نواكشوط- «القدس العربي»،: في انتظار تحديد موعد لتنصيب وشيك للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في مأمورية رئاسية ثانية، ينشغل الرأي العام الموريتاني حاليا بتحليل أبعاد البيان الذي وزعه أمس حزب التحالف الشعبي الذي يتزعمه مسعود ولد بلخير رئيس البرلمان السابق والذي اعتبر فيه هذا الحزب الذي كان أقرب لمعارضة الوسط « انتخابات حزيران / يونيو الرئاسية تلاعبا ماكرا باللوائح وبالنتائج وبنسبة المشاركة».
وينشغل الرأي العام كذلك بما يعتقد البعض أن الرئيس الأسبق علي ولد محمد فال يدبره في الخفاء للإطاحة بنظام «ابن عمه» محمد ولد عبد العزيز، مع التساؤل عما أشار له الرئيس الأسبق في بيانه الأخير بخصوص الفرج القريب وعما إذا كان هذا الفرج سيأتي عبر تسخين جديد لساحة المعارضة أم عبر طرق أخرى مثل الانقلابات العسكرية التي باتت السبيل السالكة لتداول السلطة في موريتانيا.
ويكثر انشغال الرأي العام الموريتاني وصالوناته السياسية حاليا بتسريبات تتحدث عن إمكانية تعديل الدستور الموريتاني للسماح فيه بمأمورية ثالثة بدل مأموريتين.
وبخصوص الانتخابات، انتقد حزب التحالف الشعبي برئاسة مسعود ولد بلخير بشدة أمس انتخابات الرئاسة التي أعلنت نتائجها مؤخرا، فأكد «أنها انتهت كحدث غير ذي بال بالنسبة للأغلبية الساحقة من الناخبين، عكسا لما قدمته السلطاتُ من تأكيدات غير مجدية، وما رافقها من ترضيـة مجامِــلة من قبل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات التي ظلت خارج اللعبة، عاجزة بشكل مخجل، وعبثية إلى حـَــد السخافة، وبالرغم من شهادات الزور التي أدلى بها مراقبون يفتقرون، فيما يبدو، إلى فرص عمل».
«وعلى الرغم من أن الانتخابات الأخيرة، يضيف البيان، جرت في غياب «منظم بإتقان» لغالبية أحزاب المعارضة الديمقراطية، وأنها استفادت بداهة من الدعم اللامشروط للقبائل، والروابط المهنية، والإدارة، والجيش، وبخاصة من وسائلهم الاقتصادية والضغوط النفسية، فإن هذه الانتخابات ستبقى للأبد محفورة في ذاكرة الجميع كأقل الانتخابات شعبية وأكثرها كارثية».
وأكد التحالف الشعبي في بيانه «أن الانتخابات الأخيرة أبعد ما تكون من المساهمة في سد العجز الديمقراطي الحقيقي والخطير لخمسيـّـة كانت بمثابة مأمورية كل المخاطر، بل إنها جاءت لتفاقم ذلك العجز ولتثير أحلك التساؤلات حول مستقبل البلاد».
وتساءل حزب التحالف في بيانه قائلا « ماذا يمكن أن يخبئ القدرُ لهذه الانتخابات، المزعوم أنها ديمقراطية، إذا ما علمنا أن المرشحين فيها لم يقدموا من برامج تحدد الناخبين وتــتــوزعهم ، غير الإهانات المريرة، والحقائق المزيفة، والشتائم، والتهديدات القائمة على التعصب والكراهية والعنف والعنصرية؟».
وأكد الحزب أنه «يدين بشدة التلاعب الماكر باللوائح وبالنتائج وبنسبة المشاركة التي رتبتها «اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات» للتغطية على الفشل الذريع الذي مـُـنيت به هذه الاستحقاقات»، مهنئا «مناضليه ومناضلي المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، وكل الناخبين المقاطعين على النجاح الباهر لشعار المقاطعة».
وحذر حزب التحالف «النظام من مغبة الخطر الداهم الذي تواجهه موريتانيا جراء تصرفه جد المشخصن في قضايا البلد، بعيدا عن كل تشاور سياسي، في ظل بيئة اقتصادية واجتماعية وأمنية مثيرة للقلق».
وناشد الحزب «جميع الفاعلين، وبخاصة المعارضة الديمقراطية والمجتمع المدني، إلى التحلي بمزيد من وعي المخاطر الوشيكة التي تهدد موريتانيا والتي يجب أن تكون سببا في المزيد من التوحد والتواضع والواقعية السياسية بغية إنقاذ الوطن الذي تحدق به المخاطر بمختلف أشكالها».
وفي إطار الانشغالات المذكورة نقل موقع المسار الإخباري الموريتاني المستقل عن مصادر مطلعة تأكيدها «أن النظام الحاكم في موريتانيا سيعرض قريبا على المعارضة بشقيها، التعديل المتزامن لمادتين دستوريتين تتعلق إحداهما برفع السن القانونية للترشح المحددة في الدستور الحالي بـ75 سنة لإتاحة الفرصة أمام إمكانية ترشح كل من الزعيمين أحمد ولد داداه ومسعود ولد بلخير وذلك مقابل إلغاء المادة التي تمنع رئيس الجمهورية الترشح لمأمورية ثالثة وذلك من أجل إتاحة الفرصة لترشح الرئيس ولد عبد العزيز لمأمورية ثالثة في انتخابات 2019».
واهتمت الصحف والمواقع الموريتانية ضمن هذه الانشغالات بتغيير الرئيس الاسبق العقيد علي ولد محمد فال لأساليب معارضته لنظام ولد عبد العزيز حيث وجه بمناسبة حلول شهر رمضان، خطابا للموريتانيين وهو ما لم يكن من تقاليده خلال الأعوام الماضية ولا من تقاليد أي من زعماء المعارضة الآخرين».
وجزمت مواقع تناولت هذا الموضوع بأن «ولد محمد فال يدشن بهذا الخطاب مرحلة جديدة لم يشأ أن يكشف عنها لكنها تستشف من دعوته الموريتانيين للصمود وتبشيره لهم بأن الفرج بات أقرب».
ولم يشر ولد محمد فال إلى طبيعة الاستراتيجية أو الخطة التي ستطبع عمله السياسي في المرحلة المقبلة وإن كان من الواضح من خلال خطابه أنه هو نفسه سيكون أكثر بروزا إلى العلن وأكثر مواجهة في تعاطيه مع النظام من أي وقت مضى، كما لم يتطرق لما سيؤسس له من نضال هل هو خاص به أم في إطار منتدى الديمقراطية والوحدة الذي يجمع أطياف المعارضة».
عبد الله مولود