نواكشوط ـ «القدس العربي»: تواجه المدونات والصحافيات في دول آسيا وأفريقيا وخارجها، موجة مستمرة ومزعجة من التحرش السبراني، مما أدى لظهور مبادرات وآليات عدة لمساعدتهن في مواجهة التحرش السبراني، كما تسعى المدونات المستهدفات من طرف المتحرشين، باستخدام وسائل خاصة للدفاع عن أنفسهن.
ويشمل التحرش السبراني الإهانة اللفظية والشتم المقذع وتهديدات مجهولة المصدر بالقتل، وهو ما جعل منظمة «مخبرون بلا حدود» المدافعة عن حرية الإعلام، توثق التحرش السبراني بوصفه «تصرفا مهددا لحرية الصحافة».
وصنف تقرير صدر مؤخرا اثنتين وثلاثين دولة بينها الجزائر ومصر، ومن ضمنها دول أفريقيا ما وراء الصحراء، «كفضاءات قمع للتحرش السبراني».
وتقول روز لوكالو رئيسة تحرير مبادرة «بيزاشيك» «PesaCheck» المضادة للتحرش والمؤسسة عام 2016 بمكاتب في 12 بلدا أفريقيا «أن أصوات النساء المكافحة للتحرش، أصبحت عالية ومسموعة، وهذا يشكل تقدما كبيرا في حد ذاته، لكن العنف النوعي ما يزال مشكلة أمنية كبيرة».
وتهتم منظمة «غلوبال سيبر أليانس» غير الحكومية الناشطة في نيويورك ولندن وبروكسل، والمؤسسة عام 2015 بين أمور أخرى، بأمن الصحافيات الأفريقيات، وقد خصصت رقم استغاثة لمساعدة النساء المهددات على الإنترنت، كما افتتحت مكتبا لها في تونس.
ونشرت منظمة غير حكومية أخرى هي «Open Internet for Democracy» في تموز/يوليو الماضي تقريرا تحت عنوان «خطوط توجيهية لأجهزة التحرير الصحافي بأفريقيا الغربية».
وتحدث هذا التقرير عن «انتشار فظيع للتهديد ضد الصحافيات في مواقع التواصل الاجتماعي» واصفا هذه المواقع بـ «الملوثة».
وفي عام 2016 أكدت اللجنة الدولية لحماية الصحافيين «أن نسبة 40 في المئة من حالات اغتيال الصحافيين في العالم، نفذت بعد أن تلقى الضحايا تهديدات بالقتل عبر الإنترنت».
وحسب التحقيق العالمي الذي نشرته اليونسكو فإن 20 في المئة من النساء الصحافيات المشهورات تعرضن للاعتداء والهجوم خارج النت.
وأكدت شيهار بانو رئيسة تحرير صحيفة «ذي انيوز انترناشنال» ونائبة رئيسة اتحاد صحافيات باكستان «أن الصحافيات هدف سهل للتحرش السبراني».
وأضافت «أن من يعتدون علينا ليسوا أشخاصا عاديين، فهم أشخاص يعرفوننا ويتوفرون على الدعم السياسي».
وتقول أسماء شيراز صحافية سياسية في قناة عاج نيوز «لا أغرد كثيرا وكلما نشرت تغريدة يبدأ العنف ضدي من أجل إسكاتي».
وتعودت الصحافيات الباكستانيات كل يوم على التعرض للتحرش الجنسي والشتم والتهديد بالاغتصاب.
وقد وصل الأمر حدا جعل الصحافيات والمدونات يلجأن للصمت.
وتضيف أسماء شيراز «لا يمكن لأقربائي متابعتي على مواقع التواصل لئلا يروا ما يوجهه إلي المتحرشون من شتائم ومن تهديدات من أجل إسكاتي، حتى أن والدتي طلبت مني ترك العمل الصحافي نهائيا».
وزادت «كثيرا ما يتعرض لنا نحن الصحافيات، مسؤولون حكوميون، باتهامات بنشر الأخبار المزورة أحيانا، وبوصفنا بعدوات الشعب أحيانا أخرى، وبالمرتشيات».
ويؤكد دانيال باستار مسؤول مكتب «مخبرون بلا حدود» في منطقة آسيا والمحيط الهادي «أن عددا من كبار المسؤولين في الحكومة الباكستانية متواطئون في تنفيذ حملات التحرش السبراني ضد صحافيات معارضات».
ويؤدي هذا التضييق لقلق كبير لدى الصحافيات المستهدفات اللائي يواجهن العجز التام عن القضاء على ما يتعرضن له من تحرش عبر النت.
وكانت منظمة «مخبرون بلا حدود» قد نشرت مؤخرا تحقيقا عن الاغتيال الوحشي الذي تعرضت له الصحافية الباكستانية عروج إقبال أول صحافية باكستانية تطلق صحيفتها الخاصة، كما أنها أول محررة صحافية في باكستان تقتل بسبب مهنتها.