نواكشوط – “القدس العربي”:
تابع الموريتانيون الجمعة، انشغالهم بقضية الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز المتواري عن الأنظار بعد أن قاطع احتفالية عيد الاستقلال التي احتفي بها في موريتانيا يوم الخميس.
وبينما قلب أنصار ولد عيد العزيز السابقون له ظهر المجن وتَبَرَّءُوا من موالاته زرافات ووحدانا، مصطفين سوى أشخاص قليلين، إلى جانب خلفه الرئيس محمد الشيخ الغزواني، أكدت تطورات هذا الملف، قطع الرئيس غزواني حبل الود مع سلفه بل والدخول في مرحلة التحرر من الهيمنة التي حاول ولد عبد العزيز فرضها عليه مستغلا صداقتهما القديمة وتأييده له في الانتخابات.
وجاءت مقاطعة ولد عبد العزيز لاحتفالية عيد الاستقلال لتؤكد كلما أشيع قبلها من علامات الخلاف بين الرئيس غزواني وسلفه.
ومنذ عودته إلى موريتانيا من رحلته السياحية، والرئيس السابق يؤكد في أحاديثه الخاصة، أنه سيحتفل مع زميله وخلفه الرئيس الغزواني بعيد الاستقلال في مدينة اكجوجت مسقط رأسه، وأنه سيستعرض إلى جانب الرئيس الغزواني تشكيلات القوات المسلحة تحت أنغام رفع العلم ليظهر للمشككين بأنه يشترك الزعامة مع الرئيس الغزواني.
لكن هذه الأمنيات لم تتحقق حيث تطورت الأمور بشكل سريع لتؤدي في النهاية إلى مقاطعة ولد عبد العزيز للاحتفالات، وإلى تواريه عن الأنظار.
وعلق أحد كبار المدونين الخصوم على غياب ولد عبد العزيز عن حفلة الاستقلال بتدوينة قال فيها “حضرت أمة وغاب ديكتاتور”.
وتؤكد المعلومات المتداولة أن الحبل انقطع بين الرئيسين فلم يحدث بينهما اتصال ولا لقاء منذ يوم الجمعة الماضي.
وذكرت مصادر متابعة لهذا الملف، أن الرئيس الأسبق العقيد محمد خونه ولد هيداله قاد وساطة بين الغزواني وولد عبد العزيز غير أن الأحداث تسارعت لتفشلها في بدايتها.
وبدأ التوتر بين الرئيسين مع محاولة الرئيس السابق السيطرة على زعامة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية التي كان الدستور يمنعه منها عندما كان رئيسا للدولة، وهو ما لم يرق للدائرة المحيطة بالرئيس غزواني والمشكلة في بعض أطيافها من أقطاب في المعارضة معادين شرسين للرئيس السابق.
وفي انتظار أن يحسم المؤتمر المنتظر لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية زعامة الحزب بإبعاد متوقع للرئيس السابق عنها، فقد أعلن نواب الحزب في الجمعية الوطنية “أنهم وحزب الاتحاد يتخذون من الرئيس الغزواني لا غيره مرجعيتهم الوحيدة”.
ثم كان أن تسارعت الأحداث، وأصدر الرئيس الغزواني قرارا بإقالة العقيد محفوظ ولد محمد الحاج قائد كتيتة الأمن الرئاسي المقرب من الرئيس السابق، وتعيين العقيد أحمد ولد لمليح وهو من رجاله الخواص قائدا للكتيبة.
وهذه أول مرة، يغير فيها الرئيس الغزواني المنظومة الأمنية منذ أن تولى الرئاسة قبل ثلاثة أشهر.
ولم يرق هذا التعديل بالطبع، حسب مراقب متابع، للرئيس السابق ولد عبد العزيز، حيث أن كتيبة الأمن الرئاسي تشكل بالنسبة له كل شيء: فقد بناها وجهزها وجمع فيها خلصانه من الجنود والضباط، وعلى عاتقها نفذ الانقلاب الذي أوصله للسلطة عام 2008، وبها احتمى طيلة السنوات العشر الماضية، وعليها بالتشكيلة التي تركها علها، كان اعتماده خلال مرحلة ما بعد الرئاسة التي يعمل حاليا لترتيبها.
وأسالت مقاطعة الرئيس السابق للاحتفالات مدادا كثيرا وغلبت أخبارها على تعليقات المدونين.
وفي ذلك الإطار أكد المدون البارز محمد الأمين الفاضل “أن الرئيس السابق قد ارتكب خطأ كبيرا باجتماعه بلجنة تسيير حزب الاتحاد من أجل الجمهورية وبإصداره لبيان مستفز، ولا شك أنه بذلك قد أوقع نفسه في مأزق حقيقي من الصعب عليه أن يخرج منه دون تكبد خسائر جسيمة”.
وأضاف “لقد وجد الرئيس السابق نفسه أمام واحد من خيارين أحلاهما مرُّ، فإما أن يحضر للاحتفالات ويجلس بين الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله ورمز المعارضة رئيس التكتل أحمد داداه، وفي ذلك ما فيه مما أنا لستُ بحاجة إلى قوله، وإما أن يغيب في يوم الاستقلال عن المدينة التي ولد بها حسب وثائقه الرسمية، والتي خطط منذ عام لأن يُقام فيها الاحتفال، فيظهر بذلك مستوى خلافه مع “صديقه السابق” الرئيس الحالي للجمهورية، ولاشك أن إظهار ذلك الخلاف سيجعل الرئيس السابق يحارب وحيدا، وبظهر مكشوف للمعارضة والموالاة على حد سواء”.
وتابع الفاضل تحلياه قائلا “ما حدث منذ عودة الرئيس السابق إلى أرض الوطن يمكن وضعه في خانة “رب ضارة نافعة”، فلو لم يحدث ما حدث لظلت الحقيقة الراسخة في أذهان العامة والنخب، وعلى حد سواء، هي أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لا يسيطر على الوضع ولا يتحكم في الأمور، والأخطر في الأمر هو أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لم يكن يرى أهمية لنفي تلك الشائعات عمليا، وكان سيترك تلك الشائعات تتناسل وتترسخ حتى تصبح في أذهان المواطنين حقيقة مطلقة لا يمكن التشكيك فيها”.
وقال “ما جرى في الأيام الماضية كان في مصلحة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لأنه أجبر على أن يتصرف بطريقة تؤكد للجميع نخبا وعامة بأنه هو من يتحكم في الأمور، ولا شك أن ترؤس الرئيس لحفل رفع العلم في أكجوجت وخروجه من السيارة لتحية الجماهير رغم موجة الشائعات التي أطلقت حينها، يؤكد بأن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على ثقة تامة بأن الوضع تحت السيطرة”.
هذا وتتحدث المعلومات بأن الرئيس السابق لم يستكن بعد وبأنه ما زال يحاول تجميع ما أمكن من أنصاره والمقربين منه للبدء في جولة أخرى إذا لم تحدث تطورات وتتأكد إشاعات تتحدث عن إجراءات حازمة قد تتخذ لإسكاته.
هذا هو ماكان متوقعا
الرئيس السابق رغم تكوينه العسكري بالمغرب عمل كل شئ لتأزيم العلاقة مع هذا الأخير لأن لوبي البولساريو ومن يحركها إستطاع أن يتحكم فيه ضدا على مصالح شعبه وبلده