من الطيب أن معدل عمر الإنسان في حدود الثمانين عاماً، فمع تراكم المواقف المؤلمة والأحزان، ماذا سيحدث للروح البشرية لو أنها استمرت تحيا وتجرب وتتألم لما يفيض عن هذا المعدل؟ وكنت قد قرأت مقالاً منذ فترة، ولربما ذكرته في مقالات ماضية هنا، يقدم دراسة حول ما يمكن أن يحدث لو امتد عمر الإنسان لمئتي سنة على سبيل المثال، حيث يبدو أن أشياء أساسية في الحياة البشرية ستتغير إذا ما امتد بها الزمن لهذا الحد. أشارت الدراسة إلى أنه ستكون هناك، على سبيل المثال، صعوبات فائقة في التعامل العائلي، حيث سيستوجب أن يكون هناك تفاعل بين خمسة أجيال من ذات الأسرة، ما يجعل التفاهم عملية غاية في الصعوبة. هناك كذلك التغيير في تقسيم المراحل العمرية، فلو كانت الطفولة تمتد لسن الأربعين مثلاً فستحدث تغيرات كبيرة على المشهد العملي والنفسي والحقوقي وغير ذلك.
أكثر ما يلفت الانتباه من تغيرات نفسية، حين يمتد الزمن بالإنسان، هو ما تنبأ به العلماء- أن فكرة الحب الأبدي المقنن بالزواج المستمر بين اثنين ستنتهي تماماً. لن يحتمل البشر الحياة في كينونة زوجية لما يزيد عن المئة عام، ستختفي منظومة الزواج والفكرة الرومانسية للحب الأبدي التي تغلفها، تبدو هذه قراءة منطقية وحزينة في آن.
ربما ككائنات واعية، من الأجدر ألا تمتد بنا الحياة لأكثر من الثمانين أو المئة سنة، فهذا الامتداد سيراكم أحزاننا ومتاعبنا، والتي لا بد أنها ستغير نفسياتنا لتحولنا إلى كائنات أكثر عنفاً وبشاعة عما نحن عليه حالياً. جنسنا، الهوموسيبيان، معروف بعنفه ووحشيته، فهو ما تلاقى وجنس آخر إلا وقضى عليه، أو في أحسن الظروف استعبده. لذلك، فإن الامتداد الزمني لهذا الجنس سيشكل عبئاً خطيراً ليس فقط على موارد الطبيعة التي يتوحش البشر في استغلالها، ولكن كذلك على جنسهم بحد ذاته. ماذا كان ليحدث لو امتد العمر بهتلر لثلاثة أضعاف ما عاش؟ ما كان ليحدث لو أن موسوليني لايزال بيننا؟ كيف كان ليكون المسار لو أفسحت الدنيا المزيد من الوقت لأشخاص ليسوا بالضرورة أشراراً، كأن لو امتد الوقت بالسادات أو الخميني أو مارغريت ثاتشر؟
هكذا تتعافى الأرض وتطيب الحياة، بالتخلص السريع منا، إلا أن هذه الفائدة لا تقتصر على الطرف الآخر فقط، بل تمتد لنا نحن بحد ذاتنا. سأكمل عامي التاسع والأربعين بعد أيام قلائل. أنظر خلفي للسنوات الماضية، أراها مليئة بالذكريات الرائقة، فأدرك أن القدر حباني بما لم يكرم به غيري، وأن ضربة حظ بيولوجية ميزتني عن غيري من البشر في هذه الحياة التي تفتقر إلى أبسط وأهم مبادئ العدالة والإنصاف. ولكنني حين أعمق النظرة خلفي، أجدها كذلك مليئة بالذكريات المؤلمة والجراحات الكثيرة التي تخدشها على صفحة حياتي الأحداث والناس وأنا كذلك بحد ذاتي. حين تشتد عليّ ذكرى أو يوجعني ألم، أذكر نفسي أن لكل ذلك نهاية، وأن العدم البارد القادم سيكون مريحاً بشكل نهائي، حيث لا وعي ولا شعور، حيث لا فرح ولا حزن، حيث لا استمتاع ولا ألم، هدوء بارد أزلي، يأخذنا إلى راحة لن نشعر بها. كيف ستكون راحة لا نستشعرها؟ نفكر بها هكذا، سيكون الوضع تماماً مطابقاً لما قبل مجيئنا إلى الدنيا، ماذا نتذكر عن تلك الأزمنة الطويلة قبل وصولنا للحياة وماذا نستشعر منها؟ سيكون العدم القادم مثلها تماماً.
لا أدري إن كانت تلك فكرة مريحة، فلسنا سوى وعي وشعور ومجموعة من التفاعلات العصبية والكيميائية. وبغياب كل ذلك، نغيب في العدم، في الأزل، وهو غياب مقلق للوعي الحاضر، ولكنه لن يكون كذلك حين يختفي الوعي بمجمله.
عزاؤنا، نحن البشر، هو أنه مع اختفاء إحساسنا بمتع الحياة، سيختفي كذلك إحساسنا بآلامها، وسنصبح لمرة وحيدة منذ أن «كنا»، كائنات محايدة، لا تشعر بهذا ولا ذاك، لا تحكم على هذا أو ذاك، لا تفضل أو تنفر من هذا أو ذاك. سنحقق الحياد المنشود الذي نسعى له طوال حيواتنا القصيرة، والذي نتعاند بشدة مع طبيعتنا لتفعيله، ونتظاهر بألف مظهر ومظهر كاذب لتبيانه وإظهاره للآخرين. بعد الفناء، سيتحقق لنا هذا الحياد الخارق، سيتحقق بسهولة ومباشرة وبلا عناء.
لربما هي فترات ألم تدفع لكتابة مقالات داكنة وجودية مثل هذه، لكن الآلام والمقالات التي تنتج عنها لا تنسيني أبداً هذا الامتياز العشوائي الذي أحظى به الآن، أن آخذ فرصة في الظهور على الأرض، وأن يحبيني قدري بدرجة طيبة من الحياة، وأن أتواجد على الأرض في مرحلة أستطيع فيها أن أعيش بشكل أكثر صحية، ولربما أكثر إنسانية. ما سيعطي كل هذه العدمية والعشوائية معنى هو أن نحيا حيوات جيدة قدر الإمكان، حيوات أقل عنفاً وأكثر رحمة بعضنا لبعض، أن نكون رفيقين، نتصف بحسن العشرة، رحماء بمن هم أقل حظاً منا في الحياة. في هذه الأفعال كل المعنى، وغير ذلك آت من عدم خالص وذاهب إليه بسرعة ضوئية.
تتسائل كاتبة المقال عن النتائج الكارثية لو كانت حياة الإنسان أطول وضربت مثالا بنماذج من القادة الذين كان لهم دور مدمر في الحرب العالمية الثانية, لعل ذلك ليس منا ببعيد. ماذا لو تمكن ولي عهد منفلت في المنطقة من التحكم في دواليب الحكم لعقود طويلة قادمة؟ من المؤكد حينها أن المثقفين سيكونون مخيرون بين حرية التعبير والتمسك بالحقوق الأساسية أو الحرمان من الظهور في الفضائيات الخليجية والتبضع من أسواقها وربما حتى المنع من حضور المهرجانات الصيفية والحفلات الموسيقية!!
كان الناس دائماً يحلمون بالخلود، واستمرت هذه الأحلام حتى نهاية القرن العشرين، ففي أواخر القرن العشرين حدثت ثورة كبيرة في رحلة البحث عن سر الخلود وصرف العلماء بلايين الدولارات على مشاريع تهدف لإطالة عمر الإنسان وعلاج الهرم، والشيخوخة أو محاولة الخلود. ولكن أخيراً كل هذه التجارب باءت بالفشل، لم تنجح أي تجربة، حتى يئس العلماء من هذه التجارب وصرحوا أنه لا علاج للموت أبداً.
كيف خرجوا بهذه النتيجة؟
بعد تجارب كثيرة وأبحاث كثيرة تبين لهم أن داخل كل خلية هنالك برنامج يشبه برنامج الكمبيوتر (برنامج دقيق جداً) يختص بالموت، فكل واحد منا في جسده تريليونات الخلايا وقد أودع الله تعالى فيها نظاماً يتحكم بتطور هذه الخلية منذ خلقها وحتى لحظة موتها. وقد كشف العلماء أخيراً أن داخل كل خلية من خلايا الإنسان يوجد ساعة بيولوجية خاصة بهذه الخلية، فتأملوا مخلوقاً مثل الإنسان يعمل بمئة تريليون ساعة! مَن الذي ينظم عمل هذه الساعات ومَن الذي يحفظها من أي خلل قد يصيبها، مَن الذي يشرف على صيانتها، مَن الذي يزودها بالطاقة اللازمة لعملها… هل يستطيع أحد أن يدعي ذلك من المخلوقات؟ يتبع
وجد العلماء أن خلايا الإنسان والنبات والحيوان، جميع الخلايا الحية، تنطبق عليها هذه الظاهرة، كل خلية من الخلايا الحية، فيها مواد داخل الشريط الوراثي DNA مورثات خاصة ومواد خاصة تختص بموت هذه الخلية. ولدى محاولة العلماء إطالة عمر بعض خلايا الحيوانات مثل الذباب، بعد فترة كانت هذه الخلايا تتحول إلى خلايا سرطانية، هذه الخلية إما أن تموت أو تتحول إلى خلايا سرطانية، فكانت المشكلة أكبر وتنتهي بالموت أيضاً.
وهذا ما حدث مع الإنسان أيضاً، إذ أنهم حاولوا إطالة عمر مجموعة من خلايا الإنسان، خلايا أيّ جزء من أجزاء جسده فإن هذه الخلايا ستتحول إلى خلايا سرطانية قاتلة، تذهب بصاحبها. وهنا نستطيع أن نقول: إن العلماء قرروا أخيراً أن هذا الموت لا يقل أهمية عن الحياة، وقال أحد العلماء الباحثين في هذا المجال: إن الموت ضروري للكائنات الحية ولا يقل أهمية عن الحياة وأن هذا الموت هو مخلوق داخل كل خلية.
في الشريط الوراثي DNA خلق الله مورثات خاصة بالإشراف على نظام عمل الخلية وتطورها وانقسامها ومن ثم موتها، فالموت إذاً مخلوق مثله مثل الحياة
يتبع
يؤكد العلماء أن الموت يُخلق في داخل النطفة، ويتطور داخل الخلايا منذ أن يكون الإنسان في بطن أمه، وهذا ما فعله القرآن حيث تحدث عن خلق الإنسان من نطفة وتحدث بعدها عن تقدير الموت عليه،
ويقول العلماء إن في داخل كل خلية يخلق مع هذه الخلية عناصر مثل صمامات الأمان تتحكم بحياة الخلية، فبعد كل انقسام يتغير حجم هذه العناصر، وكلما قصر طولها تقترب من الموت، وعند حجم معين تتوقف الخلية عن التكاثر وتموت، وهذا ما حدثنا عنه القرآن: (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) ما معنى قدرنا؟ التقدير في اللغة: هو أن يبلغ الشيء مبلغه أو قدره، أي أن الله تبارك وتعالى وضع نظاماً للموت، نظاماً مبرمجاً لعملية الموت، هذا ما تدل عليه الآية في قوله تعالى (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) لذلك فالعلماء أطلقوا مصطلحاً علمياً جديداً على موت الخلية ماذا أسموه، لم يسموه موت الخلية أسموه (الموت المبرمج للخلية) الموت المبرمج يعني أن هنالك نظاماً دقيقاً، ولذلك فإن الله تبارك وتعالى لم يقل (نحن أنزلنا الموت) بل قال: (قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) هناك نظام مقدر وموَزَّع بدقة فائقة.
يتبع
يحدث في كل خلايا الجسد أفعالٌ يسميها العلماء: الأفعال التنكسية، تحدث بعد فترة معينة من حياة خلية. فالخلية تنمو وتكبر وتبدأ بممارسة نشاطاتها، ولكن بعد عمر معين لدى الإنسان، تبدأ هذه الانهيارات وهذه الأفعال التنكسية داخل خلايا جسده، ولذلك يقول العلماء إن هذه العملية لا يمكن أبداً إيقافها، وإن إيقاف هذه العملية يعني الموت، لأن الموت مبرمج،
وهذا يعني أن الإنسان الذي أعطيناه القدرة على السمع والبصر وأعطيناه هذه النعم، كلما تقدم في العمر زاد أمله في الدنيا، ونحن نقول له انظر إن نهايتك قريبة: (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ) انظر إلى هذا التنكيس في خلايا الدماغ في خلايا الكبد، في خلايا القلب، في كل خلايا الإنسان هنالك أفعال تنكسية دائماً تنتهي بالموت.
هناك برنامج أودعه الله في كل خلية من خلايا الجسد، وهذا البرنامج مسؤول عن تطور الخلية وانقسامها وتفاعلاتها مع بقية الخلايا، وعندما حاول العلماء إطالة عمر الخلية تحولت إلى خلية سرطانية وانفجرت… وأيقن العلماء أن الموت هو النهاية الطبيعية للمخلوقات،و إن أي محاولة لإطالة العمر تسير بعكس الطبيعة!
– عن كتاب المعجزات العلمية فى القرآن والسنة النبوية –
مقالك سيدتي يحيل الى السؤال الفلسفي الفكري الكبير: من أين اتيت و الى اين امضي؟ و التفكر فيه يعطي للعقل البشري قيمة ثم يفضي الى خلاصتك في الفقرة الاخيرة من مقالك.
هنا كل المعنى. ان نسترجع الاحترام للإنسان. ان نبحث عن السعادة للجميع. فكلنا ذاهب إلى هناك…
لكن هل هناك هو حقا العدم…؟
إن أخضنا في موضوع كهذا – برأيي – يجب علينا أن نكون مسلحين بدراسات علمية أدق وإلا فسنصبح نخوض في عالم الفرضيات, وعالم الفرضيات للأسف – برأيي – أخر تقدم العرب وجعلهم يتبوأون مراتبهم الحالية والتي لا يحسدون عليها.
أما عن سن الثمانين , فذاك طبعا بالنسبة لمن ؟ عربيا , قد يكون , غربيا فهذا السن لم يعتد يعتد به في القياس. أغلبية الثمانينيين في صحة جيدة وبعضهم في رشاقة الستينيين.
العلم يقول أن سبب شيخوختنا يعود للساعة البيولوجية بداخلنا, عند التوصل لإيقاف العداد سيكون للإنسان الاختيار كم سنة يود العيش. يقولون بأن عدم تجدد خلايا الجسم بالطريقة العادية عند الشيخوخة هو السبب , لاأدري , لكني أظنهم في الطريق.
عفوا سيدتي.. بعد الموت،سنرجع إلى خالقنا وليس إلى العدم.. “يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ”.. فمن أسماء الله الحسنى، الكريم، وكرم الله لا يمكن أن يكون محدودا في الحياة الدنيا، بل يمتد إلى الحياة الآخرة حيث الخلود في جنته ونعيمه.. ” وَمَا هَٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلْءَاخِرَةَ لَهِىَ ٱلْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ”..
تذكرة ?
مايعجبني في رجال الدين في الغرب أنهم يفصلون بين العلمي والديني الإيماني, قس سويدي معروف كان يتحدث كل صباح في محطة إذاعية وطنية ويستهل كلامه بالقول : ” صباح الخير أيها الرب , هل الأمور كما هي اليوم ؟ ” ويضيف أشياء أخرى. لااحتجاج ولا غيره.
لنختار أجوبة علمية على العلمي ودينية على الديني أفضل – برأيي .
أتمنى لو
بالنسبة للفقرة:
[أكثر ما يلفت الانتباه من تغيرات نفسية، حين يمتد الزمن بالإنسان، هو ما تنبأ به العلماء- أن فكرة الحب الأبدي المقنن بالزواج المستمر بين اثنين ستنتهي تماماً. لن يحتمل البشر الحياة في كينونة زوجية لما يزيد عن المئة عام، ستختفي منظومة الزواج والفكرة الرومانسية للحب الأبدي التي تغلفها، تبدو هذه قراءة منطقية وحزينة في آن.]
هذه الفقرة غير علمية إطلاقا وغير منطقية بأي شكل من الأشكال ما دام فحواها المعبَّر عنه بهذا الشكل افتراضيا محضا، وما دام الامتداد الزمني المذكور بالإنسان غير قابل للحدوث في واقع الأمر: فأين هي التغيرات النفسية التي لم تحدث أصلا حتى «تلفت انتباه» ابتهال الخطيب ؛ لا بد أن ابتهال تمثل فيلما من القصص العلمي أو أنها تتكلم من كوكب آخر كالمريخ أو أنها تتحدث إلى مجموعة من المرضى الذين فقدوا الإحساس بالزمن وبالمبنى قبل المعنى – وفي كل من هذه الحالات وغيرها استهجان فاقع للقارئ الكريم وللقارئة الكريمة !!!؟؟
اؤيد بقوه ما ذكره الأخ قارئ ولا ادري لماذا هذه الاستخفاف بالعقول. ( قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين)
بالله عليكم الي ماذا تحيل هاته الكلمات :
الهوموسيبيان , عدمية , عشوائية , عدم خالص , العدم البارد القادم , سيكون الوضع تماما مطابقا لما كنا عليه قبل مجيئنا الي الدنيا….
و تضادها الواضح مع قول الله عز وجل” ‘وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ”
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: ” كانَ أهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ: إنَّمَا يُهْلِكُنَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ, وَهُوَ الَّذِي يُهْلِكُنَا وَيُمِيتُنَا وَيُحْيِينا, فقال الله في كتابه: ( وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ ) قال: فَيَسُبُّونَ الدَّهْرَ, فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وأنا الدَّهْرُ, بِيَدِي الأمْرُ, أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ”.
وقوله تعالي :” وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ”
المادة لا تفنى ولا تستحدث هي حقيقة فيزيائية كونية. اذن العدم نسبي، لكن ينتقل الانسان بعد وفاته الى مراحل اخرى مختلفة تماما عن هذه الحياة، هي بعد البرزخ ووفقا للرؤية القرانية، مرحلة الحساب وعدم الاختيار. في الحياة الدنيا، الخيارات مفتوحة بما فيها ظلم النفس والاخرين والبطش والظلم والطغيان والكذب وادعاء الجهل وعدم تحمل المسؤولية!، لكن كل هذا لا ينطبق على الاخرة.
…. إن هذه العبارة بهذا الإطلاق لا تجوز شرعا، فالقول انّ المادة لا تفنى، باطل لأن كل ما سوى الله يفنى، قال تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [سورة الرحمن: 27،26]. وقال سبحانه: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [سورة القصص: 88].
ومعنى قولهم: لا تستحدث من العدم، أن المادة أزلية، وفي ذلك نفي للخلق، والله تعالى يقول: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [سورة الزمر: 62].
ويلزم من عبارة الفيزيائيين آنفة الذكر أن الكون مستغن عن الله، فلا رب خلقه، ولا رب يدبره ويقوم عليه بالرعاية، وهذا منطق الملاحدة، فالله هو الحي القيوم.
والواجب أن تنقى كتب العلوم التجريبية التي تدرس في بلاد المسلمين من العبارات التي تكرس الإلحاد في أذهان الطلاب، وأن لا يؤخذ كلام العلماء التجريبيين الظني دون عرضه على قواطع العقيدة الإسلامية.
والله أعل
والله اعلم .
منقول
شكرا اخ سهيل على التعقيب حسن النية. هل الانسان يفنى عند الموت؟ لا يفنى حسب الرؤية القرانية لان روحه موجودة وستبقى وسيحاسب الانسان بالجنة او النار او كلاهما. هل خلق الله ادم من الطين وروح الله؟ نعم حسب الرؤيا القرآنية. اما الخلق الاصلي فهو خارج قوانين الكون والفيزياء كما نعرفها بل وخارج احاطة الانسان وتصوراته المتخيلة.