لندن – “القدس العربي”:
نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرا ميدانيا لمراسليها من طرابلس ومدينة البيضاء عن فيضانات ليبيا، جاء فيه أنه بعد أيام من اجتياح العاصفة دانيال مدينة درنة شرق ليبيا، وجرفها عائلات بأكملها ومنازلها، يحاول الليبيون فهم كيف يمكن أن تحدث مثل هذه الكارثة، وسط توقعات أن نحو 20 ألف شخص ربما لقوا حتفهم جراء الكارثة.
وبحسب القرير، تكشف المصادر الميدانية والتصريحات العامة للسلطات الليبية عن استجابة مرتبكة وباهتة للمخاطر، سواء في الساعات التي سبقت الكارثة أو في الليلة المشؤومة التي هطلت فيها الأمطار على شرق ليبيا.
رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: كان من الممكن تجنب “معظم الخسائر البشرية” لو أصدرت السلطات التحذيرات المناسبة وتم تنفيذ عمليات الإجلاء.
ولفت إلى ما قاله رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الخميس، إنه كان من الممكن تجنب “معظم الخسائر البشرية” لو أصدرت السلطات التحذيرات المناسبة وتم تنفيذ عمليات الإجلاء.
ويشير التقرير إلى أن العاصفة دانيال كانت قد أحدثت دماراً في تركيا واليونان وبلغاريا عندما وصلت إلى الشواطئ الليبية الأحد، وسط تحذيرات من المراصد الدولية للسلطات الليبية المنقسمة بين حكومتين متنافستين في الشرق والغرب من خطورة العاصفة.
ورد المسؤولون في منطقة برقة بشرق ليبيا، بإعلان حظر التجول السبت في عدة مدن، مع التركيز بشكل خاص على بنغازي، أكبر مدينة في المنطقة، والتي من المتوقع أن تكون الأكثر تضررا.
وطلب أسامة حمد رئيس وزراء حكومة الشرق، من وزير الحكم المحلي سامي الضاوي، تشكيل فريق أزمة “للاستعداد واتخاذ الإجراءات الاحترازية للتعامل مع أي تداعيات طارئة”.
وفي النهاية، نجت بنغازي إلى حد كبير من أضرار جسيمة، على الرغم من تعرض الطرق الرئيسية بين المدن الساحلية لأضرار بالغة.
وبدلاً من ذلك، تجمعت الأمطار في منطقة الجبل الأخضر الجبلية، والتي استغرقت 17 ساعة من الأمطار الغزيرة حتى انحسرت الأمطار أخيراً في منتصف ليل الأحد.
ويروي التقرير أنه في تلك الليلة، بدأت نداءات المساعدة تتدفق من البلدات والقرى في الجبل الأخضر وما حوله، مثل شحات وسوسة، حيث كانت المياه ترتفع بسرعة وتحاصر السكان في منازلهم.
ويؤكد أنه على الرغم من أنه معروف أن المناطق المنخفضة أسفل الجبل الأخضر هي الأكثر عرضة لأضرار الفيضانات في أثناء هطول الأمطار السنوية، إلا أن السلطات المحلية وخدمات الطوارئ فشلت في إجلاء الناس من تلك المناطق.
ويؤكد التقرير أن الأوضاع تفاقمت بسبب انقسام ليبيا بين حكومتين متنافستين، إدارة معترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس، وأخرى في الشرق تدعمها أغلبية النواب والجنرال خليفة حفتر.
وأصدرت حكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس بيانا أقرت فيه بالسيول المتوقعة في الجبل الأخضر، وأكدت أن فرق الطوارئ مستعدة للاستجابة، لكن ليس لها أي سلطة أو وجود في شرق ليبيا.
وفي وقت متأخر من ليلة الأحد، قال رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، إنه طلب من جميع المكاتب ذات الصلة تقديم الدعم عند الحاجة، بل وأكد أن حكومته ستتحمل مسؤولية تعويض الناس عن الأضرار المتوقع حدوثها.
فيما أعلن محافظ درنة عبد المنعم الغيثي، حظر التجول في مدينته في السابعة مساء، واصفا إياه بالاستعداد للعاصفة التي تجتاح بالفعل مناطق الجبل الأخضر، بما في ذلك مدينة البيضاء، على بعد 100 كيلومتر.
ونشرت البلدية صورًا للغيثي وهو يوجه العمليات ويدعم حظر التجول ليلة الأحد، حيث كانت المياه ترتفع بسرعة، وتم تداول مقاطع فيديو عبر الإنترنت تظهر المواطنين المحاصرين في منازلهم.
ويشدد التقرير على أنه في الوقت نفسه، أصدر الخبراء، الذين وجد بعضهم العام الماضي أن السدود في وادي درنة معرضة للانهيار، تحذيرات وقالوا إنه يجب تنبيه السكان في المنطقة إلى هذا الخطر.
استمرت السلطات المحلية والحكومات المنقسمة في التأكيد على أن الوضع تحت السيطرة، حيث نفت السلطات في درنة التقارير عن الانهيار الوشيك للسد.
ومع ذلك، استمرت السلطات المحلية والحكومات المنقسمة في التأكيد على أن الوضع تحت السيطرة، حيث نفت السلطات في درنة التقارير عن الانهيار الوشيك للسد، على الرغم من العديد من التقارير التي تتكهن بشأن ذلك.
واعتبارًا من الساعة 11 مساء الأحد، تلقت غرف الطوارئ في درنة مكالمات متواصلة من السكان المنكوبين، خاصة أولئك الذين يعيشون في الريف عند المنبع، حيث بدأت المنازل تغمرها المياه.
وفي درنة، شهد الليبيون الذين يعيشون في المباني الممتدة على طول الوادي كمية غير مسبوقة من المياه تتدفق عبر القناة الجارية بين السد والبحر، بينما واصلت السلطات المحلية حث الناس على البقاء في منازلهم.
ونمت المياه في القناة بقوة متزايدة، وخرجت من ضفتيها ووصلت إلى الطرق والمباني المحيطة.
وفي نحو الساعة 1:30 صباح الإثنين، تم إرسال فرق الاستجابة إلى عدة أحياء، مع ورود تقارير تفيد بأن الناس محاصرون ويغرقون.
ويذكر التقرير أن أحد سكان البيضاء، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، قال إنه كان يتعامل مع فيضانات شديدة في منزله عندما بدأ في تلقي مقاطع فيديو من درنة، تظهر السيول تتدفق أسفل القناة.
وقال: “اتصلت على الفور بأقاربي الذين يعيشون بالقرب من القناة، ودعوتهم على وجه السرعة بالإخلاء إلى مكان أكثر أمانًا وتنبيه الآخرين بخطورة الوضع”.
ولفت إلى أنهم اتبعوا تعليماته وانتقلوا من شارع الوادي المحاذي للقناة، إلى منطقة أكثر أماناً في المدينة.
وقال الناجون من درنة الذين يحتمون حاليًا في البيضاء، إنهم سمعوا صوت انفجار عند الساعة 2:30 صباحا، حينما انهار السد.
وأضافوا أن سيولاً اجتاحت عدة مناطق بالمدينة، بما في ذلك المدينة القديمة التاريخية.
وجرف البحر سكان شارع الوادي، وجرفت المباني السكنية الشاهقة المكونة من 8 طبقات، وتدفقت المياه إلى درنة بمعدل يقدر بنحو 3500 متر مكعب في الساعة.
وتزامن ذلك مع انقطاع كامل للكهرباء والاتصالات، وحينها فقط بدأت السلطات في التقدم، واعترفت بحجم الكارثة ودعت إلى التدخل الفوري.
ووصف أحد الناجين، اللحظة التي غمرته فيها المياه: “كنا على سطح منزلنا المكون من 4 طبقات، نحاول الهروب من الفيضان.. لكن كل ما تبقى من عائلتي هو أنا”.
وأضاف: “لقد اختفى الباقون بعد أن جرفتنا المياه، وتركوني وحدي في أحد شوارع المدينة.. وما زلت أبحث عن جثث عائلتي، ولكن من دون جدوى”.
واليوم، تبحث درنة عن موتاها وتدفنهم عندما تستطيع ذلك، حيث نفدت أكياس الجثث من المدينة بسرعة.
ويتم نقل الجثث في شاحنات من وسط المدينة إلى مناطق مثل الظهر الحمر ومرتوبا جنوب المدينة، حيث تم دفن الآلاف من سكان المدينة، بينما تعاني فرق الإنقاذ والإنعاش والتقييم والمساعدات جراء محدودية الموارد.
بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من القتلى يرقدون في الشوارع في انتظار التعرف على هوياتهم.
وقال ضياء أبوزريبة مدرب الغوص الحر، إن “التحدي الرئيسي الذي يواجهه الغواصون هو تغير لون مياه البحر إلى الطين المحمر، مما يعيق الرؤية بشدة.. إن ظروف البحر غادرة للغاية، وتتميز بتيارات سفلية قوية وارتفاع في الأمواج وأمواج يصل ارتفاعها إلى مترين”.
وأضاف: “قاع البحر في تلك المنطقة مليء بالصخور الحادة وحطام البناء، مما يشكل مخاطر كبيرة على الغواصين، وربما يؤدي إلى مزيد من الخسائر في الأرواح، بدلاً من انتشال جثث الضحايا”.