‘إن المعجم العسكري الذي سيطر على اللغة العبرية أوجد تجديدا مهما وهو: ‘عمليات جو’. والقصد الى عمليات ليس لها تفسير مسطور في كتب تفسير ‘الشباك’، وليس من ورائها ‘يد موجهة’ أو منظمة ارهاب منظمة ولا يوجد عنها معلومات استخبارية سابقة. فهل تدل على انتفاضة جديدة؟ يسأل السائلون الذين يعرفون حالتين أساسيتين فقط وهما الانتفاضة أو الهدوء، أو السيطرة أو العصيان. ”يوجد الآن نحو من 100 ألف فلسطيني لهم حساب مفتوح مع الجيش الاسرائيلي’، بيّن ضابط كبير في الجيش الاسرائيلي عن أسس التهديد الجديد. هل 100 ألف فقط؟ أليسوا ملايين المواطنين ممن لهم منذ 46 سنة حساب مفتوح مع دولة اسرائيل؟ وهل يشمل ذلك أصحاب البيوت التي هُدمت في غور الاردن وفي جنوب جبل الخليل؟ وعائلات عشرات آلاف الفلسطينيين ممن يمكث واحد من أبناء عائلاتهم على الأقل في السجن أو قضى فيه جزءا من حياته؟ أو اولئك الذين فصلهم سور الاسمنت عن اراضيهم أو بغّض إليهم حياتهم على حواجز تسلبهم اياما طويلة من حياتهم؟ من المثير أن نعلم كيف نجحت دولة اسرائيل في إحداث جو الابتهاج والفرح الذي يفصل سائر سكان المناطق عن اولئك الـ 100 ألف. ‘حينما لا توجد منظمة تتحمل مسؤولية عن العمليات ولا عنوان يمكن أن يُداهم في الليل، وحينما يصبح ولد فلسطيني في السادسة عشرة من عمره، ‘بلا قاعدة’، قتل الجندي الولد عيدان أتياس، حينما يصبح عدوا صغيرا جدا في مواجهة الطوابير الضخمة، فيجب ايجاد هدف مناسب. ويقوم التحريض و’الجو’ بهذا العمل. وهما يُستعملان الآن في الحقيقة لوصف الوعي الفلسطيني والثقافة الفلسطينية اللذين يجب إخرابهما ‘للقضاء’ على الارهاب. وسيحلان محل مصطلح ‘بنية تحتية’ الذي استُخدم الى الآن بدور تعريف العدو. إن ‘البنية التحتية’ خدمتنا جيدا في محاربتنا لفتح وحماس. ومنحتنا الشرعية لاغتيال زعماء أو مجرد نشطاء، ورمي بيوت المواطنين بالقنابل، ووسما الوعي الاسرائيلي في الأساس بشعور أن للارهاب بنية تحتية مستقلة، وضربا من كيان مستقل لا يتعلق ألبتة بالاحتلال أو بأفعال اسرائيل والعاملين معها في المناطق. ‘وماذا يفعلون حينما تظهر فجأة عمليات ‘دون بنية تحتية’؟ يجب أن يوجد مصطلح بديل يتابع مهمة ‘البنية التحتية’. مصطلح يعزز التفريق المطلق بين الاحتلال ونتائجه. إن مصطلح ‘الجو’ ليس في الحقيقة قويا ومحددا كـ ‘البنية التحتية’. لكنه كاف اذا نجحت اسرائيل في أن تنسب انشاءه الى الطرف الفلسطيني وفي أن تُحدد فيه أهدافا يمكن المس بها. اذا كان ‘الجو’ القاتل نتيجة لخيبة الأمل واليأس لعدم التقدم في المسيرة السلمية، والعجز في مواجهة قوات ضخمة أخذت تقضم ما بقي من الارض التي يجب أن تُستعمل لتكون الدولة الفلسطينية، فيجب أن تُطرح التهمة على الطرف الفلسطيني. ”ليست حماس بل السلطة الفلسطينية، والرسائل التي تُبث هي القضاء على اسرائيل… لا أعتقد أنه يمكن الوصول بمسيرة السلام الى نهاية ناجحة دون وقف مطلق للتحريض’، قال يوفال شتاينيتس وزير الشؤون الاستراتيجية بصورة قاطعة. هكذا تُبنى دعوى وهكذا ينشئون تهمة ويطرحون مسؤولية وينشئون جدار فصل بين الاحتلال و’الجو’. وكأن كتل الاسمنت في أفرات وعوفرا وجبل أبو غنيم وجبل براخا ليس لها ذنب في إحداث ‘الجو’. لأنه هل تستطيع الحجارة أن تُحرض، في الحقيقة؟ وهل تصدر عن الجرافات الكبيرة أقوال تشهير بالفلسطينيين؟ والوزراء ايضا لا يُحرضون. لأن مشروع الرياء لوزير الاسكان أوري اريئيل ليس موجها على الفلسطينيين، فوزير الاسكان يحارب امريكا اوباما. ولا يعنيه الفلسطينيون الذين لا يحسب لهم حسابا. ‘من المثير أن الجيش الاسرائيلي بخاصة يدرك من هو المسؤول عن ‘الجو’. ويشهد على ذلك ‘الحساب المفتوح’ الذي تحدث عنه الضابط الكبير. فهو يعلم أين توجد البنية التحتية الحقيقية التي تُحدث ‘الجو’؛ إنه يعلم ويسكت.