مواجهات أمريكية ـ إيرانية وقودها العراقيون

حجم الخط
13

كان إطلاق نحو 30 صاروخا في 17 كانون الأول/ديسمبر على القاعدة العسكرية الأمريكية K-1 قرب مدينة كركوك هو الهجوم رقم 11 الذي تشنه وحدات تابعة لـ«الحشد الشعبي» العراقي على مناطق فيها أمريكيون في العراق، ولكن الهجوم الأخير أدى إلى مقتل متعاقد مدني أمريكي وإصابة 4 آخرين، وهو ما اعتبرته القوات الأمريكية، على ما يبدو، تطوّرا نوعيا يستوجب الانتقام، فنفّذت ضربات جوية متزامنة في العراق وسوريا على مواقع لـ«حزب الله» العراقي في اليوم نفسه، مما أدى إلى مقتل العشرات بينهم قيادي في الحزب.
ردا على الغارات اقتحم أنصار من «الحشد الشعبي» حرم العراقي السفارة الأمريكية في بغداد في ليلة نهاية السنة الميلادية الثلاثاء الماضي، وهو حدث كبير ذكّر الأمريكيين بالطبع بحدث احتلال سفارتهم في طهران عام 1979 واحتجاز 52 أمريكيا رهائن فيها حتى 20 كانون الأول/يناير من عام 1981، بل إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو (وقبله صحيفة «واشنطن بوست») اتهم ثلاثة من قادة الميليشيات الشيعية المسلحة بالتخطيط لاقتحام السفارة، بل إن أحدهم، جمال جعفر الإبراهيمي (الملقب بأبي مهدي المهندس)، وهو نائب رئيس قوات الحشد، متهم أيضا بالمساعدة في تنظيم تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في الكويت عام 1983، وكانت محكمة كويتية قد حكمت عليه بالإعدام غيابيا، كما وضعته واشنطن في العام نفسه على قائمة الإرهاب.
تأتي هذه المواجهات في وقت يتابع فيه المتظاهرون العراقيون ثورتهم على النظام السياسي الذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية بعد غزوها العراق عام 2003، والذي كانت الهيمنة السياسية فيه لإيران، عبر سيطرتها على الأحزاب الشيعية (التي ساعدتها على التمكن عبر صناديق الاقتراع أو في المعارك الطائفية)، أحد نتائجه المباشرة وتمتد هذه الهيمنة إلى الشؤون العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وهو ما جعل هذه الميليشيات أحد أذرع إيران لمواجهة الثورة الشعبية والحفاظ على النظام، إضافة إلى كونها أداتها للنزاع على السيطرة مع البقية الباقية من القوات الأمريكية في العراق، منذ إعلان انسحابها عام 2011.
إضافة إلى توظيفها هجمات الميليشيات على القوات الأمريكية في مواجهتها المفتوحة مع خصومها، ومنهم الأمريكيون، على جبهات متعددة، وبطرق معقدة، فإن هناك فوائد أخرى لهذه الهجمات والردود الإيرانية الذكيّة المركّزة عليها، ومنها تصديع جبهة المتظاهرين والثائرين على النظام السياسي العراقي عبر تأجيج أولوية الصراع مع الأمريكيين وتأطير المنتفضين على هيمنة إيران على العراق ونظامه السياسي الفاسد في صورة المتواطئين مع الأمريكيين، وهو اتهام سبق لمسؤولين إيرانيين عديدين، بينهم المرشد الأعلى علي خامنئي، أن اتهموا به الثوار المطالبين بتغيير النظام في العراق (وكذلك لبنان وسوريا).
طبيعي، والحال كذلك، أن يرفض المحتجون المناهضون للنظام، والذين يواصلون التظاهر منذ ثلاثة أشهر، تحويل بلادهم إلى ساحة للصراع الإيراني ـ الأمريكي، وحسب أحد الناشطين في مدينة النجف فإن «صراع المحاور» و«تصفية الحسابات» الجاري بين أمريكا وإيران، كان أحد الدوافع الأساسية لنزول المحتجين للشوارع دفاعا عن سيادة بلدهم ولمنع تحكم واشنطن أو طهران في حكام العراق، وهي خطوة ضرورية لجعل حكومتهم المنتخبة تستجيب لمصالح العراقيين، لا لمصالح إيران أو أمريكا.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سلام عادل(المانيا):

    تحية للجميع
    اولا يجب التفريق بين الحشد الشعبي الذي ولد من رحم فتوى السيستاني وبين الميليشيات المسلحة الموجودة قبل سقوط الموصل بيد داعش والتي استغلت الفتوى لتصبح ضمن الحشد وتكون شرعية بسبب قانون تم تشريعه ليصبح الحشد ضمن القوات المسلحة العراقية وثانيا ان الغارة الامريكية قد تكون سببا لجعل البرلمان والرئاسة استغلالها لتمرير رئيس وزراء جديد لا يقبله الشعب المنتفض بسبب الاحداث التي ستتجدد رغم ان الامور هدات وذلك بحرف البوصلة صوب الاعتداءات الامريكية ووجود قواتها في العراق

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    لن يكون العراق بعد الآن ساحة لتصفية الحسابات بين إيران والأمريكان! فكلاهما بنظر الوطنيين العراقيين محتل لوطنهم!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    يرفض المنتفضون بالعراق حرب الوكالة التي تجري بالعراق لأنهم شبعوا حروب! لقد إحتل الأمريكان العراق, بينما إستباحته إيران!! أليس كلاهما عدو؟ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول د.إبسا الشيخ:

    تحياتي لقدسنا العزيزة علينا كل عام وجريدتنا بألف خير
    المظاهرات التي قام بها الحشد الشعبي من حقهم أن تظاهروا لأن أمريكا الإرهابية قامت بإستهدافهم وقتل من قتل وجرح العشرات نعم أدين بشدة هذا القصف الجوي الإرهابي على العراق كذالك أقول للإخوة العراقيين لا تكونوا وقودا لحرب أمريكا وإيران.
    مع العلم أنا أختلف مع إيران في تدخلها في شئون العرب كذالك أي تدخل خارجي سواء كانت إيران وتركيا وأمريكا

  5. يقول المنصور بالله:

    وحسب أحد ” الناشطين” :
    ” وهي خطوة ضرورية لجعل حكومتهم المنتخبة تستجيب لمصالح العراقيين، لا لمصالح إيران أو أمريكا”

    بالرغم من انه تمت محاولة انعاش هذه الحكومة “المنتخبة ” بمقويات التزوير ,
    فهي ولد ميته و لم تحرز الحد الادنى من التصويتات التي تؤهلها بأن تكون “منتخبة “و اعتماداً
    على حسابات الدستور الغير شرعي الذي ولد من رحم الاحتلالين الصهيوفارسي.
    .
    ان مهد الحكومة المنتخبة اليوم هي في كل ساحات التحرير العراقية
    و هدفها هو شلع قلع الدستور و حل برلمانه ورحيل حكومة الاحتلالين و ذيولهم,
    يتبعها حكومة طوارئ انقاذ مستقلة ,يليها انتخابات حرة نزيهة و بإشراف اممي.

  6. يقول تيسير خرما:

    تراكم استفزاز حرس ثوري إيران للعالم وإصراره على التمركز بالعراق والسيطرة عليه عسكرياً واقتصادياً وسياسياً سيؤدي لتكاتف دولي لتحجيم العراق لخمس حجمه الحالي بإبعاده عن كردستان والأنبار والنجف وكربلاء والبصرة وشط العرب والخليج العربي وإعادة السيطرة على تلك المناطق لسكانها الأصليين عرب وكرد ومسيحيين وقصر إنفاق ثروات تلك المناطق لتحسين عيش مواطنيها، وبالتالي حصر العراق المصغر التابع لحرس ثوري إيران بالمنطقة الوسطى بين بغداد وحدود إيران وتدمير بنيته الإرهابية ووضعه تحت حصار خانق أسوةً بإيران.

  7. يقول سامح//الاردن:

    *حمى الله العراق وشعب العراق الأحرار
    من غدر الضباع الصغيرة والكبيرة..
    حسبنا الله ونعم الوكيل.

  8. يقول بلحرمة محمد:

    لنكن موضوعيين ونتحدث بالحقائق لنقول ان العراق قد اصيب بالسكتة القلبية بعد دخوله الكويت بخداع امريكي وهو ما جعله يدفع الثمن غاليا فامريكا عدوة الشعوب ولا سيما العربية والاسلامية لها باع طويل في اشعال الفتن والحروب والنزاعات فهي قد غزت العراق وحقنته بكل السموم حتى لا يعد لسابق عهده ومن هنا انا لا اقول ان ايران دولة الملائكة ولكن من يتحمل الوزر الاكبر في ما الت اليه الاوضاع في العراق هم الامريكيون اعداء العرب والمسلمين واموال النفط المنهوب.

    1. يقول تاوناتي:

      وماذا عن غزو إيران للعراق، وماذا عن المليشيات التي تسيطر على العراق ومستعدة لحرقه دفاعا عن طهران ..الا تحس بالإهانة وانت ترى العراق بلد الحضارات تابعا لايران، تستخدمه في صراعاتها. الا يجتاحك الغضب وانت ترى بغداد تابعة للمليشيات الإيرانية، يتحكم في حكومتها سليماني بالهاتف من طهران…
      كل ما ذكرته عن جرائم أمريكا في حق العراق صحيح ،وإذا كانت مواجهة التدخل الأمريكي في شؤون العراق صعبة فإن اجتثاث الفيروس الايراني ربما يؤدي إلى حرب أهلية.

  9. يقول .Dinars. #TUN.:

    ما يحدث بين إيران وأمريكا إنما هي مناورة المتضرر منها هو الشعب العراقي الأبي الذي خرج من أجل الحرية ولكن ما زرعته إيران من فتن ستحصدها في النهاية التي ضحت بمنتسبيها من أجل تعطيل الحراك الشعبي أو بالأحرى الثورة العراقية.

  10. يقول محمد شهاب أحمد:

    ليس هناك أسوأ من عقلية أرباب النظام السابق و رأسه ، إلّا أصحاب اللحى و العمائم و المحابس!

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية