نواكشوط-“القدس العربي”: مرت بسلام أمس الانتخابات الرئاسية الموريتانية حيث يتواصل لحد اليوم فرز الأصوات التي يفترض أن يكون قد أدلى بها السبت مليون ونصف مليون ناخب.
وقدرت مصادر رقابة الانتخابات “أن نسبة المشاركة كانت متوسطة إلى ضعيفة بسبب حرارة الجو” وتوقعت أن تكون في حدود 58 في المئة.
وأعلنت اللجنة المستقلة للانتخابات أن “وجود بعض مكاتب التصويت في مواقع نائية جدا، وضعف الاتصالات بمواقع أخرى جعل عمليات الفرز تتأخر قليلا” مؤكدة أن النتائج المؤقتة لهذا الاقتراع المفصلي، ستعلن يوم الثلاثاء على أبعد تقدير”.
وتقدم لهذه الانتخابات كل من محمد ولد الغزواني وهو مرشح السلطة القائمة، وسيدي محمد ولد بوبكر المدعوم من طرف حزب التجمع الوطني للإصلاح (محسوب على الإخوان) وبيرام الداه اعبيد المدعوم من طرف البعثيين والتيار الراديكالي المحارب للرق، ومحمد ولد مولود المدعوم من طرف أحزاب المعارضة التقليدية، وكان حاميدو بابا المدعوم من الأقليات الزنجية ومحمد الأمين المرتجي الوافي الذي تقدم تحت شعار “مرشح الشباب”.
وتتجه هذه الانتخابات نحو احتمالين أولهما احتمال ضعيف، حسب المحللين، وهو الحسم في الشوط الأول، ويتفق مجمل المراقبين على أن المرشح الوحيد الذي يستطيع الحسم في الشوط الأول هو مرشح الأغلبية؛ محمد ولد الغزواني بغض النظر عن الاختلاف حول سبب ذلك هل هو قوة شعبيته أم دعم الدولة له.
أما الاحتمال الثاني فهو وقوع شوط ثان، يرجح أن يكون بين المرشحين ولد الغزواني وولد بوبكر في حالة لم تتوفر عوامل حسم الاقتراع في الشوط الأول؛ وفي حالة وقوع هذا الشوط سينفتح الباب لسؤال كبير: هل ستستطيع المعارضة إسقاط مرشح الأغلبية، وبالطبع تحتاج المعارضة لتحقيق ذلك إلى الاتفاق على دعم المرشح الذي ينافس مرشح الأغلبية، ويتوقف ذلك أيضا على طبيعة المرشح المعارض الذي يصل للشوط الثاني.
وحذر الرئيس الموريتاني المنصرف محمد ولد عب العزيز مما سماه “التبعية لأجندات أخرى لا تخدم الأمن والاستقرار” حسب قوله.
وعن إمكانية حصول شوط ثان في هذه الانتخابات قال ولد عبد العزيز “المهم أن نصل بعد هذه الانتخابات لانتخاب رئيس سيواصل العمل الذي قمنا به جميعا لمصلحة بلدنا”.
وحذر المترشح الرئاسي محمد ولد مولود في تصريح صحافي أمس من “أن العملية الانتخابية مختطفة من طرف النظام لصالح مرشحه، حيث أنها تجري تحت إشراف جهة غير محايدة بل موالية لمرشح السلطة، بل إنها تعتبر “هيئة حزبية تابعة لمرشح النظام”.
وقال “ليست لدينا أي معلومات عن الترتيبات الفنية التي جرى فيها الاقتراع بدءا من القائمة الانتخابية، وآلية تجميع وفرز النتائج” مردفا “أنهم لا يرون أن العملية تمت بنزاهة لأدلة عديدة بينها منح صفقة طبع بطاقة التصويت لمورد داعم لمرشح السلطة”.
وقال “أملنا كبير في أن تنتصر إرادة الناخبين الموريتانيين في حدوث التغيير الحقيقي الذي يفتح آفاقا جديدة”.
وفي تصريح آخر، أكد المرشح الرئاسي سيدي محمد ولد بو بكر “أن هناك مؤشرات مقلقة على التزوير منها منع ممثلين عن المترشحين من دخول مكاتب التصويت بضغط من نافذين”.
وقال “الشعب الموريتاني يراقب ولن يقبل سرقة أصواته ولا تزوير إرادته”.
وأضاف “نحن ماضون في متابعة المسار بصمود وإصرار، وسنفضح محاولات التزوير، وهناك مجموعات كبيرة من الشباب الموريتاني تراقب الانتخابات، وتواكب العملية، كما يراقبها الشعب كله، ونأمل أن تستجيب السلطات وتساعد على ضمان شفافية الانتخابات”.
وأعاد المترشح بوبكر التذكير بالخروقات التي شابت الانتخابات ومن بينها، “تشكيلة أحادية لصالح مرشح السلطة للجنة الانتخابات، ورفض الحكومة دعوة المراقبين الدوليين، ومنح صفقة طبع بطاقات التصويت لنافذ يدعم مرشح النظام”.
وقال “إن تعيين رؤساء وأعضاء مكاتب التصويت تم بصورة غير شفافة، وبتدخل سافر من بعض النافذين، مردفا “أنه وزملاءه من مرشحي المعارضة حرصوا على أن يكونوا ممثلين في جميع مكاتب التصويت على امتداد التراب الوطني”.
ويبدي مرشحو المعارضة مخاوفهم من تزوير الانتخابات، متهمين الحكومة بالعمل عليه من خلال حرمانهم من التمثيل في اللجنة المشرفة على الانتخابات خلافا لنص القانون، كما وصف هؤلاء منح صفقة طباعة بطاقات التصويت لرجل أعمال من أبزر داعمي المرشح ولد الغزاوني بأنه مريب، ويدفع للتخوف من التزوير.
وفي مقابل ذلك، أكدت اللجنة المستقلة للانتخابات أنها اتخذت جميع الإجراءات لضمان شفافية الانتخابات، وتدافع عن منح صفقة طبع بطاقات التصويت، بأنها احترمت فيها الإجراءات القانونية، وأن القانون لا يمنحها حق معرفة ولاءات من يتقدم للصفقات بملفات مكتملة من الناحية القانونية.
كما تحدثت المعارضة عن رفض اللجنة طعونا تقدمت بها خلال الأيام الماضية ضد ممثلين للجنة في مقاطعات داخل البلاد، وضد رؤساء وأعضاء في مكاتب تصويت.
وبلغت القائمة الانتخابية النهائية التي أعلنتها اللجنة المستقلة للانتخابات (1.542.224) ناخبا، موزعين على 3870 مكتب تصويت، منها 45 مكتبا مفتوحة خارج البلاد.
وتشكل نسبة الشباب (18 – 35 سنة) 43.57 في المئة بتعداد يبلغ 672891 ناخبا، فيما تبلغ الفئة العمرية 36 إلى 60 سنة نسبة 43.73 في المئة بتعداد يبلغ 675401 ناخبا.
أما الفئة العمرية 61 إلى 99، فتشكل نسبة 12.66 في المئة أي 195614 ناخب، فيما بلغ عدد من تجاوزوا 100 سنة فما فوق 226 ناخبا، وهي نسبة تشكل 0.01 في المئة.
وشكلت النساء نسبة 53.15 في المئة من المسجلين على القائمة الانتخابية.
ويمنح القانون الموريتاني حق التصويت لأي موريتاني يبلغ 18 سنة.
ويتوزع من يحق لهم التصويت على 15 ولاية داخل البلاد، وست دول يحق للجاليات الموريتانية فيها التصويت، وهي فرنسا، والسعودية، والإمارات، وغامبيا، وغينيا بيساو، وساحل العاج.