تحد اسرائيل على موت أريك آينشتاين. هذه المرة ليس هذا كليشيها فارغا من المحتوى. ويبدو أن الحداد حقيقي وجارف؛ ويشهد على ذلك عشرات الآلاف الذين جاءوا لتقديم الاحترام الأخير أمس عندما نُصب تابوته في ميدان رابين في تل ابيب. لقد كان آينشتاين مغنيا محبوبا من الكثير من الاسرائيليين، وأغانيه الجميلة رافقتهم على مدى عشرات السنين، أي أينما حلوا. خسارة أن آينشتاين لم يحظ في حياته بوسام الشرف السامي للدولة، جائزة اسرائيل، وفقط في موته تمنحه الشرف النادر لحداد شعبي ووطني، بما في ذلك ما يقوله قادته عنه. لقد كان آينشتاين بطلا ثقافيا، حتى وإن كان هو نفسه ينفر من اللقب. فعلى مدى عشرات السنين نجح في أن يُحدث اجماعا نادرا في المجتمع حول محبة أغانيه وحول عمله الثقافي المتفرع. كما أنه أعطى منصة وكشف أمام الجمهور مبدعين شباب وأكفاء مثل شالوم حانوخ، يعقوب روتبليت، ميكي جبريالوف، يوني ريختر، شم طوف ليفي واسحق كلابتر الذين أصبحوا مع الزمن هم ايضا أعمدة فقرية في الثقافة الاسرائيلية. ومع ذلك، مع كل الألم والأسى على رحيله، فان أغاني آينشتاين لم تصمم الخطوط الهيكلية للدولة، بل فقط لطفت زمنها. اسرائيل التي تحد الآن على موته تحاول منحه ومنح أغانيه معان أعمق، ولكن عبثا. ما الذي جملته أغاني آينشتاين، بل حتى ما الذي جمله حبنا إليه. ليس قليلا، ولكن ليس كثيرا ايضا، فالمغني هو مجرد مغنٍ، وآينشتاين لم يدع أبدا ما ليس هو، ومحظور أن نُفسد بعد موته تواضعه واستقامته. فضلا عن ذلك، اذا اصرينا على أن نرى في آينشتاين مقدمة للاسرائيلية، فان أغانيه رسمت اسرائيلية متواضعة، بريئة، أولية، علمانية وبالأساس محبة للانسان. كل هذه لم تعد تميز اسرائيل التي أخذت تُدير ظهر المجن لهذه القيم. وبهذا الفهم، فان الحزن على موت آينشتاين قد يكون تعبيرا عن الحزن على الدحر المتواصل والثابت لتلك القيم عن الثقافة الاسرائيلية. بالتاكيد آينشتاين جدير بالشرف العظيم الذي أضفته عليه الدولة أمس، ولكن ليس أقل من ذلك احترام طريقه ايضا، الذي علم التواضع، الطبيعية والتوازن. آينشتاين كان أول من طلب ذلك.