في يوم داروين العالمي يحضر السؤال الأهم الذي يطرح وطرح بشدة قبل بلوغ الحقيقة العلمية، ما الذي ألهم داروين أفكاره المختلفة؟ وما الذي ثبّته على قناعته رغم الانتقادات الحادة التي وجهت إليه، خاصة من طرف الكنيسة؟
في ذلك الزمن المبكر من القرن التاسع عشر، كان العلم لا يزال بعيدا عن فك شيفرة الجينات الإنسانية والحيوانية – أو ما عرف بالحمض النّووي- وإجراء مقارنات مهمة لمعرفة التغيرات والطفرات التي تطرأ عليها، لكن داروين أدرك بحسه الفريد وذكائه القوي، من خلال مراقبة كائنات حية مختلفة من نباتات وحيوانات، أن تشابه السلالات المتلاقحة ينتج سلالات ضعيفة، وخلص بسرعة إلى فكرة انقراض بعض الأنواع بالطريقة نفسها.
إن فكرة الإلهام في حدّ ذاتها تبدو مثيرة، ومقبولة أكثر من غيرها، كون داروين لم تجذبه مهنة الطب المحدودة والمثيرة لمشاعره الرقيقة آنذاك، أكثر من البحث عن حقائق أخرى تخص الكائنات الحية، فلماذا ذهب في تلك الطريق الشاقة، لو لم تكن هناك قوة أكبر منه قد هيأته لذلك؟ وسواء عظّمنا فكرة إلحاده، أو لا، فإن المثير للاستياء هو رفض رجال الدين لفكرته، أليست فكرته أبسط بكثير من إقناع الناس بوجود خالق لا نراه؟ فقد اعتمد على معطيات ملموسة، تبدو لنا اليوم بعد مئتي عام تقريبا بسيطة وقابلة للتصديق، حتى أن تاريخ البشرية بكل تلك التفاصيل التي أفنى فيها داروين عشرين سنة من عمره لإثباتها، تصلنا عبر فيديو مصور قصير مبسّط، ومُقْنِع، أمّا من يناقشون فكرته اليوم ويصرون على رفضها، فالعتب كل العتب على قلة اطلاعهم على ما وصلت إليه الثورة العلمية من اكتشافات لأسرار الإنسان والحياة بشكل عام على كوكبنا الأخضر.
فكرة الإلهام في حدّ ذاتها تبدو مثيرة، ومقبولة أكثر من غيرها، كون داروين لم تجذبه مهنة الطب المحدودة والمثيرة لمشاعره الرقيقة آنذاك، أكثر من البحث عن حقائق أخرى تخص الكائنات الحية.
في الشق المظلم من العالم اليوم، الذي نقبع فيه منتظرين رحمة الله أن تنزل، قبل انتقالنا الأبدي لدنيا الحق، لم يدخل العلم سجالنا الفلسفي، ولا الثقافي اليومي الذي يرقى بالفرد عندنا درجة على سلم المعرفة، ويبدو جليا أن الهوة سحيقة جدا بين العامّة والمتعلمين وأهل العلم، بل إن انشغال الفئة الأخيرة هذه يتم في سرية تامة، بعيدا عن الشعوب الغاضبة من أي فكرة قد تمثل مساسا خطيرا لمعتقدها الديني، والتي لا تتردد بتصفية ونسف كل رأس مفكر يعلن عن فكرة «مجنونة» كتلك التي أسس بها داروين لنظرية التطور، وفتح بها بابا واسعا لنهضة علمية في أوروبا كلها، ما يحدث الآن عندنا نوع من التحجُّر المناقض لانفتاح العالم على بعضه بعضا، رغم أننا مستهلكون للغذاء والدواء والتكنولوجيا المقبلة إلينا من هناك، وهي نتاج ذلك الجنون الدارويني وما شابهه. تلك المرحلة التاريخية التي دخلها العالم المتطور، متوقفا عن التصفيات الجسدية لكل ذي فكر مختلف، لا نزال بعيدين عنها، وهذا يعني أننا متأخرون عنه بأكثر من قرنين، ربما بثلاثة قرون وربما بأربعة قرون، ومن يدري قد نحتاج لإعادة تدوير كاملة حتى نستوعب فقط قرآننا المقدس، الذي لا نزال نقرأه منذ أربعة عشر قرنا ولم نفهم محتواه.
في أواخر القرن التاسع عشر، تبنى الفيلسوف وعالم الاجتماع هربرت سبنسر نظرية التطور، وهذا ما أنجب بتشابك عجيب ترابط الفرضية العلمية بالسجال الثقافي على مستوى الجامعات وتقريبه من الخطاب البسيط للعامة. وهذا بالضبط ما ولّد مزيدا من الأسئلة، وحفّز على مزيد من الاجتهاد للبحث عن الحقيقة.
في احتفائنا الشّحيح بيوم داروين، تفاديا لذكره وذكر نظريته أو تعاليا عليها، لا نتوقف حتى عند الآية القرآنية رقم 12 في سورة «المؤمنون»: «لقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين» ونطرح سؤالا عقلانيا عميقا ما معنى الآية؟ لماذا لم يقل الله خلقنا الإنسان من طين؟ بل من سلالة من طين؟ وما هي هذه السلالة التي من معنى الكلمة نفسها سنفهم أنها «جملة أفراد متشابهة من حيوان أو نبات تنتقل صفاتها بالوراثة جيلا بعد جيل»، فماذا قال داروين خارج هذا المعطى القرآني الموثق بتعبير مختلف في كتب سماوية أخرى؟ طبعا يهمنا أن نجد كل اختراعات العالم في قرآننا، من المصباح الكهربائي، إلى الزمن العادي والزمن الضوئي، إلى كروية الأرض التي تسبح في فلك غير منتهٍ، إلى أمور كثيرة جدا، لكننا نحتاج لكثير من الوقت لنقوم بتلك المقارنات البائسة بين ما توصل إليه غيرنا، وما كان متخفيا بين صفحات قرآننا ونحن عنه غافلون.
نظرية التطور تبدو سهلة للفهم، لذلك يسمح الجهلة لأنفسهم أن يلفقوا الأكاذيب ويقَولون داروين ما لم يقله.
تأخذنا المفارقات العجيبة بين رفض داروين كشخص لا نعرفه ورفض فكره الذي نجهله تماما، إلى مزيد من الفرضيات انطلاقا من كتابه «أصل الأجناس»، الذي لم يذكر فيه أبدا أن أصل الإنسان قرد، بل قال إننا من سلالة انحدرت منها القردة، ترى لو كان داروين عربيا، ما كان سيكون مصيره؟ ولو أنّه قرأ القرآن هل كان سيخرُّ ساجدا لأن كل أسئلته وردت أجوبتها فيه؟ لقد حاول الفكر الكهنوتي في بقاع الأرض كلها أن يقلّص من حجم العقل، لأسباب لا تتعلّق بإنقاذ الإنسان من الكفر، والحفاظ على إيمانه، بل من أجل إبقائه تحت السيطرة، لأن العلم والمعرفة وحدهما يعززان إيمان الفرد بربه. ثمة نظام دقيق وضع له داروين أسسه، وهو نظام الخلق، الذي بلغ اليوم مرحلة متقدمة لفك لغز من ألغاز الحياة، بمجرد الاهتداء للحمض النووي تحقق نيل شوبين عالم الحفريات الشهير من حقيقة أخرى نشرها في كتابه «السمكة في داخلك» مؤكدا نظرية التطور، ولكنه أعادنا إلى حقيقة أننا خلقنا من ماء، وأن مكونات الكائن المائي موجودة فينا، وأننا جزء من الطبيعة وامتداد لها، وهذه تحتاج لوقفة أخرى عند الآية التي تقول «والله أنبتكم من الأرض نباتا» بإمعان وتأمل كبيرين. تردد داروين كثيرا قبل أن يدلي بما اكتشفه طوال رحلته إلى جزر غلاباغوس التي دامت 5 سنوات، تجنبا لغضب الكنيسة، لكن ما توصل إليه بعد ذلك في اكتشافه لتطابق شكل وهيئة الأجنة بين كل الكائنات بما فيها الإنسان جعله واثقا من فكرته وشجعه على إصدار كتابه.
قلة هم من يناقشون نظرية النسبية لأنشتاين ويحاولون تفنيدها، لكن في المقابل نجد الكثيرين ممن يناقشون نظرية التطور لداروين. كون نظرية التطور تبدو سهلة للفهم، لذلك يسمح الجهلة لأنفسهم أن يلفقوا الأكاذيب ويقَولون داروين ما لم يقله.
حقيقة التطور العضوي لداروين ليست البقاء للأقوى والأصلح، بل تعني اليوم البقاء للعاقل الذي يقبل التغيير ويبتكر أدوات بقائه، وذلك لا يتمُّ بالتأكيد بعقول معطّلة، تتشبث بخطاب ميت، مفرغ تماما من حركة الحياة الصاخبة، التي جعلنا داروين نسمع دبيبها، حين عجزت جيوش الكهنوت عن فعل ذلك.
٭ شاعرة وإعلامية من البحرين
الغريب في الأمر أن دارون لم يكن في الواقع أول من نشر بحثا عن نظرية التطور. و لكن النظرية نسبت إليه لسبب ما. و قد نشر مؤخرا كتابا عن الموضوع و نال شهرة واسعة.
*صباح الخير لكل من في رأسه فكر مستقل لا يستبعد اي حقيقة بانحياز او عقد نفسية ولا يستورد مشاكل اديان ليلحقها باخرى ويسميها بعد ان يضعها في خلاط مولينكس تسمية واحدة (كهنوت)! هذه العبارة تدل على نمطية تقليدية مكرورة لا تستنهض التفكير الحر حين ينمط العقل كل دين بوصفه حاجرا على العقل ويمضي يكتب بطريقة ظلامية جدا حول التناقض المفترض بين العقل والدين دون ان يشخص الدين وصفته وفكرته التي هي كبصمة الاصبع لا تتشابه مع دين اخر ام ان لدينا كهنوت ايديولوجي يحشر عقل بعض التقليديين في صندوق التعارض المفترض بين العلم والدين مستلهما صراعا اندلع في اوروبا وهو صراع كان له شهداؤه في النهضة الاوروبية التي كانت محقة في الثورة على ظلامية القرون الوسطى والتي تشكلت من خليط فساد سلطوي متحالف مع فساد كنسي يحارب العقل ويعدم على العلم ياخذ هذا الفكر شهداء تلك المرحلة ويحاول الصاقها بالقوة في صراع غير موجود الا في عقول نمطية بين الدين والعلم و يعتبر ان التناقض سيد الموقف
بالنسبة لي سيدة بروين لا يوجد لدي مشكلة تناقض بين فكر داروين ومعتقدي الديني ولا يوجد اصلا تعارض بل ان الايحاءات القرءانية بعموماتها تستوعب احيانا بدقة صادمة بعض النظريات
لكن مشكلتي مع نظرية دارون انه تم تسويقها وادلجتها من قبل اللادينيين الذين يبحثون في كل هرم ابرة عن اثبات ان لا اله لكن مشكلتي هي انها فرضية يعارضها فريق هام من علماء الميكروبيولوجي وهي على كل حال تناقش تطور المخلوقات وليس اصل الخلق فنظرية دارون لا تقدم لنا التسلسل البيولوجي في نشوء الهلية الاحادية بالغة التعقيد وميدانها هو بعد هذه الخلية والتي لا تقدم لنا اي فلسفة علمية او فرضية في كيف جاءت او مم تسلسلت بالطبع ذلك حدث بسبب ان النظرية تعنى بمسالة تطور الخلية الاحادية الى مخلوقات مختلفة انقرض بعضها وبقي بعضها الاخر وهي هنا لا تتزمت ضد دين وميدانها تفسير وجود مخلوقات ما بعد الخلية الاحادية ..يتبع لطفا
انصح حضرتك بحضور فيلم expelled او المطرودون ويجري فيه صحفي امريكي مقابلات مع مجموعة مرموقة من علماء الكيمياء الحيوية والميكروبيولوجي يعارضون دارون من زاوية غلمية محضة لا علاقة بالتدين بها ولدى كتابة نقدهم لهذه النظرية (وبعضهم لا ديني )! تم طردهم من حامعاتهم واتهامهم انهم يخلطون الدين بالعلم وقد مارس اللوبي الدارويني مجزرة علمية بحق هؤلاء
العنصر الكيماوي المكون للطين هو السليكون ولا يوجد في تكوين الخلايا الحية اثر لهذا العنصر ولهذا من الناحية العلمية الانسان ليس مخلوقا من الطين وانما من عناصر الماء والهواء فقط وهي الاكسيجين والهيدروجين والكربون.
سيدتي الدكتورة بروين نهارك سعيد : مقال مثيروحرّك المياه في الشتاء ( البارد ) والحركة بركة.عبارتك بين هلالين : ((( لقد حاول الفكر الكهنوتي في بقاع الأرض كلها أن يقلّص من حجم العقل، لأسباب لا تتعلّق بإنقاذ الإنسان من الكفر، والحفاظ على إيمانه، بل من أجل إبقائه تحت السيطرة ، لأن العلم والمعرفة وحدهما يعززان إيمان الفرد بربه ))).هذه حقيقة قاطعة لكلّ زمان ومكان.ونتمنى الغاء كافة المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي لأنها نفعية مصلحية لا علمية……اما افكارالعالم داروين فهي نظرية تقوم على فرضية ؛ فلماذا تزعج الحقيقة ؟ حاول بموجب زمانه وحرّك الجمود ، كما حرّكت هذه المقالة القراء.والأصوب من داروين : نيل شوبين كما تصفينه : عالم الحفريات الشهير في كتابه «السمكة في داخلك» مؤكدا نظرية التطور، ولكنه أعادنا إلى حقيقة أننا خلقنا من ماء.هذا صحيح خلقنا من ماء.وكوني مختص بالكيمياء فإن ما قاله شوبين عين الصواب.خلقنا الله من ماء حي.ليس هناك شيء في الارض جاء من فراغ حتى الفراغ.
يتبع لطفا..
لقد قام بعض الافاكين منا بتزوير التاريخ وانكار فضل العرب والمسلمين ومحوهم من الكتب ونسب كل فضل لمن كان قبلهم ولمن جاء بعدهم في اكبر عملية سطو فكري في التاريخ! ثم سأل ان كان ثمة طلاب عرب في القاعة فطلب منا الوقوف وكنا ١٣ شخصا فبدأ بتحيتنا. العقل المحايد يدل على الحق ولكن العقل يبقى محدود الافق في هذا الكون اللامحدود وهو بهذا لابد له من الوحي لاستيعاب ما لايمكن تخيله او تصوره او الوصول اليه. فالله خلق كل شيء بقوانين دقيقة. ومهمتنا نحن اعمال عقولنا في فهم تلك القوانين حتى نستطيع إعمار الارض المستخلفين فيها. ولهذا لا يمكن للعقل ان يكون متحكما بالوحي وإن حدث هذا فانه يقود لا محالة الى الالحاد. الإنسان يحتاج الى العقل والوحي في وقت واحد لفهم هذا الكون المعقد فالوحي هو النور والعقل هو البصر ولترى العين تحتاج لكليهما في آن واحد. أسال الله ان ينور وجوهنا وابصارنا بنوره اللامنتهي.
الجزء الاول من التعليق:
بداية أود ان اشكر الاخت غادة على تعليقها العلمي المحايد والفذ. هل علي أن اصدق وأسلم بفكرة الالهام ( المثيرة) التي حدثت لداروين وفي المقابل إنكر فكرة الوحي والإله لاننا لا نراه؟! هل بهذا المنطق تقاس صحة الاشياء. وهل رأى نيوتن قوة الجاذبية بعينيه أم راقب وحاول تفسير سقوط التفاحة؟ معظم آيات القران الكريم تدعو الى البحث والتدبر والتفكر في خلق الله لان هذا دال لا محالة لمن في رأسه عقل على وجوده فلا يمكن وصف الاسلام الذي لولا علماءه لما استطعت أن أطبع هذه السطور ( علم الجبر) بالكهنوت! في محاضرة مثيرة في الجامعة قال لنا فيها البروفيسور الالماني بيكر في أولها، دعونا نعترف بأننا سارقون وكاذبون.
لا يوجد من علماء البيولوجي والطب من ينكر وجود التطور في الكائنات الحية الا من يتعارض مع معتقده الديني او يعتقد ذلك وتحاول الحكومة التركية والعراقية حاليا من خلال وزارة التربية تغيير مناهجها لكي لا يكون مففهوم التطور من ضمنها
وحاليا حتى بعض مفكري المسلمين من خارج منظومة رجال الدين يؤمنون بصحتها ويفسرون بعض الايات القرانية كمحمد شحرور وغيره لتتوافق معها والامر ينطبق كذلك على بعض المسيحيين فليس الانسان يتطور فقط ولكن حتى افكارنا القديمة واراءنا حول بعض المسميات وهذه هي سمة الحياة وهو التطور