ليس هناك أدنى شك أن الناس درجات وأنهم متساوون فقط بالتركيبة الفيزيولوجية عند الولادة لا أكثر ولا أقل، باستثناء قلة من الذين يولدون بعاهات لسبب أو لآخر، وهؤلاء طبعاً معذورون لأنهم مبتلون باختلال فيزيولوجي ليس من اختيارهم إذا فشلوا في منافسة الآخرين خلال حياتهم لاحقاً، وبالتالي لا تثريب عليهم إذا كانوا أضعف من نظرائهم الأصحاء من الناحية الجسدية، مع الاعتراف طبعاً أن بعضهم قد يتفوق على الأصحاء لاحقاً من الناحية العقلية رغم إعاقاتهم، كما حدث مع الكثيرين، وخاصة العالم البريطاني الكبير ستيفن هوكنغ.
لكن بعيداً عن هذا المثال، ولو بقينا في إطار الفروقات بين البشر، فلا بد أن نعترف أنه «لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون» حسب المفهوم القرآني، وحسب بقية المفاهيم والأعراف. وبالتالي، لا يمكن أن ندعو إلى المساواة بين الشعوب التي قطعت أشواطاً عظيمة على طريق التقدم العلمي والصناعي والتكنولوجي وبين الشعوب المتخلفة التي لا تعرف من الدنيا سوى استهلاك ما ينتجه المخترعون والمتفوقون من الشعوب الأخرى.
دعونا من شعارات المساواة والإنسانية الفضفاضة التي تلجأ إليها الشعوب والدول المتخلفة عندما تتعامل مع القوى الكبرى المتقدمة، فحتى بالمفهوم الديني، كما أسلفنا، لا يمكن أن تضع الذين يفقهون والذين لا يفقهون في سلة واحدة، فلا يمكن وضع النحاس مع الذهب وتشمل المعدنين تحت قائمة واحدة سميتها «المعادن»، فشتان بين قيمة الذهب والنحاس كي لا نقول بين الألماس والحجر. وبالتالي، يجب أن نعترف أن الغرب واليابان والصين وغيرها من القوى الصاعدة يجب ألا تكون على نفس المستوى في هذا العالم من حيث القيمة والمكانة مع بقية الأمم. لا أبداً، فنحن العرب وبقية الأقوام المتخلفة مجرد توابع من كل النواحي، لا بل عالة على العالم أحياناً، لأننا مجرد مستهلكين، ويجب ألا نشتكي من معاملة المتقدمين لنا حتى لو أساؤوا المعاملة أحياناً، فنحن نستورد أبسط حاجاتنا الاستهلاكية من الخارج، بما فيها الفول والحمص والفلافل والغطرة والعقال، وحتى أدوات ما نسميه بالقهوة العربية نستوردها من الخارج، ونجلب أدواتها من الصين أو الغرب، ثم تصنعها لنا خادمة فيلبينية أو عامل هندي في بعض الأحيان.
نحن العرب وبقية الأقوام المتخلفة مجرد توابع من كل النواحي، لا بل عالة على العالم أحياناً، لأننا مجرد مستهلكين
ولا ننسى أيضاً أنه حتى ثرواتنا التي نعيش عليها لم يكن بمقدورنا أن نكتشفها ونستثمرها لولا الخبرات والتقنيات الأجنبية، ولو ظل النفط في باطن أراضينا ملايين السنين لما عرفنا كيف نستفيد منه لولا التكنولوجيا والمخترعات الغربية وغيرها، وبالتالي يجب أن نعترف ونقر بأنه لا يستوي المتخلفون والمتقدمون أبداً، وأن همروجة أن الغرب يتآمر علينا لا ترتقي حتى إلى مستوى النكتة السمجة، فهل يعقل أن يتآمر القوي والبارع والطالع على المتخلف والنازل باستمرار؟ بالطبع لا. هل أنتم قوى عظمى كي يكيد الأقوياء لكم أم أنكم مغلوبون على أمركم ولا تشكلون أي تهديد لأحد على المستوى العسكري أو الاقتصادي أو الثقافي، وحتى الجماعات «الإرهابية» المحسوبة عليكم ليست أصلاً من صناعتكم، بل من تأليف وإخراج القوى الكبرى واستخباراتها الأخطبوطية. وتلك الجماعات مجرد أدوات يصنعونها لتنفيذ بعض المهمات القذرة، ثم يرمونها في سلة الزبالة، والأمثلة كثيرة على تلك التنظيمات التي لم تظهر في العالم إلا بعد أن احتاجتها القوى الكبرى خلال النصف قرن الماضي، ولم نر لها مثيلاً على مدى التاريخ الإسلامي. باختصار حتى أسوأ ما عندكم من صناعات ليس من صنعكم أصلاً.
وأرجو ألا يقول لي أحد إننا نملك المال ونستطيع أن نشتري به ما نشاء من الدول الصناعية والتكنولوجية، فكما قلنا إنك لم تتعرف على خيرات بلادك أصلاً لو الأجنبي، فهو الذي اكتشفها لك ثم جعلك تبيعها وتحصل منها على المال، وحتى لو صار لديك مال من وراء الاكتشافات التي وفرها لك الخارج، ففي لحظة ما قد تجد أن أموالك بلا أي قيمة عندما تنعدم السلع والمواد الغذائية التي كنت تستوردها من الخارج. ولا شك أنكم سمعتم الأخبار التي تقول إن العالم العربي مقبل على مجاعات واضطرابات ليس لأنه لا يملك المال اللازم لشراء حاجاته، بل لأن هناك مشكلة في تصدير السلع والحبوب من روسيا وأوكرانيا وغيرها بسبب الحرب والصراع الدولي. وهذا يؤكد أننا «طفيليات» نعيش على جهد الآخرين وتقدمهم، ونموت إذا توقف الآخر عن توفير تلك المواد لها.
أضحك كثيراً أحياناً عندما أسمع بعض العرب الذين كفروا بأنظمتهم وحكامهم وهم يتمنون سراً لو أن إسرائيل أو أمريكا تأتي وتحتلهم وتنقذهم، وهم بالطبع حالمون جداً، فمن هو الذي يريد أن يحتلكم ولماذا؟ أنتم تعتقدون أنكم تقدمون خدمة لمن تحلمون بأن يستعمركم، بينما هو أصلاً ليس مهتماً بكم، لأنه يسيطر على بلدانكم وأنظمتكم وثرواتكم ويتحكم بكم بالريموت كونترول دون أن يكلف نفسه عناء الحكم المباشر.
هذا الكلام المر والقاسي طبعاً ليس ازدراء ولا افتراء ولا تجنياً على ما نسميه أمتنا «العربية» مطلقاً، بل صرخة في واد، لعلنا نخرج من حفرتنا السحيقة في وقت بدأ شكل العالم يتغير، ونبدأ نفكر جدياً بمجاراة الأمم الصاعدة كالصاروخ حتى التي كانت فقيرة ومعدمة ومستعمرة كالهند والبرازيل والمكسيك، ونحن مازلنا نتفاخر بأننا «خير أمة أخرجت للناس» بينما في واقع الأمر يحلم بعض بلداننا المنكوبة بأن تصبح مثل رواندا التي نهضت من تحت أنقاض الحروب الأهلية لتغدو أفضل وأنظف بلد في أفريقيا.
كاتب واعلامي سوري
[email protected]
بسم الله الرحمن الرحيم :
وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) آل عمران
العِلم هو شرط تقدمنا يا دكتور !
و ديننا , يحضنا على العلم !!
ولا حول ولا قوة الا بالله
معظم علماء العرب الذين تعرضوا للإضطهاد والإقصاء ببلادهم هاجروا للغرب !
فالبلاد العربية بيئة طاردة للعقول النيرة المتعلمة !!
ولا حول ولا قوة الا بالله
أصبت كبد الحقيقة. لعل أنصار نظريات المؤامرة و الغرب اللعين..إلخ. أن يكفوا و يبتلعوا ألسنتهم و عقولهم.
برافو برافو دكتور
نعم سيد فيصل يسلم لسانك. داءما في الصميم ???.
وكل ذلك يدخل في خانة الآية الكريمة:
“ومن عمل عملا صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها، وما ربك بظلام للعبيد”
العمل المنتج والصالح وللجميع كما يفعل الغرب ويتقن. ويكافؤون على ذلك ولا يظلمون.
حضارة العرب بوتقة حضارات يونان وفرس وهنود وحضارة أوروبا بنيت عليها لكن اجتياح تركي جمد العرب 4 قرون إلى أن حررتهم أوروبا وحولتهم لدول بمقومات من لا شيء فأقامت مدارس مستشفيات مناجم مصانع مزارع شبكات طرق سكك حديد جسور موانيء مطارات معسكرات ودربت وطورت مواطنين لجنود وضباط عمال فنيين مهندسين ممرضين أطباء محامين وأنشأت أنظمة حكم ودساتير وبرلمانات وعندما انسحبت تركت دولاً قائمة تتكلم لغات عالمية تستورد آخر ما أنتج وتكافح لإلغاء تمييز وواسطة ومحسوبية وجهوية وولاءات وبلطجة وتنمر وتنصيب أشخاص غير مناسبين
شكرا دكتور على مقالتك ، لقد اصبت الحقيقة بصدقك وصراحتك . نعم نحن أمة متفتفتة منقسمة نكره بعضنا البعض حتى أحيانا نكره أنفسنا. نبتجتح وترجع إلى الماضي وإلى الدين وإلى العروبه والتاريخ العابر لنغطي نقصنا وتخلفنا وفضل الغير علينا. لهذا السبب يهاجر الكثير منا للغرب ويموت البعض في البحار. نحن ننفق أموالنا في الحروب وفي مصلحة رفاهية الحكام وحاشيته.أخشى ان يكون المستقبل أسوأ من الان.
كلام في الصميم وموضوع طالما يشغل كل الشباب المثقف وأسئلة يطرحها الكثير منا انحن بالفعل بشر مثل البقية هل دماؤنا هي مثل دماء هؤلاء الذين نعيش معهم ونقتني من صناعاتهم ونأكل مما ينتجون وهل نحن بالفعل كنا خير أمة ؟!!! وكيف لم نستطع أن نكون مثل الغرب وقد عاش معظمنا تحت سيطرته ولماذا طلب أجدادنا واباؤنا بخروجهم ألم نكن احسن حالا تحت رحمتهم ألم تكن مستشفياتنا واداراتنا احسن حالا مما هي عليه اليوم ؟ والا فلماذا اليوم هناك أفواج منا تقتحم دولهم ،ام أن ما نحن فيه هو من تدبيرهم لأنهم وضعوا لنا غشاوة وبقينا نعيش ونحلم على الماضي ايام الاندلس والغزوات ووو. شكرا للاستاذ فيصل.
You are absolutely correct
The tragedy of Arab people
Many arabs are living and dwelling in the past, flowery poetry and ancient speeches before arrival of profit mouhamad and after his death, sweet speeches , still most of Arab countries live in medieval ages even some became rich and educated but still fall way behind west Europe renaissance unfortunately and sadly
Repressive regimes of the Arab countries for last 70 years pushed Arab generations backwards almost one century
Indeed it is a tragedy
You read comments by average educated folks in news papers including this one , there is no logic in it no common sense but horse sense debates and personal attacks
Arab universities graduates most of them are book smarts, but not intellectuals , except graduates of American universities of of Beirut & Cairo which are affiliated with American Ivey league Columbia university of New York city where Edward Said a Palestinian alumni of American university if Beirut , he was head a chairman of English literature department at Columbia university, New York city
Continuing dictators oppressive regimes in middle east are nothing but continuing disaster on Arab people
After all , change is the only constant ( Heraclitus)..
تطوير مناهج التعليم يمكن حتى في الانظمة الشمولية .كالنظام الروسي او الصيني الذي ازاد الانفاق في السنوات الاخيرة دفع بعض الجامعات الصينية الى القمة حتى اصبحت تنافس اعرق الجامعات الاميركية … النظام الشمولي في العالم العربي خاص ولكنه شاذ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . هذا المقال يقول نحن العرب ليس لنا قيمة في المجتمع الدولي ولا يجب علينا التفاخر ب نحن خير امة أخرجت للناس ولا يوجد امل فينا ولأولا العالم المتقدم لم نتمكن من اخراج ما انعم الله علينا من خيرات وسنجوع رغم المال الوفير في منطقتنا المنكوبة والعالم المتقدم لا يحتاج لنا اكثر من الحصول وشراء منا ما اخرجه لنا من خيرات الأرض ولأولا إخراجه لنا ما في الأرض لا يمكن كنا سنعلم عنه شيء لملايين السنين حتي لا نساوي مجاورة بعض الدول مثل الهند والبرازيل والمكسيك، حتي رواندا التي نهضة من حرب أهلية وأصبحت انظف دولة في أفريقيا هل كل ما تم ذكره في هذا المقال صحيح ! , لي طلب بسيط من كاتب المقال يقول لنا لماذا كل هذه الحروب في منطقتنا العربية المنكوبة لماذا تدمير العراق ولماذا تدمير سوريا وماذا حرب اليمن ولماذا وعد بلفور ولماذا ايران أصبحت بعبع المنطقة ولماذا حرب 1948 ولماذا حرب 1956 ولماذا حرب 1967 ولماذا حرب 1973 ولماذا الحرب الاهلية في لبنان ولماذا تم اغتصاب فلسطين من كثرة هذه . تتبع