نواكشوط – «القدس العربي»: يتجه الناخبون الموريتانيون في بلديتي عرفات والميناء، أكبر بلديتين في العاصمة نواكشوط، اليوم، لصناديق الاقتراع لإعادة التصويت في هاتين البلديتين اللتين فازت فيهما المعارضة في الشوطين الأول والثاني من انتخابات أيلول / سبتمبر الماضي، وكذا في جولة إعادة الفرز التي نفذتها لجنة الانتخابات.
وتأتي الإعادة تطبيقًا لقرار من المحكمة العليا التي قضت بإلغاء نتائج الشوط الثاني من الانتخابات وإعادة الاقتراع في المقاطعتين المذكورتين، كما تأتي تنفيذًا لمداولة للجنة المستقلة للانتخابات.
وأثارت هذه الإعادة ردود أفعال غاضبة من طرف المعارضة التي أكدت «أن النظام يستغل سيطرته على القضاء لانتزاع بليتي عرفات والميناء من المعارضة».
وأسف محمد فال بلال، رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات، في تدوينة له أخيرة، على قرار الإعادة هذا، مؤكدًا قوله «بودي أن أعرب عن أسفي العميق للقرار القاضي بإعادة الاقتراع في الميناء وعرفات، والذي أعتبره سباحة ضد التيار وصفعة في وجه انتخابات كانت أقرب إلى السلاسة والسلامة قدر المستطاع منها إلى التأزيم والتصعيد في بلد يحتاج إلى استعادة أنفاسه ولملمة أطرافه وترتيب أوراقه تحضيرًا لاستحقاق رئاسي وشيك».
وقال: «قد يكون لقرار الإعادة ما يبرره بالنسبة لبلدية الميناء استنادًا إلى ضرورة كشف اللبس وإزالة الغموض الذي لف بأحد مكاتبه، ولكنه محل استغراب بالنسبة لبلدية عرفات، حيث أكدت عمليات إعادة الفرز صحة النتيجة التي أعلنت عنها اللجنة المستقلة للانتخابات».
وقال: «أعتقد أن الحديث عن تزوير واسع النطاق يبرر إلغاء النتائج وإعادة الاقتراع في عرفات أمر مبالغ فيه أكثر من اللازم».
وأثار قرار الإعادة سخط وانتقاد الحلف الانتخابي للمعارضة الديمقراطية الذي أبرز في بيان أخير لها «أنه أكد منذ البداية على أن المسلسل الانتخابي الذي عاشته البلاد خلال الأسابيع الماضية، والذي لا تزال بعض ارتداداته مستمرة، قد دار في ظروف أصرت السلطة على التحكم فيها، بدءًا بالارتجالية والتسرع في إعداده، وإقصاء المعارضة الديمقراطية عن هيئات تنظيمه والإشراف عليه، والإعداد المريب للملف والقائمة الانتخابيين، والتدخل المكشوف في تعيين مكاتب الاقتراع، ورفض الممثلين داخل المكاتب، ورفض تسليم المحاضر وتحريفها في الكثير من الحالات، إضافة إلى انخراط الدولة السافر بجميع وسائلها، بدءًا برئيسها، في كل مراحل العملية الانتخابية».
«وعلى الرغم من هذه الظروف الموغلة في الحيف، تضيف المعارضة، يصر النظام على قرصنة بعض النتائج التي استطاعت المعارضة الديمقراطية انتزاعها رغم كل هذه الإكراهات؛ ومن أجل ذلك، وبعد أن تجلى بطلان ادعاءاته أمام إعادة فرز صناديق الاقتراع، لجأ إلى قضائه الذي يستخدمه لبلوغ مآربه وتصفية حساباته».
وتابعت المعارضة انتقاداتها تقول: «وهكذا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، رفض هذا القضاء دعوى المعارضة الوجيهة والمبررة فيما يخص ولاية داخلت نواذيبو ومقاطعتي بوتلميت ولكصر، وقبل دعوى النظام التي لا تستند إلى أي مسوغ قانوني فيما يخص مقاطعتي الميناء وعرفات، حيث قرر إجراء شوط ثالث في هاتين المقاطعتين يوم 27 أكتوبر الجاري».
«لقد شاركنا في هذه الانتخابات، تضيف المعارضة، دون أي وهم فيما يخص عدم حريتها، وعدم شفافيتها، وعدم تكافؤ الفرص فيها، بل دخلناها انتصارًا لإرادة الشعب وتلبية لتطلعه إلى التغيير وإلى حكم رشيد وحياة أفضل؛ وإننا، وبنفس الإرادة وبنفس الثبات، سنشارك في هذا الشوط الثالث المفروض ظلمًا ضد إرادة الناخبين، وسنرفع التحدي في هذه المعركة انتصارًا لناخبي هاتين المقاطعتين ووفاء للثقة التي منحوها لمرشحينا».
ودعا الحلف الانتخابي للمعارضة الديمقراطية «جميع المنخرطين في الحلف الانتخابي للمعارضة الديمقراطية وكل مناصريه للنزول إلى الميدان للتعبئة والانتظام من أجل أن يكون يوم 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2018 يوم نصر لقوى التغيير والحرية، وصفعة لمن يقفون ضد إرادة الشعب».
وأكدت المعارضة في بيانها «أنها تذكر النظام بأن التجربة أثبتت في بلدنا وفي غيره من البلدان أن من يحاول سد باب التغيير عن طريق الديمقراطية وصناديق الاقتراع، إنما يفتح لا محالة باب التغيير بطرق أخرى قد لا تكون محمودة العواقب».
ويكتسي هذا الدور الانتخابي أهمية كبيرة لأنه سيجري بتنافس شرس بين النظام والمعارضة، في بلدية عرفات أكبر بلديات العاصمة سكانًا، والتي تعتبر معقل الإسلاميين الموريتانيين من نشطاء حزب «تواصل» المحسوب على الإخوان.
ويتولى الإسلاميون منذ سنوات عدة منصب عمدة بلدية عرفات ويسيطرون على مجلسها البلدي.
ويتولى القيادي الإسلامي البارز، الحسن ولد محمد، عمدة بلدية عرفات الفائز في الشوطين الأول والثاني، منصب زعيم المعارضة الموريتانية حاليًا وهو المنصب الذي سيفقده إذا هو لم يفز في الجولة المعادة اليوم السبت.
ويرى الإسلاميون الموريتانيون، ومن ورائهم المعارضة، أن نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز يسعى من خلال الجولة الثالثة وعبر أحكام القضاء للفوز في بلديتي الميناء وعرفات لانتزاعهما من المعارضة ومن الإسلاميين بشكل خاص، الذين يركز النظام الحاكم على مضايقتهم في انتخابات أكدوا فيها أنهم يتوفرون على قاعدة شعبية كبيرة.