نواكشوط – «القدس العربي» : أثار برنامج «المتروش» (معناها المتدخل في ما لا يعنيه) وهو حلقات حوارية متحررة من قيود المجتمع يعدها شباب هواة ويبثونها على صفحاتهم على «فيسبوك»، ضجة داخل الرأي العام الموريتاني.
وأثارت حلقات البرنامج استنكارا واسعا وخاصة حلقته السادسة التي تناولت الجنس واعتباره حرية شخصية.
واعتقلت الشرطة أمس معدي وضيوف حلقات البرنامج بناء على شكوى تقدم بها المدون محمد عبدالله بونن لوكيل الجمهورية في ولاية نواكشوط الغربية، وتحدث فيها عما سماه «إساءة معدي برامج «المتروش» وضيفتهم عيشة إسلمو (تحدثت عن حرية ممارسة الجنس) لقيم ودين وأخلاق المجتمع الموريتاني المسلم».
وعرض الشاكي نماذج لما اعتبره إساءات للمجتمع، منها قول ضيفة الحلقة السادسة عيشة إسلمو «أن المرأة إنسان مساو للرجل ولا توجد أية فوقية له عليها مهما كان مصدر تلك الفوقية أي، يقول الشاكي، حتى لو كان مصدرها القرآن وبالتحديد الآية 228 من سورة البقرة التي تقول {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
ومن النماذج التي تضمنتها الشكوى قول عيشة إسلمو «رأيي عن الجنس أنه حرية شخصية ولا تدخل فيه لأي أحد، فمن كان واعيا به واختار أن يمارسه فليمارسه في أي وقت؛ إن شاء ضمن الزواج أو خارج الزواج، بعد الزواج أو قبل الزواج».
وواصلت الشرطة الثلاثاء استجواباتها لكل من جمال فرجو مصور البرنامج وعارضه على صفحته على «فيسبوك» وأمير محمد، مقدم البرنامج، وعيشة إسلمو ضيفة الحلقة السادسة، وينشطه محمد ضيف الحلقة الخامسة وهو عضو نشط في حركة «نريد موريتانيا علمانية».
وانقسم الساسة والمدونون والرقباء الدينيون حول حلقات «المتروش» بين من يعتبرها إلحادا وخروجا على التقاليد الدينية والاجتماعية، ودعوة للتفسخ، ومن يعتبرها حلقات عادية من حق أي شخص أن يسجلها ويبثها. وفي صف المنتقدين، كتب المفكر الإسلامي محمد جميل منصور «هذا لا يطاق، في رمضان يتم تحدي أحكام الإسلام ويشهر بها، وتشاع الفاحشة وتتم السخرية من العفة والالتزام، اللهم إن هذا منكر ننكره، وندعو لحماية الأمن الديني في مجتمع لم يرتفع له شأن إلا بالدين».
وأضاف «العناصر التي أساءت وأشاعت الفاحشة، هي بشخوصها المعنية بخطيئتها، ولا علاقة للموضوع بمكون أو فئة، ولن يكون انتماؤهم لفئتهم سببا للنيل من هذه الفئة، وذكر ذلك عنصرية وظلم، كما لن يكون هذا الانتماء سببا للدفاع والتبرير، وتوظيف ذلك خلط وإساءة».
وقال «تبقى الدعوة لمعاملة كل من فعل ما فعلوه أو ارتكب جرائم في حق الدين والمجتمع بالصرامة المطلوبة، دعوة واردة ومبررة».
وممن ناصر جماعة برنامج «المتروش» الإعلامي حنفي دهاه الذي علق قائلا «شاهدت دقائق معدودة من برنامج «المتروش» وأعتقد أنه نفثة مصدور لبعض الآراء المحبوسة في الصدور، والتي يجب أن تجد لها متنفساً، لأنها تعبير عن قلق وتساؤلات وإشكاليات تلح على العقل والوجدان، وتفرض أن نطرحها وأن نجيب عليها، ولا أعتقد أن على السلطات أن تقابلها بالمصادرة وثقافة التسلط، فالرأي يقابل بالرأي والسؤال يرد عليه بالجواب، وليس بالعنف الفكري ولا بالوصاية والحجر على العقول».
وأضاف «الذي يخاف على دينه وإسلامه من سؤال ورأي، إنما يتهمه ضمنياً بالعجز عن مواجهة الأسئلة الملحة للإنسان، ولعقله السؤول وقلبه العقول».
وأضاف الإعلامي دهاه «دعوهم يسألون، ويفكرون.. يشكون ويؤمنون.. ينكرون ويعرفون، فالحرية في النهاية تكسر قشور التبعية، والحقيقة تكشط لحى الوهم والارتياب.. وكما قال عباس محمود العقاد «الإسلام يفرض التفكير والتفكير يفرض الإسلام».
«وأخشى أن في هذا النظام الحالي داعشيون، يضيف دهاه، لا يريدون لنا الخروج من قواقع الجهل والتخلف؛ فمالهم أسودٌ على ذي الرأي والفكر، أرانب على لصوص المال العام؛ تضامني مع كل «متــروش».
معنى” المتروش” هو المتباهي بنفسه او المتعاني، وليس الفضولي، تحياتي