قديما قيل: «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه «. ولعل بعض المغاربيين قد يقولون الان بالمثل: «تسمع بالاتحاد المغاربي خير من أن تراه». غير أن خيبة الكثيرين من شلل الهيكل الإقليمي قد لا تجعلهم ينتبهون إلى تعدد الأعطاب فيه. فالتفاصيل قد لا تبدو بنظرهم مهمة إن نسبت إلى مصدر واحد هو الانظمة المغاربية، فهي وحدها مثلما قد يتصورون المسؤولة عن تلك الحالة. لكن هل أن الشعوب المقهورة والمشغولة بالهموم تتحمل بدورها وزر تلك المصيبة؟ أم تراها على العكس في حل تماما مما صنعته وأفسدته تلك الأنظمة، وكأن لسان حالها يقول للحكام: لا شأن لنا بمغرب تلاعبتم به كما شئتم واردتم؟
ربما ألقى الإعلان الجمعة الماضي في الدار البيضاء عن وفاة رئيس الحكومة الأسبق عبد الرحمن اليوسفي بعض الضوء على مسيرة الفقيد، لكنه فتح أيضا أعين البعض على صورة مصغرة لذلك المسار المغاربي الجامد والمشلول والخاضع لأهواء وتقلبات ومساومات السياسيين ومناكفاتهم. ففي وقت بدأت فيه الرباط إجلاء مغاربة علقوا في الجزائر، كما وصفوا في الإعلام الرسمي، مع كل ما رافق ذلك من هزات إضافية في علاقة الجارتين، كان المثال الأوضح لها ما خلفته ما عرفت لاحقا بحادثة القنصلية المغربية في وهران، أبرق الرئيس الجزائري مواسيا ومعزيا في السياسي المغربي الراحل، فيما كان لافتا أن نظرائه في تونس وموريتانيا لم يقوموا بإرسال برقيات للغرض نفسه. لكن ما فضله عبد المجيد تبون، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية، أن يوجه برقيته رأسا إلى عائلة الفقيد، بدلا من أن يرسلها، كما جرت العادة في مثل تلك الحالة وفعل قادة غيره، إلى العاهل المغربي.
ولم يكن ذلك بالطبع مجرد خطأ بروتوكولي غير مقصود، بل كان عملا واعيا جدا من قصر المرادية، أكد في جانب ما على الأقل، أن باب التواصل بين القائدين المغاربيين مايزال مسدودا وموصدا بإحكام. ولم يكن من قبيل الصدفة أيضا أن يحرص تبون بعد وصفه الراحل بالزعيم المغاربي، على التأكيد على «أن المسيرة النضالية الطويلة للراحل، تخللتها الإقامة عدة مرات في الجزائر، بين ظهرانينا وكانت تلك الإقامة فرصة لكل من لم يعرفه من قبل ليكتشف فيه صفات رجل الدولة المتمكن، والمواطن المغاربي المثالي الذي يتفانى في العمل على مد جسور الأخوة والتعاون بين الشعوب المغاربية، ويسعى بقوة المؤمن الصادق لتحقيق حلم الأجيال المتوالية، في بناء صرح اتحاد المغرب العربي الموحد، الذي يخدم مصلحة شعوبه في كنف التضامن والأخوة والسلم، بعيدا عن التأثيرات الأجنبية التي تتعارض مع طموحاتها المشروعة». تلك الإشارة إلى إقامة اليوسفي في مرحلة ما من التاريخ في الجزائر لم تكن خالية من الدلالات. فالمعارض المغربي الذي لجأ إليها في وقت ما خلال سنوات اختلافه السياسي مع القيادة المغربية، قبل أن يعود إلى بلاده لتشكيل وقيادة حكومة في أواخر سنوات العاهل الراحل الحسن الثاني، ضمن ما عرف حينها بحكومة التناوب، كان يرمز وبلا شك إلى مرحلة من النضال المغاربي المشترك لطرد المستعمر الفرنسي، ثم إلى مرحلة أخرى دبت فيها الخلافات المغربية الجزائرية، وبدأت في البروز وشهدت في الوقت نفسه تحولا وانتقالا لبعض الوجوه، التي شاركت في ذلك النضال ثم اختلفت مع القيادات الحاكمة في البلدين، من هذا البلد إلى ذاك.
الساحة تكاد تخلو من أي مبادرة أهلية ذات زخم من شأنها أن تخدم تعميق التقارب أو التكامل بين دول المغرب العربي
وكان وجود قيادات معارضة في البلدين، الجزائر والمغرب، يمثل لهما شكلا من اشكال الذخيرة الاستراتيجية التي أبقياها حتى يثبتا أن المشكل القائم بينهما ينحصر في النظامين الحاكمين فيهما، ولا يتعلق أبدا بالمعارضين، أو حتى بالشعبين. لكن ما الذي جعل اليوسفي يبدو رجل دولة ومواطنا مغاربيا مثاليا بنظر الرئيس الجزائري؟ وما الذي جعل وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية تقول عنه، إنه وبوفاته انطفأ نجم مغاربي؟ سيكون أقرب ما يمكن أن نتصوره، أن يكون المسؤولون الجزائريون قد استحضروا مؤتمر طنجة، أواخر الخمسينيات، الذي كان الفقيد أحد المساهمين فيه، وجمع الدول المغاربية الثلاث تونس والمغرب والجزائر، ليقر في ختام أشغاله إرادة المشاركين وهم حزب الاستقلال المغربي، وحزب جبهة التحرير الجزائري والحزب الدستوري التونسي في العمل على تحقيق اتحاد بينهم، «وعيا بضرورة التعبير عن الإرادة الجماعية لشعوب المغرب العربي، في توحيد مصيرها واقتناعا بأن الوقت حان لتحقيق تلك الإرادة في إطار مؤسسات مشتركة»، مثلما اتفق عليه حينها. ولكن لما غابت ذكرى ذلك المؤتمر عن الطرف الثالث أي تونس؟ ومن الذي نسف جسور الأخوة والتعاون بين الشعوب المغاربية، وجعل طموحات اليوسفي وجيله تتبخر في الهواء؟
إن فتح الباب لذلك التساؤل التاريخي سيشرع المجال أمام المغاربيين ليتبادلوا الاتهامات المعتادة، بما يجعل كل واحد منهم يلقى مسؤولية العطب على الآخر، معيدا قراءة المسار المغاربي من الزاوية التي تخصه، وتجعله الأحرص على المشروع، والساعي بصدق لإنجازه، مقابل اعتبار الباقين أقل إيمانا منه به، أو غير متحمسين له، ويسعون لإفشاله وإجهاضه في المهد. غير أنه سيكون من الأجدى أن يتأمل الجميع في المنطلقات الأولى للفكرة، أي مثلا في ذلك المؤتمر المغاربي الأول في طنجة، ويحاولوا البحث من خلاله عن الأخطاء. فهل كانت الوعود بالوحدة المغاربية حينها حقيقية وجدية؟ أم فقط تكتيكية ومرحلية صبت في مصلحة الأنظمة التي تشكلت بعد الاستقلال، أو كانت في طريقها للتشكل؟ إن ضعف إيمان الأجيال المغاربية الشابة بوحدة المصير، رغم ما تظهره في بعض المناسبات من مشاعر ودية وأخوية إزاء بعضها، بما يعكس انتماءها المشترك، قد يؤكد أن نطاق الفكرة المغاربية يظل ضيقا ومحددا ولا يخرج أبدا عن سيطرة الأنظمة وتوجيهها. لكن تعمق الهوة بين المغربين الرسمي والشعبي، قد لا يعني بالضرورة أنهما الآن يتصارعان أو يتنافسان بحدة. فالساحة تكاد تخلو من أي مبادرة أهلية ذات زخم من شأنها أن تخدم تعميق التقارب أو التكامل، عدا ما يطلقه البعض بين الحين والآخر من حملات افتراضية على منصات التواصل الاجتماعي. وحتى تصور الرئيس التونسي في وقت سابق لاتحاد جديد يقوم على إرادة الشعوب المغاربية، حمل قدرا من المبالغة الطموحة، في ظل حالة الانكفاء وفقدان التواصل فيما بينها. ويبدو أن أسهل ما قد يفعله البعض هنا ايضا، أن يحمّل الأنظمة المسؤولية عن ذلك. ولكن أليس غريبا أن لا تسمع خلال الانتفاضات والحركات الشعبية التي شهدتها الدول المغاربية أصواتا تدعو إلى وحدة تلك الاقطار؟
ربما عكست سيرة اليوسفي جانبا من ذلك التناقض المر. فهو كان، بحسب البعض على الأقل، مغاربيا بالاساس حين عارض، ثم مغربيا بالدرجة الاولى لما صار مواليا لنظام بلاده. لكن العطب الإقليمي بقي في الحالتين واحدا وظل السماع بالاتحاد المغاربي وتخيله افضل الف مرة من الاقتراب منه أورؤيته عن قرب.
كاتب وصحافي من تونس
المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها والخرائط التي تنتقص من وحدة المغرب بالنسبة لنا هي لا حدث وألفناها منذ 47 سنة فهل غيرة من الواقع شئ ؟؟ للكاتب أن يظم المغرب كله أو تونس أوموريتانيا أو أجازء منهم للجزائركذلك في الخريطة إذا كان ذالك يدخل في مشروع المغرب الكبير الذي يسوق له أو إذا كان ذلك يشفي غليله أما على أرض الواقع فكل ذالك لا حدث …. مغاربي حر
إنه واهم من يظن أن الشعب المغربي سيسلم صحراءه لمجموعة من دول الجوار جمعهم عسكر المرادية بتندوف وسماهم شعبا وصنع لهم علما سرقه من فلسطين المغتصبة ويمنع الأمم المتحدة من إحصائهم والتأكد من هوياتهم لتحقيق منفده الأطلسي الذي لن يتحقق ولو على أجساد 40 مليون مغربي كلهم عزيمة وحماس لحرق يد كل معتد تسول له نفسه المس بوحدة وطنهم الترابية ….تحياتي من الصحراء المغربية
هذه الخريطة هي نفسها التي قدمها المغرب في ملفه للانضمام الى الاتحاد الافريقي الذي من بين مؤسسيه الجمهمورية العربية الصحراوية وهي الخريطة الرسمية المعتمدة لدى الامم المتحدة والاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية وحتى فرنسا واسبانيا الداعمتان للمغرب تنشر نفس الخريطة فلماذا الانزعاج من حقيقة معترف بها دوليا.
تمعنوا يا مغاربة من المقال و عمق التحليل للكاتب التونسي المحايد في كتاباته.
الاتحاد الأفريقي هو امتداد مع اسم مغاير لمنظمة التعاون الإفريقي.. و حين تأسيسها لم يكون هناك شيئ اسمه البوليساريو.
فكيف أصبحت مؤسسا؟ حينما تبدل منظمات اسمها و تعتمد تعديلا في قانونها هذا لا يعني انها تأسست من جديد.
.
كل هذه الدول و المنظمات لا تعترف بشئ اسمه البوليساريو .. و ان تحاشت اغظاب عسكرونا فانها تضع خط متقطع كفاصل
بين جموب المغرب و شماله للتعبير أن على ان الجزائر لا زالت تصارع الكون و التاريخ للوصول إلى الأطلسي.
شكراً لكاتب المقال وللقدس العربي على استجابتهم وتفاعلهم مع ملاحظات المعلقين المغاربة ومن ثم تصحيح الوضع. لقد ازددتم شموخاً في أعيننا.