أنطاكيا – “القدس العربي” :
آخر الأنباء الواردة من منبج تشير إلى انسحاب رتل للقوات الأمريكي، يضم آليات ومدرعات وعربات “جيب” أمريكية، ترفع العلم الامريكي، عن طريق اتوستراد جسر الجولان في منطقة الجزيرة، كما تحدثت مصادر محلية لـ”القدس العربي” عن ان قوات سوريا الديمقراطية “قسد” ومجلس منبج العسكري قاما بنقل مكاتبهما من منبج الى بلدة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي، في اشارة الى تحضيرات القوى الكردية لإخلاء المدينة، كما نقل عن سكان محليين قولهم ان عدداً من السجناء تم نقلهم الى شرقي الفرات.
ومع تزايد الحشود حول منبج من قوات النظام ومن قوات “أحرار الشرقية” المرتبطة بتركيا، أثير العديد من التساؤلات حول خفايا ما يحدث من مفاوضات لتسليم المدينة وهوية الجهة التي ستسيطر عليها، ان كانت قوات النظام او القوات المرتبطة بتركيا، خصوصاً مع نشر مواقع مؤيدة للنظام السوري خبراً يتعلق بايعاز أمريكي لدخول قوة تركية محدودة تتكون من مدرعتين وعدد قليل من السيارات الى منبج، بهدف قطع الطريق على دخول قوات النظام لكن خلافات بين قوات “قسد” أدت لاعادة خروج هذه العربات الى خط التماس في منطقة العون، ولم تتمكن “القدس العربي” من التحقق من دقة هذه الرواية من مصدر مستقل.
وكانت قوات من الفرقة الاولى من جيش النظام عززت وجودها في نقطة العريمة في اطراف منبج، وهي موقع لمركز المراقبة الروسي الذي يفصل مناطق تواجد قوات درع الفرات الموالية لتركيا عن قوات “قسد” في منبج، وتتواجد قوات النظام مع القوات الروسية منذ عام 2017 في موقع العريمة، لكن التعزيزات الاضافية التي وصلت للعريمة في الساعات الأخيرة كانت كبيرة، كما احتشدت قوات من الحرس الجمهوري جنوب منبج، بينما تواصل “احرار الشرقية” المدعومة من تركيا تواجدها استعداداً للهجوم المرتقب والذي اعلن عن تأجيله مرات عدة.
كل هذه التطورات المتشابكة، تأتي في وقت قالت فيه الخارجية الروسية انها تدعم سيطرة جيش النظام السوري على الاراضي التي ينسحب منها الامريكيون، كما قال الصحافي التركي علي ازكوك، في خبر نشره على موقعه الالكتروني، ان مصدراً روسياً ابلغه ان “موسكو لن تدعم سيطرة تركيا على منبج” وهو ما يرتبط مباشرة بتصريح المسؤولين الاتراك عن ترقب لإجتماع بين بوتين وأردوغان قد يحمل تسوية ما للاشتباك الحاصل حول منبج، ويأتي هذا بعد تصريح الخارجية التركية انها ستكمل “خارطة الطريق” التي اتفقت عليها مع الأمريكيبن في منبج.
واشنطن من جانبها، أكدت وعبر تصريحات ترامب، انها ترغب بأن تلعب تركيا دورا في المناطق التي تنسحب منها قواتها، ولذلك يفضل الامريكيون دخول قوات موالية لتركيا الى منبج، حتى لا يبدو ان الانسحاب الأمريكي منح الفرصة لقوات النظام وروسيا وإيران بتحقيق مكاسب، وهو ما يذكر بانتقادات واسعة وجهت الى قرار ترامب المتسرع بالإنسحاب من شمال سوريا.
لكن تركيا هي الاخرى، باتت جزءًا من منظومة استانة، وتعمل في سوريا سياسا وعسكريا بالتنسيق مع روسيا وطهران، ومع الخروج الأمريكي من شمال سوريا ، سيصبح هذا المحور وحيداً في الساحة السورية، لذلك فإن تركيا لن تقدم على تحرك منفرد بالتنسيق مع الأمريكيين خارج عن الرغبة الروسية، وقد تكون التسوية المفترضة بين أنقرة وموسكو تقضي بدخول تركيا لمنبج أولاً، وهو ما سيشجع الأمريكيين على الرحيل، ومن ثم دخول قوات النظام لمنبج، خاصة وأن هذا ينسجم مع الموقف التركي المعلن بالترحيب بسيطرة قوات الحكومة السورية على أراضيها، وبالنسبة لأنقرة فإن هدفها الرئيسي من عملياتها المرتقبة في منبج وشرق الفرات هو ابعاد قوات “قسد” عن حدودها الجنوبية، وهو ما ستضمنه موسكو ايضاً بالتنسيق مع دمشق، وتركز أنقرة على الشريط الحدودي الذي يشمل مدناً كردية كتل أبيض وعين العرب (كوباني)، وقد يمتد التوغل التركي نحو هذا الشريط، وفي حال تقدمت قوات موالية لتركيا لهذه المناطق، يرجح ان دمشق ستعود للسيطرة مرة أخرى على المناطق التي يدخلها الاتراك بدعم موسكو .