منيب المصري: المقاومة لقنت إسرائيل درساً قوياً وإنهاء الانقسام هو مفتاح كسب القضية الفلسطينية

حجم الخط
0

باريس ـ “القدس العربي”: التقت صحيفة “القدس العربي” منيب المصري، رجل الأعمال الفلسطيني المعروف وعضو المجلسين المركزي والوطني الفلسطينيين، في باريس التي وصلها قبل بضعة أيام، في إطار وفد فلسطيني يضم القطاعين الحكومي والخاص، بدعوة من الحكومة الفرنسية لبحث ما يعرف باتفاق باريس الاقتصادي الذي يعتبره الفلسطينيون مجحفا، وقرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية التحرر من قيوده.

في مقابلة مع “القدس العربي” أثناء زيارته لإجراء محادثات حول تعديل بروتوكول باريس الاقتصادي

وانتهزت “القدس العربي” هذه الزيارة وأجرت معه مقابلة حول أهدافها والوضع الراهن في الأراضي الفلسطينية. وفي ما يلي نص المقابلة

ـ في أي إطار تندرج زيارتكم إلى باريس؟

– تلقينا دعوة من الحكومة الفرنسية في إطار وفد من القطاع الحكومي وآخر من القطاع الخاص للتشاور بشأن بروتوكول باريس التجاري بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذي وقع عام 1994 (الذي يعرف بالاتفاق الاقتصادي وقرر المجلس المركزي الفلسطيني وقف التعامل به لإجحافه الحقوق الفلسطينية). وقد تم اللقاء مع مسؤولين في وزارتي المالية وزارة الخارجية، بالأضافة إلى المستشار الدبلوماسي للرئيس ماكرون أورلين لو شفالييه، الذي أوفده ماكرون قبل أسبوعين إلى رام الله وتل ابيب للتباحث مع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني حول عملية السلام.

شرحنا للفرنسيين أن هذا البروتوكول يجعل من الاقتصاد الفلسطيني اقتصادا تابعا. هذا البروتوكول لا تحترمه إسرائيل، ولذلك نسعى الى إعادة النظر في الأشياء التي يمكن تعديلها في هذا البروتوكول من دون إلغائه تماما. وفي آخر اجتماع للمجلس المركزي، أكد الأخ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) انه سيتم إعادة في جميع الاتفاقيات مع إسرائيل، بما في ذلك البروتوكول الاقتصادي والتجاري مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، من أجل تحسين الوضع وجعله ملائما و “حقانيا”.

ـ اللقاء الأمني الأخير بين الفلسطينيين والإسرائيليين هل تمخض عن شيء بشأن هذه المبادرة. وماذا تنتظرون من فرنسا؟

– الاجتماع الأمني الأخير مع الإسرائيليين أكد فيه الطرف الفلسطيني عزمه على تغيير المعادلة بإعادة النظر في كل شيء، لأن القضية الفلسطينية تمر بأسوأ حالاتها، واتخذ المجلس الوطني الفلسطيني قرارات في هذا السياق نريد اليوم تطبيقها على أرض الواقع. وبالنسبة لفرنسا، بما أن البروتوكول يحمل اسم باريس فإن من المهم بالنسبة للدبلوماسية الفرنسية أن يبقى هذا البروتوكول ساري المفعول. واعتقد أن فرنسا لديها علاقات جيدة مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ما يخولها لعب دور محوري في هذه القضية؛ كما أن تمسك فرنسا بمبدأ حل الدولتين والمبادرة العربية في هذا التوقيت يعد أمراً مهما جدا ولذلك علينا أن نظل قريبين من الفرنسيين الذين ما زلنا نأمل منهم الكثير، بما في ذلك الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

ـ كيف تنظر للوضع الراهن، والتصعيد الأخير في قطاع غزة، ثم الهدنة التي تبعته التي كانت من تبعاتها استقالة وزير الجيش الإسرائيلي ليبرمان؟

– اعتقد بأن المقاومة الفلسطينية لقنت الإسرائيليين درساً لن ينسوه، بحيث برهنت لهم على أنها من المستحيل أن تقوم بهدنة معهم على حساب القضية الفلسطينية، وفرضت عليهم واقعاً قاد إلى استقالة وزير الجيش اليميني المتشدد ليبرمان، وهو ما يعد انتصاراً مهماً، نأمل في أن يكون بمثابة توضيح لحكومة نتنياهو أن الطريقة التي تنتهجها بتجاهل المفاوضات والاستمرار في الاستيطان لن تهز عزيمة الفلسطينيين على مواصلة النضال من أجل استعادة حقوقهم كاملة. وهذا الشرخ الحاصل حاليا في الائتلاف الحاكم طبعا سيضعف مواقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولكن حتى وإن كان رحيل نتنياهو يمثل خبراً ساراً، لكن هناك خشية من قدوم من هو “ألعن” وأكثر منه تطرفاً على غرار نفتالي بينت رئيس البيت اليهودي.

لكن علاوة على كل هذا وذاك، يبقى الانقسام الفلسطيني هو “السرطان” الذي يقتل الموقف الفلسطيني. لقد حان الوقت أكثر من أي وقت مضى لأن يدرك الفلسطينيون أنهم في خندق واحد. علينا أن نسارع إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها جميع الأطياف السياسية كأول قرار نحو إنهاء الانقسام، يتبعه إجراء انتخابات حرة نزيهة من دون تدخل أي طرف خارجي. مع الأسف الشديد فشلنا في المحاولات السابقة لتشكيل هذه الحكومة بسبب المصالح الشخصية الضيقة لكل طرف، لكن الظرف الحالي يتطلب منا تجاوز المصالح الفردية من أجل الصالح العام لشعبنا، فإنهاء الانقسام هو مفتاح كسب قضيتنا.

لكن نريد أن نؤكد للأمريكيين والإسرائيليين والحكومات العربية التي تعمل معهم للأسف على ما يسمى بصفقة القرن، أن هذا المشروع محكوم عليه بالفشل الذريع، لأنه رغم انقسامنا، إلا أنه لا يمكن لأي فلسطيني القبول بهذه الصفقة. فنحن متمسكون بالمبادرة العربية، فيما تحاول إسرائيل أن تلتف على الموضوع وأن تجعل منه قضية إقليمية ويكون للدول العربية انتداب علينا، ويقررون معها مصير الشعب الفلسطيني. وفي هذا الصدد نرى اليوم دولاً عربية أصبحت تطبع علناً مع إسرائيل.

ـ كيف تقيم الوضع الاقتصادي الفلسطيني اليوم وشركتكم “باديكو” القابضة؟

– الاقتصاد الفلسطيني يمر هو الآخر بأسوأ حالاته، لأن بروتوكول باريس أصبح  يمثل ثقلاً كبيرا وخلق بلبلة كبيرة، ثم أتى القرار الأمريكي بشأن الأونروا ليزيد الطين بلة. شركة “باديكو” كأي شركة فلسطينية تعاني من الواقع الاقتصادي الذي يفرضه عدم التزام إسرائيل ببروتوكول باريس الاقتصادي، ولكن الشركة ماضية في مشاريعها رغم  الصعوبات. نحن نمثل حوالى 25  في المئة من الاقتصاد الفلسطيني ولذلك لدينا مخطط على المدى الطويل، ولدينا مجلس إدارة قوي عازم على مواصلة العمل ومواجهة التحديات.

ـ وماذا عن صندوق وقفية القدس الذي يتبع لكم أيضا؟

– صندوق وقفية القدس هي فكرة نفذتها في السنوات السبع الأخيرة، حيث تبرعت مؤسسة منيب المصري، في مرحلة أولى بمبلغ 5  ملايين دولار، ثم التزمت بتقديم 20  مليون دولار، وقد نفذنا حتى الآن حوالى 84 مشروعاً، بما في ذلك مشاريع ثقافية وتعليمية ورياضية وصحية … الخ. وهنا أكد على أهمية الوقف “الذري” في القدس بغية توقيف كل مخططات إسرائيل الرامية إلى شراء جميع الأراضي في المدينة. ويجب أن نوفر جهودنا حتى تصبح المرجعيات الكثيرة في القدس مرجعية واحدة، لكي نوقف الطوفان الإسرائيلي الساعي إلى تهويد القدس. كما نطالب بوقوف إخوتنا العرب إلى جانبنا، وفي هذا الإطار لدينا اجتماع في شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل في الكويت مع المسؤولين هناك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية