نواكشوط –«القدس العربي»: أعلنت الحكومة الموريتانية أمس الإثنين، عن افتتاح سنة دراسية جديدة 2024/2025 تتميز بتقدم كبير في نظام المدرسة الجمهورية الموحد لجميع الموريتانيين بمختلف طبقاتهم وأصولهم العرقية.
وتتميز هذا العام الدراسي، وفقاً لما أكدته وزيرة التربية وإصلاح النظام التعليمي، هدى بنت باباه، “بالدخول في ثالث خطوات إصلاح التعليم الكبرى المتمثلة في استعادة المدرسة الابتدائية لمكانتها ودورها، كحضن جامع لكل الموريتانيين بكل أعراقهم ومكوناتهم، ليجتمع أبناؤنا، كل أبنائنا، في الفصول نفسها، وتحت الأسقف نفسها، وليتلقوا نفس البرامج والمقررات على نحو أكمل وأنجع وأشمل”.
وأضافت في كلمة موجهة للأسرة التعليمية “أن حلم المدرسة الجمهورية الجامعة، الذي شكل لعقود أملاً لكل الموريتانيين، ما كان له أن يتحقق ويقطع هذه الخطوات الواثقة والمهمة لولا إصرار الرئيس الغزواني على إصلاح قطاع التعليم، بدءاً من تعهده بتوفير تعليم نوعي وشامل لجميع الأطفال الموريتانيين، ومروراً بإشرافه على تسريع مسار الإصلاح لتنفيذه في الآجال المرسومة وبالجودة المطلوبة، ووصولا إلى قيام مدرسة جمهورية تضمن تكافؤ الفرص في تعليم نوعي شامل، وتحقق تطلعاتنا إلى تكوين أجيال ذات كفاءة علمية، متشبثة بهويتنا الأصيلة وثوابتنا الحضارية والثقافية، قادرة على النهوض بالبلد وإمداده بالخبرات الوطنية المؤهلة والمؤتمنة على استغلال مواردنا والنهَوض بنا نحو مدارج الرقي والتطور والازهار”.
ومع أن نقابات التعليم ومعارضي النظام ينتقدون سياسة التعليم المنتهجة بشدة، فقد قدمت وزيرة التربية الموريتانية حصيلة اعتبرتها “قفزات نوعية في مجال الإصلاح، بينها زيادة أعداد المعلمين الميدانيين من 9607 معلمين سنة 2019 إلى 17222 معلماً سنة 2023، وازدياد عدد الحجرات المدرسية بـ3698 حجرة دراسية ما بين آب/أغسطس 2019 وأغسطس 2023، واقتناء ما يربو على 85 ألف طاولة، وزيادة أعداد المدارس المستفيدة من الكفالات بنسبة 233%، ما بين سنتي 2019 و2024، وارتفاع أعداد التلاميذ المستفيدين من الكفالات المدرسية بنسبة 284%، حيث انتقلت هذه الأعداد من 63025 سنة 2019 إلى 242548 سنة 2024”.
وأكدت “أن تحقيق مقاصد المدرسة الجمهورية وأهدافها الإصلاحية والتربوية يتطلب تصور وتنفيذ العديد من البرامج”، مضيفة أن إنجازات عديدة قد تحققت في هذا الصدد، بينها تطبيق مقتضيات القانون التوجيهي للتعليم بإصدار أغلب النصوص المطبقة له، وإنشاء اللجنة الوطنية للمناهج، واستحداث نظام “سراج” لضبط المصادر البشرية والوسائل اللوجستية، وإصدار عدة نصوص لضبط تحويلات وترقيات المدرسين، وإنشاء المعهد الوطني لترقية اللغات الوطنية واختيار مدرسيها وتكوينهم، وتحديد المناطق التي ستدرس فيها، وكتابة برامجها ليبدأ تدريسها تجريبياً مع مطلع العام الدراسي الحالي”.
وكانت الحكومة الموريتانية قد أعلنت في برنامجها المقدم إلى البرلمان بعد تشكيلها عن توجهات شاملة لإصلاح النظام التعليمي، بينها الصرامة في التصدي لفوضوية الإنشاءات المتجددة الناتجة عن التقري العشوائي، واعتماد خريطة مدرسية معقلنة تراعي خصوصية البلاد وفق أحدث المعايير، ومحاربة التسرب المدرسي والانقطاع المبكر بالتعاون مع شركائنا، بتوفير ظروف مساعدة وجاذبة للوسط المدرسي والاستمرار في تحسين العرض المدرسي، وإعداد سياسة وطنية للتكوين المستمر من أجل تحسين وتحيين خبرات المدرسين؛ وصيانة المنشآت والحفاظ على الأدوات واللوازم المدرسية، و مكافحة التغيب واستحداث آليات لتحفيز الإنتاجية والابداع. ومع السنة الدراسية الجديدة التي انطلقت الإثنين، يدخل النظام التعليمي الموريتاني في ثالث سنة لتنفيذ الإصلاح الذي أقره البرلمان في تموز/يوليو 2022، والذي نص على أن مدة التعليم ما قبل المدرسي ستصبح ثلاث سنوات، أما التعليم القاعدي فهو إجباري ويمتد على مدى تسع سنوات مقسمة إلى تعليم ابتدائي مدته ست سنوات، وتعليم إعدادي مدته ثلاث سنوات، بينما تحددت مدة التعليم الثانوي بثلاث سنوات تنقسم إلى مسلك عام، ومسلك تقني مهني، كما شمل قانون الإصلاح أسلاك التعليم العالي الثلاثة.
ونص القانون التوجيهي الخاص بإصلاح النظام التربوي الموريتاني على أن اللغة العربية هي اللغة الجامعة للمنظومة التربوية في موريتانيا، وعلى أن جميع أبناء موريتانيا سيدرسون بها في جميع المستويات التعليمية.
كما تضمن القانون خياراً لإدماج اللغات الوطنية (البولارية، السوننكية، الولفية) في التعليم على كافة المستويات، وذلك لإنصاف الأطفال من خلال تدريسهم بلغاتهم الأم من جهة، ولتكريس المدرسة التي يجد فيها جميع الموريتانيين ذواتهم من جهة ثانية.
ويسعى الرئيس الغزواني الذي بدأ في أغسطس/آب الماضي، ثاني وآخر ولاية رئاسية، إلى إصلاح التعليم الحكومي الذي يواجه منذ عقود حالة من ضعف المخرجات يرجعها متابعون للشأن التعليمي إلى جملة أسباب، يأتي في مقدمتها غياب تشجيع المدرس وضعف البنى التحتية، وهو ما جعل موريتانيا تصنف في مرتبة متدنية في سلم جودة التعليم في التقارير الصادرة عن مؤشر التنافسية العالمي. وأدت هذه الحالة إلى تراجع ثقة المواطن الموريتاني في التعليم الحكومي ببلاده، ما شجع ظهور وانتشار مؤسسات التعليم الخاص التي تكاد تكتسح الساحة التعليمية في المدن الكبرى.
وإلى جانب مؤسسات التعليم الخاص الوطنية، التي يصل عددها المئات، ولبعضها فروع في نواكشوط ومدن الداخل الموريتاني، تحقق المدارس الأجنبية رواجاً كبيراً بموريتانيا خصوصاً الفرنسية منها والتركية، التي باتت تشهد إقبالاً من الأثرياء وأبناء الأسر في الأحياء الراقية في نواكشوط، ما أدى إلى ازدياد وانتشار فروعها.