نواكشوط ـ “القدس العربي”: واصل الناخبون الموريتانيون المليون ونصف السبت، تحت طقس حار إدلاءهم بأصواتهم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا لمحمد ولد عبد العزيز الذي انتهت مأموريته الدستورية.
وسيختار الناخبون أحد ستة مرشحين هم محمد ولد الغزواني وهو مرشح السلطة القائمة، وسيدي محمد ولد بوبكر المدعوم من طرف حزب التجمع الوطني للإصلاح (محسوب على الإخوان)، وبيرام الداه اعبيد المدعوم من طرف البعثيين والتيار الراديكالي المحارب للرق، ومحمد ولد مولود المدعوم من طرف أحزاب المعارضة التقليدية، وكان حاميدو بابا المدعوم من الأقليات الزنجية ومحمد الأمين المرتجي الوافي الذي تقدم تحت شعار “مرشح الشباب”.
ولاحظ مراسل “القدس العربي”، بعد جولات في مكاتب التصويت إقبالا كبيرا على الاقتراع في الأحياء الشعبية بولاية نواكشوط الجنوبية، بينما يضعف الإقبال في الأحياء الراقية مثل أحياء تفرغ زينه ولكصر.
وبينما يؤكد أنصار مرشح السلطة محمد ولد الغزواني “أن مرشحهم سيحسم المعركة في الشوط الأول”، يؤكد ناخبون مؤيدون لمرشحي المعارضة وبخاصة المرشح سيدي محمد ولد ببكر “أن الحسم في الشوط الأول مستحيل، وأن هزيمة مرشح النظام أكيدة في الجولة الثانية”.
وأكدت اللجنة الانتخابية المستقلة أنها “هيأت جميع المستلزمات البشرية والمادية لإنجاز الاقتراع وتمكين مليونا وخمسمائة واثنين وأربعين ألفا ومائتين وأربع وعشرين (1.542.224) ناخبا، من الإدلاء بأصواتهم في 3870 مكتب تصويت، منها 45 مكتبا مفتوحة خارج البلاد”.
وشكك مرشحو المعارضة اليوم في تصريحات أدولوا بها بعد إكمالهم التصويت بـ”شفافية الانتخاب”، مؤكدين “أن نافذين مقربين من مرشح السلطة يسيطرون على مكاتب التصويت”.
هذا وأكدت بعثة مراقبي الاتحاد الأفريقي المؤلفة من 35 مراقباً قدموا من 22 بلداً أفريقيا صباح السبت أنها “حضرت افتتاح مكاتب التصويت هنا، ونعمل على زيارة أكبر قدر ممكن من المكاتب، قبل الخروج بملاحظات حول سير عملية الاقتراع”.
وتراقب هذه الانتخابات عددا من منظمات المجتمع المدني المحلية، مدعومة بخبراء من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى مراقبين من الاتحاد الإفريقي، ومؤسسة جيمي كارتر الأمريكية، والمنظمة الفرانكفونية الدولية، والمنظمة العربية للإدارات الانتخابية.
وحذر المرشحون مما سموه “تزوير إرادة الشعب وسرقة أصواته من أجل تمرير مرشح السلطة محمد ولد الشيخ الغزواني”.
وأكدوا في تصريحات متفرقة “أن الانتخابات تجري تحت إشراف لجنة غير محايدة لكون أعضائها مؤيدون لمرشح السلطات ولد الغزواني”، مشددين على أن عمليات التصويت تجري تحت نظر وتأطير نافذين مقربين من من مرشح النظام”.
ودعا الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز الذي يدعم بصورة علنية المرشح ولد الغزواني في تصريح له اليوم “الشعب إلى إدراك أهمية استتباب الأمن بعيدا عن خطابات التفرقة والعنف والعنصرية”.
وحذر ولد عبد العزيز “من التبعية لأجندات أخرى لا تخدم الأمن والاستقرار”.
وفي رده على سؤال يتعلق بإمكانية حصول شوط ثان في هذه الانتخابات، قال “المهم هو أن يسير الاقتراع في جو من النظام والانضباط والمسؤولية لمصلحة الشعب الموريتاني بما يحفظ انسجامه ووحدته سواء تم الحسم في الشوط الأول أو الشوط الثاني”.
وحسب توقعات المتابعين لهذا الاقتراع، فإن التنافس سينحصر في جولة ثانية لا محيد عنها حسب المعطيات القائمة، بين مرشحين هما محمد ولد الغزواني مرشح النظام، وسيدي محمد ولد ببكر وهو مرشح كشكول القوى المعارضة الساعية للتغيير المدني.
ويتمتع ولد غزواني بعناصر قوة منها “ترشيحه من قبل النظام القائم، وكونه يمثل فرصة للتجديد، ومنها انتماؤه السابق للمؤسسة العسكري، وانتماؤه للمناطق الشرقية من البلاد ذات الكثافة الديموغرافية والتي يطمح أهلها لحكم البلاد لأول مرة بشكل مستقر منذ استقلالها”.
وتقابل عناصر قوة ولد الغزواني بعناصر ضعف بينها خلفيته العسكرية التي تضعف حظوظه لدى القوى الباحثة عن رئيس مدني بعد 40 عاما من سيطرة العسكر على مقاليد الحكم، ومنها التخوف من أن يكون حكمه مجرد امتداد لحكم الرئيس المنصرف مما يفرغ مطلب التناوب من مضمونه”.
أما منافسه الأساسي سيدي محمد ولد بوبكر فمن نقاط قوته جمعه بين دعم قطاع قوي من المعارضة وبين عدم تخوف قطاعات من النظام منه، ومنها انتماؤه لوسط البلاد المحايد في الحساسيات الجهوية مما يعطيه فرصة الاستفادة من الاستقطاب الجهوي الانتخابي، ومنها تجربته الإدارية الطويلة، بينما تتمثل نقاط ضعفه، في عدم انتمائه لقبيلة ذات وزن ديمغرافي أو مالي مؤثر، وارتباطه في أذهان قطاع قوي من المعارضة بنظام ولد الطائع، وعدم معارضته لنظام ولد العزيز.