موريتانيا تتهم جيش مالي بقتل مواطنيها وباماكو تنفي تورطه والعلاقات تتوتر

عبد الله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط – «القدس العربي»: ازداد، أمس، توتر العلاقات بين موريتانيا ومالي بسبب المجزرة البشعة التي قتل فيها خمسة وثلاثون مواطناً موريتانياً، حيث اتهمت الحكومة الموريتانية جيش مالي بارتكاب المذبحة، بينما سعى رئيس دولة مالي لإطفاء القضية، حيث هاتف نظيره الموريتاني وأعلن عن فتح تحقيق حول الحادثة، وأوفد بعثة وزارية إلى نواكشوط للاعتذار.
كما أكدت الحكومة المالية في بيان أمس “أن مباحثات رئيس مالي وموريتانيا عبر الهاتف، أسفرت عن فتح تحقيق لكشف ملابسات الحادث، وإرسال بعثة رفيعة المستوى إلى نواكشوط في أقرب الآجال، من أجل تأكيد الأخوة والتعاون بين بلدينا، خاصة في مجال تسيير الحدود المشتركة، والدفاع، وفي مجال أمن الأشخاص والممتلكات”.
واستغربت سلطات مالي في بيانها “وقوع هذا النوع من الحوادث المؤسفة، في وقت يدعمنا هذا البلد الشقيق والصديق، خاصة فيما يتعلق بحصول الشعب المالي على حاجياته الغذائية، وهو الذي يرزح تحت العقوبات غير الشرعية والظالمة لمجموعة إيكواس”، حسب تعبير الحكومة.
وأكد المختار ولد داهي وزير الثقافة، الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية “أن هناك قرائن تشير إلى أن بعض الجهات التابعة للجيش المالي هي المسؤولة عن الحوادث التي تعرض لها بعض الموريتانيين في مالي”.
وقال “إن الموريتانيين المفقودين في مالي تتم متابعة قضيتهم بشكل رسمي، حيث استدعت وزارة الخارجية الموريتاني سفير مالي وأبلغته في احتجاج شديد اللهجة، أن كرامة الشعب الموريتاني فوق كل الاعتبارات”.
وتتحدث المصادر المحلية عن مقتل 35 مواطناً موريتانياً على يد الجيش المالي، وهو ما لم تؤكده حتى الآن أية مصادر رسمية في موريتانيا أو مالي.
غير أن الجيش المالي أوضح في بيان أمس “أنه أطلق النار على سيارة مشتبه فيها بالقرب من غابة واغادو”، غير بعيد من الحدود مع موريتانيا، وهي المنطقة نفسها التي تعرض فيها خمسة موريتانيين لإطلاق نار، أصيب منهم اثنان يتلقيان العلاج منذ أيام في العاصمة نواكشوط.
ويحمل مقتل وحرق جثث خمسة وثلاثين مواطناً موريتانياً في عمق الأراضي المالية نذراً بظهور بؤرة توتر إضافية على مستوى الحدود الموريتانية المالية.
واستدعت وزارة الخارجية الموريتانية، الثلاثاء، السفير المالي المعتمد في نواكشوط، وأبلغته احتجاجاً شديد اللهجة “على الأعمال الإجرامية، التي تقوم بها قوات نظامية مالية، على أرض مالي، في حق مواطنين موريتانيين مسالمين وعزل”.
وأعادت الوزارة للأذهان موقف موريتانيا من مالي “المؤسس على اعتبارات أخوية وإنسانية ومراعاة لأواصر التاريخ والجغرافيا، الرافض لتجويع الشعب المالي الشقيق”، مؤكدة “أن أرواح المواطنين الأبرياء وأمن ممتلكاتهم ستبقى فوق كل اعتبار”.
وقد انكشف الآن مصير الموريتانيين الخمسة والثلاثين بعد أيام من فقدان التواصل معهم، حيث ظهر أنهم اختطفوا من طرف مجهولين يوم الثاني مارس/آذار الجاري، أثناء تجميعهم لمواشيهم عند نقطة مياه قريبة من الحدود المالية الموريتانية.
وأكد أحد أهالي الضحايا في تسجيل صوتي على فيسبوك “أن ضحايا الحادثة اختطفوا قبل أيام عند حنفية العطاي داخل مالي، حيث حملتهم سيارات مجهولة، وتم شحن سيارتين أخريين بالمواشي، وتركوا سبعة أنفار يبدو أن السيارات لم تستطع حملهم فشدوا وثاقهم وتركوهم في عين المكان”.
وقال: “في البداية قيل لنا إنهم في أمان وإنهم في يد الجيش المالي والروسي معاً، وبعد ثلاثة أيام ثبت لنا أن مجزرة حصلت على بعد ثلاثة كيلومترات، واستطاع أحد أبناء المخطوفين التعرف على جثة أبيه”.
وطالب محتجون أمام وزارة الداخلية في نواكشوط “السلطات الموريتانية بالتدخل لحماية المواطنين خصوصاً وأن الدولة الجارة قد أعطتهم الأمان بشرط ألا يستخدموا رعاة أجانب، وبالرغم من ذلك فالحوادث تتكرر، وآخرها إطلاق النار اليوم نفسه على مواطنين في سيارة من قبل الجيش المالي والمرتزقة الروس وبعد تثبتهم من هويتهم تركوهم دون تقديم العلاج أو الإبلاغ عنهم وهما الآن يتلقيان العلاج في مستشفى في مدينة النعمة شرق موريتانيا”.
هذا وتتالت أمس بيانات المعارضة الموريتانية حول هذه المجزرة، حيث أكد إبراهيم بكاي، زعيم المعارضة الموريتانية، أن “تكرار مثل هذه العمليات الجبانة وحدوثها في فواصل زمنية متقاربة، سيعزز شعور مرتكبيها أنهم خارج طائلة العقاب والمحاسبة، وقد يشجعهم على ارتكاب المزيد من التجاوزات في حق مواطنينا”.
وطالب “الحكومة الموريتانية بالإسراع في فتح تحقيق مستقل يحدد المسؤولية عن هذه الجرائم ويقدم مرتكبيها للعدالة، مع الضغط على الحكومة المالية للحيلولة دون تكرار هذه المجازر مستقبلاً”.
وطالب الحزب “السلطات العليا للبلد بتنوير الرأي العام حول مجريات الأمور التي باتت تُشكل تهديداً متفاقماً على أمن مواطنينا”، داعياً “الحكومة إلى العمل على إيجاد بدائل سريعة، من خلال تدخل استعجالي، لتلبية متطلبات مواطنينا في تلك المناطق، خاصة فيما يتعلّق بالمياه والمراعي والأعلاف”.
ونبّه حزب التكتل “إلى خطورة مثل هذه الأحداث على العلاقات بين الدولتين والشعبين الشقيقين الموريتاني والمالي”، مطالباً “الحكومة بالتصرف بحكمة وحنكة وحزم، بما يحفظ لموريتانيا أمنها وكرامتها”.
وفي الإطار نفسه، ندد حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإسلاميون) بما سماه “طبيعة التعاطي الحكومي مع هذه الحادثة، والحوادث التي سبقتها، وتأكيده على “ضرورة ضمان أمن وسلامة المواطنين الموريتانيين أينما كانوا، وتحت أي ظرف”.
وأضاف: “نؤكد على ضرورة اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان أمن المواطنين في هذه المنطقة الحيوية بالنسبة للسكان في المناطق الشرقية من البلاد، وخصوصاً في هذه الظرفية، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لذلك”.
ودعا الحزب حكومة مالي “لتحمل مسؤوليتها كاملة تجاه هذه الأحداث المؤلمة، والمتكررة، والتحقيق الجاد في الأحداث الأخيرة، وتحديد الفاعلين فيها، وإنزال أقصى العقوبات بهم ليكونوا عبرة لغيرهم”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية