نواكشوط – «القدس العربي»: مع أنها مهددة بالغرق لوقوع أغلب أحيائها تحت مستوى مياه المحيط الأطلسي، فقد أعلن الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، عن تخصيص مبلغ خمسين مليار أوقية قديمة (حوالي 130 مليون دولار)، لتمويل برنامج استعجالي متكامل يرمي إلى تطوير وعصرنة العاصمة نواكشوط، مع إشراك السلطات المحلية والمنتخبين في وضع التصور النهائي للبرنامج وفق مقاربة تشاركية”.
وأكد الرئيس، في بيان صحافي، أن “الهدف من هذا البرنامج هو تأمين العيش الكريم وتحسين ظروف المواطنين بصفة عامة، وسكان العاصمة نواكشوط بصفة خاصة”.
ويشمل هذا البرنامج الضخم مجالات الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وصحة وتعليم وصرف صحي ونظافة، وكذا البنية التحتية الطرقية، والرياضية.
ويتضمن البرنامج كذلك مكونات عدة بينها مكونة تمكين الشباب والخدمة المدنية؛ وتشمل تأهيل مختلف المنشآت الرياضية وبناء منشآت جديدة، ومكونة الصحة وتضم ترميم وتأهيل وتوسعة منشآت صحية قائمة وبناء أخرى جديدة، ومكونة التعليم وتتضمن ترميم وتأهيل منشآت مدرسية موجودة وبناء أخرى جديدة، ومكونة الكهرباء وتشمل توسيع نقاط التحويل وشبكات التوزيع، والإنارة العمومية لزيادة الولوج للكهرباء في أحياء العاصمة وضمان استمرارية الخدمة.
ويشمل البرنامج كذلك مكونة الماء الصالح للشرب عبر توسيع شبكات توزيع المياه في الأحياء المستهدفة وتقوية ضخ المياه، ومكونة النفاذ إلى خدمة الصرف الصحي، إضافة لمكونة النظافة وتسيير النفايات، ومكونة البنى التحية الطرقية، وتضم توسعة الشبكة الطرقية الإسفلتية وفك العزلة.
وأوضح البيان “أن الرئيس الغزواني ألزم الوزراء بضرورة التنفيذ الفوري لمكونات هذا البرنامج نظراً لما ينتظر منه من تأثير إيجابي فعال لتحسين حياة المواطنين وتعزيز جاذبية المدينة”.
وأكد سيدي أحمد ولد أبوه، وزير الاقتصاد والمالية، في توضيحات للصحافة، أن “مشروع عصرنة العاصمة نواكشوط يتضمن توفير المياه لجميع أحياء المدينة، مع إنشاء 137كلم من الطرق، منها طريق دائري يلتف بالعاصمة يبلغ طوله 50 كلم، لتسهيل انسيابية المرور”.
وأضاف “أن المشروع يتضمن أيضاً إنشاء 70 كلم أخرى في مختلف أحياء المدينة، و17 كلم لتوسعة الطريق الرابط بين مطار أم التونسي وملتقى الطرق المعروف محلياً بـ (كارفور البراد) شمال غرب العاصمة”.
وأكد الوزير “أن المشروع يتضمن تشييد 400 منشأة تعليمية، و40 مركزاً صحياً”.
وأوضح ولد أبوه “أن الفترة المخصصة لإنجاز المشروع لا تتجاوز 16 شهراً”، لافتاً “إلى أن المشروع سينفذ بالشراكة مع عمد نواكشوط والسلطات المحلية”، واصفاً المشروع بأنه غير مسبوق”.
وتعاني مدينة نواكشوط المؤسسة أواخر خمسينيات القرن الماضي من ضيق الشوارع وانعدام شبكات الصرف الصحي، وهي أهم وأكبر مدن موريتانيا على الإطلاق، وتقع في أقصى الغرب على ضفاف المحيط الأطلسي.
ويبلغ عدد سكان العاصمة نواكشوط مليون ونصف مليون نسمة، وتنقسم إدارياً إلى تسع مقاطعات هي “تفرغ زينة” الأحدث والأجمل إلى أهم مدينة في موريتانيا من الناحية العمرانية، و”لكصر” الأقدم من بين أحياء العاصمة، وعرفات الأكثر كثافة سكانية، و”تيارت”، و”السبخة”، و”الميناء”، و”الرياض”، “وتوجنين”، و”دار النعيم”.
وعقدت أول حكومة موريتانية في ظل الاحتلال الفرنسي أول اجتماع لها في نواكشوط بتاريخ 12 تموز/ يويو 1957 تحت خيمة بسيطة في حي لكصر، وتم في 24 من الشهر نفسه إصدار مرسوم يقضي بنقل عاصمة الإقليم الموريتاني من مدينة سان لويس بالسنغال إلى نواكشوط التي لم تكن يومها سوى قرية صغيرة يقطنها ما بين 200 و300 نسمة.
ووضع المختار ولد داداه، وهو أول رئيس لموريتانيا، إلى جانب الرئيس الفرنسي حينها، شارل ديغول، الحجر الأساس للعاصمة نواكشوط يوم 5 آذار/ مارس 1958 لتتحول نواكشوط سريعاً من قرية صغيرة وسط صحراء موحشة إلى أهم مدينة في موريتانيا.
وتسبب الجفاف الذي ضرب أجزاء واسعة من موريتانيا في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين في هجرات جماعية من الأرياف إلى العاصمة الوليدة، بعد أن فقد الناس مصادر الحياة الأساسية في بواديهم وأريافهم، ليتضاعف سكان نواكشوط بشكل غير متوقع.
ونتيجة لتلك الهجرات، انتشرت المساكن العشوائية وأحياء الصفيح في كل جوانب العاصمة، وتفاقمت مظاهر الفقر والعوز بين السكان، وتضاءلت الخدمات الحكومية المقدمة للسكان.