لندن ـ «القدس العربي»: اشتعلت موجة من الغضب والاحتجاج والجدل على شبكات التواصل الاجتماعي في مصر بعد وفاة موقوف في أحد مراكز الشرطة، واتهام ذويه بأن «معاون المباحث» هو الذي يقف وراء تعذيبه حتى الموت، وهي الواقعة الرابعة من نوعها خلال شهرين، ما أحدث جدلاً واسعاً حول ممارسات الأجهزة الأمنية ورجال الشرطة في مصر.
وسرعان ما تداول المصريون على شبكات التواصل الاجتماعي مقطع الفيديو الذي يظهر فيه الشاب رامي حسين لحظة إخراجه من قسم شرطة دار السلام فور وفاته، فيما يقول الأهالي إن حسين كان يعمل في محل للهواتف المحمولة، وإنه تعرض للضرب والتعذيب حتى الموت على يد معاون المباحث داخل قسم الشرطة بسبب رفضه العمل كمرشد لصالح الأجهزة الأمنية.
وعلى الرغم من تداول فيديو الشاب رامي حسين وهو متوفى عندما تم إخراجه من مركز الشرطة، وعلى الرغم من تأكيد عائلته بأن آثار الضرب والتعذيب كانت بادية على جسده، إلا أن وزارة الداخلية نفت أن يكون قد توفي أصلاً داخل قسم الشرطة، فضلاً عن أن تكون الوفاة ناتجة عن الضرب والتعذيب.
وقالت وزارة الداخلية إن رامي حسين الذي كان محبوساً احتياطياً في قسم شرطة دار السلام كان له تاريخ مرضي، ونُقل لإحدى المستشفيات حال شعوره بإعياء، وأضافت: «ورد تقرير طبي يفيد بوفاته نتيجة هبوط حاد بالدورة الدموية وتوقف عضلة القلب وتبين خلوه من أية إصابات، وبسؤال عدد من المتهمين المحجوزين صحبته أيدوا ما جاء بالفحص» حسب ما ورد في البيان.
ولاحقاً لذلك اعتقلت قوات الأمن المصرية شقيق المتوفى بعد أن أكد أن الوفاة كانت ناتجة عن التعذيب، وحسب أفراد من أسرة المُتوفى رامي حسين، فقد تأكدوا من مقتله بفعل التعذيب «نظراً لما حمله جثمانه من آثار عنف رآوها أثناء نقله من وإلى المشرحة، مثل النزيف من أنفه وفمه والكدمات والانتفاخ في وجهه».
وأضيفت هذه الحادثة إلى ثلاث حوادث مشابهة خلال الشهرين الماضيين، وهو ما زاد من حدة الانتقادات على شبكات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن أن بعض النشطاء ذهبوا إلى وصف «رامي حسين» بأنه «خالد سعيد جديد» في إشارة إلى الشاب خالد سعيد الذي قتل على يد قوات الأمن المصرية في أواخر العام 2010 وأحدث مقتله موجة غضب واسعة كانت واحدة من أسباب اندلاع ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس محمد حسني مبارك من منصبه.
وكتب الناشط محمد عبد الفتاح يقول: «قبضوا على أهل قتيل دار السلام عشان خرج بفيديو بيتهم قسم شرطة دار السلام بقتله. موت وانت ساكت يا مواطن.. إياك نسمع لك أو لأهلك صوت. احنا مش فاضيين ورانا جثث بنجهز لقتلها غيرك. في انتظار التبرير بأن الأهل ما اتهموش الداخلية وإن الإخوان وقنواتهم هم من قفزوا على الحدث».
وغرد الدكتور سام يوسف على «تويتر» يقول: «يحدث فقط في جمهوريات الموز ودولة اللاقانون، وبعد اتهامه الداخلية بقتل أخيه.. القبض على شقيق ضحية التعذيب بقسم شرطة دار السلام».
وقال موقع «نافذة مصر»: «اعتقلت قوة أمنية من مباحث القاهرة المواطن محمد حسين شقيق رامي حسين ضحية التعذيب في قسم شرطة دار السلام بالقاهرة، كما تم حذف منشوراته من على حسابه على فيسبوك والتي اتهم فيها القائمين على قسم شرطة دار السلام بقتل أخيه أثناء احتجازه داخل قسم الشرطة».
وعلق صبحي حسين قائلاً: «خلال آخر شهرين، وُجهت أربعة اتهامات إلى عناصر من الشرطة والجيش بقتل مواطنين خارج إطار القانون، كان آخرها اتهام المواطن محمد حسين للضابط عبد الرحمن رجائي معاون المباحث قسم شرطة دار السلام بقتل أخيه رامي حسين صاحب محل لبيع الهواتف».
وغرد صاحب حساب يُدعى «الاسكندراني» على «تويتر» يقول: «بعد أقل من 24 ساعة على مقتل المواطن المصري في بني مزار المنيا ضحية جديدة في قسم شرطة دار السلام ووفاة المواطن رامي حسين بعد رفضه التعاون مع المباحث».
وغرد حساب «داون إيجيبت» يقول: «لا يزال القتل خارج إطار القانون داخل مقرات الاحتجاز سياسة ثابتة للسلطات المصرية، حيث قام رئيس مباحث قسم شرطة دار السلام بالقاهرة بقتل المواطن رامي حسن داخل قسم الشرطة. ووفقاً لما ذكره شقيق الضحية فقد تم قتله لأنه رفض العمل كمرشد لضابط المباحث».
ونشر الناشط المصري السيد سالم مقطع الفيديو الذي يظهر فيه الضحية، وكتب معلقاً على الفيديو بالقول: «بعد إعلان وزارة الداخلية أن رامي حسين قد مات نتيجة هبوط في الدورة الدموية.. فيديو لقتيل قسم شرطة دار السلام وعليه آثار التعذيب والتنكيل واضحة على الرأس والوجه.. جرائم جمهورية العساكر في مصر أصبحت يومية، وكلاب الشرطة وصلوا إلى مستوى جنوني من السعار».
وكان محمد حسين، شقيق المغدور، قد نشر تدوينات عدّة متعاقبة على «فيسبوك» مع صورة لشقيقه محمولاً على نقالة، فيما يسيل الدم من رأسه. ومن بين تلك التدوينات: «قسم دار السلام قتل أخويا» و«رامي أخويا اتقتل. قسم دار السلام قتله (…)» و«ذنبه إيه عشان يتقتل. عشان مرضيش يرشد. حسبنا الله ونعمه الوكيل».
وكتب أحد النشطاء ساخراً من بيان وزارة الداخلية الذي ينفي الحادث بالقول: «عاجل: تحذير إلى كل المواطنين بالإبتعاد عن أي قسم شرطة منعاً للتعرض لجائحة الهبوط الحاد بالدورة الدموية التي تصيب المصريين المتواجدين في أقسام الشرطة.. انتهى البيان».
وغرد عبد الرحمن جاد: «في أقل من شهر: مقتل مواطن على يد ضابط شرطة في مطروح مع إخلاء سبيل الضابط (القاتل) والقبض على أقارب القتيل، وواقعة قتل ظابط لمواطن في المنيا بسبب مشادة كلامية، وواقعة قتل شاب في قسم دار السلام، والقبض على أخوه لإتهامه ضباط قسم دار السلام بقتله».
يشار إلى أن الشبكة المصرية لحقوق الإنسان قالت إن رامي حسين يُعد حالة الوفاة الأولى في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر في شهر آب/أغسطس الجاري، ويرتفع بوفاته عدد الوفيات هذه منذ مطلع عام 2023 إلى 23 وفاة، نتيجة الإهمال الطبي، وسوء أوضاع الاحتجاز أو التعذيب.
وكان عدد الوفيات في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في تموز/يوليو الماضي قد بلغ خمسة، مع وفاة المواطن محمود عبد الجواد من جرّاء التعذيب، في مركز شرطة نبروه بمحافظة الدقهلية في دلتا مصر، في 25 من الشهر. وقبله، توفي المواطن محمود توفيق في السابع من تموز/يوليو بعد نحو أسبوعَين من تاريخ إلقاء القبض عليه تعسفياً، والتعدّي عليه بالضرب المبرح أثناء احتجازه. كذلك سُجّلت وفاة المواطن علي عامر من مركز السنطة بمحافظة الغربية في دلتا مصر، وذلك في سجن برج العرب في الثامن من تموز/يوليو، بسبب الإهمال الطبي. كما توفي المواطن هيثم عبد الرحمن محمد عيسوي في العاشر من تموز/يوليو، والمواطن هاني سمير في اليوم نفسه.