في هذه المرة كما هي الحال دائما سيُساق الزوجان غير الشابين كثيرا الى تحت المظلة، على أنغام مارش الأسرى. في أول اسبوع من آب/اغسطس، قبل انتهاء شهر رمضان، ستفرج اسرائيل عن أول مجموعة سجناء فلسطينيين. وحتى لو أُعلن ان ذلك تفضل اسرائيلي من اجل عيد الفطر فسيكون الخطوة العملية الاولى في اطار التفاهمات التي أحرزها العراب الفخور جون كيري. أوضحت اسرائيل أن لديها معارضة مهنية قوية من جهة الاستخبارات للافراج عن سجناء قبل اوسلو الـ103 كلهم. لكن كيري وجد لهذا ايضا حلا خلاقا، وهو الكمية بدل النوعية. فاسرائيل ستفرج فقط عن نصف سجناء قبل اوسلو، وكلهم سجناء مؤبدون ثقيلون أكثرهم ملطخة أيديهم بالدماء، وبدل النصف الثاني ستختار بين 200 الى 300 سجين آخر من فترات متأخرة بعد ذلك. وسيتم الافراج في دفعات على مدى بضعة اسابيع على حسب تطور التفاوض. إن تحديد عيد الفطر موعدا للافراج عن الدفعة الاولى من السجناء يرمي الى إرضاء اسرائيل لا الى نقض التزام نتنياهو، كي يرى الفلسطينيون منا تفضلا بعد ان يبدأ التفاوض فقط. ويضمن هذا الجدول الزمني القصير ان يحضر الفلسطينيون للتفاوض المباشر في واشنطن في الوقت قبل عيد الفطر، وإلا فانهم لن يروا ‘أبطال ارهاب’ السبعينيات والثمانينيات يحتفلون في البيت. إن نجاح وزير الخارجية الامريكي جون كيري في ادخال الطرفين الى تفاوض في ‘وقت الجروح’، بعد الدقيقة التسعين، معجزة. فقد تبين أن كيري ماهر دبلوماسيا. في صباح يوم الجمعة كان يواجه دعامة مكسورة بعد ان لم ينجح في اغلاق سلسلة الوثائق التي هي الأساس لموافقة الطرفين على بدء تفاوض مباشر. والحديث عن ‘رسالتين جانبيتين’ وقع عليهما الرئيس الامريكي: الاولى موجهة الى أبو مازن والاخرى الى نتنياهو. والوثيقة الثالثة في السلسلة هي وثيقة المبادئ الموجهة للتفاوض والرابعة هي رسالة دعوة. وانحصر الجدل في قضيتين: فاللجنة التنفيذية لـ ‘م.ت.ف’ لم تقبل الصيغة الامريكية والاسرائيلية بشأن ‘تجميد صامت’ للبناء من خارج الكتل الاستيطانية. لكنها طلبت الى ذلك التزاما واضحا من اسرائيل ان تدخل التفاوض على أساس خطوط 1967. وقد رأت أن ذكر الموضوع في رسالة سيتلقاها أبو مازن فقط هو تهرب اسرائيلي، فكان القرار في الجانب الفلسطيني: نحن مقبلون أصلا على الفشل في التفاوض فيحسن ان نحارب اسرائيل في الامم المتحدة وفي المحكمة الدولية، وان تعلن الجامعة العربية قطيعة مع اسرائيل، الى ان يدركوا هناك انه يجب استبدال نتنياهو. كانت هذه هي الاصوات التي سُمعت في الجلسة العاصفة للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مساء يوم الخميس. وعندها اتجه كيري الى تكتيك آخر: فرغم ان الطرفين لا يريان حتى بارقة ضوء في الطرف، دفعهما الى داخل النفق حتى من دون اغلاق الوثائق. ولم يكن ذلك سهلا، فقد استعمل الامريكيون الضغط الشديد، وكانت النتيجة ان وافق الطرفان على ان يعلن كيري بدء تفاوض مباشر، وان يستمر التفاوض في مضمون الوثائق الى ان تبدأ المحادثات في واشنطن، وهناك فقط تُعرض الوثائق النهائية. ويؤمن كيري أنه الى ذلك الوقت سيضعف طرف من الطرفين وتوجد الصيغة المتعلقة بحدود 1967. وهو يرى ان مجرد الموافقة على التوجه الى التفاوض يضائل احتمال الانفجار. ونقول بعبارة اخرى انهما يدخلان مظلة الزواج بفرض أنه سيُكتب على نحو ما الى ان تُكسر الكأس، لأنه حينما تكون تحت مظلة الزواج وعيون العالم كلها متطلعة إليك يكون من الصعب ان تهرب. ألم توافق على الزواج، فلماذا اذا تجادل في التفاصيل؟ إن تحديد فترة تسعة اشهر للتفاوض أمر مُتكلف. فهكذا يقللون توقعات انجازات فورا ويُمكّنون الطرفين من اجراء تفاوض تحت الرادار الاعلامي، من دون أن يظهر في كل اسبوع عنوان صحافي عن فشل المحادثات.