لندن ـ «القدس العربي»: تسبب إحراقُ نسخة من القرآن الكريم في السويد بالتزامن مع عيد الأضحى المبارك بموجة غضب جديدة على شبكات التواصل الاجتماعي، وانتقادات واسعة لسماح السلطات السويدية لشخص بحرق نسخة من المصحف الشريف خاصة بالتزامن مع أهم مناسبة دينية لدى المسلمين في العالم، وهي فريضة الحج.
وأطلق نشطاء عرب على شبكات التواصل الاجتماعي في مختلف الدول العربية حملات احتجاجية ضد ما حدث في السويد، وسرعان ما تحولت هذه الحملات إلى دعوات لمقاطعة البضائع السويدية ومعاقبة البلد الذي سمح بالاعتداء على القرآن الكريم، وسمح بإهانة مشاعر مئات الملايين من المسلمين في العالم، بمن فيهم المسلمون في السويد والقارة الأوروبية.
ومزّق المتطرف سلوان موميكا (37 عاما) نسخة من المصحف، وأضرم النار فيها عند مسجد ستوكهولم المركزي، وذلك يوم الأربعاء الماضي، أي بالتزامن مع أول أيام عيد الأضحى المبارك ومع أداء شعائر فريضة الحج في مكة المكرمة، فيما قام المتطرف موميكا بفعله بعد أن منحته الشرطة السويدية تصريحاً بتنظيم الاحتجاج إثر قرار قضائي.
وأحدث حرقُ نسخة من المصحف الشريف موجةً من الغضب في العالم العربي، إضافة إلى إدانات رسمية واسعة على مستوى دول العالم، حيث أدان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في تغريدة نشرها عبر حسابه في «تويت» ما وصفه بأنه «العمل الدنيء الذي ارتكب بحق كتابنا القرآن الكريم في أول أيام عيد الأضحى المبارك».
وأضاف «أن السماح لهذه الأعمال المعادية للإسلام بحجة حرية التعبير أمر لا يمكن قبوله، وإن غضّ الطرف عن مثل هذه الأعمال الشنيعة يعني التواطؤ معها».
كما نددت الولايات المتحدة بإحراق المصحف، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل، في تصريح صحافي بواشنطن، إنه «لطالما قلنا إن إحراق نصوص دينية سلوك عديم الاحترام ومسيء، وما قد يكون قانونيا ليس بالضرورة لائقا». كما أدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حرق المصحف، ونقلت وكالة «سبوتنيك» عنه قوله خلال زيارة لمسجد «الجمعة» يوم الأربعاء في دربند: «روسيا تكن احتراما شديدا للقرآن ولمشاعر المسلمين الدينية، وعدم احترام هذا الكتاب المقدس في روسيا جريمة».
وأضاف بوتين «في بلدنا هذه جريمة (حرق القرآن) بموجب الدستور والمادة 282 من القانون الجنائي لروسيا، هذه جريمة، عدم الاحترام والتحريض على الكراهية بين الأديان، وسنلتزم دائما بهذه القواعد التشريعية».
كما أكد مجلس التعاون لدول الخليج العربية في بيان أن تصرفات كهذه «تدل على حقد وكراهية وتطرف» داعيا إلى ضرورة تحرك السلطات السويدية لوقفها «بشكل فوري».
وأطلق النشطاء العرب حملات استنكار وتنديد لجريمة حرق المصحف الشريف في السويد، وهي الحملات التي سرعان ما صارت تدعوا إلى مقاطعة المنتجات السويدية وعدم التعامل مع الشركات السويدية، وسارع عدد من النشطاء والمؤثرين إلى تذكير الناس بأسماء المنتجات والشركات السويدية التي يتوجب على المسلمين مقاطعتها في العالم.
وكتب رئيس الهيئة العالمية لنصرة النبي محمد، وعضو مجلس الأمناء باتحاد علماء المسلمين، الدكتور محمد الصغير مغرداً على «تويتر»: «اليوم تعبر كل حكومة عن موقفها من جريمة حرق المصحف وتعرب عن طبيعة علاقتها بكتاب الله المجيد. لو كان الحرق لعلم دولة أو صورة رئيس هل كانت ردة الفعل ستنحصر في بيانات الشجب والإدانة؟ طرد سفراء السويد أول ما يُتخذ رداً على المساس بكتاب الله ومقاطعة المنتجات السويدية واجب على كل مسلم». وأضاف في تغريدة ثانية: «واجب الحكومات طرد سفراء السويد واتخاد إجراءات تتناسب مع جريمة حرق المصحف أقدس المقدسات، وواجب الشعوب مقاطعة المنتجات السويدية وفضح جاهلية وعنصرية السويد».
ونشر الأزهر الشريف بياناً على «تويتر» دعا فيه المسلمين في العالم إلى مقاطعة المنتجات السويدية، وجاء في سلسلة تغريدات على الحساب الرسمي أن «الأزهر يجدد الدعوة لمقاطعة المنتجات السويدية ويطالب الحكومات الإسلامية باتخاذ مواقف جادة وموحدة تجاه انتهاكات حرق المصحف، كما يطالب دور الفتوى وهيئات الإفتاء في العالم بإصدار فتوى بوجوب مقاطعة المنتجات السويدية ومنع استخدامها نصرةً للمصحف الشريف».
كما دعا الأزهر كافة الشعوب الإسلامية والعربية وأصحاب الضمير الحي إلى تجديد مقاطعة المنتجات السويدية نصرةً للمصحف الشريف كتاب الله المقدس، وذلك بعد تكرار الانتهاكات غير المقبولة تجاه المصحف الشريف، والاستفزازات الدائمة لجموع المسلمين حول العالم تحت لافتة حرية الرأي والتعبير الزائفة، وأضاف: «يدعو الأزهر حكومات الدول الإسلامية والعربية لاتخاذ مواقف جادة وموحدة تجاه تلك الانتهاكات التي لا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال، والتي تحمل إجرامًا وتطرفًا تجاه المقدسات الإسلامية».
وغردت الناشطة السعودية نورة الحربي تقول: «دعاة الحرية المزيفة لا يسمحون بحرق علم المثليين بحجة الحرية لكنهم يدافعون عن حرق المصحف بحجة الحرية.. لا تنشروا مقاطع حرق القرآن فهذا ما يريدونه بل انشروا مقاطع تعزز القرآن وتعظمه».
وعلق مغرد سعودي يُدعى فهد: «حرق المصحف هي حرية الرأي الوحيدة المسموح بها في الغرب!!» فيما نشر الصحافي السوري أنس المعراوي مقطع فيديو قديم لمقاتلين سوريين في أحد المساجد وربطه بالحدث الجديد قائلاً: «حتى لا ينسى المسلمون والمنددون بحرق المصحف في السويد.. هذا فيديو من آلاف الفيديوهات لاهانة شبيحة الاسد وبوتين للمساجد وصلاة المسلمين في سوريا».
وغرد أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد عيسى المعصراوي قائلاً: «القرآن هو المعجزة الوحيدة الخالدة حتى الآن ولم يستطع ولن يستطيع أحد أن يأتي بمثله إلى يوم الدين كما تحداهم الله في القرآن ولذلك محاولاتهم الخائبة مستمرة للنيل من هذا الدين وهي لا تدل إلا على قلة حيلتهم».
ودعا الناشط المصري، والمستشار سابقاً برئاسة الجمهورية أحمد عبد العزيز، إلى مقاطعة البضائع السويدية احتجاجاً على السماح بحرق نسخة من المصحف الشريف، وكتب يقول: «فضلا لا أمراُ أعزائي، غردوا تحت هاشتاج #قاطعوا_المنتجات_السويدية وانشروا صور المنتجات السويدية؛ حتى يتعرف عليها الناس».
وغرد رئيس جمعية مكافحة الفساد في الكويت الناشط نواف مشعل السويط، مطالباً الحكومة الكويتية بطرد السفير السويدي، كما وجه اللوم إلى البرلمان الكويتي واعتبر أن موقفه لا يزال دون مستوى الحدث، وكتب يقول: «السادة النواب.. إن حرق علم المثليين في أوروبا يعتبر اضطهاداً، وحرقُ علم إسرائيل يعتبر معاداة للسامية، وحرق الإنجيل يعد كراهية، أما حرق القرآن فيعد حرية.. لقد حُرق المصحف وردود فعلكم ليست بمستوى الحدث، كنتُ أتوقع منكم إما تطالبون بقطع العلاقات الدبلوماسية أو استجواب وزير الخارجية».
وعلقت الناشطة الأردنية أروى المغربي: «كل حكومات الدول الاسلامية أكذب من بعضهم.. نستنكر ونستهجن.. لو أرادوا كانوا أرغموا السويد على احترام الأديان والمعتقدات واحترام الدين الإسلامي، ولكن حكوماتنا نيام.. ننتظر عدل الله».
ودعا البروفيسور عبد الله الشايجي إلى مقاطعة البضائع السويدية، وكتب تغريدة يقول فيها: «على حكومات 57 دولة عربية ومسلمة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون ومنظمة التعاون الإسلامي (30 في المئة من أعضاء الأمم المتحدة) و2 مليار مسلم (ربع البشرية) استدعاء سفراء السويد وإصدار بيان رفض واستنكار لسماح حكومة السويد لملحد عراقي بحرق المصحف.. هذه ليست حرية رأي، ويجب مقاطعة المنتجات السويدية».
وكتب أحد المعلقين: «المقاطعة الاقتصادية سلاح مهم جداً وعلى الشعوب الإسلامية أن تقاطع المنتجات السويدية فوراً.. هنا قائمة بأهم المنتجات السويدية».
وغرد الكاتب الصحافي والمؤلف الدكتور عبد الله العمادي قائلاً: «ليس العتب على هذا البائس التعيس في فعلته المنكرة، لكن العتب واللوم على حكومة السويد التي تمنح أمثال هؤلاء التعساء مجالاً للإساءة للإسلام والمسلمين بحجة حرية الرأي، وهي بذلك لا تختلف في البؤس واللؤم والتعاسة عن تلك الحثالة البشرية، أخزاهم الله جميعاً».
ونشر أحد النشطاء الكويتيين صورة تتضمن أبرز وأشهر الماركات السويدية التي تنتشر في الأسواق العربية، وكتب يقول: «هذه منتجات السويد اللي حرقوا القرآن كتابكم المقدس وأساس الدين كله، إذا الحكومات مافيها خير ولا سوت أي شي هذا ما يمنع إنكم تكونون أحسن منهم، قاطعوهم انتصاراً لدينكم وكرامتكم».
وغرد الناشط اليمني أنيس منصور قائلاً: «المقاطعة الاقتصادية الشعبية سلاح ناعم وفاعل ومؤثر ضد الغطرسة الغربية.. مطلوب تأديب دولة السويد، ومقاطعة المنتجات السويدية».
ونشر حساب «نحو الحرية» تغريدة جاء فيها: «حملة كويتية بدأت لمقاطعة منتجات شركة إيكيا السويدية نصرةً للقرآن الكريم، يجب أن لا نتأخر عنها، ونشارك ونذكر ونعممها على جميع الدول».
يشار إلى أن أقوى الردود العربية جاءت من المغرب، حيث استدعت وزارة الخارجية القائم بالأعمال السويدي في الرباط، كما جرى استدعاء السفير المغربي بالسويد للتشاور «لأجل غير مسمى» بحسب وكالة المغرب العربي للأنباء. وجاء في بيان لوزارة الخارجية المغربية أنه «تم التعبير للدبلوماسي السويدي خلال هذا الاستدعاء عن إدانة المملكة المغربية بشدة لهذا الاعتداء، ورفضها هذا الفعل غير المقبول» ووصف البيان هذا العمل بـ»العدائي غير المسؤول».