من تبعية العرب الجزئية الى الكلية للغرب!

حجم الخط
0

ان ما يعانيه العرب اليوم من ذل ومهانة جاء بسبب تخلفهم وطمع الغير فيهم ونهب خيراتهم التي لم يحسنوا التصرف بها فأراد الغرب ان يسترقهم بخيراتهم . وإذا كانت الحروب لم تعد مصدرا للرق، فإن القوى الاستعمارية قد استبدلت الرق بالتبعية الاقتصادية والسياسية، فالتبعية الاقتصادية تمارس الاستعمار بالتجويع، وبالتبعية السياسية تمارس الاستعمار بالتخويف، وكلاهما الوجه الاخر لاسترقاق الشعوب. اصبح التعبير الذي يقدم عادة هو انتساب ذوو السحنة السمراء (ومنهم العرب) المزعوم لحام الابن الملعون من ابناء نوح وهذا ما جعل اللون الاسود مكروها لا من الناحية الجمالية فقط بل لأنه صار رمزا لوصمة اخلاقية.
يقول وزير الزراعة الامريكي الاسبق بوتز Butz ان الغذاء هو سلاح وأداة قوية في سياستنا. وفي نفس الوقت تقول مصادر استخباراتية امريكية بأن تزايد نقص القمح في العالم يعطي واشنطن القدرة على احياء وإماتة ملايين البشر؟ ألا يدل ذلك وبكل وقاحة ان الغذاء اصبح مصدرا للاستغلال والابتزاز في المجالين الاقتصادي والسياسي ووسيلة للتحكم بأولئك المعذبون في الارض. من تتحكم في خبزه قادر على التحكم في فكره، وتعطيل عقله وإلغاء قدرته على كل ما هو رفيع من ملكاته وقدراته.اما ان نعتمد على انفسنا وننتفع بكل جزء من مواردنا او نتكل على غبرنا ونترك له استغلال خيراتنا ونظل متخلفين الى الابد.
لا شك ان هذه المنطقة ليست كغيرها من المناطق، فهي قلب العالم ومعبر طرقه وملتقى قاراته وهي سوق استهلاكية لمنتجات الغرب وبالتالي فليس بوسع الغرب تركها وشأنها فعلى مر العصور شهدت هذه المنطقة عديد الحروب ادت بالنتيجة الى احتلالها من قبل الاخرين، فلم تهنأ الامور بالمنطقة وتوالت الكوارث والمحن، ومع ظهور البترول شهدت بلدان المنطقة نوعا من الاستقرار وشيئا من التمدن، ذهبت معظم خيراته الى جيوب الغرب وأعوانهم. فكل الحروب التي شنت علينا باطنها الغذاء واقتناص اللقمة من افواهنا لكن اهدافها العلنية اما دفاع عن الدين (الحروب الصليبية) او الكرامة الوطنية (الحرب على الارهاب) او نشر الديمقراطية. وإما انهم يحبوننا لدرجة الاستحواذ علينا وأكلنا كما تأكل انثى العنكبوت رفيقها. مشاهد كثيرة جرت احداثها على خشبة مسرح يمتد من المحيط الى الخليج. وأصبحت اليوم ساحة تتنافس عليها مختلف اشكال الاستعمار الجديد، وارض صراع وتحد حقيقي بين الشرق والغرب.
قامت الدول الغربية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبسبب الموقع الاستراتيجي للوطن العربي على تقسيمه وتفكيكه، وأقاموا ممالك ومشايخ على مواقع الثروات وخلقوا هذه الدول دون امتلاك مقومات الدولة. استطاع الغرب وبجناحه العسكري (الناتو) وبعد سنوات ان يهزم المنظومة الاشتراكية وحلفها العسكري وارسو بل يفكك روسيا نفسها وبالتالي فقد الناتو مبرر وجوده إلا اذا كانت له أهدافا أخرى فتمدد شرقا وأصبح على اعتاب موسكو، تخلّص من الشيوعية ولم يبقى امامه سوى العرب والمسلمين ولا بد من سيكس ــ بيكو جديد.
سعى الغرب الى تقسيم المسلمين بين سنه وشيعة وإحداث الفتنه بينهم وإيهام العرب ذوو الغالبية السنية بأن الخطر قادم من بلاد فارس عبدة النار والذين يسبون الخلفاء الراشدين وأم المؤمنين عائشة! ولهم مزارات خاصة بهم قد تلهيهم عن زيارة الكعبة المقدسة فلتبدأ الحرب بين دولتين متجاورتين احداهما سنية والأخرى شيعية فأوعزوا الى صدام حسين بمقاتلة الثورة الفتية فلم تمض سنة حتى كانت حرب الخليج بحجة استرداد عربستان الى العراق فاستمرت الحرب لأكثر من ثمان سنوات انهكت الجانبين وقد دفع امراء الخليج ثمنها من عائدات النفط التي كان من المفروض ان تستخدم في تنمية شعوبهم وفقد العراقيون ابناءهم، لم يهنأ الغرب ولتحقيق الفتنه عاود الكرّة مرّة اخرى ولتصبح ايران العدو الاوحد للعرب وتترك (اسرائيل) التي تحتل القدس بل تزداد توسعا يوما بعد يوم بقضم ما تبقّى من الاراضي. ولقد لاحظنا عبر التاريخ ان الامم تنهض برجالها وإذا غاب الرجال فإن الامة (ان وجدت) لن تستطيع حماية اي فرد من افرادها، ويقول المثل (الرجل يحيي قبيلة والقبيلة لا تحيي فرد!). وهذا هو حال العرب.
ميلاد عمر المزوغي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية