من لاهاي الى القدس

حجم الخط
0

مروان دلال، الذي كان مدعيا عاما كبيرا في محكمة الجنايات الدولية في قضية يوغسلافيا السابقة، يطلب من محكمة العدل العليا أن تأمر بفتح تحقيق جنائي في جرائم الحرب التي ارتكبها، ظاهرا تسيبي ليفني، ايهود اولمرت، عمير بيرتس، حاييم رامون، يوفال ديسكن، غابي اشكنازي، دان حلوتس، يوآف غالنت، عيدو نحوشتان واليعيزر شكدي. وقد رفع المحامي دلال الالتماس يوم الاحد 9 حزيران/يونيو، في ذات اليوم الذي أمر فيه القاضي اوري شوهم الملزمين بالرد، بمن فيهم المستشار القانوني للحكومة والنائب العام العسكري الرئيس، بالتقدم بردهم الاولي حتى 9 تموز/يوليو.
وبرأي دلال، فان النائب العسكري الرئيس والمستشار القانوني للحكومة كانا ملزمين بالمبادرة الى تحقيقات جنائية ضد العشرة المسؤولين من القيادة السياسية والعسكرية، بالنسبة لمسؤوليتهم عن قتل مدنيين وخروقات مزعومة اخرى للقانون الدولي في ثلاث حالات: حرب لبنان الثانية في 2006، ‘الرصاص المصبوب’ الهجوم على قطاع غزة في كانون الاول/ديسمبر 2008 حتى كانون الثاني/يناير 2009 واعتراض الاسطول الى غزة في ايار/مايو 2010.
المستشار القانوني للحكومة، يهودا فينشتاين، أجاب دلال بانه لا يمكن الربط الشخصي لليفني وديسكن بجرائم مزعومة ارتكبت في رصاص مصبوب. وحتى رفع الالتماس لم تصل ردود المستشار بالنسبة لمسؤولية باقي الملزمين بالرد على الجرائم التي يزعم ارتكابها.
موقف فينشتاين ليس نهاية المطاف، كما يلمح دلال ويكتب في الالتماس: ‘في غياب تحقيق جنائي او في غياب تحقيق جنائي صادق في اسرائيل، فان ذوي الصلة من القيادة السياسية والعسكرية، قد يتعرضون للاعتقال والتحقيق والاتهام في دول اخرى في العالم تتبنى قوانينها صلاحيات المحاكمة الكونية’.
منذ نهاية التسعينيات، قال دلال لـ’هآرتس’، تتطور نظرية صلاحية قانونية كونية، أي قوة الدول للاعتقال، التحقيق والمحاكمة لمواطني دول اخرى على جرائم لم توجه ضد الدولة التي تحاكمهم ومواطنيها. فاعتقال رئيس الطغمة العسكرية التشيلية اوغستو بينوشيه في بريطانيا في تشرين الاول/اكتوبر 1998 بشّر بهذا الميل.
جانب آخر في هذا الميل وجد تعبيره في المحكمة الجنائية الدولية في قضية يوغسلافيا السابقة، يطبق القانون الدولي الذي كان ساري المفعول اثناء الحرب والتطهير العرقي الاجرامي في يوغسلافيا في بداية التسعينيات.
وعمقت هذه المحكمة وطبقت العقيدة التي تطورت في محاكمات نيرنبرغ وطوكيو بعد الحرب العالمية الثانية: ليست فقط الدول مسؤولة عن الجرائم واسعة النطاق، بل ايضا الاشخاص، الذين شغلوا مناصب رسمية.
لا يعني التقديم الى المحاكمة الادانة التلقائية، كما يفيد موقع الانترنت للمحكمة، في 30 أيار/مايو برأت ساحة مسؤولين اثنين في اجهزة الامن الصربية من المسؤولية عن جرائم حرب الميليشيات التي اقاماها في بداية التسعينيات. الرجلان، يوبيتسا ستنشيتس وفرانكو سيماتوبيتش، اعتقلتهما السلطات الصربية في 2003 ونقلا الى حفظ المحكمة التي تستقر في لاهاي.
ومنذ تأسيسها رفعت الى هذه المحكمة لوائح اتهام ضد 191 مسؤولا من يوغسلافيا السابقة. 69 ادينوا، 18 برئوا، في 36 حالة لوائح اتهام شطبت او اوقفت الاجراءات، ضد 25 لا تزال تجري المحاكمة. وهذه محكمة معدة على عجل، يفترض أن تنهي عملها في نهاية 2016. متهمون على مستويات صغرى ينقلون الى المحاكمة في دول يوغسلافيا السابقة. دليل آخر على أن ‘الادعاءات بشأن التقادم والحصانة لا تسري عندما يدور الحديث عن اشتباه بارتكاب جرائم حرب’، كما يذكر دلال في الالتماس.
وبرأي دلال، فمن قراءة تقارير تحقيق دولية واسرائيلية ايضا تنشأ شبهات بافعال جنائية في لبنان، في غزة وضد الاسطول الى غزة. وفي القسم العلني من تقرير لجنة فينوغراد (بالنسبة لحرب لبنان الثانية)، كتب دلال في الالتماس انه توجد نتائج واقعية تفترض فتح تحقيق جنائي، مثل تصريحات القيادة العسكرية والسياسية العليا.
مثلا قول رئيس الاركان دان حلوتس لوزير الدفاع عمير بيرتس: ‘يتعين علينا القيام بعدة أعمال جد عدوانية من اجل تثبيت نمط جديد من قوانين اللعب’. او قول ايهود اولمرت رئيس الوزراء: ‘يجب تحديد ثمن لا يجعل احدا يرغب في التعاطي معنا’ (حسب هيومان رايتس ووتش قتل الجيش الاسرائيلي في صيف 2006، ما مجموعة 1109 مواطنين لبنانيين).
المحكمة في قضية يوغسلافيا بحثت العلاقة التي بين تصريحات القيادة السياسية وارتكاب جرائم حرب من قبل القيادة العسكرية في الميدان. وفي التماس يجلب دلال مثلا قرار هيئات الاستئناف بالنسبة لممتشيلو كراجنسنك الذي كان رئيس البرلمان في ‘الجمهورية الصربية’ للبوسنة. فقد دعا المندوبين في البرلمان ‘الى تطبيق ما اتفقنا عليه، وهو التقسيم العرقي على الارض’. وأخذت هيئات الاستئناف للعلاقة التي بين هذا الاعلان والطرد العلني للبوسنيين المسلمين. كرجنسنك ادين بجرائم ضد الانسانية وحكم عليه بعشرين سنة سجن.
تجربته اقتناها دلال في عمله في ‘عدالة’ المركز القانوني لحقوق الاقلية العربي في اسرائيل، في سنوات 1999 2007. عندها قبل في المحكمة الجنائية الدولية في قضية يوغسلافيا، وعمل في هيئات استئنافها حتى 2010. الاستئناف الذي رفعه الاسبوع الماضي هو العمل القانوني الاول لمنظمة ‘غروتيوس’، مركز القانون الدولي لحقوق الانسان، التي أسسها والتي سجلت كشركة لمنفعة الجمهور في شباط/فبراير 2013.

هآرتس 18/6/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية