نواكشوط – «القدس العربي»: تعيش العاصمة الموريتانية نواكشوط حاليا على إيقاعات مهرجان الموسيقى الموريتانية الجامع لتشكلاتها النغمية والتأليفية التاريخية والحالية.
ويركز المهرجان على آلة «التيدنيت» أعرق الأدوات الموسيقية الموريتانية بصفتها أهم آلة موسيقية موحدة لجميع الموريتانيين بمختلف مكوناتهم الثقافية ومشاربهم، وجهاتهم، وأذواقهم المتنوعة.
وتوقف الحسين أمدو وزير الثقافة والفنون في خطاب افتتح به المهرجان أمس أمام عظمة آلة «التيدنيت»، مؤكدا «أنها تتيح عزف أكبر عدد من المقامات أي حوالي 24 نوتة موسيقية، رغم بساطتها وتواضع تركيبتها المورفولوجية».
وأوضح «أن المهرجان يشكل مناسبة لتثمين موسيقانا التاريخية الحية التي لا تزال في أوج عنفوانها الجمالي، وتأثيرها الاجتماعي، وتوحيدها للذائقة الجمالية الوطنية، بحمولتها الثقافية وبثرائنا النغمي المدهش، وبمضمونها العظيم، الذي يشمل المقامات السباعية والخماسية، ويمزج بينها بفنية عالية، عبر اللحن البديع والإيقاع الجميل، إضافة إلى أنها تحمل ذاكرة أدبية ثرة، وتاريخا وطنيا مشتركا مجيدا».
«لكن عبقرية الفنان الموريتاني، يضيف الوزير الموريتاني، جعلتها تعبر بصدق وبذخ عن كل الطبوع والمقامات المتداولة عالميا، مما نسميه وحدات كبرى وصغرى، من مثل الظهور والأشوار والموالات والمداخل، المعبرة عن طبائع الإنسان الموريتاني بأحلامه، وآماله، وآلامه، وبصفاء وصدق، فكانت موسيقى «التيدنيت» التقليدية بذلك تعبيرا أصيلا عن التاريخ الثقافي للإنسان الموريتاني وحبه للأرض وارتباطه بها على نحو فائق».
وأكد الوزير امدو «أن وزارة الثقافة تنظم هذا المهرجان التأسيسي من أجل تثمين التراث الموسيقي الموريتاني الثري والحي، للتعريف به، وحفظه واستفادة الأجيال المستقبلية منه»؛ مضيفا «أن خدمة هذا الحقل الخصب ستساهم في تهذيب الأذواق، وتغرس الاعتزاز بذاتنا الحضارية، كما توطد الوحدة الوطنية بعمق فوحدة مصدر موسيقانا وتنوعها في نفس الوقت يجعلها مؤهلة بجدارة للقيام بهذه المهمة النبيلة، مهمة مزج الأصالة بالمعاصرة».
وقال «إن الرمزية التي تمثلها موسيقانا المتمحورة حول التيدنيت رمزية عظيمة، خاصة التيدنيت التي تعتبر رأس مال رمزي ثمين بأصالتها، وحضورها ومضمونها، ووجودها في يد كل فنان موريتاني مهما كان انتماؤه القومي، مما يجعلها بذاتها رمزا للوحدة الوطنية في أبهى تجلياتها».
ووسيشهد مهرجان الموسيقى التقليدية الموريتانية، تنظيم ندوات ومحاضرات علمية يقدم خلالها أكاديميون وباحثون جملة من العروض تسلط الضوء على الجانب النظري للموسيقى، كما ستقدم خلال المهرجان عدة أدوارٍ غنائية تقليدية بآلات التيدنيت، والنيفارة، والطبل».
ويهدف المهرجان إلى تسليط الضوء على الجانب النظري للموسيقى الموريتانية لإبراز الجوانب المختلفة للموسيقى الموريتانية التقليدية وتخليد التراث الثقافي وتعزيز الروابط بين الأجيال.
ويشكل هذا المهرجان الأول من نوعه بادرة تهدف إلى الحفاظ على التراث الموسيقي الموريتاني وإبراز الذاتية الثقافية الوطنية التي يجسدها تنوع وثراء وجمال الآلات والأنماط الموسيقية لمختلف مكونات المجتمع.