موريتانيا: انشغال كبير جدا بانتخابات 2019 وبمن سيخلف الرئيس

حجم الخط
0

نواكشوط- «القدس العربي»: ينشغل الموريتانيون، موالين ومعارضين، هذه الأيام بالتحضير لانتخابات 2019 الرئاسية ستة أخرى قبل حلول أجلها.
وبينما ينشغل أنصار الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بالبحث عن طريقة دستورية تبقيه في السلطة «لإكمال برنامجه وحماية إنجازاته التاريخية» كما يقولون، تركز المعارضة الموريتانية الضعيفة عددا وعدة، جهودها لفرض تناوب على الرئاسة طبقا للدستور، بطريقة تبعد نظام الرئيس ولد عبد العزيز وأنصاره عن سدة الحكم.
وشكلت المعارضة الموريتانية لجنة مكلفة بالبحث عن أنجع الطرق لتسمية مرشح موحد يتضافر أنصارها حوله لفرض نجاحه ولهزيمة من قد يرشحه الرئيس ولد عبد العزيز لخلافته ولإبقاء نظامه في حالة إذا قرر التنحي عن السلطة وعدم تعديل الدستور لفتح أقفال المأموريات.
ومع أن الرئيس ولد عبد العزيز أكد عدة مرات عدم نيته تعديل الدستور، فقد زرعت تصريحات أخيرة له شكوكًا حول احتمال استخدامه لأغلبيته في البرلمان لفتح أقفال الدستور التي تحدد مدد الولايات الرئاسية باثنتين غير قابلتين للتجديد، وتجعل الرئيس في نص اليمين الدستورية يقسم على عدم تغيير الدستور أو دعم أي مسعى لتغييره.
وضمن الاهتمام بمنعطف التناوب على السلطة المنتظر منتصف عام 2019، قدم محمد الأمين الفاظل مجموعة السيناريوهات التي يرى أنها ممكنة في تداول السلطة عام 2019 في موريتانيا؛ واستهل المحلل قراءته للمشهد بأسئلة يتكرر طرحها منذ فترة، بصيغ مختلفة وعلى مستويات عدة، ومن بين هذه الأسئلة: هل سيترك الرئيس ولد عبد العزيز السلطة من بعد اكتمال ولايته الأخيرة؟ من سيرشح إذا قرر ترك السلطة؟ هل ستتقدم المعارضة بمرشح توافقي؟ أي المرشحين سيفوز: مرشح النظام أم مرشح المعارضة؟».
وأكد الفاظل «أن هناك أربع فرضيات أولاها فرضية رئيس من داخل النظام، وهي فرضية تقوم على أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز قد توصل لاستنتاج مفاده أنه لا يستطيع البقاء في السلطة من بعد انتهاء ولايته الأخيرة، وأنه لا يستطيع في الوقت نفسه أن يتركها من بعد انتهاء تلك المأمورية، ولذا فهو يبحث عن «طريقة ما» تمكنه من الخروج من السلطة في منتصف العام 2019، والبقاء فيها في نفس الوقت، وقد حاول أن يعبر عن ذلك في أكثر من مقابلة».
«هذا الاستنتاج، يضيف المحلل، سيقود ولد عبد العزيز إن لم يكن قد قاده فعلاً إلى التفكير في خيارات محدودة جدا، أولاها أن يحاول البقاء في السلطة من خلال ترشيح من يثق به، ودون أن يجري أي تعديلات دستورية، وهنا يبرز خياران أساسيان، وهما خيار الجنرال ولد غزواني القائد الحالي لأركان الجيوش، وخيار رئيس الجمعية الوطنية الجديد الشيخ ولد بايه، ولكن المشكلة أن كلًا من الخيارين يثير مخاوف جدية لدى ولد عبد العزيز، فالخيار الأول، أي خيار ترشيح ولد غزواني، سيكون سهل التسويق، ولكن هذا الخيار قد يضع حدًا لنفوذ ولد عبد العزيز من بعد خروجه من الرئاسة؛ أما الخيار الثاني، فهو على العكس تمامًا، فتسويق ولد بايه كمرشح رئاسي سيكون في غاية الصعوبة، ولكن ولد بايه إن نجح رئيسًا فسيكون أكثر اطمئنانا بالنسبة لولد عبد العزيز، وسيضمن له بقاء نفوذه من بعد خروجه من السلطة».
وأضاف: «الاحتمال الثاني هو أن يضمن الرئيس ولد عبد العزيز البقاء في السلطة من خلال تعديلات دستورية يتم بموجبها الانتقال إلى النظام البرلماني، على أن يتولى هو في هذه الحالة رئاسة الحكومة أو رئاسة الحزب الحاكم».
وقال: «الاحتمال الثالث هو محاولة البقاء في السلطة بشكل مباشر، وهذا هو الاحتمال الأضعف، إن لم يكن مستحيلا، وسيكون الطريق إليه من خلال افتعال أزمة داخلية مع الإسلاميين أو مع غيرهم، أو افتعال أزمة خارج الحدود من خلال الاندفاع أكثر في الحرب على الإرهاب في مالي».
وأكد الفاظل «أن الفرضية الثانية التي يراها هي ترشيح رئيس من المعارضة ضمن تناوب سلمي حقيقي على السلطة، وليس مجرد تداول سلمي عليها كما هو في الفرضية الأولى، ولكن هذا التناوب السلمي على السلطة يتطلب توفر ثلاثة شروط أساسية، هي اتفاق المعارضة على مرشح توافقي، وإعلان المعارضة عن مرشحها التوافقي من قبل نهاية الشهر المقبل على أبعد تقدير، وأن يكون المرشح التوافقي للمعارضة مطمئنًا للمؤسسة العسكرية، ولموريتانيا الأعماق، ومقنعًا لرجال الأعمال المعارضين».
وتقوم الفرضية الثالثة التي عرضها المحلل على ترشيح رئيس يجمع بين الانتساب للنظام وللمعارضة في وقت واحد، حيث أكد «أنه يمكن أن يكون ذلك المرشح أحد اثنين، هما الجنرال غزواني أولاً، أو رئيس الوزراء الأسبق مولاي ولد محمد الأغظف بدرجة أقل».
«أما الفرضية الرابعة، حسب المحلل، فهي فرضية ظهور الرئيس القادم من المجهول، كأن تأتي الترشحات بشخص ما من خارج دائرة التوقعات، وقد يُحدث ذلك المترشح مفاجأة كبرى في رئاسيات 2019، وهو أمر يجب أن يبقى داخل دائرة التوقع، وإن كان احتمال حدوثه في غاية الضعف».
وعن هذا الرئيس، يؤكد المحلل الفاظل «أنه ذلك الرئيس الذي قد يأتي بفعل انقلاب عسكري أو بفعل أزمة حادة أو بفعل انفلات أمني أو ثورة إن قرر الرئيس ولد عبد العزيز البقاء في السلطة من بعد انتهاء ولايته الثانية».
وفي سياق هذا الانشغال بانتخابات 2019، أكد المحلل الاستراتيجي الدكتور بدي ولد أبنو، رئيس مركز الأبحاث والدراسات العليا في بروكسل، أنه لا يعرف إن كان الرئيس الحالي يحضِّر لولاية ثالثة، وأضاف: «لكني أعرف أن لوبيات الوضع القائم تتمنى ذلك، وتَدفع بكلّ الوسائل نحوه، وتحاول توريط الرئيس الحالي كما ورّطتْ كثيرين قبله وكما ستحاول أن تورّط من يأتي بعده؛ إنها لوبيات البيانيْن، والجيبين، واحد لتأييد ومساندة القائم وإضفاء كل الصفات التمجيدية عليه ومطالبته بالبقاء إلى الأبد، والآخر في الجيب الآخر لإدانته بكل الأوصاف السلبية ولتأييد من يخلفه».
وقال في تصريحات لوكالة «الأخبار» الموريتانية المستقلة: «بغض النظر عن تقييم أداء الرئيس الحالي، فإنّ أمامه في هذه الفترة فرصة تاريخية غير قابلة للتعويض ويترتّبُ عليها تقييم وتقويم كل أدائه، فهو حين يعمل الآن من أجل انتقال سلمي نزيه سلس وجدّي للسلطة في الاستحقاقات القادمة يكون قد أنجز عملاً مفصليًا استثنائيًا بالغ الأهمية وتاريخيًا لهذا البلد وللمنطقة ككلّ، ويكون قد جنّب بمستوى كبير بلادَ المنكب البرزخي مخاطر انزلاق كبيرة في ظلّ سياق عالمي وإقليمي صعب وخطير للغاية».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية