غزة – “القدس العربي”:
تشير الوقائع على الأرض إلى أن الأمور ذاهبة إلى التصعيد الميداني بين سكان القدس المحتلة وسلطات الاحتلال، وإلى تصعيد آخر سياسي ما بين المملكة الأردنية، صاحبة الوصاية على المقدسات الإسلامية في القدس المحتلة، وحكومة الاحتلال، على خلفية إدارة المسجد الأقصى، وبخصوص الدعوات المتطرفة من قبل جماعات استيطانية، لإعادة تنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد، الذي توقفت فيه الصلاة منذ أكثر من شهرين، كإجراء وقائي لمنع تفشي فيروس “كورونا”.
وعلى الصعيد الأول الميداني، يحشد الفلسطينيون والمسؤولون عن إدارة المسجد الأقصى جميع الطاقات من أجل إحباط مخططات لجماعات استيطانية متطرفة، تنوي تنفيذ اقتحامات كبيرة لباحات المسجد يوم الخميس القادم، احتفالا بإحكام احتلال مدينة القدس عام 1967.
يحشد الفلسطينيون والمسؤولون عن إدارة المسجد الأقصى جميع الطاقات من أجل إحباط مخططات لجماعات استيطانية متطرفة
ومن أجل تشريع اقتحامهم، تقدمت الجماعات الاستيطانية بدعوة إلى إحدى المحاكم الإسرائيلية، طالبة منها السماح لهم بدخول المسجد، الذي جرى التوافق على إغلاقه بالكامل، مع بداية انتشار فيروس “كورونا”، حيث توقفت الصلوات فيه، واقتصرت بموجب قرار هيئة الشؤون الإسلامية على الأئمة والسدنة والحراس، في مشهد لم يسبق أن اتبع من قبل، وذلك بعد أن أفتى علماء القدس بجواز ذلك، لدفع ضرر الفيروس الخطير، حيث اعتيد خاصة خلال شهر رمضان على إقامة صلوات الجماعة بأعداد كبيرة، خاصة في الأيام العشرة الأواخر من رمضان.
وقدمت الدعوة باسم مجموعات منظمات “الهيكل” المزعوم، للمحكمة العليا الإسرائيلية، للمطالبة بإلزام حكومة الاحتلال فتح ساحات المسجد الأقصى أمام اقتحامات المستوطنين، حيث جاء في التماس تلك المنظمات المتطرفة أن الأقصى مغلق أمام اليهود منذ عدة أسابيع، بينما يسمح لموظفي ورجال دائرة الأوقاف الإسلامية بالتواجد والصلاة في المكان.
وقد حذر الخبير في شؤون الاستيطان بالقدس، أحمد صب لبن، من مسيرة المستوطنين الذين ينوون تنفيذها الخميس المقبل، ويتخللها سلسلة تحيط بالبلدة القديمة، في ذكرى ما تسمى بـ”يوم القدس” لدى حكومة الاحتلال، وهي ذكرى احتلال القدس عام 1967.
وقال إن هذه السلسلة ستكون “بديلة عن مسيرة الأعلام التي يتم تنفيذها سنويا في مدينة القدس والبلدة القديمة”، لافتا إلى أنه وفقا للمعلومات المتوفرة، فإن السلسلة ستنطلق من القدس الغربية وصولا إلى أسوار البلدة القديمة، حيث سيقف المستوطنون أمام باب الخليل، وباب الجديد، وباب العامود، وباب الزاهرة، مشيرا إلى أن إعلانات المستوطنين تفيد بأنهم سيقفون بمسافات متباعدة عن بعضهم مترين ونصف تقريبا، ملتزمين بتعليمات وزارة الصحة الإسرائيلية المتعلقة بفيروس “كورونا”، وهم يحملون الأعلام الإسرائيلية بشكل يحيط بالبلدة القديمة، وستجوب سيارات وشاحنات الشوارع، حاملة سماعات موسيقية، حيث من المقرر أن تنتهي الوقفة عند السادسة والنصف مساء، حيث سيتوجه المستوطنون نحو حائط البراق للاحتفال هنالك أيضا.
وكشف الخبير الفلسطيني المتابع للملف أن شرطة الاحتلال لم تعلن رفضها للمسيرة، وهذا ما دفع المستوطنين إلى تقديم اعتراض عبر المحكمة، لدفع الشرطة إلى المصادقة وإصدار التراخيص المطلوبة لتنفيذها.
وتصديا للمخطط، أعلن الشيخ عمر الكسواني مدير المسجد الأقصى المبارك أن دائرة الأوقاف الإسلامية ترفض وبشكل قاطع التعامل مع محاكم الاحتلال في قضية فتح أبواب المسجد الأقصى، وشدد على أن تلك قضية تابعة للأوقاف الإسلامية، وأن الإغلاق ارتبط بجائحة “كورونا”، حفاظا على النفس البشرية، وبناءً على نصائح طبية وصحية مختصة، وما بني عليه من فتاوى شرعية ضمن مقاصد الشريعة في حفظ النفس.
وأشار الكسواني إلى أن الأوقاف الإسلامية لم ولن تتعامل مع الاحتلال ومحاكمه منذ عام 1967، بخصوص القضايا المرتبطة بالمسجد الأقصى، وقال معقبا على جلسة محكمة الاحتلال العليا، للنظر بمطالبات المستوطنين، إنه في حال تم فتح أبواب المسجد عنوة للمستوطنين، سيجدون أمامهم عشرات آلاف المصلين الذين سيتصدون لهم وسيقفون بوجه أي اقتحام للأقصى.
ومن شأن الاقتحام أن يفجر موجة غضب فلسطينية واسعة في القدس المحتلة، خاصة وأن أئمة المسجد حذروا في وقت سابق من أن اقتحام المستوطنين سيدفع الأهالي للعودة للصلاة في الأقصى، والدفاع عنه وصد ذلك الاقتحام.
واعتادت مجموعات المستوطنين المتطرفين على تنفيذ اقتحامات يومية للمسجد، عدا أيام العطل وهي الجمعة والسبت، وأداء “طقوس تلمودية”، في وقت كان المسجد قبل الجائحة يفتح أبوابه للمصلين الفلسطينيين، وكثيرا ما كانت تقع مواجهات شعبية يتصدى فيها سكان القدس المحتلة لهجمات الاحتلال، التي تهدف إلى “تهويد” الأقصى، وتقسيمه مكانيا وزمانيا، والسيطرة على مصلى “باب الرحمة” لتحويله إلى “كنيس يهودي”، حيث أفشل سكان القدس مخططات الاحتلال.
وبما يشير إلى قرب ظهور خلاف أردني إسرائيلي، بصفة أن الأول هو من يشرف على رعاية المقدسات الإسلامية، أكد الناطق الرسمي في وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية، ضيف الله الفايز، أن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك هي التي قررت الإجراءات الوقائية في المسجد المبارك لمواجهة جائحة “كورونا” استناداً إلى توافق مجلس أوقاف القدس.
وأكد الفايز، في تصريح صحافي، أن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك هي الجهة الشرعية الحصرية صاحبة الاختصاص في إدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك، مشددا على عدم وجود أية اتفاقية مع إسرائيل حول القرار.
لكن التصريح الأردني لم يعجب جمهور المستوطنين المتطرفين، الذين نظموا احتجاجا، أغلقوا خلاله مدخل المبنى الذي توجد داخله السفارة الأردنية في مدينة تل أبيب احتجاجا على إغلاق دائرة الأوقاف الإسلامية المسجد الأقصى في وجه اقتحامات اليهود منذ بداية أزمة فيروس “كورونا”.
جدير ذكره أن مؤسسة القدس الدولية أعلنت عقب تردد أنباء عن وجود اتفاق أردني إسرائيلي، حول فتح وإغلاق الأقصى، رفضها لذلك الاتفاق إن صح، واعتبرته بأنه يمثل “تراجعا غير مسبوق واعترافا ضمنيا بالسيادة الإسرائيلية على المقدسات”، وذلك بعد أن تناقلت وسائل إعلام عربية مؤخراً تصريحاً لمصدر رفيع في الحكومة الأردنية، قال فيه إن هناك اتفاقاً على إغلاق المسجد الأقصى المبارك بين وزارة الخارجية الأردنية ووزارة الخارجية الإسرائيلية مبرراً ذلك بـ”حماية المصلين من انتقال الفيروس إليهم من الإسرائيليين”.
وأكدت المؤسسة في بيان لها أن عقدَ اتفاقٍ سياسي حول ترتيبات إدارة المسجد الأقصى المبارك، يعد “تطورا جديدا وخطيرا ولم يسبق أن أُعلن عن مثله من قبل، وهو يشكل اعترافاً ضمنياً بالسيادة الصهيونية على المسجد الأقصى المبارك، في الوقت الذي تخوض فيه سلطات الاحتلال والإدارة الأمريكية حرباً شاملة على كل الجبهات لفرض السيادة الصهيونية على القدس وسائر مقدساتها الإسلامية والمسيحية، وتصفية قضية القدس كعنوان لتصفية كل قضية فلسطين”.
وأكدت أنه في حال صح الحديث عن الاتفاقية، فإنها تضر بصورة الأردن وقيادته، إذ لطالما كانت الأوقاف الإسلامية في القدس، ومن خلفها الحكومة الأردنية، تفرق بين تعاملات الأمر الواقع التي يفرضها وجود المحتل كقوة على الأرض، وبين الاتصالات والاتفاقات السياسية التي تضفي على الاحتلال المشروعية.
مجموعات “الهيكل” الصهيونية،مدعومة بالمال الذي يسيطر عليه آل سعود،وأولاد زايد،وعسكر مصر وآل خليفة،وهلم جرا من حكام الخزي والعار،والهدف من حركات آل صهيون الأخيرة،هي باتفاق مع إخوانهم آل سعود لتحويل الوصاية من الهاشميين،إلى أعداء الإسلام بني سعود ليكتمل حلمهم بأسر المسجد الاقصى كما أسروا المسجد الحرام.
يمكن مد الأردن بالطائرات المسيرة التركية لضرب الإحتلال لفلسطين.