نواكشوط –«القدس العربي»: أعلنت الحكومة الموريتانية على لسان وزير النفط والطاقة محمد ولد خالد «أن تصدير أول شحنة من الغاز الموريتاني السنغالي المشترك انطلاقاً من حقل «آحميم تورتي الكبير»، ستكون مطلع السنة المقبلة 2025، بشرط ألا تحدث أمور لم تكن متوقعة».
وأوضح في تصريحات صحافية «أن مشروع الغاز المذكور انتقل من يد الفريق الذي كان يتولى تركيب آليات ومنصة التصدير إلى الفريق المكلف بمهام الإنتاج والتسويق».
وتتواصل في انتظار ذلك، المشاورات بين الجهات الحكومية في موريتانيا والسنغال، وكذا على مستوى القطاع الخاص والفاعلين في قطاع المال والأعمال والاستثمارات.
وفي هذا الصدد، أعلن في داكار ونواكشوط، الإثنين، عن اكتمال الاستعدادات لتنظيم منتدى اقتصادي كبير مقرر في العاصمة السنغالية داكار مستهل أيلول/سبتمبر المقبل، تحت عنوان «التكامل الاقتصادي في زمن التحول الطاقوي: مساهمة القطاعين الخاصين السنغالي والموريتاني».
وأكد منظمو المنتدى العاملون تحت إشراف اتحادات أرباب العمل في موريتانيا والسنغال «أن المنتدى يهدف إلى استكشاف صيغة لتعاون القطاعات الاقتصادية في موريتانيا والسنغال لمواجهة التحديات الطاقوية والاقتصادية الحالية، مع تعزيز نمو مستدام وشامل، وذلك في سياق عالمي يتسم بتحول طاقوي متزايد».
وسيعالج المنتدى مواضيع رئيسية مثل التكامل الاقتصادي الإقليمي، وفرص الاستثمار في بيئة تشهد تحولًا طاقويًا، ودور القطاع المالي، والنماذج الاقتصادية الشاملة، كما ستتناول النقاشات تطوير القطاعات الاستخراجية، وإدارة المياه، والآفاق التي توفرها منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
ويستهدف هذا الحدث بشكل أساسي صناع القرار السياسيين، وقادة الأعمال، والمستثمرين، والخبراء في القطاعين الخاصين السنغالي والموريتاني.
ويسعى المنظمون، بحسب تأكيداتهم، ليكون المنتدى «منصة مثالية للفاعلين الاقتصاديين الراغبين في استكشاف التعاون، وفرص التبادل في سياق اقتصادي متغير».
كما يسعى المنظمون لمشاركة كاملة وشاملة للقطاعين الخاصين في موريتانيا والسنغال في المحتوى المحلي، في إطار الاستغلال المشترك لمشروع الغاز «السلحفاة الكبرى/أحميم» (GTA)، الذي يتوقع أن يصل إنتاجه السنوي إلى 2.5 مليون طن من الغاز الطبيعي، مع احتياطات تقدر بـ 1400 مليار متر مكعب.
وتعود فكرة تنظيم هذا المنتدى للاجتماع الأخير بين فروع مبادرة الحفاظ على التفاهم بين موريتانيا والسنغال، الذي عقد في حزيران /يونيو الماضي، وقد تم تأجيل المنتدى بسبب الأجندة الانتخابية الموريتانية التي تضمنت تنظيم انتخابات رئاسية في 29 حزيران/يونيو 2024.
غير أن الاستعدادات الجارية في موريتانيا والسنغال لبدء تصدير الغاز اصطدمت مع تحذيرات أطلقها مؤخراً خبراء في البيئة البحرية في دراسة أعدوها، حذروا فيها من مخاطر قد تنجم عن استغلال الغاز انطلاقاً من المنصة البحرية الخاصة بحقل «آحميم تورتي» الواقع على الحدود المشتركة الموريتانية السنغالية.
وأعدت الدراسة المذكورة بالتعاون بين البرنامج الإقليمي لحماية المنطقة الساحلية في غرب إفريقيا (مبادرة مشتركة بين مؤسسة أرغين الدولية، والاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة)، والصندوق العالمي للطبيعة، واللجنة شبه الإقليمية لمصايد الأسماك التي تضمن دول موريتانيا والسنغال، وغامبيا، وغينيا بيساو، وغينيا، والرأس الأخضر.
وقدمت الدراسة في جزئها الأول نظرة شاملة على استغلال النفط والغاز على المستوى العالمي، والوضع في غرب إفريقيا، وخطط التنمية المستدامة الوطنية، والسياسات الوطنية للطاقة، بينما شرحت في جزئها الثاني التأثيرات البيئية لاستغلال النفط والغاز المستخرج من العمق البحري.
وأكدت في مقدمتها «أن النفط والغاز اكتشفا عام 2001 في النطاق البيئي البحري والساحلي لغرب إفريقيا الذي يضم موريتانيا والسنغال وغامبيا وغينيا وبيساو وغينيا والرأس الأخضر، ويغطي أكثر من 3500 كيلومتر من السواحل».
«ومن السمات البارزة لهذه المنطقة، يضيف معدو الدراسة، الأراضي الرطبة الساحلية، والتيارات البحرية القوية التي تجعل منها واحدة من أكثر مناطق الصيد تنوعًا ومن حيث الأهمية الاقتصادية على مستوى العالم».
وذكرت الدراسة: «الصيد يُوَلِدُ في هذا النظام البيئي حوالي 500 مليون يورو سنويًا، ما يجعله مصدرًا فريدًا للعملات الأجنبية في المنطقة ومصدرًا أساسيًا للدخل وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية».
ويعيش حوالي 10 ملايين شخص، وفقاً للدراسة، على طول الساحل الغرب إفريقي؛ ويعتمد أكثر من 600 ألف رجل وامرأة بشكل مباشر على الصيد والصناعات المرتبطة به، كما أصبحت السياحة الساحلية نشاطًا اقتصاديًا مهمًا.
ومع أن النفط يعتبر مصدرًا حيويًا لدول المنطقة، فقد لفتت الدراسة الأنظار إلى أن تاريخ النفط في إفريقيا مليء بالمشاكل التي حددها تقرير تقييم الصناعات الاستخراجية (EIR) الذي أبرز مشاكله الاجتماعية والبيئية، حيث تعرضت نظم بيئية بحرية وساحلية للتدمير بسبب الأنشطة النفطية في المنطقة الفرعية، كما وقع في دلتا النيجر في نيجيريا.
وبدلاً من تقديم توصيات سياسية نهائية، فضل معدو الدراسة تقديم مجموعة من الأدوات التي تعتبر أساسية لبناء إطار قانوني قوي يحمي البيئة، مؤكدين «أن الهدف النهائي من الدراسة التي أنجزوها هو إلهام صناع القرار والراغبين في التأثير على القرارات، وكذا الجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة، ودفعهم لبدء ديناميكية مستمرة لاتخاذ القرارات التي تهدف إلى حماية البيئة البحرية أثناء استخراج النفط والغاز».