القاهرة ـ «القدس العربي»: هيمنت التعليقات والتحقيقات عن كلمة الرئيس السيسي في تسلم رئاسته للاتحاد الإفريقي لهذا العام، ومتابعة جلسات المؤتمر، وتاريخ العلاقات المصرية مع دول إفريقيا في الخمسينيات والستينيات، وكلها اتفقت على الإشادة بسياسة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في مساندة حركات التحرر الوطني ضد الاستعمارين البريطاني والفرنسي، وكذلك تحديده في كتابه «فلسفة الثورة» في أعقاب ثورة 23 يوليو/تموز 1952، أن مصر سوف تتحرك في دوائر ثلاث هي العربية والإفريقية والإسلامية، على الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 12 فبراير/شباط.
مخاوف من تعديل الدستور في جو يفتقد الحرية والعدل والإعلام لا يمتلك حرية نقل رأي الشعب ومخاوفه
كما أشارت هذه الصحف إلى الخطط والمشروعات التي ستطرحها مصر على الدول الإفريقية لحل المنازعات المسلحة بين بعضها. وقد قامت مصر من مدة بعدد من الوساطات الناجحة، وكذلك مقاومة الإرهاب. واقتصاديا فإن صادرات مصر للدول الإفريقية وصلت إلى أكثر من عشرة مليارات جنيه، وتقدم مساعدات اقتصادية وطبية وفنية لعدد من الدول، لكن المشكلة أن قدرة مصر محدودة للغاية، فهل ستنجح في إقناع الدول العربية الغنية في الخليج بالتواجد أكثر في دول القارة والاستثمار فيها، خاصة في السودان، لتحويله إلى سلة غذاء للعالم العربي، وفي الدول الإفريقية الأخرى. صحيح أن عددا من هذه الدول بدأ منذ سنوات الاستثمار فيها، لكن الأمر يحتاج إلى اتفاق جماعي عربي، وإحياء مشروع سابق لعمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية في هذا الشأن.
والاهتمام الأكبر كان لبدء العام الدراسي بعد انتهاء إجازة نصف السنة، وتوزيع وزارة التربية والتعليم التابلت على طلبة المدارس الحكومية. كما توزعت الاهتمامات كالعادة حسب مصالح كل فئة، فقد اهتمت الأسر التي لها تلاميذ في الابتدائي بمشروع الرئيس للكشف على أعينهم وعلاجهم على نفقة الدولة، ولا يزال المواطنون يتدفقون على مراكز مشروع «مئة مليون صحة» الخاص بالكشف المجاني عن الأمراض ومعالجة غير القادرين منهم على حساب الدولة. وواصل آخرون الاهتمام والتعليق على ما تبثه وسائل التواصل الاجتماعي عن شريط مسجل للمخرج وعضو مجلس النواب خالد يوسف مع فنانين وهو ما يثير استياء البعض ومخاوفهم من وجود جهة تسجل لهم. وهو ما أخبرنا به الرسام في «المصري اليوم» عمرو سليم الذي قام بزيارة صديق له يعمل في جريدة الأسد المرعب فوجده يقول لزميله: وأنا في حضانة كنت بعاكس البنت اللي قاعدة جنبي في التختة تفتكر ممكن السي دي بتاعي يكون مع حد؟ وبمناسبة ذكر جريدة الأسد المرعب، فقد عادت جريدة «المقال» الأسبوعية التي كانت تصدر كل ثلاثاء ويرأس تحريرها إبراهيم عيسي للصدور أمس، بعد أن توقفت لأسباب مالية وكان ثمن نسختها ثلاثة جنيهات وأصبحت بخمسة جنيهات فألف مبروك. وإلى ما عندنا..
مصر وافريقيا
وإلى أبرز ما نشر عن تسلم مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي لهذا العام، وأوله كان لمحمد الأبنودي رئيس تحرير «عقيدتي» الذي قال عن دوري الأزهر والأوقاف: «إن المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق مصر ورئيسها تتطلب خلق آفاق جديدة قادرة على تجاوز التحديات، وعلى كل مؤسسات الدولة المعنية أن تشمر عن ساعد الجد لمساندة الرئيس في هذه المهمة الكبيرة، خاصة المؤسسة الدينية التي تلعب دورا بارزا في دعم الأخوة الأفارقة، من خلال العلماء المبعوثين إلى هناك، والمنتشرين في مختلف الدول، وقوافل الأزهر الدعوية والإغاثية والطبية التي تجوب العديد من البلدان، ودعم جهود الأزهر في تدريب الأئمة الأفارقة في التصدي للأفكار المتطرفة وتزويدهم بالمنهج الأزهري الوسطي فضلا عن زيادة عدد الطلاب الأفارقة الذين يدرسون في مختلف مراحل التعليم ويعدون سفراء لمصر والأزهر الشريف».
افريقيا القرن 21
وفي مجلة «آخر ساعة» قال رئيس تحريرها محمد عبد الحافظ : «لست من أبناء مدرسة النظر إلى الخلف والبكاء على اللبن المسكوب، ولكنني أردت أن أروي للقارئ الكريم واقعا كنت شاهدا عليه ليعلم الجميع مدى الإنجاز أو الإعجاز، إن جاز التعبير الذي حدث خلال سنوات معدودات، وغيّر دفة الأمور لتسير سفينة الوطن إلى الأمام وفي أمان وفي مسارها الصحيح، ولولا أن انتهجت مصر بقيادة الرئيس سياسة الحكمة في أزمة السد، والحفاوة والاستقبال الحار الذي تلقاه الرئيس السيسي خلال تسلم رئاسة الاتحاد، تعكس مكانتنا وحالة الود والاحترام التي تربط علاقات مصر بأشقائها الأفارقة، والإدراك الذي لا يقبل الظن ويصل لحد اليقين بقدرة الرئيس على إدارة دفة إفريقيا القرن 21».
العصر الذهبي
وفي «الأخبار» قال رئيس تحريرها السابق جلال دويدار: «تسلّم الرئيس السيسي رئاسة الاتحاد الإفريقي، وفي ظل ما بلغته علاقات مصر الإفريقية حاليا من تعاظم، يذكرنا بالعصر الذهبي الذي كان يربطهما في الستينيات والسبعينيات. ما شهدته هذه الفترة من أحداث فريدة تجسدت في ما اضطلعت به مصر عبد الناصر من تحركات غير مسبوقة، لرعاية الحركات التحررية للخلاص من الاستعمار والاحتلال. هذه الفترة تمثل العصر الذهبي للعلاقة المصرية الإفريقية التي كان وراءها جمال عبدالناصر. في ظل هذا الدور المصري توطدت العلاقات المصرية الإفريقية في كل المجالات، هذه المواقف من عبدالناصر كانت سبب العدوان من جانب الدول الاستعمارية المتمثلة في كل من بريطانيا وفرنسا، ساهم في الإقدام على هذا العدوان تأميم لقناة السويس استهدفت هذه الحرب إسقاط عبدالناصر، ولكنها انتهت بالفشل بتدخل رئيس أمريكا أيزنهاور، ومطالبة الدولتين بإنهاء عدوانهما. هذه الأسباب نفسها كانت وراء عدوان 1967 الذي شاركت فيه بشكل أساسي إسرائيل، وتمكنت من احتلال سيناء.
كل هذه التحركات العدوانية تمت وسط تأييد كامل لمصر من إفريقيا التي كان قد تم تحريرها بالرعاية المصرية. بعد رحيل عبدالناصر شهدت العلاقات المصرية الإفريقية فتوراً، واستمرت حالة الفتور التي شابت العلاقات المصرية الإفريقية إبان حكم الرئيس مبارك حيث عظّمت منها محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها عند زيارته لإثيوبيا في يونيو/حزيران 1995. استمرت هذه الحالة سنوات وسنوات حتى جاء الرئيس عبدالفتاح السيسي بعد ثورة 30 يونيو الشعبية، استطاع بالهدوء والعقلانية وتبادل الزيارات الرئاسية المتبادلة مع قادة إفريقيا أن يعيد اللحمة للعلاقات الأخوية ساهمت مصداقية القيادة المصرية في استعادة الثقة في الدور المصري الإفريقي التاريخي».
مصر في عيون الأفارقة
وفي عدد «الأخبار» نفسه قال كرم جبر: «مصر في عيون الأفارقة دولة مهمة، وبرز ذلك في حفاوة الترحيب بالرئيس السيسي وهو يصعد درجات المنصة ليتولى رئاسة الاتحاد الإفريقي، وسط عاصفة من التصفيق وكلمات الإشادة الطيبة ببلده وشخصه. الأمنيات عريضة في أن ينجح الرئيس في نزع فتيل النزاعات المسلحة، خصوصاً في مناطق الصراعات الملتهبة والثقة كبيرة في قدرة الرئيس تهيئة الأجواء لسلام دائم ينهي مسلسل نزيف الدم. والثقة – أيضاً – كبيرة في رئيس مصر أن تعمم التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب في إفريقيا، وأن تفعِّل مبادرة إسكات البنادق لحقن الدماء وتوجيه الجهود إلى التنمية بدلاً من تبديد الموارد المحدودة في مكافحة الإرهاب».
قطار التعديلات
«بعد أسابيع من الترقب والاستعداد و«جس النبض»، انطلق قطار التعديلات الدستورية من مجلس النواب، مقترحا التغيير في مدة رئاسة الجمهورية، ومعه إعادة العمل بمجلس الشورى، وزيادة التمثيل النيابي للمرأة، وتنظيم اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وجواز تعيين نائب للرئيس، وهذا كله بحسب المنشور إعلاميا، وإن كانت الصورة لن تتضح إلا بعد إقرار التعديلات من البرلمان بشكل نهائي. الانطباع السائد في البلد كما يراه زياد بهاء الدين في «الشروق»، أن قطار التعديلات سيصل محطته المنشودة ولن يؤثر في مساره اعتراض بعض الأحزاب قليلة الحيلة، أو تحفظ عدد من الكتاب والمعلقين، أو انشغال صفحات التواصل الاجتماعي بـ«هاشتاج» أو أكثر. مع ذلك فإن أهمية الموضوع تجعل من الواجب على كل من لديه مساحة للتعبير عن الرأي أن يشارك في الحوار الحالي، لأن السكوت أو الغموض ليسا مقبولين. ومن هذا المنطلق أعرض هنا أسباب اعتراضي على التعديل المقترح. بداية فإنني لست ضد مبدأ تعديل الدستور ولو بعد سنوات قليلة من إقراره، لأنه ليس نصا مقدسا، بل يجب أن يتطور مع تغير الواقع والاحتياجات. كذلك فإنني غير مقتنع بحظر تعديل مواد معينة منه، ولو كانت تنص على عدم جواز المساس بها مثلما هي الحال مع المادة التي تحدد مدة الرئاسة، لأن إرادة الشعب في لحظة بعينها لا يجوز تقييدها بتعبير سابق عن هذه الإرادة، وإلا كان لجيل معين من المصريين القدرة على فرض وصايته على الأجيال اللاحقة، وهذا أمر غير طبيعي ولا منطقي. ولكن من جهة أخرى فإن الدستور ليس نصا تشريعيا عاديا يمكن الاكتفاء بإخضاعه للمعايير القانونية الفنية، بل هو النص الأسمى في البناء المؤسسي للدولة، وفي حماية حقوق المواطنين، وفي إقامة التوازن بين سلطاتها الرئيسية، وبالتالي فإن تعديله يجب أن يخضع لاعتباري المشروعية القانونية والسياسية معا، وأن يعبر عن توافق واسع في المجتمع، وأن يستجيب لضرورة ملحة، وهي اعتبارات لا أراها متوافرة في مصر في الوقت الحالي للأسباب الآتية: السبب الأول أنه مهما اقترح البرلمان من مواد وتعديلات تتعلق بتمثيل المرأة والمسيحيين، أو بإعادة العمل بمجلس الشورى أو بغير ذلك من المقترحات الإيجابية، فإن الرأي العام لن يرى وراء كل هذا سوى موضوع واحد مقصود بالتعديل وهو زيادة مدة رئاسة الجمهورية. السبب الثاني أنه بعد كل ما مرّ به البلد من ثورات وفتن وعنف خلال السنوات الماضية، ومع كل الخلافات العميقة والانقسامات التي تعرض لها المجتمع، فإن فكرة التداول السلمي والمؤسسي للسلطة لا تزال تمثل لدى الناس المكسب الأكبر الذي تحقق مع نهاية الحقبة المباركية، التي امتدت ثلاثين عاما وكان يمكن أن تمتد أكثر لولا نزول الشعب للشوارع والميادين. ولهذا فإن قطاعا واسعا في المجتمع، خاصة بين الشباب يرى تعديل القيد الدستوري على فترة الرئاسة تراجعا عن هذا المكسب. أما السبب الثالث فإن ما يستند إليه أعضاء البرلمان المطالبون بتعديل مدة الرئاسة هو بالأساس ضرورة استكمال السياسات الراهنة، حتى يجني الشعب ثمارها. وبغض النظر عن تقييم تلك السياسات، فإن الرسالة الضمنية لهذا الطرح أنه لا الحكومة ولا أجهزة الدولة التنفيذية ولا مؤسساتها لديها الإرادة أو القدرة على استكمال هذه السياسات، بل تنفذها لمجرد صدور تعليمات عليا بها. وهذه رسالة إدانة شديدة تنتقص من إنجازات المرحلة أكثر مما تفيد. وأخيرا فإن السبب الرابع هو أن تعديل الدستور، لو كان مطروحا في ظل مناخ يسوده العدل والحرية، لربما كان اعتُبر تطورا طبيعيا واستجابة مقبولة لتغيرات المرحلة. ولكن أكثر ما يثير تحفظ الشارع وخاصة الشباب على التعديل المطروح في الوقت الحالي هو أن يأتي في ظل التضييق على النشاط السياسي والإعلامي والأهلي، وعلى حرية التعبير، بينما الدستور في النهاية عقد اجتماعي يستهدف تنظيم الدولة وحماية حقوق المواطنين وضمان حرياتهم. قطار التعديلات الدستورية انطلق بالفعل، ولكن ما أخشاه أن يكون الاهتمام ببلوغه محطته النهائية بسرعة وكفاءة متجاهلا لما يتفاعل في الشارع المصري من ردود فعل حقيقية وتساؤلات مشروعة ومخاوف، قد لا تجد طريقها إلى الإعلام الرسمي والقنوات المملوكة للدولة ولكنها موجودة ولن تختفي بالتجاهل».
المال السياسي
أما في «الوفد» فقد أبدى مجدي سرحان مخاوفه من أنه بعد الموافقة على التعديلات في الاستفتاء الشعبي، سوف تجري انتخابات لمجلس الشيوخ، ولا نعلم طبيعة النظام الذي ستجري على أساسه انتخابات المجلس: «بإقرار التعديلات الدستورية المزمع طرحها في استفتاء شعبي بعد موافقة مجلس النواب عليها في شكلها النهائي ستنشأ الغرفة الثانية للبرلمان «مجلس الشيوخ» الذي تنص التعديلات على انتخاب ثلثي أعضائه البالغ عددهم 250 عضواً بالاقتراع العام السري المباشر. هذه الانتخابات المقبلة لمجلس الشيوخ نعتبرها اختباراً حقيقياً ومهماً، ليس فقط لإرادة الدولة في إقامة نظام سياسي برلماني متكامل، يعبر عن جميع القوى والطوائف الشعبية والسياسية، بل هو قبل ذلك اختبار لهذه القوى وقدرتها على التنظيم والمشاركة واجتذاب التأييد الشعبي والجماهيري، وحتى الآن لا نعلم طبيعة النظام الذي ستجري على أساسه انتخابات مجلس الشيوخ، وهذه مسألة مهمة جداً نظراً إلى أن النظام الانتخابي يمثل عاملاً أساسياً ومهماً في تحديد مدى مشاركة القوى السياسية والحزبية في الانتخابات وينعكس بالتالي على طبيعة تكوين مجلس الشيوخ، لكن على أي حال نتوقع أن تكون هذه الانتخابات نموذجاً مختلفاً عن انتخابات مجلس النواب الأخيرة، خاصة في ما يتعلق بعدم إظهار تيار سياسي معين أنه مدعوم من الدولة، لأننا نثق بأن الدولة سوف تقف في هذه الانتخابات على مسافات متساوية من جميع القوى والأحزاب، ليس ذلك وحسب بل إننا أيضاً نريد من أجهزة الإعلام في هذه الانتخابات المقبلة أن تلتزم الأمانة والنزاهة والحياد تجاه الأحزاب والقوى السياسية المشاركة، بدون تشكيك في قوتها وجديتها وشعبيتها وقدرتها على العمل السياسي والجماهيري، أيضاً ننبه إلى قضية في غاية الأهمية وهي قضية «المال السياسي» وتدخله في الانتخابات من أجل الوصول إلى مقاعد البرلمان، والتقرب إلى السلطة و»التخديم» على المصالح الخاصة؛ لأصحاب هذا المال».
تنظيم سلطات الحكم
أما زميله في «الوفد» أيضا محمود غلاب فواصل تأييده للتعديلات بقوله: «استكمالًا لقناعتي بضرورة تعديل الدستور لتنظيم سلطات الحكم، فإن في مقدمة توسيع سلطات الحكم تأتي إضافة استمرارية التمثيل الملائم للعمال والفلاحين والشباب والأقباط والمصريين في الخارج، والأشخاص ذوي الإعاقة بعد ما كان تمثيلهم مؤقتًا لفصل تشريعي فقط، لأنه طبقًا للدستور الحالي ستخلو انتخابات مجلس النواب المقبلة من الحماية الدستورية لهذه الفئات، ويكاد يخلو المجلس من تمثيلهم. وبعد نجاح هذه التجربة واستمرار حالة الاستقرار في البلاد، رأى مقدمو التعديلات الدستورية جعل النص الانتقالي في الدستور الذي تندرج تحته الفئات السابقة نصًا دائمًا، بما يرسخ ويدعم مبدأ المواطنة ويقوي النسيج الوطني، كما اهتمت التعديلات بترسيخ تمثيل المرأة في مقاعد البرلمان، وجعلت لها حصة محجوزة دستوريًا لا تقل عن ربع عدد النواب الذين يشكل منهم المجلس، وكان الدستور الحالي ينص على توجيه الدولة نحو اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا في المجالس النيابية، كما رأت التعديلات ضرورة وجود نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، وهو ما خلا منه الدستور الحالي. وأشارت التعديلات في مبررات أهمية النص على نائب رئيس الجمهورية بأنه يتسق مع النظام المصري الذي يجمع بين ملامح النظام الرئاسي والنظام البرلماني ويفترض ثنائية السلطة، من خلال مؤسسة الرئاسة من جهة ومؤسسة مجلس الوزراء من جهة أخرى ويحل النائب محل الرئيس إذا وجد مانع مؤقت عوضًا عن رئيس مجلس الوزراء طبقًا للنص القائم ويقصر حظر الترشح لمنصب رئيس الجمهورية على رئيس الجمهورية المؤقت».
حكومة ووزراء
وإلى الحكومة ووزرائها وسخرية حازم الحديدي في «الأخبار» من قرار وزير التربية والتعليم تعيين آلاف المدرسين بمرتب شهري ضئيل قال عنه: «ليس المدهش هو الألف جنيه التي حددتها وزارة التربية والتعليم، كراتب للمعلمين المؤقتين، لكن المدهش حقا وجدا هو عدد الذين تقدموا لشغل هذه الوظيفة المؤقتة «أم ألف جنيه» فقد فوجئت بعشرات الآلاف من اللاهثين الذين يتعاملون مع هذه الوظيفة «العرجاء» على أنها فرصة يجب أن تغتنم. أعرف أن الناس معذورة وأعرف أنهم لو وجدوا «أنجيلينا جولي» لما اضطروا للزواج من «الساحرة الشريرة» لكن المشكلة، أن هذا المعلم قبل أن يعلّم يجب أن يتعلم كيف يعيش بألف جنيه في الشهر إذا فعلها «وده مستحيل» فهو عبقري سيساهم في تخريج عباقرة، وإذا لم يفعلها «وده أكيد» فهو نصاب جا يشتغل في الوزارة عشان يعمل أحلى سبوبة دروس خصوصية في حياته».
الحد الأدنى من الأجور
وحتى لا نظلم الوزير فإن قراره بتعيين هذا العدد الكبير من المدرسين بمرتب ألف جنيه شهريا أي أقل من الحد الأدنى للأجور، جاء في شكل مكافأة لعدم وجود مورد مالي حالي، ولأن التعيين مؤقت إلى أن يتم تدبير المورد المالي، وقد اشار إلى هذه النقطة في جريدة «المقال» أحمد رمضان الديباوي وقال: «قال الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم الفني، إنه يتمنى زيادة رواتب المعلمين في المدارس، ولكن القرار ليس في يده بل في يد وزارة المالية، وفقا لإمكانيات الدولة. هو يتمنى أن يصل راتب المعلم الواحد إلى 10 آلاف جنيه، ولكن الدولة لا تمتلك الميزانية التي تكفي كل ذلك، وهو ما يدعو إلى وجوب إصلاح هذا الأمر لتحقيق العدالة الكافية، لاسيما وأن هناك وزارات كثيرة، لا ننفي أنها منتجة، فيها شرائح مالية للرواتب تبلغ أكثر من ثلاثة أضعاف راتب المعلمين. وفي الحق فإن المعلمين هم أولى الفئات بزيادة رواتبهم، الأمر الذي يدعونا إلى عدم الاتفاق على تقسيم الوزارات تقسيما عنصريا بائسا، ما بين وزارات منتجة ووزرات خدمية، كما هي الحال عند النظر إلى وزارة التربية والتعليم».
التحدي
«هذا هو التحدي» كان عنوان مقال صلاح الغزالي حرب في «المصري اليوم» ومما جاء فيه: «(في انتظار تعليمات سيادتك) و(بناء على توجيهات سيادتك) وغيرها من الجمل الأخرى التي تحمل المعنى نفسه، والتي كثيرا ما نسمعها من المسؤول التنفيذي عند مخاطبة رئيس الدولة أصبحت تثير في نفسي الغضب والأسف والتساؤل المنطقي.. وإذا لم تصدر لك التعليمات أو التوجيهات فماذا أنت فاعل؟ وهل أصبح المسؤول المصري مجرد منفذ للتعليمات؟ إنني أذكر جيدا أن الرئيس السيسي ذكر أكثر من مرة أنه لن يستطيع أن ينجز شيئا بمفرده، كما أنه في كل مناسبة لافتتاح أحد المشاريع القومية يصر على تذكير المصريين بأنه عمل جماعي، وليس عمل الرئيس، علما بأن كل مصري يعلم يقينا أن هذا الرئيس يتابع كل عمل في جميع المجالات، وأتصور أن مثل هذه الكلمات لا تروق له، فهو رجل ذو خلفية عسكرية تؤمن بالانضباط والالتزام والحزم، وقد تسلم مقاليد الحكم في وقت تعاني فيه البلاد من تخمة في الجهاز الإداري، مسلحة ببيروقراطية شديدة التعقيد، مع حالة غير مسبوقة من الفساد المقنن، بالإضافة إلى بعض الموروثات المعوقة، مثل التواكل والتسويف وعدم احترام الوقت ونفاق الحاكم وغيرها، مما يتعارض كلية مع أحلامه بإمكانية انتشال مصر من كبوتها. على الجانب الآخر من الصورة، نجد أن مصر مليئة بالكفاءات العظيمة في شتى المجالات، ولكنها للأسف قليلا ما تأخذ حظها في العمل العام، ولذلك يخرج بعضهم إلى الخارج وينكمش الباقي على نفسه في الداخل، والسبب يكمن في سوء اختيار القيادات، الذي يتركز في رضا الأجهزة الأمنية وحدها، فكانت المحصلة هي ما نراه في الكثير من المواقع في الأجهزة المحلية والوزارات والجامعات والكليات وغيرها، ولذلك ليس غريبا أن يصبح الهدف هو تنفيذ التعليمات وانتظار التوجيهات. نحن في حاجة إلى وجوه تتميز بالكفاءة والوطنية، وتمتلك القدرة على اتخاذ القرار المناسب مع خلفية سياسية، تمكنهم من التعامل مع كافة المتغيرات، تكون عونا لرئيس الدولة وليست عبئا عليه. إن ما شاهدناه في حوار الرئيس مع محافظ القاهرة منذ أسابيع هو مجرد مثال لما أقول، وتكفي نظرة واحدة على تلال القمامة في الكثير من شوارعنا وفوضى المرور وفضيحة ساحة الانتظار في مطار القاهرة الدولي ومشاكل نقص المياه والصرف الصحي في الكثير من قرانا، وغيرها من المشاهد الناجمة عن سوء الاختيار. من غير المعقول ولا المقبول أن نحمل مسؤولية إنقاذ البلد لرجل واحد هو الرئيس السيسي، لمجرد أننا اخترناه، فهو شخصيا يبذل جهدا فوق طاقة البشر، كما أنه لا يعقل أن ننتظر مبادرات الرئيس لكي نعمل، بدءا من المبادرات الصحية حتى طلاء المباني. أحسنوا الاختيار وافتحوا النوافذ وثقوا في كفاءة هذا الشعب ووزعوا المسؤولية.. وهذا هو التحدي».
الأمة العاجزة
«انتشر أخيراً فيديو لأستاذ جليل وكبير في كلية الطب يقف في جامع ويتحدث عن الإعجاز العلمي في مسائل طبية مكانها ليس المسجد على الإطلاق، في رأي خالد منتصر في «الوطن»، ولكنها كما يقول الكاتب نشوة الإعجاز في أمة عاجزة، وذكر المعلومة نفسها من قبل في عدة برامج. ما زلت حتى هذه اللحظة لا أفهم لماذا دخل أستاذنا الكبير تلك اللعبة الرديئة، التي من العيب أن يقع في فخها أستاذ مثله كنا نحبه ونعشق محاضراته، لماذا قبل أن يجره الإعلاميون إلى هذا الملعب الذي يستخدمون فيه هذا المنهج كأداة جذب إعلانات وتغييب عقل وترويج خرافة؟ حزين أنا، بل في غاية الحزن والأسى، على العالم الكبير حين يخلع بالطو أستاذ الطب ليرتدي عمامة زغلول النجار استجداء لتصفيق الشارع المتدروش. الفيديو يتحدث عن إعجاز «فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ» التي لخصت 2000 صفحة من كتاب علمي يتحدث عن الماء، وهدد بأن من لا يؤمن بتحليله الإعجازي فهو حتماً جاحد.. والرد باختصار: لو ذكرت الآية بالكامل لفهم المستمع، وبمنتهى البساطة، أن المعنى المقصود لا يمت بصلة لما ذكرته حضرتك من عدم تخزين الماء بالجسم، الآية هي: «وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ»، أي أن المسألة لا علاقة لها بتخفيف الصوديوم في الجسم من جــــرّاء تخزين الماء الذي لا بد أن يخرج عن طريق الكلى والعرق… إلى آخر القصة الطويلة التي علاقتها بالآية مثل علاقتي باللغة الصينية، وهذا ما قاله الطبري يا أستاذنا الجليل. وقوله: «فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه»، يقول تعالى ذكره: فأنزلنا من السماء مطراً فأسقيناكم ذلك المطر لشرب أرضكم ومواشيكم. ولو كان معناه: أنزلناه لتشربوه، لقيل: فسقيناكموه. وذلك أن العرب تقول إذا سقت الرجل ماء شربه أو لبناً أو غيره: سقيته بغير ألف إذا كان لسقيه، وإذا جعلوا له ماء لشرب أرضه أو ماشيته، قالوا: أسقيته وأسقيت أرضه وماشيته، وكذلك إذا استسقت له، قالوا أسقيته واستسقيته.
وقوله: «وما أنتم له بخازنين»، يقول: ولستم بخازني الماء الذي أنزلنا من السماء فأسقيناكموه. فتمنعوه من أسقيه، لأن ذلك بيدي وإليّ، أسقيه من أشاء وأمنعه من أشاء، كما حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال سفيان: «وما أنتم له بخازنين» قال: بمانعين. إذن هناك وجهان من التفسير لا علاقة لهما بالإعجاز العلمي المزعوم الذي اكتشفه أستاذ الطب من شيخ الجامع الذي يقول إنه تفوّق على مجلد هارفارد وكلا التفسيرين يشهد له قرآن.. الأول: أن معنى وما أنتم له بخازنين، أي ليست خزائنه عندكم، بل نحن الخازنون له، ننزله متى شئنا، وهذا الوجه تدل عليه آيات كقوله «وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم»، وقوله: «ولله خزائن السماوات والأرض»، ونحو ذلك من الآيات. الوجه الثاني: إن معنى وما أنتم له بخازنين بعد أن أنزلناه عليكم، أي لا تقدرون على حفظه في الآبار والعيون والغدران، بل نحن الحافظون له فيها، ليكون ذخيرة لكم عند الحاجة، ويدل لهذا الوجه قوله تعالى «وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون»، وقوله: «قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين»، وقوله: «أو يصبح ماؤها غوراً فلن تستطيع له طلباً»، وقوله: «ألم ترَ أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض»، إلى غير ذلك من الآيات. وفي النهاية، أتمنى من الأستاذ الكبير أن يعلمنا أن الألفَي صفحة المكتوبة عن فسيولوجيا إخراج المياه من الجسم هي المنهج العلمي «اللي بجد»، الذي سيخرجنا من ظلام الجهل والتخلف، هم في الغرب لا يفتون بل يعملون، وهذا هو السر».
معارك الحجاب
وإلى المعارك التي اندلعت بعد ظهور المحجبتين شهيرة وسهير رمزي بدون حجاب وبشعر مكشوف، حيث أبدى موسى حال في «عقيدتي» سخريته من الذين غضبوا واعتبروا ما حدث نكسة للإسلام وقال: «كانت تعليقات الآلاف على هذا الحدث لاذعة محرجة، تصل للنبش في ماضيهما، وإعمالا للحق فإن ردودهما لم تحمل تطاولا على الإسلام، ولا استخفافا بفروض وأخلاقيات وواجبات الشرع، بل لم تحمل ردودهما طعم الكوكتيل العلماني المر السقيم. والمشكلة في المقام الأول في أنفسنا نحن الشعب المتحمس لدينه، الذي تهزه صيحات أو شكليات تأتي من فلان أو فلانة، ونتصورهما انتصارا للإسلام ودحرا لجحافل التتار، فبمجرد ارتداء العديد من الفنانات للحجاب، انطلقت الحناجر تعلو المآذن لتبشر الولي والولاة بنصر دين الله، واعتبروا ارتداء ممثلة أو أخريات عزاً للإسلام، وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين عمرو بن هشام وعمر بن الخطاب، وإنما قال اللهم أعز الإسلام بسهير وشهيرة وقتها، يوم أن ارتدت الفنانتان الحجاب، هرول دعاة يُطلق عليهم دعاة الفضائيات وهم في غاية النشوة والبهجة، من أنهم سيجلسون مع فنانات، وكأن، مع احترامي للجميع، الفنانة فلانة أشرف وأصدق وأعظم للإسلام من أمي مثلا، أو أم محمد بائعة الفجل التي تغطي جسدها بثيابها، وهي تفرش بضاعتها الهزيلة على الرصيف. هؤلاء الدعاة هم الذين صدّروا لنا النصر المزعوم بارتداء الفنانات الحجاب المستور. على فكرة إحدى الفنانات خالعات الحجاب تزوجت برجل أعمال يتفاوض الآن بشراء أحد المولات بأكثر من مليار جنيه، هذه الفنانة وكأنها خلعت الحجاب لتتدثر بأوراق المال البالية، أما أم إسلام فقد أضنتها الحياة فاعتصمت بحياتها وكفى فهذا الموضوع لا يستحق أكثر من هذه الكلمات».
حرية الفرد
وفي «اليوم السابع» استنكر أحمد أيوب الحملة بقوله: «عندما ظهرت الفنانة شهيرة بدون غطاء رأس، سنّ لها البعض سكاكين الانتقام والسخرية وهاجموها بدون رحمة وبدون حتى أن يكلف أحد نفسه مجرد سؤال عن حقيقة الأمر، وبدون أن يفكر أحد من هؤلاء أن لكل إنسان الحرية في أن يفعل ما يشاء طالما أن لا يضر بالآخرين، وأنه ليس من حق أحد أن ينصب نفسه كسلطة تأديب وتهذيب وعقاب للآخرين، وأنه لا ديننا ولا قيمنا تبيحان هذا الأمر على الإطلاق، ورغم ذلك نجد من يقبل هذا التصرف الذي يمارسه البعض بكل بلطجة اجتماعية ودينية، ماذا حدث لنا هل افتقدنا الذوق والأخلاق والجدعنة المصرية، وابتعدنا عن قيمنا؟ هل أصبحنا بلا عقل لماذا نزايد على بعضنا، ونتربص بأنفسنا ونتنمر على بعض؟ لماذا أصبحنا نستسهل التجاوز بدون أي حدود؟ لماذا نبحث لبعصنا عن نقاط الضعف نتصيد الأخطاء ونستغل السقطات، ولو كانت تافهة نضخمها ونحولها إلى فضائح؟ لماذا وصلت البجاحة بعضنا إلى حد التحدي لكل القيم والأخلاق».