يواجه التلفزيون التجاري الإسرائيلي الآن تحدياً يشبه التحدي الذي واجهته السينما الإسرائيلية في بداية الستينيات، عندما أصبحت تعتمد في كسب الرزق على جمهور المشاهدين الشرقيين. الحل لدى السينما هو اختراع صالح شباتي. ووجد التلفزيون حلاً مشابهاً: أوجد برامج تضع شخصيات شرقية في أماكن رئيسية، لكنها لا تتنازل عن نسخ الصور النمطية التي تهين الشرقيين.
لقد أحسن برنامج “بلاد رائعة” صنعاً عندما أطلق موسماً جديداً له في الأسبوع الماضي. هذا المسلسل الهزلي الذي حصل على جوائز كثيرة يعتبر لحم دنس في كل ما يتعلق بتمثيل الشرقيين فيه. قد تهزأ السخرية بالأقوياء. في برنامج “ستاردي لايف” البرنامج الأمريكي الموازي لبرنامج “بلاد رائعة”، لم يكن الأغبياء هم السود في أي وقت. في المقابل، جميع شخصيات “بلاد رائعة” هي محل للسخرية، لكن الشرقيين فقط يعرضون كأغبياء: ميري ريغف، ودافيد امسالم، واوسنات مارك، وانضم إليهم في الموسم الجديد أيضاً تسيدي تسرفاتي. ولكن يبدو أن الجزء الأدنى في البرنامج، من هذه الناحية، هو سلسلة التمثيليات القصيرة عن السلاحف.لا تخبرنا ويكيبيديا عن أصل السلاحف في “بلاد رائعة”. ولكن شرقية حاي وسبير يمكن استنتاجها فوراً من عالم صورها الشرقية، وكذلك من تفاخر سبير بلغته الفرنسية. ولكن السلاحف يتم عرضها أيضاً كأنانية وانتهازية وجاهلة ومتلاعبة وغبية ومبهرجة وجشعة، وبكونها ثرية لا يمكن حتى الشفقة عليها. هي مخلوقات بغيضة.
في الفصل الأول في الموسم الجديد، تهاجر السلاحف إلى دبي، بدون أي حنين إلى الماضي الذي خلفته وراءها. في البداية، تشعر وكأنها في البيت – حيث إنها عادت كما يبدو إلى ثقافتها الأصلية. حاي يتزوج ثلاثة نساء، وسبير تستسلم بسرعة لهذا التغيير. وأثناء الجلوس على طنجرة اللحم هناك في دبي، لا تنسى السلاحف التشهير بإسرائيل. ولكن الجهل والريفية تفشل حاي، الذي يصمم على إثارة اهتمام أهالي دبي بالمخطط الهيكلي الإقليمي 38. لذلك، يضطرون إلى العودة إلى إسرائيل حاسري الرؤوس.
في عالم ما بعد الحداثة، يعد الإنسان أو الجماعة، هم مجمل تمثيلياتهم الإعلامية. هذه الحقيقة تعطي قوة كبيرة لأصحاب السيطرة على وسائل الإعلام، إلى درجة تشكيل مصير مجموعات كاملة. وليس هناك أي جديد بأنه النخب الأشكنازية هي التي تسيطر، وفق التلفاز الإسرائيلي. كيف تريد هذه النخب التأثير على مصير الشرقيين بواسطة السلاحف.
النخب تشخص الخطر. اتفاقات السلام الجديدة هي اتفاقات تغير الوعي، ولها إمكانية كامنة لتغيير جوهري لصالح وضع الشرقيين، الذين تحولت ثقافتهم فجأة إلى بضاعة مرغوبة، مثلما حدث مثلاً مع حيزي سيمنطوف، مراسل الشؤون العربية في القناة 13، إذ تحسنت مكانته بدرجة كبيرة بعد اتفاقات السلام الجديدة؛ فمن مراسل يتجول في مخيمات اللاجئين في المناطق إلى مراسل للشؤون الخارجية بنكهة دولية. وأعلن صديقي غابي بن سمحون، الكاتب والمسرحي من مواليد المغرب، بأن إحدى رواياته ستترجم للغة العربية وستنشر في المغرب. ستكون الرواية العبرية – الإسرائيلية الأولى التي تترجم إلى اللغة العربية في المغرب.
فجأة أصبح وراء البحار ثقافة شرقية، وأصبح الاستشراق الإسرائيلي دولياً. وأصبحت النخبة في حالة ضغط، فهي تعمل بصورة حثيثة على استئصال هذا التطور. ويبدو أن المقطع التمثيلي القصير عن السلاحف الذي يدين حوار الشرقيين مع أصدقائنا الجدد في الشرق الأوسط، والذي يعدّ نوعاً من عدم الولاء والرجعية والجشع، ما هو إلا السنونو الأولى.
بقلم: رامي قمحي
هآرتس 28/12/2020