موريتانيا: دعوى قضائية ضد الرئيس الأسبق ولد الطايع أمام محكمة بروكسل

عبد الله مولود
حجم الخط
1

نواكشوط ـ «القدس العربي»: بعد سبات طويل في الأدراج، وجهت محكمة بروكسل، أمس، استدعاء لمحامي الجهات التي قدمت قبل سنوات دعوى قضائية ضد الرئيس الموريتاني الأسبق، معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع، لحضور جلسة مقررة في العاشر من شهر يناير المقبل، لإكمال إجراءات رفع الدعوى.
ورفع محامون لضحايا ما يعرف في موريتانيا بـ”الإرث الإنساني”، دعوى قضائية لدى المحكمة المذكورة، يتهمون فيها الرئيس الموريتاني الأسبق بالضلوع في جرائم ضد الإنسانية، خلال أحداث 1989-1990، التي أعدم فيها العشرات من الضباط والزنوج خلال فترة حكمه.
ويعيش ولد الطائع حالياً في دولة قطر، منذ 20 آب/ أغسطس 2005، بعد تنفيذ الانقلاب الذي أطاح بنظامه أثناء سفره إلى الرياض لحضور جنازة العاهل السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز.
وكتب الحقوقي الإسلامي أحمد وديعة، المهتم بهذا الملف، معلقاً على هذا المستجد “حين سدت طرق العدل أمام ضحايا جرائم نظامه الغاشم، كانت بروكسل وجهتهم؛ هناك حيث يوجد قانون يسمح لكل ضحايا الجرائم بحق الإنسانية تقديم الشكوى”.
وأضاف: “أخذ الأمر بعض الوقت ولكنه في النهاية تحرك حيث يباشر القضاء البلجيكي النظر في الملف مطلع الأسبوع القادم ليجد العقيد محاسبة على ما اقترف بحق آلاف بل عشرات الآلاف من مواطنيه الذين قتلوا وهجروا وعذبوا”.
وقال: “هنيئاً لكل أنصار العدل بهذا الخبر السار، فالحقوق لا تضيع حين تجد من يطلبها والجرائم بحق الإنسانية لا تسقط بالتقادم، ولا تعدم أرض الله الواسعة مكاناً ينتصر للمظلومين”.
ويواصل أرامل وضحايا أحداث 1989-1990 ومناصروهم من الحقوقيين تنظيم وقفة احتجاج في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، ذلك اليوم الذي يعتبرونه ذكرى الإعدام التعسفي لـ 28 جندياً موريتانياً من أصول إفريقية بقاعدة إينال شمال موريتانيا، في 28 نوفمبر عام 1990.
ويواجه الضحايا وعائلاتهم بالرفض أحكام القانون رقم 93-23، الذي منح العفو لأفراد قوات الأمن عن كل الجرائم التي قد يكونون ارتكبوها ما قبل 1993، وهو قانون العفو الذي أقره البرلمان الموريتاني يوم 14 حزيران/ يونيو 1993، والذي يعتبر طياً قانونياً لتلك الصفحة المؤلمة.
وحاول العديد من الضحايا وأصحاب الحقوق رفع قضايا أمام المحاكم الوطنية، لكن ثبت لهم أن هذه الإجراءات عديمة الجدوى بعد تبني القانون رقم 93-23 المؤرخ 14 حزيران/ يونيو 1993 الذي يمنح العفو لأفراد قوات الأمن عن أي جرائم قد يكونون ارتكبوها أثناء أداء واجبهم.
وأمام انعدام سبل انتصاف محلية، أكد محامو ذوي الحقوق أنه لم يعد لديهم من خيار سوى اللجوء إلى ولايات قضائية خارج الحدود الوطنية، فرفعوا شكوى إلى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، التي طلبت سنة 2000 من السلطات الموريتانية “إجراء تحقيق مستقل للكشف عن مصير الأشخاص المفقودين، وتحديد هوية المتورطين في الانتهاكات”، و”تعويض الأرامل وذوي الحقوق من أهالي الضحايا”.
وتؤكد السلطات الموريتانية أنها حققت العدالة في هذا الملف وأنها عوضت الضحايا بشكل مناسب، بيد أن هذا لا توافق عليه جمعيات الدفاع عن الضحايا التي تعتقد أن تدابير التعويض لا يمكن أن تكون بديلاً للحق في الانتصاف الفعال للضحايا وأسرهم.
واعترف الرئيس الموريتاني سيدي ولد الشيخ عبد الله بما حدث، وألقى خطاب اعتذار وطنياً للضحايا وأقر مصالحة وطنية حيث نظمت صلاة جماعية على أرواح الضحايا في مدينة كيهيدي في 25 آذار/ مارس 2009.
غير أن كل هذه الخطوات لم ترض المتحدثين باسم الضحايا، حيث واصلوا وقفاتهم الاحتجاجية، ونشر بيانات التذكير بقضيتهم.
ومع أن الكثيرين يعتبرون أن هذا الموضوع قد طوي بعد صدور قانون العفو عام 1993 وبعد صرف التعويضات للضحايا، وأن إثارته نكء لجرح غائر وخطير، فإن أحزاب المعارضة، وبخاصة الأحزاب التي يقودها منحدرون من الأقليات الأفرو-موريتانية، يسعون لإدراج هذا الملف الشائك ضمن جدول أعمال الحوار السياسي المرتقب.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية