مورينيو… “المدمر وان”!

تكرر المشهد مجدداً مع المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو… صدامات ومشاجرات فنتائج سلبية فاقالة مذلة، وكأنه سيناريو حفظه الجميع.

الاقالة لم تكن الاولى للمدرب الذي نعت نفسه بـ”السبيشال وان”، الذي عكس عنجهية وغرور وتكبر مورينيو، الذي غلف هذا الادعاء بحقبة ناجحة مع بورتو وتشلسي والانتر، تزامنت مع تصريحات مليئة بالتحدي مع منافسيه ومع الحكام ووسائل الاعلام، في ظل حماية من نجوم فريقه وجماهير ناديه، الذين صدقوا كل ادعاءاته وترهاته من دون شك.

هذا الأسلوب “العالم كله ضدنا”، نجح حتى النصف الأول من حقبة تدريبه للعملاق الاسباني ريال مدريد، وهو أسلوب اكتسبه وصقله منذ كان مترجما للمدرب الانكليزي بوبي روبسون في سبورتنغ لشبونة عام 1992، ليتبعه منذ ذلك الحين الى بورتو وبرشلونة، ليتطور ويصبح مساعدا لروبسون حتى 1997، ليستلم تدريب برشلونة مكانه لويس فان خال ويعطي مورينيو المزيد من المهام، وابرزها لعب دور “الشرطي الجيد” مع اللاعبين، أي أن يصاحبهم ويصادقهم ويتعرف الى مشاكلهم. وخلال هذه الفترة صقل مورينيو مهارة اللباقة واللياقة في التعامل مع اللاعبين، واكتساب ثقتهم، وهو ما نقله الى مسيرته التدريبية لأول مرة مع بنفيكا في العام 2000، رغم قصرها وفشلها، الا ان هذا الأسلوب ظهر بأزهى حلله مع بورتو في 2003 و2004 واحرازه ثلاثيتين، بينها دوري أبطال أوروبا. وعندما جاء الى تشلسي في صيف 2004 جلس في مؤتمره الصحفي الأول في “ستامفورد بريدج”، والذي حظيت أنا شخصياً بحضوره، وكان مرتابا ومتردداً بعض الشيء من عيون الصحفيين المخضرمين، كون لا خلفية له في الملاعب كنجم بارز او حتى عادي، فخرجت منه هذه الكلمات التوضيحة: “أنا لست مدربا من القاع… أعتقد انني مدرب خاص (سبيشال وان)”، ومنذ ذلك الوقت التصقت به هذه الكلمات. لكن بعد عدد من الالقاب مع فرق جاهزة وراغبة في صرف الملايين لتحقيق الانجازات، صعدت أسهمه بسرعة الصاروخ، وباتت شعبيته جارفة عند المشجعين، خصوصا في عالمنا العربي، وكان الصراع الحلم بين الريال والبارسا، بين ميسي ورونالدو، وبين غوارديولا ومورينيو. لكن في 2012 و2013 لم يعد يتحمل نجوم الريال أسلوب مورينيو، وباتت هناك شكوك حول قدراته التكتيكية وحكمه على المواهب، والاهم التأثيرات السلبية على نفسيات اللاعبين وعلى المنتخب الاسباني، فرحل بانتصار واحد بالدوري ومثله في كأس الملك، مع فريق يعج بالنجوم، بل هذا الفريق أحرز دوري أبطال أوروبا 4 مرات في السنوات الخمس التالية لرحيل مورينيو. 

بدأت سمعة مورينيو تكتسب طابع “المدمر”، مع انقسام الجماهير بين محب بشغف له، وبين من يتصيد هفواته وأخطاءه، لكن في تشلسي كانت أسهمه لا تزال مرتفعة، فعاد كعودة الفاتحين، ونجح في احراز بطولة الدوري، لكن مجددا في الموسم الثالث “بووووم” صراع وصدامات ومشاحنات ونتائج سلبية واقالة مذلة، بل حتى الذي ذرفوا الدموع عقب رحيله الثاني من “البلوز”، صاروا يغنون له في المدرجات “لم تعد المدرب السبيشال”. لكن مانشستر يونايتد كان يعلم في 2016 انه يغامر بتعيين مدرب متطلب وباهظ الثمن، يريد نجوما جاهزين، وليست لديه القدرة التدريبية لصقل المواهب وتطويرها، عدا عن مشاكساته ومشاكله مع الاعلام والحكام، لكن الادارة التسويقية انتصرت في النهاية، كونه مدربا ذات شعبية عالمية. وبدأت الشقوق تظهر مباشرة في اكتوبر 2016 في اللقاء السلبي امام ليفربول عندما “ركن الحافلة” ولعب مورينيو بأسلوب دفاعي عقيم، أصاب أنصار يونايتد بالدهشة والصدمة لانهم لم يتعودوا على هذا الأسلوب، وجاءت الضربة الثانية في فبراير الماضي عندما سقط أمام المغمور اشبيلية في دور الـ16 لدوري الابطال، ليبجح بأعذار ان هذا هو الارث الذي ورثه من أسلافه، قبل ان تنفجر الامور في الموسم الثالث، من صدامات مع النجوم، أبرزها مع بوغبا الذي كلما مثل فرنسا تألق، بل وتوج بطلا للعالم، لكن ليس مع مورينيو، فكانت الادارة أمام خيارين اما التضحية بالنجوم الذين يرفضون تمديد عقودهم بسبب مورينيو، او دفع 25 مليون استرليني وطرد المدرب البرتغالي، والأنكى أن غوارديولا وكلوب، لعبا دوراً مهما في اقالة مورينيو، فهما صرفا مبلغا مشابها على اللاعبين (نحو 400 مليون) في الفترة ذاتها، لكن الفارق شاسع بين السيتي وليفربول من جهة، وبين أسلوب لعب يونايتد. 

 

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية