار، فكانت النتيجة أن ازداد الفقراء فقرا وتضخمت ثروات الأغنياء وعانت معظم شعوب العالم من آثار نظام يفتقر إلى العدل وإلى الحكمة. الآن أصبح واضحا أنه لا يمكن للعالم أن يستمر في هذا الطريق، وأنه لا بديل عن نظام جديد أكثر عدلا يفتح آفاق التنمية أمام شعوب العالم، التي تم استنزاف ثرواتها، أو تم إسقاطها في مصيدة الديون. وفي هذا الإطار تنعقد اليوم قمة باريس بمشاركة الرئيس السيسي لتبحث عن ميثاق عالمي جديد يرسي قواعد نظام مالي أكثر عدلا ويتضامن فيه الجميع من أجل التنمية الحقيقية ومواجهة الفقر والتغيرات المناخية، والعمل على إتاحة التمويل المطلوب لمشروعات التنمية بشروط لا تفرضها الحاجة، بل الشراكة العادلة. وقد سبق لمصر في مؤتمرات دولية عديدة أن أوضحت كيف تعاني قارتنا الافريقية من غياب العدالة في النظام الدولي في ظل عدم وفاء الدول الغنية بتعهداتها. لقد تسببت التغيرات المناخية التي تتحمل الدول الصناعية الكبرى المسؤولية عنها في الجفاف الذي كان وراء انخفاض الإنتاج الزراعي الافريقي بأكثر من الثلث، وتسببت “كورونا” في خسائر تفوق 140 مليار دولار.. وكانت نتيجة سنوات الاستثمار والاستغلال، أن افريقيا تحتاج لأكثر من مئة مليار دولار للبنية التحتية و200 مليار دولار للتنمية المستدامة. في قمة المناخ في شرم الشيخ كان التحرك واسعا من أجل أن تفي الدول الصناعية بالتزاماتها، وما زال الضغط مطلوبا من أجل تعويض الدول الفقيرة عن خسائرها بسبب التلوث المناخي. وما زال الضغط مطلوبا لكي تفي الدول الغنية بما تعهدت به من تخصيص أقل من 1% من دخلها للمساعدة من أجل التنمية، لكن الأهم من المساعدات هو الاستثمار بشروط عادلة والتمويل منخفض التكلفة. وللأسف الشديد ما زالت الدول الغنية تستحوذ على معظم الاستثمارات العالمية، وما زالت تستولي على معظم التمويل منخفض التكلفة الذي تتيحه المؤسسات الدولية الكبرى.. ولا بد من أن يكون كل ذلك محل مراجعة وتصحيح ولعلنا نرى في قمة باريس بداية التحرك في الطريق الصحيح.
لن نفرط
لقطع الطريق أمام أحاديث، وشائعات «المرجفون في المدينة»، فقد أكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس قبل أيام في المؤتمر الصحافي العالمي، ما سبق تأكيده أكثر من مرة من أن قناة السويس ليست للإيجار، وأن كل ما يثار حول هذا الأمر مجرد شائعات كاذبة، ومغرضة. من جانبه يرى عبد المحسن سلامة في “الأهرام” أن تلك الشائعات المسمومة هدفها تعطيل حركة النمو، والاستثمار في القناة، سواء أكان ذلك من خلال إنشاء شركات جديدة، أو طرح جزء من هذه الشركات في البورصة، بهدف تعظيم الإيرادات، ولذلك فقد كان الفريق أسامة ربيع واضحا ومباشرا حينما وضع النقاط فوق الحروف في تلك القضايا. إيرادات القناة بلغت خلال العام المالي الحالي 9.4 مليار دولار، ما يؤكد أنها تسير نحو كسر حاجز الـ10 مليارات دولار قريبا، لتؤكد الأرقام صدق توجه الرئيس عبدالفتاح السيسي في تطوير القناة، وازدواجها، وأن قرار إنشاء القناة الجديدة كان قرارا صائبا، ونجح بامتياز كأول مشروع قومي للرئيس، ونال ثقة جموع المصريين بإسهاماتهم التي بلغت أكثر من 64 مليار جنيه في نحو 8 أيام فقط، هناك مشروع ضخم جديد يجري الآن في القناة، وهو مشروع تطوير القطاع الجنوبي، ما يسهم في زيادة نسب الأجزاء المزدوجة من القناة لتصل إلى نحو 63% من إجمالي طول القناة، وهو الأمر الذي يزيد من كفاءة الممر الملاحي، وزيادة درجة أمانه خلال المرحلة المقبلة. المشروع الجديد بلغت نسبة الإنجاز فيه نحو 90% ولم يتبق سوى 10% فقط سوف يتم الانتهاء منها قريبا. ليس هذا فقط، بل إن هناك 7 مشروعات متنوعة تعمل عليها الهيئة لتطوير، وتحسين المجرى الملاحي للقناة من أجل أن تكون في أفضل «جاهزية» لمواجهة أي تطورات في هذا المجال. ما يحدث في القناة الآن، وما حدث من تطوير هائل خلال السنوات القليلة الماضية، يؤكد قدرة مصر على تخطي الصعاب، وتحويل «المستحيل» إلى ممكن.
سبب نكبتنا
لم يعد سرا على حد رأي عبد القادر شهيب في “فيتو”، أن هناك بيننا وصندوق النقد الدولي خلافات.. وهذه الخلافات تراكمت على مدى عدة شهور سابقة خاصة حول معدل تخفيض الجنيه، وتأخر بيع الأصول الحكومية، وتخفيض الدعم المخصص للطاقة والمنتجات البترولية، ولذلك تأخرت المراجعة الأولى التي كان من المقرر أن يقوم بها خبراء الصندوق لأوضاع الاقتصاد المصري، التي سيعقبها صرف الدفعة الثانية من قرضه المقرر لمصر.. وقد جاءت تصريحات الرئيس السيسي في المؤتمر الوطني للشباب في برج العرب لتؤكد وجود هذه الخلافات.. والأمر ذاته ينطبق على تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي مؤخرا حول تنفيذ مصر لاتفاقها مع الصندوق، وهي التصريحات التي أكدت فيها تمسك الصندوق بما تضمنه اتفاقه مع مصر حول تخفيض الجنيه، وبيع الأصول العامةَ. غير أن هذا الخلاف بيننا وبين الصندوق في المدى المنظور الآن، وفي ضوء كلام الرئيس السيسي وكلام مديرة الصندوق لا يعني حتى الآن أن الاتفاق بين مصر والصندوق قد انتهى، أو سيتم إلغاؤه في المدى المنظور.. ومن تابع بدقة كلام الرئيس عن الجنيه، ورغبة الصندوق في تخفيضه، لعله لاحظ أن الرئيس رغم رفضه لإجراء تخفيض كبير للجنيه الآن، فإنه أعلن في الوقت ذاته عن تطبيقنا لسعر صرف مرن، وهذه السياسة هي التي سمحت بحدوث تخفيضات سابقة للجنيه. وقد اعتبرت مديرة الصندوق موقف مصر هنا بأنه يأتي في إطار الاقتصاد السياسي الذي تتفهمه.. بل إن مديرة الصندوق اعتبرت اتفاق مصر مع البنك الدولي بخصوص برنامج الطروحات هو بمثابة خطوة مصرية في تنفيذ اتفاقها مع الصندوق.
برعاية صهيونية
حذر أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة من أن السودان يغرق في الموت والدمار. ومن بين ما قاله إنه من دون دعم إضافي قوي يمكن أن يصبح السودان مكانا لانعدام القانون ونشر عدم الأمان في أنحاء المنطقة. بدوره يرى عماد الدين حسين رئيس تحرير “الشروق”، أن كلام غوتيريش في منتهى الخطورة لأنه يصدر عن أرفع مسؤول دولي في العالم، ولا يمكن أن يطلق هذا التصريح الصادم إلا إذا توافرت أمامه البيانات والمعلومات والوقائع التي تجعله يتفوه بمثل هذا الكلام الذي يعتبر الأخطر على الإطلاق منذ اندلاع المأساة السودانية صباح السبت 15 أبريل/نيسان الماضي بين القوات المسلحة السودانية بقيادة عبدالفتاح البرهان وميليشيات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو. لن أستغرق في الحديث عن الأرقام والبيانات المتاحة وأخطرها ومنها مثلا، أن هناك أكثر من نصف سكان السودان يحتاجون للمساعدة الإنسانية، وأن هناك أكثر من 2.5 مليون نازح و650 ألف لاجئ، وأكثر من ثلاثة آلاف قتيل وستة آلاف جريح وانعدام كامل للزمن في هذا البلد العربي الافريقي الكبير. ما أنا بصدده اليوم هو التساؤل الجوهري كيف وصل الحال بمن يفترض أنهم قيادات البلد في السودان، على اختلاف أسمائهم ومناصبهم بأن يدمروا بلدهم بهذا الشكل الهمجي والوحشي؟ أعلم أن هناك تعقيدات كبيرة في المأساة السودانية، بعضها ليس وليد اليوم أو الأمس القريب، وأعلم أن هناك تداخلات كثيرة محلية وإقليمية ودولية، وأعلم أن هناك قوى كثيرة تتربص بالسودان وبالمنطقة العربية بأكملها، وتريد لها أن تعود إلى مجرد قبائل وفصائل وتنظيمات متناحرة، لكن ما أعلمه أكثر أن غالبية عناصر المأساة السودانية وسائر المآسي العربية من صنع قيادات هذا البلد، ولا يمكن أن نتحدث عن مؤامرة صهيونية أو إمبريالية أو تقدمية أو تأخرية، من دون أن نغفل أن كل هذه المؤامرات وهي موجودة، ما كان يمكن لها أن تنجح من دون توافر هذه التربة المحلية الخصبة.
كلهم يتآمرون عليه
السؤال الذي يشغل بال عماد الدين حسين: ما هذه العقلية التي تجعل المتحاربين في السودان يدمرون مقدرات وموارد هذا البلد، الذي كان مصنفا قبل اندلاع الأزمة الحالية، بأنه أحد البلدان الأكثر فقرا في افريقيا والعالم، رغم أنه يتمتع بثروات طبيعية كان يفترض أن تجعله سلة غذاء المنطقة بأكملها، حيث لدية مئات الآلاف من الأفدنة الصالحة للزراعة وأمطار غزيرة وثروات معدنية وحيوانية متنوعة؟ من يطالع الأخبار والتقارير المصورة يشعر بالحزن والأسى والقهر حينما يرى أحياء كاملة تم تدميرها وهجرها سكانها بحثا عن مكان آمن، أو يرى جثثا في شوارع كثيرة لا يستطيع الناس أن يدفنوها لأنهم خائفون على حياتهم من رصاصة طائشة. القصص الإنسانية المقبلة من السودان، خصوصا الخرطوم ودارفور تدمي القلوب، ليس فقط تعاطفا مع أصحابها، ولكن لأن هذا البلد الكبير سوف يحتاج سنوات وربما عقودا حتى يمكنه العودة لأوضاع ما قبل 15 أبريل/نيسان الماضي، وهي أوضاع كانت صعبة أيضا. لو أن كل القوى الدولية المتآمرة على السودان والعرب وافريقيا دفعت تريليونات الدولارات لعملائها ما تمكنوا من تدمير البلد بهذه الطريقة التي يفعلها بعض ممن يقولون إنهم أبناء وقادة هذا البلد، وبعد كل ما فعلوه يطالبون المجتمع الدولي بأن يقف إلى جانبهم ويقدم لهم المساعدات الإنسانية. ما يحدث في السودان هو نتيجة مباشرة للاستبداد وغياب ثقافة الوعي والتعددية وقبول الآخر وانتشار الفساد والجهل والمرض والتجارة بالدين، وهذه هي النتيجة الطبيعية المتوقعة، وهي النتيجة نفسها التي نراها كل يوم في العديد من البلدان العربية والافريقية.
رحمة للعالمين
“وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” هذا ما وصف به الخالق سبحانه وتعالى نبينا الكريم صلوات الله عليه وسلامه.. والمعني هنا كما قال فاروق جويدة في “الأهرام” واضح وصريح، أن نبينا رسول الرحمة وأن الإسلام الدين والعقيدة أساسه الرحمة بين البشر.. وتتجسد الرحمة في السلوك والأخلاق والمعاملات وهذا يؤكده قول الرسول عليه الصلاة والسلام «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. وحين يؤكد الخالق سبحانه قضية الأخلاق في حياة نبيه «وإنك لعلى خلق عظيم»، وهذه الدعوات الإلهية ترشيد وهداية لمسيرة الإنسان وتتجسد فيها حقيقة الإيمان ودعوة الإسلام أنها دعوة للرحمة بين البشر فلا يظلمون أنفسهم قهرا وطغيانا.. لم تكن الأخلاق التي دعا إليها نبي الإسلام صلوات الله عليه شيئا فرديا أو دعوة لقومه أو عشيرته، ولكنها دعوة للإنسانية في كل زمان ومكان.. أما الرحمة فهي دعوة لكل مخلوقات الله في الأرض لأنها مقياس العدالة وميزان الحق.. والغريب في أمر الإنسان على هذه الأرض أن يجد من يشجع الضلال ويدعو للكراهية ويروج للمعصية وتجد حشودا من البشر ينشرون الشذوذ ويشجعون الإلحاد.. وإذا انطلق صوت يدعو للرحمة والأخلاق يُتهم بالتخلف وكأن الرحمة صارت عارا والأخلاق أصبحت جريمة.. هذا الخلل الذي أصاب البشر فتنكروا لكل ما هو جميل وروجوا القبح وأصبحوا دعاة للظلم والقهر والطغيان.. أفسدوا كل شيء في حياة الإنسان، فكانت الحروب والموت والكراهية وسلط الله وهو الرحمن الرحيم الناس على أنفسهم فانتشرت مواكب الظلم وسادت حشود الطغيان.. وإذا طالب أحد بأن تعود الحياة أكثر رحمة وأجمل أخلاقا سخر منه دعاة الضلال «ولاتحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون».. إذا كان الدين دعوة للرحمة وترشيدا للأخلاق فلماذا يصر البعض على نشر الكراهية بين الناس ولماذا يستبدلون الهدى بالضلال ولماذا يصبح الظلم دستور الحياة.. لماذا لا نترك للإنسان الحق في اختيار أسلوب حياته رحمة وحبا وأخلاقا.. «وما ربك بظلام للعبيد».
تراثنا في خطر
ينتاب كريمة كمال في “المصري اليوم” الغضب، بسبب ما آلت إليه أوضاع كثير من المقابر الأثرية، شاهدت برنامجا تلفزيونيا يناقش قضية إزالة مقابر السيدة نفيسة والإمام الشافعي والبساتين والسيدة عائشة، وهي أقدم مقابر إسلامية في المنطقة.. ومن تابع منا ما يحدث من إزالة، وشاهد روعة وجمال المقابر وتفرُّدها المعماري، عدا أنها تضم رفات شخصيات خالدة في تاريخ مصر، بل المنطقة، لأدرك فداحة الخسارة التي ستحلّ بنا إذا ما أزيلت هذه المقابر الأثرية. المشكلة أن هذا البرنامج التلفزيوني جاء بمتحدثين ليقرروا هل هذه المنطقة تعتبر في عُرف الدولة آثارا، أم أنها ليست آثارا، ومن هنا يمكن إزالتها.. قال المسؤول إن المنطقة يمكن أن تعد آثارا، لكنها لم تسجل كأثر.. وهنا فهى ليست آثارا.. وهذه مشكلة وخطأ لمن يقم بتسجيلها، أي أن الأمر في النهاية ليس تاريخا موجودا ويتحدث عن نفسه، بل المشكلة مشكلة أوراق.. والآثار هي فعلا آثار، لكن طالما لم يتم تسجيلها فيحق إزالتها بالبلدوزر، ولا يتساءل أحد ما إذا كان المسؤول قد أخطأ فما ذنب الأثر التاريخى النادر، بل ما ذنبنا نحن أن نفقد قطعة من تاريخنا تساوي الكثير، ونريد لها أن تبقى ذكرى للأجيال القادمة؟ هكذا يفكر البعض في بلدنا؛ لمجرد أن الأثر الذي يتحدث عن نفسه والذي يوجد منذ مئات، بل آلاف السنين لم يسجله أحد كأثر يصبح ليس أثرا، ويحق للبلدوزر أن يمحوه عن الأرض.. المشكلة مشكلة أوراق وليست مشكلة تاريخ يجب الحفاظ عليه، بل تطويره والاستفادة منه كمنطقة سياحية للسياحة الدينية..
حاسبوا المسؤول
واصلت كريمة كمال تسليطها الضوء على القضية، التي باتت مثار اهتمام وغضب الكثيرين: لقد أُهملت هذه المنطقة سنوات طويلة وتُركت لتصبح مساكن عشوائية وأماكن لتعاطي المخدرات، وأصبح الإهمال والتقصير المسوغ للإزالة، وليس أن يوضع حد لهذا الإهمال والتقصير الذي استمر طويلا. خرج في البرنامج نفسه في اتصال من الخارج أحد المتخصصين المعماريين، وطرح حلولا إنشائية، دون إزالة ودون المساس بالمنطقة الأثرية.. هناك دائما حلول بديلة إذا ما استمعنا إلى المتخصصين الذين يعنيهم في المقام الأول الحفاظ على التراث والإبقاء على أماكننا التاريخية.. الأولوية يجب أن تكون للتاريخ.. تاريخنا وتاريخ أجدادنا ميراث أولادنا، ما يدل على ما كنا عليه.. أما أي عملية تطوير، فهي يمكن أن تتم دون التضحية بهذا التاريخ وهذا الأثر الذي لا يعوض.. من هنا فأنا أقول يجب ألا يترك التاريخ للذين يتصرفون طبقا للأوراق.. الأوراق تقول إنه أثر.. إذن فهو أثر.. الأوراق لا تثبت أنه أثر إذن هو ليس بأثر، ويمكن للبلدوزر أن يتقدم.. عقلية الموظفين هي من منعتنا حتى الآن من الاستفادة الحقيقية من آثارنا ومناطقنا التاريخية.. عقلية الموظفين التي تحكمها الأوراق ولا تحكمها القيمة الحقيقية، هي من أوصلتنا إلى عدم الاستفادة من كل معالم تراثنا، فالموظف لا يعنيه سوى تستيف أوراقه ولا يعنيه سوى إلقاء المسؤولية على الآخر وإبعادها عن كاهله وكفى، هو يعنيه فقط «تم تسجيلها» أم «لا».. فهل نتوقف جميعا مع هذا الموظف ونترك البلدوزر يعمل، أم نتحرك لحماية تراثنا وتاريخنا لأنه حق لنا ولأبنائنا؟ لا تتركوا التاريخ للموظفين واستمعوا لصوت المختصين.
لصوص الثانوية
يبدو أن التأمين المطلوب ليس داخل أو حول لجان امتحانات الثانوية، ولكن مطلوب تأمين الامتحان نفسه من داخل بيته، وهو ما يطالب به خالد حسن في “الوفد” حيث ظهرت على الفيسبوك دعوة تستحق البحث والتحقيق والتقصي، وهي دعوة في أحد جروبات الثانوية العامة لدخول جروب يدعى ماجيك على تليغرام، ومن خلال هذا الجروب تستطيع أن تتواصل مع مجهولين للحصول على المادة قبل دخولك الامتحان بساعتين أو ثلاث ساعات، معنى هذا أن التسريب يتم من داخل بيت الامتحانات، وليس من خلال الطالب وموبايله، الذي استطاع التأمين الحازم من منعه على الأرجح، وهنا نعود إلى خطة التأمين التي تمتد إلى الطرق والمحاور المؤدية للجان وتسيير أقوال أمنية وخدمات مرورية لتسيير الحركة المرورية بتلك الطرق، لتسهيل وصول الطلاب إلى لجان الامتحانات. الخطة لم تشمل تأمين طباعة الامتحان وإعداده.. الوزارة لم تطمئنّا نحن أولياء الأمور والطلاب على مجهود الأبناء الذي سوف يضيع هباء وترتفع المجاميع طبعا، لأن شريحة من الطلاب استطاعوا الوصول إلى الامتحان ربما تكون مجرد أوهام وأن ما يحدث من عرض الامتحان مجرد نصب في نصب.. ننتظر من الوزارة في أول اختبار للوزير طمأنة الجميع، المسؤولية ليست على وزارة الداخلية، وإنما هي تعليمية من الدرجة الأولى. وليس نجاح الوزير في مجرد إعلان أن اختبار اللغة العربية كان في متناول الطالب المتوسط لأنه بالفعل كان اختبارا يحتاج إلى وقت أطول للإجابة على كل الأسئلة. هذا «البعبع» المؤمن بترسانة من الأمن والتأمين يحتاج إلى ترسانة تأمين داخلية من داخل المطبخ، وأن العون والمساعدة للطلاب والتعامل الفوري مع أي شكاوى تواجههم، بهدف توفير الأجواء الملائمة لجميع الطلاب خلال الامتحانات شيء عظيم يستحق الإشادة، ولكنه في النهاية لم يطمئنّا على مجهود العام إذا تم التسريب قبيل بدء الامتحان.
وداعا للمعادي
منذ سنوات طويلة والكلام لحسن المستكاوي في “الشروق” تخسر المعادي كل يوم طابعها وجمالها. هدمت الفيلات من أجل العمارات. وذبحت الأشجار. ودخلت الفوضى في كل شيء. في الزحام، وفي عدم الاهتمام، وفي غياب الرؤية لضاحية تأسست من أجل عدد معين من السكان بما في ذلك من بنية تحتية تتناسب مع عدد سكانها، ثم أصبحت حيا قديما باليا مهملا، وحيا آخر بني في الصحراء أطلق عليه المعادي الجديدة، فاحتلته العشوائية مثلما احتلت كل أحياء مصر. ولم يتدخل أحد على مدى خمسين سنة لإيقاف هذه الفوضى سوى السيدة الفاضلة سوزان مبارك قرينة الرئيس الراحل، عندما زارت المعادي لافتتاح مكتبتها العامة، فصدر قرار بعدم تخطي البناء لعدد أربعة طوابق كما أذكر، إلا أن مناطق في قلب المعادي ووسط فيلاتها شهدت عمارات علت إلى مستوى 12 طابقا. دون تدخل من أحد.. شوارع المعادي الجديدة والمعادي القديمة محطمة، فكلها حفر ومطبات، بسبب ضعف ميزانية الحي. وقلب المعادي يئن من حركة الأتوبيسات والميكروباصات والتكاتك. وأضيف على ذلك زحام حركة المرور للقادمين من أكتوبر والمهندسين والمتجهين إلى أحياء الزهراء والتجمع وشرق القاهرة، فأصبحت شوارع المعادي في ساعات الذروة مثل جمل يرغب في المرور من ثقب إبرة، وبسبب هجرة الشركات والسفارات والبنوك من المهندسين والزمالك والدقي وجاردن سيتي إلى المعادي، ترتب عليها المزيد من الزحام، ما يتطلب تدخلا مرويا لضبط الاتجاهات، فالشوارع أصبحت جراجات للسفارات والشركات والبنوك. ناهيك عن التاكسيات البيضاء التي تتجول في شوارع المعادي بحثا عن زبون. وهي ظاهرة لم نعرفها في الحي الهادئ أو الحي الذي كان حيا.. زمان!