الرباط- “القدس العربي”:
ما زالت واقعة الرد الذي صُنّف في خانة “القمع”، على إعلامي رياضي حضر المؤتمر الصحافي لمدرب المنتخب المغربي لكرة القدم، وليد الركراكي، تثير الكثير من ردود الفعل، ويتلقى “بطلها” المزيد من الهجوم.
ويعود أصل الحكاية المثيرة للجدل والغضب إلى المؤتمر الصحافي الذي أعقب مباراة “أسود الأطلس” ضد المنتخب الزامبي، وانتهت بفوز المنتخب المغربي لحساب الجولة الثالثة من المجموعة الخامسة للتصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026.
وكان الرد غير متوقع من طرف مسير اللقاء (وهو صحافي رياضي معروف) الذي لم يجد غير كلمات من قبيل “رأيك خليه عندك” (احتفظ برأيك لنفسك)، ليردّ على سؤال صحافي، كما ردّ على سؤال المدرب وليد الركاكي الذي استفسر عن فحوى حديث الإعلامي، فقال مسيّر المؤتمر الصحافي بطريقة تهكمية باللغة الفرنسية: “إنه مجرد كلام”.
وما زالت الأضواء الكاشفة مسلطة بقوة على صاحب هذا السلوك الذي وصف بالغريب، ولاحقته تدوينات “الحكرة” وهي تعني بالدراجة المغربية “الإهانة والاحتقار”، كما نالت منه تدوينات أخرى لعموم الرأي العام وكانت فعلا قاسية جدا لا تناسب الواقعة مطلقا، كما لو أنها مثلت “القشة التي قصمت ظهر البعير”، خاصة في ظل استياء المغاربة من مستوى منتخبهم لكرة القدم وأدائه الذي وصف بـ”الباهت” ناهيك عن انتقاد حالة “الهيجان” و”النرفزة” و”الغرور” التي عبّر عنها بعض اللاعبين أمثال الناصيري وزياش وهما يقومان برمي الحذاء الرياضي وقذف قنينة الماء، بعد استبدالهما.
وأدلى عبد الوهاب الرامي، الصحافي والمدرّس في المعهد العالي للإعلام والاتصال، بدلوه في الموضوع، إذ كتب تدوينة استهلها بسؤال “هل يمكن لصحافي في ندوة إبداء رأيه في أحد عناصر موضوع الندوة؟”، فكان جوابه “نعم”. ثم أردف سؤالا ثانيا: “هل لمسيّر ندوة أو لقاء الحقّ في أن يُخضع مزاجه وتفاعله لانتقائية تعتمد أساسا حجم المتكلم/الصحافي الذي أمامه وانتماءه ووزن المؤسسة الإعلامية التي يمثلها، خارج بقية الأعراف المهنية؟” فأجاب بالنفي “لا”، وهو الجواب نفسه الذي أكده ردا على سؤال “هل يمكن تحقير صحافي أثناء مزاولته لعمله والاعتداء عليه بقمع حقه في التعبير والانتقاد غير المخلين بالأخلاقيات التي تحكمهما”.
وأوضح عبد الوهاب الرامي أن “هناك في الصحافة ما يسمى بالسؤال المضمر الذي يرِد على شكل وصف أو تقرير أو حتى رأي، فحين يقول صحافي في برنامج حواري متوجها لضيفه (أرى أنك خارج القانون)، فلا يعني ذلك أن رأيه ثابت ونهائي، بحجة أنه يعرضه أمام الضيف. والمضمر في هذا الرأي هو سؤال (ما رأيك فيما أقول؟) أو (ما ردك على هذا؟)، ولذلك، تنتج أحيانا أزمات تواصل، لمجرد عدم فهم إبستمولوجية السؤال، وغاياته، وأصنافه، أشكاله، وبدائله وأخلاقياته”.
واقعة “قمع” صحافي في ندوة مدرب المنتخب المغربي لكرة القدم، أسالت مداد غير الصحافيين أيضا، وكتب عنها المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسة والقانون الدستوري، عمر الشرقاوي، مؤكدا أن “المشكل في مراد المتوكل (مسير المؤتمر الصحافي)، أنه (حكَر) يعني (احتقر وأهان) ذلك الصحافي الذي كان بدوره يمارس شيئا آخر غير الصحافة، مراد المتوكل كان متوازنا، حتى عرف أن الصحافي يعمل في منبر مغمور عاد طلق رجليه وخاطبه بالقول (رأيك خليه عندك)”. وأقسم الشرقاوي أن المتوكل لو عرف أن الصحافي يشتغل في منبر مشهور فإنه كان “سيضرب ألف حساب قبل أن يُطوّل لسانه”.
https://www.facebook.com/100011847034554/posts/pfbid02wSk7Tdhbrq6B1GHQsdv1m15s2MWMMY9ojLbY83d1w67ZzZxB2JxvBtxbJcA4FoAwl/
من الأقلام الصحافية التي سال مدادها بخصوص الواقعة، الصحافي أحمد الدافري، الذي عنون تدوينته بـ”سلوك معيب”، مبرزا أن “الصحافي الذي أبدى رأيا في المنتخب المغربي خلال الندوة الصحافية التي عقدها وليد الركراكي، حتى لو أنه ممثل لمنبر إعلامي غير معروف، وحتى لو أنه ليس له تكوبن جيد في الصحافة وفي كيفية طرح الأسئلة، كان من الضروري على المسؤول الإعلامي في الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الذي كان يسير الندوة، أن يتعامل معه باحترام، وليس بتلك الطريقة المهينة”.
وأوضح صاحب التدوينة “أن تقول لصحافي: (احتفظ برأيك لنفسك)، هو جهل بمعنى الصحافة التي هي في الأساس، نقل للخبر، وتحليل له، وتعليق عليه، وإعطاء رأي فيه، وأن يسألك المدرب المغربي محاولا فهم ما قاله الصحافي وتجيبه (إنه أي شيء)، فهذا تحقير للصحافي، وهو سلوك معيب”، وختم قائلا “التجبر خايب” (سيء).
تدوينة أخرى لكنها كانت قاسية جدا، وكتبها حسن المولوع، واصفا مراد المتوكل بـ “الحكار” (أي الذي يمارس الاحتقار والإهانة)، كما قال عن أسلوبه إنه “متعجرف” وأنه اعتقد أن ذلك سيرفع “شأنه، فإذا به فوجئ بغضب منقطع النظير عبرت عنه مختلف الشرائح المجتمعية بتدوينات مستنكرة لتصرفه الصبياني والمتعجرف الذي وضعه في خانة الاحتقار بعد سنوات من المجد التي قضاها بالقناة الثانية”
وبالنسبة لحسن المولوع، فإن “ما لا يعلمه مراد (الحكار) أن الصحافي يبقى صحافيا سواء في منبر صغير أو كبير، والتعامل مع الصحافيين ينبني بكونهم صحافيين وليس بكونهم يشتغلون بهذا المنبر أو ذاك، لأن الصحافي الحقيقي هو الذي يصنع المنبر وليس المنبر من يصنعه”، وأضاف في موقع آخر من التدوينة، أن مراد المتوكل عليه أن يتعلم من “لقجع لغة التواصل ولباقة الحديث”.
https://www.facebook.com/100000514912894/posts/pfbid02Neju6jbbXtjHLgsZxySFiAsevHHYcbrVbYxsKfiJAWcp62USrLDUP3imatrEVaATl/
اما صفحة تعود لـ”صحافي رياضي”، فقد سأل كاتبها في البداية “هل أخطأ مراد المتوكل في الندوة الصحفية “، ليقول إن “تصرف مراد المتوكل من نظري خاطئ بشكل كامل، ولا داعي للدفاع عنه من بعض أصدقائه، ومحاولة تشكيل درع يحميه فقط لأنه خدمهم في يوم ما أو قدم لهم مساعدة في ظرف معين”.
أمام عاصفة الهجوم والانتقاد، هناك أقلام دافعت عن مراد المتوكل، ومن التدوينات ما كتبه الصحافي محمد الروحلي، الذي أكد أن “الزميل مراد المتوكل يتعرض لحملة غير مبررة، بسبب حرصه على احترام الشروط المهنية في تسيير اللقاءات الصحفية”، وتأسف صاحب التدوينة على “أن البعض لا يفرق بين طرح الأسئلة وإبداء الرأي، ومع ذلك يزايد، فالندوات مخصصة أساسا لاستجواب المدرب، وليس استعراض وجهات النظر، مع ما يترتب عن ذلك من حرمان باقي الزملاء من فرصة طرح الأسئلة”.
وحسب الروحلي، فإن مراد صحافي يشرف حقا الصحافة الرياضية الوطنية، بمهنية عالية وتجربة غنية، ووجوده ضمن طاقم وليد الركراكي إضافة كبيرة، وطبيعي أن يحدث خلاف مع “زملاء” غير ملمين بابجديات العمل الصحافي الحقيقي”. وختم تدوينته بالتعبير عن “كل التضامن مع الزميل مراد المتوكل”.
وأصدرت الصحيفة الإلكترونية التي يعمل فيها الصحافي المتنمَّر عليه بيانا أوضحت فيه أنها “فوجئت كما فوجئ الرأي العام، بالأسلوب الفج والغريب، الذي تعامل به، المكلف بإدارة الندوات الخاصة بالناخب الوطني، مراد المتوكل، الذي وعوض القيام بمهمته الأساسية، أي حسن تدبير ندوات الناخب الوطني قبل وبعد نهاية المقابلة، انبرى ليهاجم زميلا له في المهنة، وبأسلوب لا يليق لا بالمقام، ولا بالحدث في ظل حضور وسائل إعلام وطنية وأجنبية”.
وسرد البيان التفاصيل والوقائع كما سجلها، وأسباب طرح الصحافي لسؤاله الذي قيل إنه رأي وهو ما لا يجوز، وفي ذلك كان اجتهاد العديد من الأساتذة في المهنة. الموقع دافع عن أحد أفراد أسرة تحريره، وأكد أن “مراد المتوكل بسلوكه هذا، خلق سابقة في تاريخ الندوات الصحافية، وطنيا ودوليا، ونصب نفسه أستاذا وآمرا وناهيا، بل وانتحل صفة المدرب الراكركي، بالإجابة عن سؤال ولو أنه في صيغة ملاحظة أو تعليق، والمعني هو المدرب نفسه، إلا إذا كان المتوكل قد حل محله دون علم أحد”.
وبخصوص ما قاله مسير المؤتمر الصحافي وتلك الجمل القدحية التي أطلقها في حق الصحافي، حسب الموقع المذكور فإن “الأمر لا يحتاج إلى تنبيه أو اعتذار بل وجب ترتيب الجزاءات المناسبة واللازمة من طرف الجامعة الملكية لكرة القدم”.
وختم الموقع بيانه الاستنكاري، بالتعبير عن الاطمئنان لما هو معروف عن “الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم” (الاتحاد المغربي)، من “حزم وصرامة” خاصة “اتجاه مثل هذه السلوكيات المتعارضة مع الاحترام الذي تكنه للإعلام والإعلاميين، فإننا نحتفظ بحقنا في اتخاذ كل الإجراءات المكفولة قانونا لرد الاعتبار لمؤسستنا وللصحافي الذي تعرض لهذا الاعتداء اللفظي الشنيع”.