من أصول مغربية: عمير بيرتس يعود مجددا لرئاسة «العمل» الإسرائيلي وهو في مرحلة الحضيض

 وديع عواودة
حجم الخط
0

الناصرة ـ «القدس العربي»: فاز النائب عن حزب العمل الإسرائيلي عمير بيرتس مجددا بوظيفة الأمانة العامة في انتخابات داخلية، خلفا للأمين السابق آفي غباي الذي قدم استقالته بعد فشل الحزب في انتخابات الكنيست الماضية، وانحسار قوته إلى ستة مقاعد فحسب. وتغلب بيرتس على منافسيْه، النائبين في الكنيست إيتسيك شمولي وستاف شافير بحصوله على 47% من الأصوات، بينما حصلت شافير على 26.7% وشمولي على 26.3% من أصوات أعضاء الحزب، فيما لم تتجاوز نسبة التصويت في الانتخابات الداخلية الـ 50%.
يشار الى أن حزب العمل الذي سبق تأسيس إسرائيل عقب نكبة 1948 قاد كل حكوماتها بدون منازع حتى «الانقلاب الكبير» الذي خسر فيه الحكم لصالح حزب الليكود اليميني في عام 1977 ، وهو اليوم يراوح بين المرتبة الخامسة والسادسة في سلم الأحزاب الإسرائيلية بعدما أصابه التكلس والتقادم ونهشته الخلافات الداخلية، وطيلة سنوات لم يطرح بديلا سياسيا لليمين بل حاول تقليده.
بيرتس (66 عاما) مغربي الأصل ومقيم في مدينة سديروت مقابل غزة، وصل إلى الكنيست لأول مرة في انتخابات 1988، عن حزب العمل، بعد أن كان من عام 1983 حتى عام 1988، رئيسا لبلدية سديروت. وكان من جيل الشباب من اليهود الشرقيين، كما أنه من أبناء أحياء الفقر، ولهذا التصق اسمه بالقضايا الاقتصادية الاجتماعية. وفي ظل انتفاضة الحجر، ظهر في حزب «العمل» ما يعرف بـ «معسكر الحمائم» وكان يضم سياسيين شبابا في الحزب، يدفعون نحو المفاوضات وحل الصراع مع الشعب الفلسطيني. وفي عام 1994 كان بيرتس على رأس المجموعة المتمردة في الحزب بقيادة حاييم رامون، على القيادة القديمة في اتحاد النقابات «الهستدروت»، ورغم بقائهما في الحزب، إلا أنهما شكلا قائمة انفصالية في الانتخابات النقابية، أطاحت بقيادة حزبهم «العمل»، وتولى رامون رئاسة «الهستدروت، فتركها بعد عام وأربعة أشهر، إثر اغتيال يتسحاق رابين، وعاد للحكومة متوليا منصبا وزاريا، فتولى بيرتس رئاسة الهستدروت حتى عام 2005، حينما انتخب رئيسا لحزب «العمل». وبقي بيرتس في الكنيست، ضمن حزب «العمل» في انتخابات 1996، إلا أنه قبيل انتخابات 1999، شكّل حزبا جديدا أطلق عليه اسم «عام احاد» (شعب واحد)، وحصل على مقعدين في انتخابات ذلك العام، ولم ينضم لحكومة زميله سابقا في «العمل» إيهود باراك. وخاض بيرتس الانتخابات مجددا على رأس الحزب ذاته في عام 2003، وحصل على ثلاثة مقاعد. ولكن في عام 2005، بادر شيمون بيريز إلى إعادة بيرتس إلى حزب «العمل»، إلا أن بيرتس نافس شيمون بيريز ذاته على رئاسة الحزب وفاز بها، وهذا ما أدى إلى خروج بيريز لاحقا من صفوف «العمل» لينضم إلى أريئيل شارون، الذي أسس حزب «كديما» في نهاية 2005 عشية فك الارتباط عن غزة.
قاد بيرتس حزب «العمل» في انتخابات 2006، وانضم إلى حكومة «كديما» برئاسة إيهود أولمرت، إلا أنه اختار حقيبة «الأمن» وسط حملة انتقادات واسعة داخل حزبه وخارجها، لكونه محسوبا على القضايا الاقتصادية الاجتماعية، ولا شأن له بقيادة العسكر. بعد ثلاثة أشهر من توليه منصبه، شن جيشه حربين، على قطاع غزة، وعلى لبنان 2006. وفي ربيع عام 2007 خسر بيرتس رئاسة الحزب، للعائد إيهود باراك، كما خسر حقيبة «الأمن»، وبات خصما لقيادة الحزب. ولكن انتخب مجددا للكنيست بعد انتخابات 2009، ولكنه لم يتول حقيبة وزارية في حكومة بنيامين نتنياهو التي انضم لها حزبه، وكان من المعارضين للبقاء في الحكومة.
في نهاية 2012، انشق عن حزب «العمل» مجددا، منتقدا أجندة رئيسة الحزب شيلي يحموفيتش الانتخابية، التي غيّبت عنها القضية الفلسطينية، وانضم إلى حزب «الحركة» برئاسة تسيبي ليفني. وانضم بعد انتخابات 2013 مع حزبه إلى حكومة بنيامين نتنياهو، وتولى حقيبة البيئة، ولكنه استقال من منصبه، على خلفية خلاف سياسي مع الحكومة، في النصف الأول من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، وبعد أيام جرى حل الكنيست، وخروج حزبه من حكومة نتنياهو.
ويرى مراقبون محليون أن فوز بيرتس برئاسة حزب العمل يشكل «عقبة» أمام خطة وضعها باراك، الذي أعلن أنه أسس حزبا جديدا سيخوض من خلاله انتخابات الكنيست المقبلة في سبتمبر/ أيلول المقبل. وتقضي خطة باراك بتوحيد حزبه مع «العمل» وحزب ميرتس في كتلة برئاسته. ورغم أن بيرتس دعا إلى وحدة كهذه، إلا أنه أعلن أنه لن يكون الرجل الثاني بعد باراك في كتلة كهذه. وتشير تقديرات إلى أن كثيرين من معارضي بيرتس في العمل قد ينتقلون إلى دعم باراك.
ويعتبر محلل الشؤون الحزبية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي فيرطر أنه ليس واضحا ما إذا كان انتخاب بيرتس بشرى جيدة أم سيئة بالنسبة لحزب العمل، الذي انهار في انتخابات الكنيست الأخيرة، في نيسان/أبريل الماضي، بحصوله على ستة مقاعد فقط. لكن فيرطر وصف فوز بيرتس بأنه «صفعة على وجه إيهود باراك»، الذي توقع فوز شمولي أو شافير «اللذين سيوافقان على أن يكونا رقم 2 في إطار وحدوي وفي كتلة واحدة. وتابع «لا يوجد احتمال أن يوافق بيرتس أن يكون تحت جناحي الرجل الذي أطاح به من وزارة الأمن».
وكان حزب العمل قد حصل على 19 مقعدا تحت رئاسة بيرتس، عام 2006، بينما في الانتخابات التالية، في عام 2009، حصل تحت رئاسة باراك على 13 مقعدا.
وقال فيرطر إن هناك جهات في حزب العمل تعتقد أن بيرتس يعتزم الانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو، مرجحة أن باراك سينضم إلى حكومة برئاسة نتنياهو، رغم إعلانه قبل يومين أنه لن ينضم لحكومة كهذه بأي حال. لكن بيرتس أعلن، خلال حملته الانتخابية داخل العمل، أنه لن يبقى برئاسة الحزب أكثر من سنتين، وبعدها سيرشح نفسه لرئاسة الدولة.
من جهتها اعتبرت المحللة السياسية في موقع «واللا» الإلكتروني، طال شاليف، أن «ثلاثية العائدين (بيرتس وباراك ورئيس حزب ميرتس الجديد، نيتسان هوروفيتس) اكتشفت أنه يوجد في اليسار ذاكرة قصيرة وتسامح كبير، وأعراض قوية لامرأة تمت خيانتها، ومستعدة للموافقة على عودة زوجها، ولو كان ذلك فقط من أجل احتمال عودة الرومانسية إلى حياتهما. وتابعت «لا شيء جديد في انتصار بيرتس، وإنما الكثير من السياسة الحزبية القديمة، وانتصار الجهاز الحزبي والهستدروت (التي ترأسها بيرتس في الماضي)، لكن هذه العودة بالنسبة له هي تصحيح لغبن تاريخي» بعد خسارته رئاسة الحزب لباراك وشيلي يحيموفيتش وآفي غباي.
وتنبهت شاليف كمحللين آخرين إلى أنه ليس واضحا «كيف سيتمكن بيرتس وباراك من التغلب على العقبة المركزية، وهي الأنا. وقد سادت حالة تشاؤم في أوساط قياديين في العمل حيال إمكانية أن يوافق أحدهما على التنازل عن القيادة. وهكذا برأيها فإن أسهم الضلع الثالث في المثلث، ميرتس ورئيسها الجديد هوروفيتس، موجودة في حالة صعود. والتوقع هو أن يسعى باراك وبيرتس وراء ميرتس من أجل الذهاب معا للانتخابات واختيار القيادة. وحذرت من إنه «إذا لم تنجح الثلاثية العائدة في توحيد القوى، فإنها ستبقى مع ثلاثة أحزاب صغيرة قد تُمحى تحت نسبة الحسم، مثلما حدث تماما لليمين الجديد وموشيه فايغلين في الانتخابات الأخيرة. وتابعت «وعدا العودة الشخصية لكل منهم، فإن الامتحان الحقيقي لبيرتس وباراك وهوروفيتس هو إعادة معسكر اليسار كله، وإلا فإن أحزابهم قد تصل إلى طريق مسدود».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية