من دروس المونديال!

حجم الخط
3

 ساهم الفوز الذي حققه “الأخضر” السعودي على الأرجنتين علاوة على أهميته الكروية ورمزيته التاريخية، في إثراء عنصر التشويق في مونديال قطر الاستثنائي، وشكّل جرعة تحفيز قوية لمنتخبات أخرى كتونس والمغرب، وبشكل أكثر وضوحاً المنتخب الياباني ومدربه هاجيمي مورياسو، الذي حقق فوزاً مماثلاً على المناشافت الألماني بنفس نتيجة الخضر أمام الأرجنتين.
لكن أكثر من ذلك فإن المباراة الملحمية التي قدمها “الأخضر” السعودي ضد أرجنتين ليونيل ميسي تُعَدُّ درساً كبيراً ومجانياً لمنتخبات أخرى، لا سيما المنتخبات الأفريقية. فهو ثمرة عمل دؤوب ومثابرة، تحت إشراف طاقم منظم مدعوم، حصل على حرية التصرف والتفويض المطلق من الاتحاد السعودي لكرة القدم، والذي وفر للمدرب الفرنسي هيرفي رونار جميع الإمكانات المادية المطلوبة، تاركاً له حرية التصرف التامة من حيث الجانب الرياضي، على عكس ما نشهده مع بلدان أفريقية كثيرة، حيث يشكل المسؤولون في كثير من الأحيان عائقا من العوائق المهمة بدل أن يكونوا حافزاً من حوافز إبداع اللاعبين. فتداخل العمل السياسي بالعمل الرياضي الإبداعي يتجاوز الحدود المعقولة بالإضافة إلى استشراء ظاهرة الفساد في بعض الاتحاد في القارة السمراء ما يؤدي إلى غياب استراتيجية واضحة المعالم وطموحة للمضي قدما في تنفيذ مشروع هادف برؤية مستقبلية، وذلك انطلاقاً من توفير الأرضية الملائمة.

الدرس الكروي السعودي وأيضا القطري، والذي يُنصح الأفارقة بالتعلم منه، يكمن في أهمية رفع مستوى الدوريات المحلية، حيث جعل منها البلدان مخزونا حقيقيا لاكتشاف مواهبه، بينما يُلاحظ أن المنتخبات الأفريقية المشاركة في مونديال قطر تتكون في أغلبها من لاعبين تكونوا في أوروبا وينشطون في دورياتها، وبالتالي فإنهم يلعبون مع منتخبات بلدانهم من دون أن يكون لديهم احتكاك كاف باللاعبين المحليين. وهو أمر مهم جدا في إشاعة روح التجانس بين عناصر هذا المنتخب أو ذاك. أما السعودية وقطر فإنهما تخوضان المونديال بــ”منتوج” محلي صرف قادر على العطاء انطلاقا من احتكاكه بلاعبي أندية بلاده وتجربة اللاعبين الأجانب الذين يلعب معهم في الداخل لا في الخارج، مستفيدا من تنوعهم المستمد من تنوع المدارس الكروية العالمية.
ما لاحظه متابعو مونديال قطر في مباراة المنتخبين السعودي والأرجنتيني تسجيل رقم قياسي في عدد الجماهير التي شاهدتها عن كثب حيث بلغ عددها 88 ألف متفرج شكل السعوديون غالبيتهم. ويعكس الأمر توجها عاما في ملاعب دول الخليج العربية مفاده أن الجماهير تساند كثيرا لاعبيها المحليين وتحضر مبارياتهم. قد تقسو عليهم أحيانا ولكنها تلتف حولهم وتساندهم دوما حتى في حال إخفاقهم للحفاظ على معنوياتهم مرتفعة. وفي القارة الأفريقية وحتى في بلدان أوروبية، كثيرا ما تهلل الجماهير لإبطالها إذا فازوا، وتقسو عليهم أكثر من اللزوم إذا خسروا من دون أن تتوقف بحق عند أسباب الخسارة ومسبباتها.
يبقى أن الفوز التاريخي للسعودية على الأرجنتين ومعه الفوز المدوي لليابان أمام ألمانيا هما درسان أيضا بالنسبة إلى الأفارقة الذين يبدو في كل مرة، إلا في حالات نادرة، أنهم يعانون ذهنياً من عقدة النقص كلما واجهوا منتخباً أوروبيا كبيراً، حتى يتذكروا أن المباريات تُلعب أيضا على المستوى الذهني، ولذلك فإن الثقة في النفس أساسية من دون تحويلها بطبيعة الحال إلى صلف وغرور، ذلك أن الصلف والغرور يُعميان صاحبهما بدل أن يقوداه إلى الأنوار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الحسن من العيون-المغرب:

    المغاربة افارقة بلا شك ، وقد واجهوا يوم امس منتخبا أوروبيا كبيرا مصنف الثاني عالميا وحائز على الرتبة الثالثة في النسخة الماضية دون أي شعور بالنقص وقبله واجه نفس الأفارقة منتخب كرواتيا وهو وصيف بطل مونديال روسيا ولم نرى أو نلمس ولله الحمد أي شعور بالنقص بل كانوا انداد للأوروبيين معضم الأحيان بل افضل منهم احيانا، أمنياتنا للأشقاء العرب والأفارقة بالتوفيق في هذا العرس العربي الجميل ومزيدا من الانتصارات والتألق في المجال الرياضي وغيره من المجالات.

  2. يقول هرموش:

    يجب أن نتعلم الدرس من المنتخب المغربي الذي علمنا ان الانتصار على الفرق الأوربية ليس بالمستحيل بل يجب فقط التوفر على العزيمة والثقة في النفس. وهذا ما ابان عنه المغرب..بل لما تكون الاطر التقنية محلية فهذا يعطي دفعة كبيرة لتحقيق الفوز حيث لاحظنا ان لما اخد الإطار الوطني المغربي زمام الأمور انتعش كل شيء وخصوصا الروح الوطنية

  3. يقول ملاحظ مغربي:

    المغرب اول بلد عربي يصل الى الثمن .ثم الجزائر كذلك لاحقا و انتصرا في المومنديال على فرق كبيرة ولا وجود لعقد النقص
    وامتياز السعودية يتمثل في ان اغلب اللاعبين من البطولة المحلية
    بالتوفيق للرياضات العربية

إشترك في قائمتنا البريدية